قصيدة الناعورة

تعود القصيدة المعنونة بـ "الناعورة" إلى الشاعر السوري الملقّب بالشاعر العاصي بدر الدين الحامد، الذي وُلِد في مدينة حماة في سوريا عام 1897م، وقد نشأ وترعرع فيها، وهو ينتمي إلى أسرة تهتمّ بالعلم والشعر والأدب، فالكثير من أقربائه كانوا أدباء، لذا كان لتلك البيئة التي عاش فيها بدر الدين دور كبير في تشكيل شخصيته الأدبية، ويُذكر أنّه قرض الشعر وهو فتى في سنّ صغيرة، وكثير من أشعاره كانت وطنية وقومية، ومن الجدير بالذكر أنّه بعد أن أنهى تعليمه عمل مدرسًا للغة العربية في مدارس سوريا مدة طويلة، ثمّ شغل مناصب إدارية في وزارة التربية، وكان عضوًا في الرابطة الثقافية.[١]


شرح قصيدة الناعورة

تعدّ قصيدة "الناعورة" قصيدة وصفية يتغنى فيها الشاعر بدر الدين الحامد بنواعير الماء الجميلة الموجودة في مدينة "حماة" السورية ويصف جمالها، وقد تم تقسيم القصيدة إلى عدة مقاطع فيما يأتي شرح موجز لها:


شرح المقطع الأول


أنُواحٌ مُردَّدٌ أم تغني أم حديثٌ عـن الزمان بـلحنِ لستُ أدري فقـد تَدلّهَ مني بتراجـيعها فؤادي وأُذني أسلمتني ناعورتي لخـيالٍ أنا منه عـلى جناح التظنّي



يستهلّ الشاعر قصيدته باستفهام تشوبه الحيرة عن الصوت الذي يصدر من الناعورة هل هو بكاء أم غناء أم أن صوتها يحكي تاريخها العريق بأجمل الألحان، وتلك الحيرة كانت من شدة جمال الصوت وعذوبته، حتى أنّه سلب عقله وأطرب أُذنيه وخفق له قلبه، فهذه الناعورة وصوتها الجميل نقلا الشاعر إلى عالم آخر من ضرب الخيال اختلط فيه الوهم بالحقيقية من شدة الجمال والعذوبة، لذا فالشاعر من خلال هذا المقطع يوضح الأثر الذي تركته الناعورة فيه، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • نواح: بكاء.
  • مردد: مكرر.
  • تدلّه: تَحيّر.
  • تراجيعها: ترديد الصوت.
  • أسلمتني: قادتني.
  • التظني: الشكّ.


شرح المقطع الثاني


أرجع القهقرى فأُبصر منها ما بناه الرومانُ هـيكلَ فنِّ تقطع الدهـرَ بالتغنّي ولكن سـيرُها فيه بالرضى والتأنّي بنتُ هـذا الزمانِ لا ترهب المَوْ تَ، وتقضي أيامَها بالتمنّي مـن جمادٍ صِيغتْ وفيها حياةٌ أنا منها بروحها وهي منّي



يقول الشاعر في هذا المقطع إنّه كثيرًا ما يتفكر في هذه الناعورة ويعود إلى الماضي فيرى فيها تاريخ الرومان وعظمة الفن المعماري لديهم وعراقة تاريخهم، ثم يصف الناعورة ويُعطيها صفات بشرية فيصفها بالمرأة التي تمضي أيام حياتها بالغناء والألحان دون كلل راضية بحالها ومتأنية في سيرها؛ فهي ابنة هذا العصر لا تخاف من الموت وتحلم وتطلع دائمًا إلى الأفضل، ومع أنها صُنعت من جماد لكن فيها روح وحياة وامتزجت مع الشاعر وتعلقا ببعضهما بعضًا، والشاعر يقصد من هذا المقطع أنّ هذه الناعورة العريقة ستظلّ صامدة وشامخة وخالدة لا شيء يمحوها، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • القهقرى: الرجوع إلى الخلف.
  • هيكل: بناء كبير.
  • تقطع: تمضي.
  • ترهب: تخاف.


شرح المقطع الثالث


هي توحي ليَ النظيمَ وتروي شعـريَ العذبَ في الصـبابة عنّي والهـزارُ الغِريدُ يأخذ عـنها فيعـيـد الألحانَ مـن فوق غُصن علمَ اللهُ أنني مـن فراقي ذلك العـيشَ فـي سَقامٍ وحُزن



يشير الشاعر في هذا المقطع إلى أنّ الناعورة تشكّل مصدر الإلهام لديه لقول الشعر، وهي التي تُنشد الأشعار العذبة عنه في الشوق والحنين، حتى إنّها ملهمة للطيور وليس له فقط؛ فطائر الهزار جميل التغريد أخذ تغريداته عنها وأعاد ألحانها من فوق غصن الشجر، والشاعر من شدة تعلّقه بتلك الناعورة عندما يفارقها ويبتعد عنها يعاني من الحزن والمرض، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • النظيم: الشعر الموزون.
  • الصبابة: رقة الشعور وحرارته.
  • الهزار: طائر حسن الصوت.
  • سقام: مرض.


السمات الفنية في قصيدة الناعورة

اصطبغت قصيدة الناعورة بعدد من السمات الفنية، يُذكر منها الآتي:

  • دقة الوصف والتصوير في التعبير عن الناعورة وجماليتها.
  • وضوح عاطفة الشاعر وصدقه في التغني بالمعالم الطبيعية في مدينته، مما ساهم في زيادة التأثير في المتلقي.
  • استخدام العديد من الصور الفنية بطريقة إبداعية، وتشخيص الناعورة بإعطائها بعض الصفات الإنسانية.
  • توظيف العديد من المحسنات البديعية في القصيدة.


ولقراءة شرح المزيد من القصائد المدرسية: قصيدة وكم صاحب كالرمح، قصيدة دندنة على الخابور.

المراجع

  1. "بدر الدين الحامد"، بوابة الشعراء. بتصرّف.