تحضير قصيدة كفكف دموعك

تعود قصيدة كفكف دموعك للشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، الذي وُلد في نابلس عام 1905، وتلقى دروسه في القدس، وفي الجامعة الأميركية بيروت، عمل في التدريس والإذاعة، وتوفي سنة 1941م، له ديوان شعر، وقد اهتم شقيقه أحمد طوقان بطباعته سنة 1955 وفي الديوان تسعة أقسام: وطنيّات- سياسيّات- غزليّات- رثاء- مصرع بلبل- أناشيد- مرابع الخلود- قِطع مبعثرة. وشعره يرجع إلى أغراضٍ ثلاثة: الغزليّات، والوطنيات، والموضوعيّات، ويمتاز شعره الغزلي بالبوح الرقيق، والعفّة والإباء، ويمتاز الشّعر الوطني بصدق العقيدة وعمقها.[١]


مناسبة قصيدة كفكف دموعك

ألقى طوقان هذه القصيدة لتشجيع وعتاب الشعب الفلسطيني، ودعوته إلى مسح دموعه، فالبكاء والنحيب والعويل لا ينفعَ بأي شيء، ولن يصل إلى أي حل، ثمّ يدعو الشعب الفلسطيني إلى النهوض، وشحذ الهمم بالنشاط والعمل، فلا فائدة من شكوى الزمان؛ فالشكوى من صفات الكسول، والمتخاذل.


الفكرة العامّة في قصيدة كفكف دموعك

دعوة، وحث الشعب للعمل، والتفاؤل من أجل تحقيق النّجاح، ومعولًا على الشّباب في نهضة البلاد.


الأفكار الرّئيسية في قصيدة كفكف دموعك

  • الأبيات من 1 إلى 5 الدعوة إلى عدم البكاء، وعدم الشكوى، وحث المتخاذلين بأن ينهضوا ليحققوا الغايات.
  • الأبيّات من 6 إلى 8 السّخرية من المتخاذلين الذين يشكون هم الزمان.
  • الأبيّات من 9 إلى 13 تحقير المتخاذلين؛ لأنّهم داءٌ يُعاني منه الوطن.
  • الأبيّات من 14 إلى 18 التّشاؤم صفة المتخاذلين، إلّا أنّ هناك أملٌ يلوح بالأفق.
  • الأبيات من 19 إلى 23 الشّباب هم أمل الوطن.


شرح قصيدة كفكف دموعك

يستهل الشاعر قصيدته معاتبًا الشعب الفلسطيني، ويدعوه إلى مسح الدّموع، فالبكاء والنحيب والعويل لن ينفعَ بأي شيءٍ، ولن يصل إلى أي حلٍ، ثمّ يدعو الشعب الفلسطيني إلى النهوض وشحذ الهمم بالنهوض، والعمل فلا نفع من شكوى الزمان؛ فالشكوى من صفات الكسول وطبعه، ثمّ يرسم الشاعر للشعب الفلسطيني سبيلًا وطريقًا لتحقيق أهدافهم ولا يكون إلا بالعزيمة، والهمة العالية، والعمل، وهذا الطريق واضح للجميع فلا يسأل عن أحد، ولن يضل عن هذا الطّريق، والسبيل منَ كان له أمل، وهدفٌ نبيل يسعى إلى تحقيقه، وحكمته هي الدليل على تحقيق الهدف، وهنا يشبه الشاعر الحرية والأهداف بالطريق الذي يسلكه الإنسان، ومن يسير بتحقيق أهدافه فلن يخيب الإنسان، ولن يفشل ما دامت غاياته نبيلة، وأهدافه شريفة، ولديه عزيمة، وإصرار على تحقيقها، والشاعر هنا يدعو معاتبًا الشعب الفلسطيني على الاستسلام، وعدم السعي، ويحث على النهوض، وشحذ الهمم، والعمل، ونبذ الكسل حين قال:[٢]


كَفْكِفْ دموعَكَ ليس ينـ ـفَعُكَ البكاءُ ولا العويلُ وانهضْ ولا تشكُ الزّما نَ فما شكا إلاَّ الكسولُ واسلكُ بهمَّتِكَ السَّبيـ ـلَ ولا تقلْ كيف السَّبيلُ ما ضَلَّ ذو أملٍ سَعى يومـًا وحكمتهُ الدَّليلُ كلاَّ ولا خاب امرؤٌ يومـًا ومقصْــدهُ نبيلُ



