قصيدة صحب الناس قبلنا

تعود قصيدة "صحب الناس قبلنا" إلى الشاعر أبي الطيب المتنبي، واسمه أحمد بن الحسين الجعفي، وُلد في الكوفة في منطقة يُقال لها "كِندة"، وقد عُرِف برجاحة عقله وذكائه في سنّ مبكرة، فانتقل إلى الشام في فترة صباه ولقي فيها الكثير من أئمة العلم والأدب، الأمر الذي ساهم في صقل شخصيته الأدبية، كما عُرِفَ المتنبي بارتباطه بالأمراء والسلاطين، مثل: سيف الدولة الحمداني، وكافور الإخشيدي، فمدحهم في الكثير من قصائده.[١]


مناسبة قصيدة صحب الناس قبلنا

يعبّر أبو الطيب المتنبي في قصيدته هذه عن واقع الإنسان وهمومه في الحياة، واصفًا طبيعة النفس البشرية، ومعبرًا عن فلسفته والحكمة التي يؤمن بها في هذه الحياة، ويُشار إلى أنّه أنشدها في مصر.[٢]


تحليل قصيدة صحب الناس قبلنا

يفتتح الشاعر قصيدته بقوله إنّ الناس قبله كان يهمهم أمر الزمان كما يهمه هو الآن، وقد مضوا وفي قلبهم غصة من الزمان حتى وإن سُروا منه في بعض الأوقات، وهذه هي سنة الحياة؛ فأحيانًا يُحسن الزمان الصنيع ويمنح الإنسان الإحسان والسعادة، لكنّه يعود ويُذيقه الإساءة والكَدَر، وهذه هي عادته، ويؤكد على تلك الفكرة بقوله إنّ ما نُقاسيه من حوادث الزمان لا يكفينا فأعانه علينا حُسّادنا وأعداؤنا، فصاروا أعوانًا للزمان لإيذائنا.[٢]


بعد ذلك يُشير الشاعر إلى أنّ الزمان يؤذينا برماحه وقد صارت عداوة الإنسان لنا مددًا له في ذلك، فالقناة -أي عود الرمح- رمز لطبع الزمان والسنان -أي نصل الرمح- رمز للعداوة، فيؤكد على أنّ الدنيا فانية وما تُريد النفس الإنسانية من حطامها وملذاتها أقل من أن نعادي بعضنا لأجله ونتحاسد.[٢]


ثم ينتقل الشاعر إلى الحديث عن الموت ويُشير إلى أنّ ملاقاته للموت الكريه أهون عليه من الذل والهوان، ولو كانت الحياة باقية لأحد لكان الشجاع الذي يتعرض للقتل أضل الناس، فالموت لا بدّ منه للجميع، لذلك فالجبن يُعدّ من ضعف الهمة وعجزها، ويختتم الشاعر قصيدته بحكمة مفادها أنّ الأمر الشديد إنما يصعب على النفس قبل وقوعه فإذا وقع أصبح سهلًا، وفي ما يأتي نص القصيدة:[٢]


صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنـ ـهُ وَإِن سَرَّ بَعضُهُم أَحيانا رُبَّما تُحسِنُ الصَنيعَ لَياليـ ـهِ وَلَكِن تُكَدِّرُ الإِحسانا وَكَأَنّا لَم يَرضَ فينا بِرَيبِ الـ ـدَهرِ حَتّى أَعانَهُ مَن أَعانا كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً رَكَّبَ المَرءُ في القَناةِ سِنانا وَمُرادُ النُفوسِ أَصغَرُ مِن أَن نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا وَلَوَ أَنَّ الحَياةَ تَبقى لِحَيٍّ لَعَدَدنا أَضَلَّنا الشُجعانا وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا كُلُّ ما لَم يَكُن مِنَ الصَعبِ في الأَن فُسِ سَهلٌ فيها إِذا هُوَ كانا



ولقراءة تحليل المزيد من قصائد المتنبي: قصيدة بم التعلل.

المراجع

  1. أبو الطيب المتنبي، ديوان المتنبي، صفحة 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "قصيدة صحب الناس قبلنا"، ولحة المتنبي. بتصرّف.