قصيدة وكم صاحب كالرمح

تعدّ قصيدة "وكم صاحب كالرمح" إحدى القصائد التي نظمها الشريف الرضي، وهو شاعر مُجيد، وُلِد عام 359 هـ في بغداد، ويصل في نسبه إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وقد نشأ الشريف الرضي في بيئة امتازت بالعلم والأدب وفي أحضان أسرة ذات شأن، الأمر الذي كان له أثر في صقل شخصيته، وبدأ في نظم الشعر في سن الشباب، وكان شعره بمثابة سجل يؤرخ فيه أحداث حياته الخاصة وأحداث عصره بصورة عامة.[١]


شرح قصيدة وكم صاحب كالرمح

تُصنّف هذه القصيدة للشريف الرضي على أنها من قصائد المدح، تحدّث الشاعر فيها عن علاقته بصديق له، فبالرغم من كل ما لاقاه منه يبقى عزيزًا على قلبه، وتتألف هذه القصيدة من (14) بيتًا، وقد تم تقسيمها إلى مقطعين فيما يأتي شرح موجز لهما:


شرح المقطع الأول


وَكَم صاحِبٍ كَالرُمحِ زاغَت كُعوبُهُ أَبى بَعدَ طولِ الغَمزِ أَن يَتَقَوَّما تَقَبَّلتُ مِنهُ ظاهِراً مُتَبَلِّجاً وَأَدمَجَ دوني باطِناً مُتَجَهِّما فَأَبدى كَرَوضِ الحَزنِ رَقَّت فُروعُهُ وَأَضمَرَ كَاللَيلِ الخُدارِيِّ مُظلِما وَلَو أَنَّني كَشَّفتُهُ عَن ضَميرِهِ أَقَمتُ عَلى ما بَينَنا اليَومَ مَأتَما فَلا باسِطاً بِالسوءِ إِن ساءَني يَداً وَلا فاغِراً بِالذَمِّ إِن رابَني فَما كَعُضوٍ رَمَت فيهِ اللَيالي بِفادِحٍ وَمَن حَمَلَ العُضوَ الأَليمَ تَأَلَّما إِذا أَمَرَ الطِبُّ اللَبيبُ بِقَطعِهِ أَقولُ عَسى ضَنّاً بِهِ وَلَعَلَّما



يفتتح الشاعر قصيدته بغرضه الرئيس منها، إذ يتحدّث عن صاحبه واصفًا طبيعة العلاقة بينهما مُطلقًا عليها تشبيهات عدّة، فبالرغم من أنّ في داخله بعض الأمور غير القويمة وغير السليمة إلا أنّ الشاعر متقبّل له بما يُظهره له من محاسن، وبذلك كان ظاهره رقيقًا لكن باطنه مظلم يُخفي فيه السواد، ولو أراد الشاعر أن يعامله بالنسبة لما في داخله لانتهت العلاقة بينهما منذ زمن، لكنه لن يُبدي له سوءًا ما لم يَرَه منه، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • زاغت: مالت وانحرفت.
  • كعوبه: عُقَده.
  • أبى: رفض.
  • متبلّج: مُضيء.
  • أدمج: أخفى.
  • الحَزْن: اسم موضع.
  • الخُداريّ: الأسود.


شرح المقطع الثاني


صَبَرتُ عَلى إيلامِهِ خَوفَ نَقصِهِ وَمَن لامَ مَن لا يَرعَوي كانَ أَلوَما هِيَ الكَفُّ مَضٌّ تَركُها بَعدَ دائِها وَإِن قُطِعَت شانَت ذِراعاً وَمِعصَما أَراكَ عَلى قَلبي وَإِن كُنتَ عاصِياً أَعَزَّ مِنَ القَلبِ المُطيعِ وَأَكرَما حَمَلتُكَ حَملَ العَينِ لَجَّ بِها القَذى وَلا تَنجَلي يَوماً وَلا تَبلُغُ العَمى دَعِ المَرءَ مَطوِيّاً عَلى ما ذَمَمتَهُ وَلا تَنشُرِ الداءَ العُضالَ فَتَندَما إِذا العُضوُ لَم يُؤلِمكَ إِلّا قَطَعتَهُ عَلى مضضٍ لَم تُبقِ لَحماً وَلا دَما وَمَن لَم يُوَطِّن لِلصَغيرِ مِنَ الأَذى تَعَرَّضَ أَن يَلقى أَجَلَّ وَأَعظَما



يتحدث الشاعر في هذا المقطع بالتشبيهات والصور الفنية أيضًا عن طريقته هو في التعامل مع ذلك الصديق؛ فهو صابر عليه لا يلومه على أفعاله المؤلمة، لأنّ اللوم من الممكن أن يقلب الحقّ عليه، فقرر أن يكفّ عن النظر إلى مساوئه، لذا فبالرغم من كل شيء هذا الصديق عزيز على قلبه ويحتل فيه مكانة كبيرة، حتى لو كان كالقذى في العين ويمكن أن تؤذيها، مع ذلك ما زال يوجد أمل في شفائه، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • يرعوي: يكفّ أو يمتنع.
  • مضّ: مؤلم.
  • شانت: عابت.
  • لجّ بها: أثقل عليها.
  • القذى: ما يتكوّن في العين ولونه أبيض.


السمات الفنية في قصيدة وكم صاحب كالرمح

تمتاز قصيدة وكم صاحب كالرمح بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي:

  • استخدام العديد من الصور الفنية البلاغية.
  • جزالة الألفاظ المستخدمة وقوتها.
  • توظيف عدد من المحسنات البديعية في القصيدة.
  • جمال الإيقاع الموسيقي لهذه القصيدة.
  • تضمين الحكمة في بعض أبيات القصيدة.


ولقراءة شرح المزيد من القصائد المتنوعة والجميلة: قصيدة بركة المتوكل، قصيدة عبرات شاعر.

المراجع

  1. سميحة غنام، دراسة جمالية في شعر الشريف الرضي، صفحة 3. بتصرّف.