ويتابع الشاعر عتابه للشعب الفلسطيني المسكين الذي قضى العمر بالنكبات والأحزان، وأضاع عمره في التحسر، والشكوى على الوضع الأليم فاقدًا الأملَ، والتفاؤل لما حلّ بالبلاد، ويوجه خطابه للمتخاذلين والمتقاعسين (مكتوفي الأيدي)، وفي ذلك كناية عن التخاذل، والعجز، والاستسلام، وعدم السعي، حيث أن هؤلاء المتخاذلين يلقون اللومَ على الزمن بأنه يقف ضدهم، ويحاربهم، وهنا يصور الشاعر الزمن بالمحارب، والعدو المقاتل في وجه نيل الأهداف.

يقول الشاعر:[٢]


أْفنَيْتَ يا مسكيُن عُمـ ــرَكَ بالتَّاوُّهِ والحزَنْ وقعدتَ مكتوفَ اليديْـ ــن تقولُ حارَبَني الزَّمنْ



ثم يتابع الشاعر خطابه للشعب يدعوهم لتحمُّل المسؤولية، ويستنهض الهمم ويدعوهم لمقاومة العدو وتحرير العدو، فمَن غيرهم سيقاوم الأعداء وينهض للقتال، ثم يوجه خطابه للمتخاذلين؛ فتخاذلهم مرض ينهش في البلاد التي أصيبت بالأمراض فزادها تخاذل الشعب مرضًا، وهنا يشبه الشاعر المتخاذل بالمرض للوطن، وشبه الوطن الجريح بالجسد المريض الذي من إحدى أمراضه التّخاذل والكسل، ثم يقول الشاعر بأنّ التشاؤم، وفقدان الأمل هي علة، ومرض لهذه البلاد، فهل بحثتَ عن أعراض هذا المرض،

وقد شبه الشاعر التشاؤم بالمرض، وجمال الصورة في التشبيه، فيا أيّها المتشائم المتخاذل لقد نسبت إلى البلاد أمراض كثيرة، ولكنك بدلًا من أن تعالجها، وتبحث عن أسبابها، ساعدت في هدم البلاد بالتخاذل والتقاعس، وهنا يشبه الشاعر المتخاذل بمَن يحملُ فأسًا لا يفعل بها شيئًا، ويشبه التشاؤم، والتخاذل بالفأس التي تهدم، ثمّ يوبخ الشاعر المتخاذل، ويدعوه ليقعد، وفي ذلك كناية عن العجز، والكسل، والتخاذل، فهذا المتشائم المتخاذل ليس أهلًا لرفعة البلاد ونهضتها؛ لأن نهضة البلاد بحاجة إلى همّةٍ، وعملٍ، وتفاؤل، ثم يطلب الشاعر من المتخاذل أن ينظر بعينيه إلى المحتل الغاصب الذي ينهب خيرات البلاد، ويفسد فيها أمام عينيه، وهنا يشبه الشاعرُ المحتلَ، وهو ينهب خيرات البلاد كما الذئاب التي تجمعت على فريستها. فيقول إبراهيم طوقان واصفًا ذلك:[٢]


ما لمْ تقمْ بالعبء أنـ ـتَ فَمَنْ يقومُ به إذن؟ كم قُلتَ أمراضَ البلا د وأنتَ مِنْ أمراضها والشؤم علَّتها فهل فتَّشت عن أعراضها؟ يا مَنْ حملْتَ الفأْسَ تهـ ـدِمها على أنْقاضِها أُقعدْ فما أنتَ الذي يَسْعى إلى إنهاضها وانظرْ بعينيْك الذئا بَ تعُبُّ في أحواضها



يقول الشاعر معاتبًا المتخاذل: لقد أصبح التشاؤم صفةً فطريةً وسجيةً وعادةً يومية تقوم بها أيها المتخاذل وتظهر في حديثك، فالمتخاذل كأنه غراب، والغراب كناية عن رمز الشؤم، والبؤس، والموت فالشاعر يشبه المتخاذل بالغراب الذي يبعث الشّؤم في حديثه للناس، كذلك يبعث الخراب في النفوس من خلال صوته، وإن الحقيقة المؤلمة والجارحة بأن التشاؤم والتخاذل هما المرض الذي انتشرَ في النّفوس، وحقيقة جرحَت القلب فأصبح المتشائم يرفض حقيقة تشاؤمه، فأصبح كمريض القلب الذي يواجه بالحقيقة فيرفضها.

