قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

تعود هذه القصيدة التي قيل في مطلعها "والله ما طلعت شمس ولا غربت" إلى الشاعر الملقّب بالحلاج، وهو واحد من أقطاب الشعر الصوفي، اسمه الحسين بن منصور بن محمى البيضاوي ويُكنى بأبي المغيث، وُلِد عام 244 هـ، ولأنه كان كثير التنقل بين البلدان والمناطق خالط في أسفاره الصوفيين في سنّ صغيرة فاكتسب مبادئهم وفكرهم، وترجمها في قصائد وأشعار عديدة بأسلوبه المميز.[١]


شرح قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

عبّر الحلاج على طريقة الصوفيين في قصيدته القصيرة هذه -التي تقع في سبعة أبيات فقط- عن حبّه الشديد لله سبحانه وتعالى وناجاه بأسلوبه الخاص، وقد تم تقسيمها إلى مقطعين فيما يأتي شرح موجز لهما:


شرح المقطع الأول


وَاللَه ما طَلَعَت شَمسٌ وَلا غَرُبَت إِلّا وَحُبُّكَ مَقرونٌ بِأَنفاسي وَلا جَلستُ إِلى قَومٍ أُحَدِّثُهُم إِلّا وَأَنتَ حَديثي بَينَ جُلّاسي وَلا ذَكَرتُكَ مَحزوناً وَلا فَرِحاً إِلّا وَأَنت بِقَلبي بَينَ وِسواسي وَلا هَمَمتُ بِشُربِ الماءِ مِن عَطَشٍ إِلّا رَأَيتُ خَيالاً مِنكَ في الكَأسِ



بدأ الشاعر قصيدته بأسلوب القسم تأكيدًا مسبقًا منه على أنّ حب الله -عزّ وجل- ثابت ومستقر عنده لدرجة أنه يعيش على هذا الحب ويحيا به كتنفّسه للهواء، وبيّن أنّ هذا الحب غير مرتبط بزمن معين بقوله ما طلعت شمس ولا غربت، لذا فهو دائم ولا يفنى. بعدها يؤكد الشاعر على الفكرة نفسها بقوله إنّه من شدة ارتباطه وحبه لله ليس له حديث سواه، وفي كل أحواله وأفعاله هو ذاكر له، حتى عند شربه للماء يشعر بوجوده وقربه منه، وهو بذلك وصل إلى أقصى درجات الحبّ، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • مقرون: مرتبط.
  • جُلّاسي: رفقائي والجالسون معي.
  • هممتُ: عزمت على القيام بالأمر.


شرح المقطع الثاني


وَلَو قَدَرتُ عَلى الإِتيانِ جِئتُكُم سَعياً عَلى الوَجهِ أَو مَشياً عَلى الرَأسِ وَيا فَتى الحَيِّ إِن غَنّيتَ لي طَرَباً فَغَنّنّي واسِفاً مِن قَلبِكَ القاسي ما لي وَلَلناسِ كَم يَلحونَني سَفَهاً ديني لِنَفسي وَدينُ الناسِ لِلناسِ



في هذه الأبيات يصف الشّاعر حبه العميق والكبير للذات الإلهية بالإشارة إلى استعداده أن يخالف كل ما هو منطقيّ وطبيعي من أجل التقرب منه أكثر فأكثر؛ فلو أمكن لذهب إليه مشيًا على الرأس أو زحفًا على الوجه، وفي هذه الصورة المبالغة تأكيد على شدة الحبّ الإلهي، ثم يطالب الشاعر من حوله بأن ينشدوا أشعارًا كالتي يقولها هو. وفي نهاية القصيدة يؤكد الشاعر أنّه على معرفة ودراية بأنّ الناس ستُطلق عليه أحكامًا خاطئة لحالته الروحانية والصوفية تلك، لكنها ناجمة عن جهل وهو غير مهتم ولا مبالٍ مهما قيل عنه، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • سفهًا: جهلًا.


السمات الفنية في قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت

اصطبغت قصيدة والله ما طلعت شمس ولا غربت للحلاج بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي ذكره:

  • التنويع في الأساليب اللغوية المستخدمة في القصيدة على قِصرها.
  • بساطة الألفاظ والمفردات المختارة وملاءمتها للمعنى العام للقصيدة.
  • عمق المعاني وصدق العاطفة في هذه القصيدة.
  • تكرار بعض الأدوات اللغوية والأساليب في القصيدة بهدف التأكيد على الفكرة.


ولقراءة شرح المزيد من القصائد الجميلة: قصيدة حديقة الغروب، قصيدة طائر البان.

المراجع

  1. عبد الرضا حسن جياد، الأسرار والرموز والعلم الدفين عند الحلاج، صفحة 1. بتصرّف.