قصيدة عذل العواذل

تعدّ قصيدة "عذل العواذل" إحدى القصائد التي نظمها الشاعر أبو الطيب المتنبي، الذي وُلِد ونشأ في مدينة الكوفة في منطقة يُقال لها "كِندة"، وقد عُرف منذ صغره بالنباهة والنظرة الجادة للحياة والقدرة على نظم الشعر، فكان عارفًا بفصيح اللغة وغريبها من أشعار الجاهلية، وقد انتقل إلى الشام في فترة صباه والتقى فيها بالكثير من أئمة العلم والأدب، الأمر الذي ساهم في صقل شخصيته الأدبية، وقد اشتهر المتنبي بارتباطه بالأمراء والسلاطين، مثل: سيف الدولة الحمداني، وكافور الإخشيدي، وظهرت في شعره صورة صادقة لأحواله المختلفة.[١][٢]


تحليل قصيدة عذل العواذل

افتتح الشاعر قصيدته بقوله إنّ لوم اللائمين يحوم حول قلبه الحائر والتائه لا يدخله، لكنّ هواه وعشقه لأحبّته قد حلّ وسط قلبه لم يستطع العاذلون صرفه عنه، ويؤكد على ذلك بأنّ قلبه إذا دنا منه اللوم سيحرقه بحرّه حتى يُعرض عنه اللوم ويعود إلى اللوائم يشكو ما لقي من شدّة حرارته، وبذلك شبّه اللوم بإنسان يشكو ويقول لا تبعثونني إليه لأننّي أخشى برحاء قلبه؛ أي حرارته.[٣]


بعد ذلك يُخاطب الشاعر عاذله ويُخبره أنّه لم يقبل لوم من هو أشدّ منه لومًا، بل أسخطه وأسخط كل الناس في سبيل رضا الملك، والذي قصد به سيف الدولة الحمداني؛ فهو مَلَك القلوب بحبّه، وقد مَلَك الزمان بكلّ ما فيه أيضًا، مُشيرًا إلى أنّ الشمس تحسده لأنه أفضل منها أثرًا وأكثر منها ذكرًا، والنصر مقترن به دائمًا؛ فمن أسمائه السيف، إذ يُعرف بسيف الدولة الحمداني.[٣]


يستكمل الشاعر حديثه عن الأشياء الثلاثة التي ذكرها -وهي الشمس والنصر والسيف- مبينًا أنّ حُسن الشمس يعجز عن الوصول إلى حُسن وجه سيف الدولة، والنصر يعجز عن أن يكون بإبائه ورفضه للذل، أما السيف فقد كان سيف الدولة أمضى منه، ويختتم الشاعر قصيدته بأنّ الزمان لم يأتِ بأحد مثله؛ فلما أتى سيف الدولة عجز الزمان أيضًا عن أن يأتي له بنظير؛ فليس له نظير فيما مضى من الزمان ولا في زمانه، وفي ما يأتي نص القصيدة:[٣]


عَذلُ العَواذِلِ حَولَ قَلبِ التائِهِ وَهَوى الأَحِبَّةِ مِنهُ في سَودائِهِ يَشكو المَلامُ إِلى اللَوائِمِ حَرَّهُ وَيَصُدُّ حينَ يَلُمنَ عَن بُرَحائِهِ وَبِمُهجَتي يا عاذِلي المَلِكُ الَّذي أَسخَطتُ كُلَّ الناسِ في إِرضائِهِ إِن كانَ قَد مَلَكَ القُلوبَ فَإِنَّهُ مَلَكَ الزَمانَ بِأَرضِهِ وَسَمائِهِ الشَمسُ مِن حُسّادِهِ وَالنَصرُ مِن قُرَنائِهِ وَالسَيفُ مِن أَسمائِهِ أَينَ الثَلاثَةُ مِن ثَلاثِ خِلالِهِ مِن حُسنِهِ وَإِبائِهِ وَمَضائِهِ مَضَتِ الدُهورُ وَما أَتَينَ بِمِثلِهِ وَلَقَد أَتى فَعَجَزنَ عَن نُظَرائِهِ



خصائص شعر المتنبي

امتاز شعر المتنبي بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، يُذكر منها الآتي:[٤]

  • تعدّد الأغراض الشعرية التي قال فيها المتنبي، كان أبرزها المدح والفخر.
  • كثرة الطابع الغنائي والوجداني في العديد من أشعاره.
  • اتسم شعر المتنبي بالمتانة والبلاغة وجزالة الألفاظ والمعاني.
  • بروز البُعد الفلسفي في الكثير من أشعار المتنبي.


ولقراءة تحليل المزيد من قصائد المتنبي: قصيدة وزيارة عن غير موعد.

المراجع

  1. أبو الطيب المتنبي، ديوان المتنبي، صفحة 5. بتصرّف.
  2. إسماعيل حمادي، قصيدة المتنبي نقد وتحليل، صفحة 4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "شرح قصيدة عذل العواذل"، واحة المتنبي. بتصرّف.
  4. عبد القادر عيساوي، خصائص شعر المتنبي، صفحة 2. بتصرّف.