يقول الشاعر إبراهيم طوقان:[٢]


أضحى التشاؤُمُ في حديـ ـثك بالغريزَةِ والسَّليقهْ مِثل الغرابِ نَعى الدّياَ ر وأسْمَعَ الدّنيا نعيقَهْ تِلكَ الحقيقةُ والمريـ ـضُ القلبِ تجرُحهُ الحقيقةْ



يتابع الشاعر حديثه فيرى أملًا يلوح في الأفق، والشاعر متفائل بغدٍ مشرقٍ، ولامعٍ، وهو غد أجمل حافل بالتغيير والتحرير، فاستهدِ في طريق هذا الأمل، وسِرْ على خطا هذا النور، وبريقه المشرق بالأمل والتفاؤل، وقد صوّر الشاعر الأمل بالشعلة ذات البريق التي تنير الدرب للآخرين، ولن تتعسر الحياة، ويضيق العيش إذا عمل بجدٍ، ونشاط لتحقيق الأهداف، وتركَ الكسل والشكوى، وهنا يشبه الشاعر صعوبة العيش بالثوب الذي يضيق على الإنسان فيشتكي منه صاحبه.إذ يقول:[٢]


أملٌ يلوحُ بريقهُ فَاستَهْدِ يا هذا بَريقَهْ ما ضاقَ عيشك لو سعيـ ـَت له ولوْ لمْ تشْكُ ضِيقَهْ



ثم يهتف الشاعر للشباب بتحيتهم، والسلام عليهم فهم أمل المستقبل لهذه البلاد، وتحقيق التغيير، والتقدم لهذه البلاد، ثم يصور قوة الشباب وعزائمهم، وهممهم التي صحّت، وقويت بعزمٍ، وإصرار لدفع كل مَن يعتدي على أرض فلسطين، فشبه العزيمة بإنسانٍ يقوى جسده، ويردُّ الظُّلم ويواجهه، وقد مد الله المقاومين بالقوّة والعزيمة، والله نصير لكل مَن يقاوم الأعداء في سبيل نيل الأجر، ونصرة الوطن، ومدّ لكم يدًا؛ كناية عن العون والتأييد من الله عز وجل. فيقول الشاعر:[٢]


حيَّ الشبابَ وقُلْ سلا مًا إنَّكُمْ أَملُ الغَدِ صَحَّتْ عزائمكُمْ على دْفعِ الأَثيمِ المعْتدي واللهُ مَدَّ لكُمْ يدًا تَعْلو على أقوى يدِ



العاطفة في قصيدة كفكف دموعك

العاطفة الوطنية، ونرى في شعره عاطفةً ممتزجة بين الأمل والتفاؤل، كما تخللتها عواطف الثورة على الواقع المرير، ولوم، وحسرة على المتخاذلين، وحنين، وأمل، وتطلع إلى الحرية، والتحرر من ذل الهوان، واليّأس.


الخصائص الأسلوبية لقصيدة كفكف دموعك

تميزت القصيدة بالخصائص الاستنتاجية الآتية:

  • تقسيم النص إلى مقاطع، ولكل مقطعٍ قافية.
  • استخدام الألفاظ استخدامًا موحيًا، يصور عجز الشعب.
  • الجمل بين خبرية، وإنشائية تنقل إلى القارئ مشاهدات الشاعر وراءه، ومشاعر نحو الشعب.
  • الاعتماد على النّصح، والتوجيه الشديدين تارةً، والسخرية المبطنة تارةً أخرى؛ لأجل شحذ الهمم.
  • وضوح، وتسلسل الأفكار.
  • خلو النص من المحسنات البديعية.
  • جودة العنصر الخيالي.
  • الوحدة الموضوعية.
  • تبرز في عموم النّص الروح الوطنية لدى الشاعر.


وللاطلاع على تحضير المزيد من القصائد: قصيدة كن بلسما، قصيدة ركوب الخيل.

المراجع

  1. حنا الفاخوري، الجامع في تاريخ الأدب العربي الحديث، بيروت:الجيل، صفحة 665-666. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح إبراهيم طوقان، الأعمال الشعرية الكاملة إبراهيم طوقان، مصر:الهنداوي، صفحة 61-62-63.