قصيدة مروءة وسخاء

تعود قصيدة "مروءة وسخاء" إلى الشاعر والأديب خير الدين الزركلي، واسمه خير الدين بن محمود بن محمد علي بن فارس الزركلي الدمشقي، ولد عام 1893م في بيروت، توفي والده وهو عمره 11 عامًا، وعاش ميسور الحال بما أبقاه له والده من ثروة متوسطة، وفيما يتعلق بالتعليم يُذكر أنّ خير الدين الزركلي التحق بالمدرسة العثمانية ثم بالكلية العباسية وقد عُرِف عنه حبّه لطلب العلم والاتصال بالعديد من مشايخ دمشق، وبعد أن أنهى تعليمه عمل مُدرّسًا في إحدى مدارس دمشق، وفي هذه المرحلة بدأت تتضح معالم نشاطه الأدبي أكثر.[١]


شرح قصيدة مروءة وسخاء

يُقدّم الشاعر خير الدين الزركلي في قصيدة "مروءة وسخاء" صورة مبسّطة لكنّها تحمل معنى كبيرًا عن الحالة الاجتماعية التي تعيشها الأسرة في مختلف المجتمعات، وقد تمّ تقسيم القصيدة إلى مقطعين فيما يأتي شرح موجز لهما:


شرح المقطع الأول


بكى وبكت فهاج بي البكاء شجونًا ما لجذوتها انطفاء جثا ضرعًا يقبل راحتيها ويدعوها فيؤلمها الدعاء يقول: أميمُ، مالك في صموت وما اعتادت بنا الصمت النساء لئن ساءت بنا الأيام حينًا فربتما نُسرّ بما نساء



تبدأ القصيدة بمشهد حزين يجمع بين أم وابنها وكلاهما يبكي بُحرقة، وقد أثار ذلك المشهد في نفس الشاعر حزنًا شديدًا لا يخمد، ثم يُكمل الشاعر الوصف بجلوس الابن على رُكبتيه أمام أمّه بخضوع واحترام يُقبّل يديها ويدعو لها وقد كان ذلك يؤلمها ويُحزنها، ولم تستطع التعبير عن حزنها إلا بالصمت والدموع وهذا ليس من عادتها، فيحاول ابنها التخفيف عنها وإزالة شعور اليأس منها، بقوله إن ساء حالنا وعبس الزمان في وجهنا اليوم فلا بدّ أن نفرح غدًا وتضحك لنا الأيام، وفي ذلك إشارة من الشاعر إلى حالة البؤس التي تعيشها العديد من الأُسَر في مجتمعات مُختلفة، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • شجونًا: حزنًا.
  • جذوتها: جمرة ملتهبة.
  • جثا: جلس على ركبتيه.
  • ضرعًا: خاضعًا.
  • أُميمُ: تصغير أُم.
  • رُبّتما: تثقيل رُبّما.


شرح المقطع الثاني


رَنَت سعدى إليه وقد ألمّت بها الأحزان واشتد البلاء بُنيّ رويدَ عَذْلك إنّ شجوي لما قد أحلّ بنا القضاء ترى أخويك قد باتا وبتنا جياعًا، لا شراب ولا غذاء



يصف الشاعر في هذا المقطع حال الأم وهي تتحدث مع ابنها وقد اعتراها الحزن الشديد من شدة المصائب التي أحاطت بهم، وتُخاطب ابنها طالبةً منه ألا يلومها على ما هي فيه ممّا قُدّر لهم من فقر وبؤس، وتدلل على ذلك بعدم قدرتهم على توفير أبسط متطلبات الحياة وهي الماء الغذاء، فقد ناموا جائعين لا يملكون ما يسدّ رمقهم، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • رنت: نظرت.
  • عذْلك: لومك.
  • شجوي: حُزني.


شرح المقطع الثالث


أذنت مقالتي سعد وسعدى وقد ضاقت بها وبه الجواء فجئت إليهما أمشي الهوينى كمشي الشيخ أعجزه العناء وقلتُ: إلي والدنيا بخير لقد سمعت دعاءكما السماء هلمّ إلى مبرة أهل فضل شعارهم المروءة والسخاء



ينتقل الشاعر في هذا المقطع إلى وصف طريقة تعامله مع حال الأسرة التي وصفها في الأبيات السابقة؛ فيقول إنّه سمع بحوار الأم وابنها وعَلِمَ بحالهما وقد ضاقت بهما الأرض على اتساعها، فأراد مساعدتهما وذهب إليهما يمشي ببطء وكأنّه شيخ كبير أرهقه الزمن ونال منه التعب، ولما وصل أخبرهما أنّ الله سمع دعاءهما وأرسله لمساعدتهما؛ فالخير في الناس لا ينقطع، وليذهبا إلى قوم ذوي فضل وخير شعارهم في الحياة الكرم والعطاء، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • أذنت: سمعت.
  • الجواء: الأرض الواسعة.
  • الهوينى: التمهّل في المشي.
  • العناء: التعب.
  • هلمّ: تعالوا.
  • مبرة: مكان البر والأعمال الخيرية.
  • المروءة: حُسن الخلق.
  • السخاء: الكرم والعطاء.


السمات الفنية في قصيدة مروءة وسخاء

تتسم قصيدة مروءة وسخاء للزركلي بعدد من السمات والخصائص الفنية، منها الآتي ذكره:

  • الاعتماد على النمط السردي في بعض أبيات القصيدة وكأنّ الشاعر يقصّ للمتلقي قصّة، وذلك باستخدام الجمل الخبرية وأفعال الحركة، بالإضافة إلى تضمين الحوار في القصيدة.
  • دقة الوصف في التعبير عن حال الأسرة التي تناولها الشاعر في قصيدته.
  • تكرار بعض الكلمات في القصيدة بهدف التأثير في المتلقي أكثر وإيصال المعنى إليه.
  • قدرة الشاعر على محاكاة الواقع وتصوير حالة البؤس والمعاناة فيه.
  • تضمين الحكمة في أبيات القصيدة.
  • بروز العاطفة الجياشة والمشاعر الصادقة في هذه القصيدة.


ولقراءة شرح المزيد من القصائد المدرسية: قصيدة من أجل الطفولة، قصيدة الماء.

المراجع

  1. أحمد العلاونة، خير الدين الزركلي المؤرخ الأديب الشاعر، صفحة 9-14. بتصرّف.