قصيدة ركوب الخيل

تعود قصيدة ركوب الخيل للشاعر خليل مطران، الذي ولد عام 1872م، في بعلبك، ودرس في زحلة وبيروت، وخرج بثقافةٍ واسعةٍ، وانفتاح على الحياة الجديدة والآداب العالمية، وعلا صوته مع أصوات المناضلين، ثم انتقل إلى باريس، واتصل بالحركة الوطنية التركية، ثم انتقل إلى مصر، وعمل محررًا للصحافة في جريدة الأهرام، والمؤيد، واللواء، ثم رئيسًا للتحرير في جريدة الأهرام، كما أنشأ خليل مطران (المجلة المصريّة)، ثمَّ (الجوائب المصريّة)، وأصدر ديوان (الخليل)، وتوفي في مصر سنة 1949م ولُقب بشاعر القطرين، ثمّ شاعر الأقطار العربية.[١]


مناسبة قصيدة ركوب الخيل

القصيدة رثاء للمشير أدهم باشا، وهو أكبر قائد عثماني في حرب الترك، واليونان.


الفكرة العامّة في قصيدة ركوب الخيل

تتغنى القصيدة بالفارس الشجاع الذي يمتطي الخيل، والقصيدة تندرج تحت غرض الوصف.


الأفكار الرئيسة في قصيدة ركوب الخيل

  • طلب الشاعر من الشهيد أن يقوم، ويترجل عن الحصان.
  • وصف الحصان وقد أعياه التعب بعد معركة حامية الوطيس، وقد أعياه القتال، وحمل الشهيد على ظهره.
  • الشهيد الفارس أدهم.
  • نعي الفارس البطل الذي أصبح مثالًا للمجد والبطولة.


شرح قصيدة ركوب الخيل

يستهل الشّاعر قصيدته موجهًا خطابه للفارس الشجاع الشهيد، وهو المشير أدهم باشا التركي، ويخبره بأن يترجل، ويقوم، وينزل عن حصانه، ولكن هذا الفارس شهيد ولا يستطيع أن يترجل عن حصانه، ثمّ يصور لنا حالة الحصان، وينقل لنا المشهد بأدقِ تفاصيله، فقد كبا الحصان، وفقد المهر توازنه أثناء سيره، وذلك المهر هو حصان قوي صغير السّن أغر ذو غرةٍ تعلو مقدمة رأسه، وهو حصان محجل القدمين كأنّ أقدامه قد لفّهما اللون الأبيض كما الخلاخل في القدم.


وقد شدَّ ما أسرع موجفًا، ومسرعًا، مرعبًا في سرعته، وكلما أسرع عظمت، واشتدت سرعته كل يومٍ لأجل طلب الفخر والمكارم والنّصر، ويريد الشاعر أن يخبرنا عن الفارس الشجاع، وحصانه بأنهما مسرعان لخوض المعارك ونيل المكارم، ثمّ يصور لنا صورة من صور المعركة بما فيها من قتلٍ حتى ابتلت بالركاب شاكلتاه وهما جنبا الفرس؛ أي وصلت دماء القتلى حتى الركب، وأجناب الخيل، فهوى وخرّ متعبًا ملتصقًا بالأرض من شدّة الإعياء في ساحة المعركة، مثقلًا بما يحمل، ونقل لنا الشاعر إرهاق الفرس، وهو يهوي لما هزلت سوقه، وضعفت فانثنت وانحنت راكعةً إلى الأرض حتّى انحنى، واقترب عنق الحصان إلى الأسفل متعبًا من شدة الإعياء، ومثقلًا بالشهيد الذي على ظهره. فيقول خليل مطران واصفًا ذلك:[٢]


أَيُّهـــَا الفَـــارِسُ الشُّجـــَاعُ تَـــرَجَّلْ قَــدْ كَــبَــا مُهْـرُكَ الأَغَـرُّ المُـحَـجَّلْ شَــدَّ مَــا خَــبَّ مُــوجِــفــاً كُــلَّ يَــوْمٍ فِــي طِــلاَبٍ مِــنَ الفَــخَــارِ مُــعَــجَّلْدَ دمِـــيَـــتْ بِـــالرِّكَـــابِ شَــاكِــلَتَــاهُ فَهَــــوَى رَازِحـــاً بِهِ مَـــا تَـــحَـــمَّل هُــــزِلَتْ سُــــوقُهُ إِلَى أَنْ تَــــثَــــنَّتْ وَدنَــــا عُـــنْـــقُهُ إِلَى أَنْ تَـــسَـــفَّلْ



