قصيدة في ذكرى معركة الكرامة

تعود هذه القصيدة للشاعر عبد الرّازق مصطفى البرغوثي، وهو شاعرٌ أردني فلسطينيّ، من مواليد عام 1947م، نظم الشّعر فأبدع نسجه ونظمه، وقد أصدرَ ديوانًا شعريًا بعنوان (أضغاث أحلام) عام 1971م[١]، وغالبًا ما نجد أنّ شعر عبد الرازق البرغوثي حاضر في كل ما يتعلّق بالقضية الفلسطينيّة، وفي شعره هذا يروي لنا الشّاعر جرائم الاحتلال اتجاه الشعب الفلسطيني، والمدن الفلسطينية، والمقدسات الإسلامية على وجهٍ خاص، وممارسات الاحتلال الصهيوني اتجاه الأسرى، والاعتداء على ذويهم، فمعظم شعره وطني يحكي عن المقاومة.


مناسبة قصيدة في ذكرى معركة الكرامة

كتب عبد الرّازق البرغوثي الأبيات التي بين أيدينا، وهي جزء من قصيدة نظمها الشّاعر ابتهاجًا بالنصر العربي المؤزر على العدو الصهيوني في معركة الكرامة.[١]


الفكرة العامّة لقصيدة في ذكرى معركة الكرامة

تتغنى القصيدة فرحًا بالنصر المؤزر على العدو الصهيوني، وابتهاجًا بالنصر في معركة الكرامة.


الأفكار الرّئيسية في القصيدة

  • الأبيات من 1 إلى 3 فخر الشّاعر بقرية الكرامة الفلسطينية.
  • الأبيّات من 4 إلى 5 حالة العرب، وتقاعسهم عن نصرة إخوانهم العرب في الأردن.
  • الأبيّات من 6 إلى 7 تصدي بواسل، وأسود الضفتين للعدو الصهيوني، وتحقيق النّصر.
  • الأبيات من 8 إلى 11 بطولة المقاتلين في الدفاع، وصد ورد كيد العدو الصهيوني.
  • الأبيّات من 12 إلى 14 عودة العدو الصهيوني يجر أذيال الهزيمة، والخيبة.
  • الأبيّات من 15 إلى 16 الافتخار بالنصر العظيم، وتقديم التّضحيات.


شرح قصيدة ذكرى معركة الكرامة

يستهل الشّاعر قصيدته في الحديث عن كثرة القرى المنتشرة في دواخل هذا الكون الواسع، والتي سادت في زمنٍ من الأزمان، ثمّ أُبيدت وانتهت، ولم يبقَ على ذكرها شيء، ولم تُذكر حتى في التّاريخ، في حين قرية الكرامة التي خلّد التاريخ اسمها باقيةً؛لأنها كتبت تاريخها وسطرت شرفها، وعزّها، ومجدها بالنار وليس من خلال الكلام، وإلقاء الخطُب، وهنا النار رمز للقتال، والتضحية والجهاد في سبيل المجد والشرف، ونرى جمال الصورة الفنية في قوله (سطرت مجدها بالنار) فقد شبه الشّاعر المجد بالكتاب، والنّار بالقلم، كما توحي بشدة وحرارة القتال، ثم يصوّر الشاعر هجوم غزاة العدو، وزحفهم على الأغوار ويشبههم بالأفاعي الزاحفة المضطربة التي تهاجم، وتؤذي كل مَن يواجهها، فالأعداء كانوا قد جمعوا جيشًا جحفلًا كبيرالعدّة والعدد بشكلٍ مبالغ فيه ليزرعوا الرّعب والخوف في قلوب الفدائيين.فيقول الشّاعر واصفًا ذلك:[١]


كَــم قـريـةٍ فــي ثـنايا الـكونِ مُـهمَلَةٍ ســادت وبــادت بِــلا ذِكْــرٍ ولا نـسَبِ لــكـنّ قـريـتَنا فـــي الــدهـرِ خـالـدةٌ قـد سـطّرتْ مـجدَها بـالنارِ لا الخُطَبِ حـين الـغزاةُ عـلى الأغـوارِ قـد زحـفوا بـجـحفلٍ بـالغوا فـي حَـشْدِه ، لـجِبِ



