قصيدة قطرة ماء
تعود قصيدة قطرة ماء للشاعر علي الصقلي الحسيني، وهو شاعر مغربي، ولد عام 1932م، في مدينة فاس، وتخرّج بكليّة القرويين، وعمل أستاذًا فيها، وفي كليّة الآداب في الرّباط، ثم عمل مُلحقًا بديوان محمد الخامس، ومستشارًا ثقافيًا، ثمّ مفتشًا للتعليم، من دواوينه الشّعرية ديوان (همسات ولمسات)، وديوان (أنهار وأزهار)، وديوان (حروف وقطوف)، وغيرها، كما برع في أدب الطفل، فله عدة دواوين شعريّة للأطفال منها: ديوان (من أغاني البراعم)، وديوان (أنغام طائرة)، وديوان (ريحان وأنغام)، وغيرها من الدواوين الخاصة بأدب الطّفل، توفي عام 2018م.[١]
مناسبة قصيدة قطرة ماء
الماء شريان الحياة، وأساس الوجود في هذه الحياة، وفي هذه القصيدة يتحدث الشّاعر عن أهميّة قطرة الماء، ومدى أهميته الماء في الحياة، وحاجة الإنسان والنّبات والحيوان الماسة إلى الماء الذي يعتبر ترياق الحياة، ويشير الشّاعر إلى قطرة الماء بالمطر الذي اعتبر أساس الحياة على هذا الكوكب، والشاعر يصوّر لنا صورةً لمجموعة من النّاس، والأطفال، وقد تجمّعوا طلبًا للغيث، والمطر بعد أن اشتدّ بهم الجفاف، وانحبس عنهم المطر، وفي كل القصيدة يدعو الشاعر، ويتضرع إلى الله بأن يرحم الناس، والكائنات، ويرسل الغيث لتعود الفرحة إليهم، والنّص عبارة عن قصيدةٍ شعريّة عموديّة على نظام الشطرين، وذات قافيةٍ واحدة، تنتمي إلى المجال الاجتماعي السّكاني، والغرض منها الوصف.
الأفكار الرّئيسية في قصيدة قطرة ماء
الأبيّات من 1 إلى 3 : الدّعاء، والتّضرع طلبًا من الله لهطول المطر.
الأبيّات من 4 إلى 6 : وصف لمظاهر الجفاف التي أصابت الرضع، والأطفال، والطيور، والأشجار.
الأبيّات من 7 ألى 10 : التضرع، والدّعاء إلى الله ليرحم الكائنات من نباتاتٍ، وطيورٍ، وحشرات، وحيوانات، وليملأ الله السواقي، وتعود الحياة للكائنات.
الأبيات من 11 ألى 14 : التساؤل عن غياب الكائنات عند جفاف السواقي.
شرح قصيدة قطرة ماء
يستهل الشّاعر قصيدته بالدّعاء، والتّضرع، ورفع الأكف إلى السّماء، وفيها رمز إلى الصلاة، والدعاء، والطلب بالاستسقاء يرجونَ من الله أن ينزل المطر، ويهطل الغيث من السّماء، فالناس لم يعدْ لديهم طلب إلا التّضرع إلى الله لطلب الماء، والمطر، والرّحمة، ثم يصوّر الشاعر حالة الناّس، ومعانتهم نتيجة الجفاف ففي العروق تسير دماء، ولكنه يتعجب لحال هذه العروق الجافّة في قوله: يا لتلكَ العروقِ دون دماء؛ أي دون ماءٍ لأن معظم جسم الإنسان يتكون من الماء، ويصور حالة جفاف النباتات في القضيب، والعود الذي شبهه بالإنسان الكئيب الحزين، وفي ذلك أنسنة، وتشخيص للعود كإنسانٍ كئيب يعاني من حالة فقدان الماء، وكذلك بات الغصن (الفنن) عابسًا مقطبًا حاجبيه، كما الإنسان يعيش حالة قلقٍ، وحزنٍ من شح المياه، وجمال الصورة في التجسيد، وكذلك يصور حالة الجفاف في الجذع، وفي دواخل اللّحاء، وهي قشور الشّجر. فيقول واصفًا ذلك:[٢]
ثمّ يصوّر الشاعر مشهد الطّير الذي لم يعد يلهو، ويطير في البستان والرّياض، ولم تعد تلك الطيور تشجو بأنغامها بل أصبح يشجو بصوتٍ حزين، ولم يعد يرصع، ويزيّن الغصون النّوار، وهي براعم الزهر، ويشبهها بالجمان، وهي اللآلئ التي تزيّن الأغصان، مما يدل على أنها أشجار مرويّة بالماء فأزهرت جمالًا ببراعم الزهور التي زينت الأغصان كما اللآلئ، وهنا يكمن براعة النسج وجمال التصوير في تجسيد الصورة الفنية.فيقول الشاعر:[٢]
ثم يعود الشّاعر للتضرع إلى الله ويطلب منه أن يرحم الطفل الرّضيع في حضن أمه ملازمًا البكاء لأنه عطش وبحاجة إلى الحليب فحتى الجفاف أصاب هؤلاء الرّضع، وتلك الأم المرضعة تحاول أن تضغط على ثديها لتقدّم الغذاء لطفلها لكنّ ثديها لا يجود ولا يتكرّم على طفلها ولو بشيء يسير من الغذاء.