ثمّ يتابع الشّاعر وصفه للمشهد ولصورة سقوط الفرس منهكًا بعد المعركة، وذلك لمّا انحنى الفرس بعنقه، وركع على على الأرض فخبا وسكن من جبينه نجم سعد، وهو نجم عظيم الضياء، وهنا يصّور الشاعر المشهد فالفارس الشّجاع كأنه نجم ساطع شديد الضياء، وعندما استشهد خبا ذلك النجم وانطفأ بعدما كان دائمًا مستبشرًا ضاحكًا يستهل الخير والنّصر، وهنا شبه الشاعر الفارس بنجم السعد، ويشبه النجم بالوجه الضاحك جمال الصورة في التّجسيد، ولطالما كان الفارس ضاحكًا ويمتطي فرسه مقدمًا على المعركة لكنّ النجم (الفارس) الآن خبا، وسكن، وهدأ فقد استشهد في ساحة المعركة، هكذا قضى القائد المشير أدهم باشا التركي حياته حثًا يحض على الفخر والقتال، فزال وتلاشى واختفى فكان مثالًا للمجد والجهاد.


والشاعر يبكي ويندب الأدهم وهو القائد التركي الكبير الذي خاض المعركة مع الرومان، وهو ينعي الفارسَ الشهيد الذي اعتلا ذلك الفرس، الذي كان من خيرة الفرسان، والقادة، وكان من أفضل مَن يركب الفرس، ويقود المعارك، ويخوض القتال ضد الأعداء فكان خير مَن رحل عن هذه الدنيا، إن هذا الشهيد لم يبت، ولم ينَم في التراب، ويقصد الدّفن بعد الموت، لكنه ببطولته هذه آثر وفضّل الأفق وكأنما امتطى صهوة الأفق والسماء مجدًا وعزةً للشهيد، وهنا يشبه الشاعر الأفق بالجواد الذي يمتطيه الشهيد، فيقول الشاعر خليل مطران:[٢]


وَخَــبَــا مِــنْ جَــبِــيـنـهِ نَـجْـمُ سَـعْـدٍ طَــالَمَــا كَــانَ ضَــاحِــكــاً يَــتَهــلَّلْ هَــكَــذَا رُحْــتَ تُـرْهِـقُ العُـمْـرَ حَـثّـاً فَـــتَـــلاَشَــى وَمَــجْــدُهُ بِــكَ أَمْــثَــلْ نَـــادِبِـــي أَدْهَـــم وَنَـــاعِــي عُــلاَهُ كَــانَ مِـنْ خِـيـرَةِ الْعُـلَى أَنْ تَـرَحـل لَمْ يَبِتْ فِي الثَّرَى فَتَى الْخَيْلِ لَكِنْ آثَـــرَ الأفْـــقَ صَهْـــوَةً فَـــتَـــحَـــوَّلْ



العاطفة في قصيدة ركوب الخيل

نرى في شعره عاطفةً جليّةً اتجاه البطل الشهيد المشير أدهم باشا القائد العثماني الكبير، وهي عاطفة صادقة تتخللها معاني الفخر بالبطولة التي قدمها الشهيد، ومعاني الحزن على رحيل بطل مقدام من الأبطال العثمانيين الذين قاتلوا ضد الرومان.


وللاطلاع على تحضير المزيد من القصائد: تحضير قصيدة في وصف الجبل، تحضير قصيدة تغريبة المطر.

المراجع

  1. حنا الفاخوري (1986)، الجامع في تاريخ الأدب العربي الحديث (الطبعة 1)، بيروت:الجيل، صفحة 462.
  2. ^ أ ب خليل مطران (1948)، ديوان الخليل نظم خليل مطران الجزء الثاني، مصر:المعارف/ مطبعة الهلال، صفحة 146، جزء 2.