ثمّ يصوّر لنا تقاعس الشّعب العربي عن التّصدي للهجوم، حيث كان الشّعب العربي نائمًا في سباتٍ عميقٍ، وقد شبه الشّاعر نومهم كنوم جماعة أهل الكهف حيث كان العرب لا يأبهون، ولا يبالون بما يجري في مدينة الكرامة من هجومٍ وقتالٍ وعذابٍ، وفي ذلك دلالة على تخاذل العرب، فلم يكن سوى الأردن حيًّا يقظًا ثابتًا يدافع صامدًا يصد هجوم الأعداء، ولا يهاب الموت، والفداء، والتّضحية في سبيل الحفاظ على أرض الوطن، وهنا شبّه الشاعر الأردن بالحارس اليقظ الذي لم ينم، وظلّ مدافعًا عن ذرى الوطن.حيث يقول الشاعر البرغوثي:[١]


كــانـت جـمـيـعُ بـــلادِ الـعُـربِ نـائـمةً كـعُـصبةِ (الـكهفِ) لـم تـأبهْ لـمغتصِبِ ولـــم يـكـنْ غـيـرُ (أردنِّ)الـفـدا يـقِـظًا ثَـبْـتَ الـفـؤادِ أمــامَ الــرَّوعِ لــم يـهبِ



ثم يتابع الشاعر تصويرَ دفاع، وتصدي بواسل الضفتين فكانوا كالأسود من جنود وفدائيي فلسطين، والجنود الأردنيين، وهم متحدين يدافعون معًا، ويصدّون كيد العدوان عن مجد الإسلام، وشرف العرب، حيث كانوا بواسلَ، وشجعان في الحرب وما هابوا وما خافوا أحدًا كأنهم إخوة سواسية لا فرق في ألقابهم الكريمة، ولا في رتبهم العسكرية.فيقول البرغوثي:[١]


فـنـافـحتْهمْ أُســُـودُ الـضـفّـتينِ مــعًـــــا يــدافـعـون عــن الإسـلامِ والــعـرَبِ كـانوا أشـاوسَ فـي الـهيجاءِ ما فزعوا ولا أفــــرّقُ فــــي الألــقـابِ والــرتـبِ


ثمّ ينقلنا الشّاعر إلى ساحة المعركة ليصور لنا بسالة أسود الضفتين، وقد ألقوا بالأعداء، وزجّوا بهم لقمةً سهلةً سائغةً للموت، وهنا يشبه الأعداء باللُقَم السَهلة التي يأكلها الموت، وشبه الموت بالوحش المفترس السغب الجائع الذي يأكل الأعداء بسهولةٍ، ويريد بذلك تصوير قوة بواسل وأسود الضفتين في الحصول على ثأرهم ونيل كرامتهم، فذكرى جروح نكسة حزيران لم تزل مفتوحةً، ولم تُشفى، أو تتعافى بعد، ولا تزال تنزف دمًا؛ إذ لم ينسَ أحد تلك الخسارات في شهر حزيران، فقد ظنّ العدو بعد تلك الهزيمة، والخسارة أنّنا شعب متخاذل يتنازل عن كرامته، وأننا سنهربُ بسرعةٍ عند رؤيتهم، وقد شبه الشاعر الكرامة بأرضٍ فيها كنز دون سياج، وهي تدل على استهتار العدو بأرض المعركة، فإذا بهم يتفاجؤون بجنودنا الشجعان الأشاوس؛ فهؤلاء الشجعان جندٌ مستميت في القتال، لا يهاب الموت، ويصنع الشهادة بروحه ونفسه، ويرتسم ويتبع خطى الجهاد بلا أي تعبٍ. فيقول الشاعر:[٢]


زَجّـــوا بـهـمْ لُـقـمةً لـلـموتِ سـائـغةً جــاءتْ لـقـومٍ لـنَيْلِ الـثأرِ فـي سَـغَبِ حـيـثُ الـجـراحاتُ كـانـتْ بـعـدُ دامـيةً ومــن(حُـزيـرانَ) لـم تَـبـرأْ ولـم تـَغِبِ ظـنـّوا ( الـكـرامةَ ) كـنزًا لا سـياجَ لـهُ ومـا عـلينا سـوى الـتّبكيرِ فـي الهربِ فــإذْ بـهـمْ دون جـُنـدٍ مــن هـوايـتِهــــمْ صـنـعُ الـشـهـادةِ إبــداعًـا بــلا تـعـبِ