حين يقول:[٢]
وما يزال الشّاعر في تضرعٍ إلى الله، وطلب الرّحمة للبراعم في الأكمام، وهي الأزهارالصغيرة التي لم تتفتح وكأنها ذابلة عطشى، ويطلب الرّحمة للنحلة الظمأى إلى رحيق الأزهار، والبراعم التي تعاني ذبولًا من شح المياه، ثمّ يصور الشاعر مظاهر العطش عند الكائنات الحيّة من حيواناتٍ، ونباتاتٍ فنرى طلب الشاعر الرحمة لطائر الهزار، وهو العندليب الذي بات نحيفًا هزيلًا ضعيفًا يعاني العطش، وللحمل وهو صغير الماعز الخائر القوى الضعيف، وغير قادر 0على السير، والمشي لحاجته الماسة للماء، ثم يطلب الرحمة للنملة الواقعة في عسر، وشِدّة، وضيق من الجفاف، وقلّة المياه، ثم يتابع تصوير المشهد فينقل لنا صورة الخزامى، والياسمين، وزهر الآس، والفل، وهي أنواع من الزهور والورود متعلقة حياتها في أكف القضاء. إذ يقول الشاعر علي:[٢]
ثم ينقل لنا مشهد السواقي، ويطلب الرحمة بهذه السواقي، ويتحسر الشاعر على حال هذه السواقي كيف جفّت هذه السواقي من الماء، وانحبس فيها الماء، ولم تعد كما كانت في الماضي غنيّةً بالماء حيث كانت لكثرة تدفق الماء تصدر صوتًا جميلًا كالغناء، وهنا يشبه صوت الساقية وهي ممتلئة بالماء كصوت الغناء.
ويتساءل الشاعر عمّا حلّ بالكائنات التي كانت تعيش فيها من بطٍ، وضفادع، وأشجار الزيزفون، فبعد أن جفت السواقي هجرتها الحيوانات والنّباتات، وينقل لنا الشّاعر صورة قوافل البط، يريد العدد الكبير لطيور البط لمّا كانت تعيش على هذه السواقي تتهادى، وتتمشّى، وتتمايل في كبرياءٍ، ويشبه البط بأن لها كبرياء كالإنسان، فلّما غاب الماء غابت قوافل الماء، ويتساءل عن الضفادع التي كانت تعيش في حضن السواقي، وقد شبه السواقي بالشيء الذي له حضن، وهي تحتضن بمائها الضفادع، وأصواتهم كأن أصواتهم أغاريد فرح في أطياف المساء، ويتساءل عن أشجار أغصانها كالضفائر المتمايلة التي كانت فوق السواقي تتمايل نشوى؛ فرحًا بالماء، وقد مدّتها أشجار الزيزفون بسحرٍ واستهواء، وهنا يكمن جمال الصورة الفنية، حين شبه أغصان الزيزفون بالضفائر المتمايلة التي مدتها أشجار الزيزفون الساحرة للإغراء؛ فشبه أشجار الزيزفون بالجميلة الساحرة، التي تمدُّ ضفائرها السّاحرة البهيّة المنظر للإغراء والإغواء بمن حولها، وجمال الصورة في التجسيد والتشخيص. فيقول:[٢]
وللاطلاع على تحضير المزيد من القصائد: قصيدة يافا، قصيدة وجه مدينتي.
المراجع
- ↑ إميل يعقوب، معجم الشعراء منذ عصر النهضة المجلد الثاني، بيروت:صادر، صفحة 834-835، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج فيصل لعناية، "القراءة الشعرية قطرة ماء"، ملف بوربوينت الصفحة 8 و9.