قصيدة بعد الفراق

تعدّ القصيدة المعنونة بـ "بعد الفراق" إحدى القصائد التي نظمها الشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي المعروف بأبي سلمى، والذي وُلِد عام 1909م في مدينة طولكرم في فلسطين، التي يعود أصل تسمية عائلته بالكرمي إليها، وقد نشأ وترعرع فيها ثم انتقل مع عائلته إلى دمشق، حيث عُيّن والده عضوًا في الشعبة الأولى للترجمة والتأليف، وفي عام 1922م انتقل مع والده إلى الأردن ودرس السنة الإعدادية الأولى فيها ليعود إلى دمشق ويلتحق بمدرسة التجهيز الأولى أو كما يُطلق عليها "مكتب عنبر".[١]


الفكرة العامة في قصيدة بعد الفراق

نظم الشاعر عبد الكريم الكرمي قصيدته هذه في حبّ وطنه فلسطين، معبرًا عن انتمائه إليه ومشاعره تجاهه، ومؤكدًا على دور النضال والتضحية من أجله.[٢]


تحليل قصيدة بعد الفراق

يفتتح الشاعر قصيدته بالطلب ممن حوله ألا يسألوه عن حالته البائسة، والتي كان سببها فراق الأحبة والوطن، فهو لن يحتمل الإجابة على ذلك، مما يدل على حالة البؤس والحزن الشديدة التي يعيشها، ويقول إنه كلما ذُكرَت فلسطين أمامه أو رأى شخصًا قادمًا منها تحرّك قلبه وخفق وراح يكتب الشعر، وقد صوّر القصيدة بجسد إنسان فيه قلب يخفق، ثم يعبر الشاعر عن انتمائه إلى فلسطين مؤكدًا على أنه ينتسب إليها رافضًا الانتساب إلى أي مكان آخر.[٢]


يُشير الشاعر بعد ذلك إلى أنّه بالرغم من ابتعاده المكاني عن فلسطين إلا أنّ هذا البُعد زاده حبًا لها واقترابًا منها، ثم يُناديها قائلًا لها لا تهتمي فطالما نحن على قيد الحياة فسنقدم التضحيات ونتحدى الصعاب من أجلكِ، وهنا صوّر الشاعر فلسطين بإنسان يشعر بالحيرة والقلق وهو يُحاول تهدئته والتخفيف من قلقه، كما صوّر التضحية ومواجهة الصعاب بعبور البحر وتحدّي الأمواج.[٢]


يستمر الشاعر بمخاطبة فلسطين وتهدئتها ويُخبرها بأنها ليست وحدها، فكل الشعوب العربية القوية معها، مُشيرًا إلى أنّ الحق يؤخذ بالقوة والنضال، فإذا انتفضت الشعوب واتحدت في مقاومة العدو فإنّ الظلم سيزول والتحرير سيتحقق، واستعان الشاعر في ذلك بصورة فنية مشبهًا نضال الشعب بالشيء الذي يحترق، كما صور الفجر -الذي يرمز إلى النصر- بإنسان يضحك بشدّة.[٢]


بعد ذلك يؤكد الشاعر على حقه في هذا الوطن، فيقول نحن جبلنا ترابه بدماء الشهداء والعرق ليتحول إلى جنة ذات رائحة عطرة، فحبّ فلسطين سرى في الجسد كالدم وقد بذلنا نفوسنا لها بلا مقابل، كما صور فلسطين بالأم التي تربي أبناءها على الكرامة والعزة، ثم يؤكد على أن فلسطين معطرة بدماء الشهداء وبالمجد، فقد أتعب أبناؤها المستعمرين في ملاحقتهم، وفيما يأتي المقطع الشهير من هذه القصيدة:[٢]


لا تسلني فلن أُطيق جوابا كيف أبكي الديار والأحبابا كلما لاح من فلسطين برق خفق القلب في القصيد وذاب وإذا ما سألتِ عنا انتسبنا وأبينا إلا إليك انتسابا ما بعدنا عن أرضك إلا زادنا البُعد من ثراك اقترابا يا فلسطين لا تراعي فإنا لم نزل في الدنى نخوض العبابا معنا في نضالنا كل شعب عربي يرى الحياة غلابا ينجلي الظلم والظلام إذا ما التهب الشعب في النضال التهابا ويُطل الفجر الحبيب ضحوكًا ويُضيء الدروب والألبابا هذه دارنا جبلنا ثراها بالدم الحر فاستحال ملابا وسرى حبّها مع الدم نارًا وبذلنا لها النفوس احتسابا ونشأنا على يديها كرامًا وقرأنا على سناها الكتابا نحن من عطر الميادين أمجادا وأعيا المستعمرين طلابا



ولقراءة شرح وتحليل المزيد من القصائد: قصيدة هذي بلادي.

المراجع

  1. صبحي عبيد، عبد الكريم الكرمي شعره وخصائصه الفنية، صفحة 46. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج "شرح قصيدة بعد الفراق"، معلمو الأردن. بتصرّف.