لقد حقق الشجعان بلاءً حسنًا على الصهاينة؛ فرجع الصهاينة يجرون أذيال الهزيمة خفافًا من العدد والعتاد، ودون نفلٍ، أو غنائم، وفي ذلك كناية عن خسارتهم، وكثرة قتلاهم، فرجعوا بخفي حُنين دون تحقيق شيءٍ، ثمّ يؤكد الشاعر على فكرة أن مَن يحاول الاعتداء على شرفنا وسلب كرامتنا سيهلك، وقد خلّف الأعداء خلفهم أسلحتهم التي كانوا يحملونها بحيث كانت أسلحتهم تجعلهم مغرورين بها ظنًا بأنها ستحميهم؛ ولكنهم لم يستطيعوا أن يحافظوا عليها؛ لأن هذه الأسلحة أصبحت غنيمةً سهلة بأيدي مقاتلي الضفتين، وقد شبّه الشّاعر السلاح بشيءٍ يورّث، وهنا يكمن جمال وإبداع الشاعر، حتى إن دبابات العدو مركباتهم المدرعة أصبحت لأطفالنا يقفون بشموخٍ على أبراجها، وكأنها لعبة وتسلية لأطفالنا، وفي ذلك يشير إلى خسارة العدو وبهجة الأطفال بالنصر.فيقول واصفًا ذلك:[٢]


عـــاد الــغـزاةُ خـفـافـًا دونــمـا نـَـفَـــــلٍ إلاّ بـِخُفَّيْ ( حُـنَيْنٍ ) ، تَـبَّ من سَلَبِ وأورثــونــا ســلاحـًـا كـــان يـحـمـلُهمْ عـلى الـغرورِ وما صانوهُ مـن عـطَبِ فـــكــلُّ دبّابــةٍ أطـفـالُـنـا انـتـصـبـــوا في بُـرجـِها قــد رأَوْهــا زيـنةَ الـلُّعَـــبِ



ثمّ يبارك الشِاعر شهر آذار بأن يناديه وكأنه إنسان يباركه بالنصر، ففيه وقعت معركة الكرامة الحاسمة التي كسرت شوكة الأعداء، وكانت عَلَمًا يُرفع في وجه العدو الغاصب، وهو مكافأة، وجائزة لأمة العرب، وتعويضًا عمّا أصابها، وأتعبها من همٍ، وخسارةٍ في حرب حزيران، ثم يختتم الشّاعر قصيدته بالتأكيد على أهمية التضحيات، وبذل الدماء في سبيل كرامة أرض الوطن، فالشهداء قدموا أرواحهم هديّةً لأرض الوطن على شكل عقدٍ من الشّهداء الأعزاء الذي تزينت به الأرض، وهذا العقد أثمن وأغلى من الذهب، فهو يشبه أرواح الشهداء بالهدية، وهذه الهدية هي عقد الشهداء أي أنّ الشهداء كما العقد الثمين الغالي، والأرض فتاة قد ارتدت هذا العقد الثمين، وتزينت به عزّة وشرفًا. حيث يقول الشاعر:[٢]


بــوركت يا شهر (آذار) لنا عَلَـــمـًا يكافئُ الأمَّ عمـــا كـــــان من نـــصــب فنـحـــنُ للأرض قدّمـنـا هديــتــنــا عِقـدًا من الشّـــهــداءِ الغُـــرِّ، لا الذَّهبِ



العاطفة في القصيدة

نرى من خلال الأبيات عاطفة الشاعر الوطنية، تملؤها مشاعر الفخر بالنصر، والفرح والبهجة بانتصار المقاومين في معركة الكرامة.


وللاطلاع على تحضير المزيد من القصائد: قصيدة يا قدس، قصيدة أردن أرض العزم.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج مشهور اسبيتان وربيع فشافشة ومجد حلبي ومحمود ربايعة ومحمود قرمان ووصال تايه (2017)، اللغة العربية الصف الثامن الجزء الثاني دولة فلسطين، دولة فلسطين:مركز المناهج دولة فلسطين، صفحة 44، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مشهور اسبيتان وربيع فشافشة ومجد حلبي ومحمود ربايعة ومحمود قرمان ووصال تايه (2017)، اللغة العربية الصف الثامن دولة فلسطين الجزء الثاني، دولة فلسطين:مركز المناهج ، صفحة 45، جزء 2.