قصيدة سنرجع يومًا

تعود قصيدة سنرجع يومًا للشاعر هارون هاشم رشيد، وهو شاعر فلسطيني، ولد في غزة سنة 1927م، عمِل بالتدّريس، وفي إذاعة صوت العرب المصريّة، ثمّ عمل في مُمثّليّة فلسطين في الجامعة العربيّة، صدر له قرابة عشرين ديونًا منها: مع الغرباء، وعصافير الشّوك، نال أوسمةً، وجوائز عدّة، وحصل على تسمياتٍ مختلفة، منها: شاعر النّكبة، وشاعر العودة، وشاعر الثّورة. وقد عبّر الشّاعر في قصيدته (سنرجع يومًا) عن مأساة الشّعب الفلسطيني المُقتلع من أرضه، وتغنّى بالشهداء، ووصف عذابات المعتقلين، ومشاعر الاغتراب من الوطن. وقد غنّت فيروز هذه القصيدة الشهيرة.[١][١]


مناسبة القصيدة

مأساة الشّعب الفلسطيني المُقتلع من أرضه ووطنه، وعهد لهم بالعودة، وحق الرجوع إلى أرض الوطن.


الأفكار العامّة في القصيدة

  • الأبيات من 1 إلى 2 الإصرار على حتمية العودة إلى أرض الوطن فلسطين الجميلة مهما طال الزمن.
  • الأبيات من 3 إلى 4 دعوة القلب إلى الصّبر، والتّروي حتّى يحين وقت العودة.
  • الأبيات من 5 إلى 8 طبيعة فلسطين السّاحرة، بربوعها الخضراء، وتلالها الزاهية، تشاركُ الشّاعر أحلامه بالعودة، والتحرير.
  • الأبيات من 9 إلى 10 عهد الغائبين، وفيٌّ لأرضهم، وعهدهم بالعودة إلى وطنهم فلسطين الأبيّة.
  • الأبيات من 11 إلى 12 الغياب عن الوطن لا يمحو الوطن عن الذاكرة، والقلب.


شرح أبيات القصيدة

  • إصرار الشّاعر وتأكيده على العودة إلى أرض فلسطين، وإلى حيّه الذي كان يسكن به، حتى ينتشي بتحقيق أمنيته وهي الرّجوع إلى حيه، وليتمتّع بالحياة الكريمة في ربوع وأحضان الوطن، ويعيش حياةً هانئةً سعيدة، وتغمره نشوة الفرح بالعودة والاستقرار في وطنه وحيّه، وهنا نلاحظ جمال الصورة في قوله: نغرق في دافئات المنى، حيث أراد الشّاعر أن يعبر عن أمنياته التي يريد أن ينتشي بها حين يعود إلى حضن وطنه الدّافئ، لأن الدفء رمز للحياة الرّغيدة الهانئة، ثم تتكرر أمانيه، وآماله مؤكدةً العودة إلى الوطن مهما يمرّ الوقت، ويطول الزمان، ويبتعد عن فلسطين، وهنا يريد أن يشير إلى غربته، وهو بعيدٌ عن حيّه وداره، لكن رغمَ هذا البعد فلا بدّ يومًا أن تتحرر فلسطين، ويعود أهلها إليها. فيقول الشّاعر في ذلك:[١]


سنرجع يومًا إلى حيّنا ونغرقُ في دافئاتِ المنى سنرجعُ مهما يمرّ الزّمان وتنأى المسافاتُ ما بيننا

  • دعوة الشّاعر القلب إلى التّروي والتّمهل، والصّبر حتّى يحين وقت العودة، فالشاعر يخاطب قلبَّه فيقوم بتشخيص وأنسنة لهذا القلب وكأنه رفيق يواسيه، ويخاطبه عن طريق أداة النداء حين يقول: يا قلب لا تستعجل وترمِ بنفسك في الآلام، ولا تضعف، ولا تستهين، أو تفقد الأمل منَ الوصول إلى طريق العودة إلى وطنك الحبيب فلسطين، ثمّ إنّه يعزّ عليهما (الشاعرُ وقلبه المهجّران قسرًا)، ويصعب عليهما أنْ تعود الطيور المهاجرة المرفرفة بأجنحتها حرّةً إلى أعشاشها من غير قيدٍ، وشرطٍ، ولا حدود، بينما يعجز الشّاعر وقلبه، ومَنْ هُم في مثل حاله أنْ يعودوا إلى موطنهم، وأرضهم فلسطين. فيقول معبرًا عن ذلك:[١]


فيا قلب مهلًا ولا ترتمِ على دربِ عودتنا مُوْهَنَا يعزُّ علينا غداً أن تعودَ رفوفَ الطيور ونحن هنا

  • ثم يتحدث الشاعر عن طبيعة فلسطين السّاحرة بربوعها الخضراء، وتلالها الخلّابة، فالشّاعر يصف بلاده، ويصورها كلوحةٍ فنيّةٍ جميلةٍ أبدعها الخالق، فيصف رُباها التي تشاركه اشتياقًا وحنينًا، وكأن الشّاعر يناجي الطيور، والطبيعة أشجانه، وبثّ فيها مِن أشواقه، وحنينه لعودة الأحبة إلى أوطانهم، وهنا يقوم بتشخيصها فهي تنام، وتصحو كما الإنسان، وتحيا على تذكر عهدهم، وعهد عودتهم، وإن هذا الشّعب الفلسطيني متشبث في أرضه، يعيش على الحبّ، وأمل الانتظار للعودة إلى الوطن الغالي، وهم يعبّرون عن ذلك بأغانيهم، وأشجانهم، وألحانهم الحزينة المؤثرة، ثمّ يعودُ الشّاعر إلى وصف ربوع وطن فلسطين الجميلة، ومنها أشجار الصّفصاف الذي تسرُّ العين برؤيتها جميلةً خضرتها، تمتدُ على نظر الرّائي، وهذه الأشجار النّضرة تشارك الشّاعر في الحنين والشّجن، حتّى أنّها انحنت، ومالت على صفحة الماء من شدّة الحزن، والتأثر لحال الشّاعر، ويعود إلى الأنسنة فيجعل عيون الماء تشاركه أشجانه، وحنينه، وأشواقه، فيقول الشّاعر:[١]


هنالك عند التلال تلالٌ تنام وتصحو على عهدنا وناسٌ هم الحبُّ أيّامهم هدوء انتظار شجيُّ الغنا ربوع مدى العين صفصافها على كلّ ماء وَهَى فانحنى

  • الشاعر يبثُّ أشواقه إلى وطنه: وهنا تشاركه الزّهيرات الصّغيرة الجميلة أشجانه؛ فتعُبّ، وتشربُ من مائه العذب الرّقراق، وتنعم بهدوءٍ، وسعادةٍ، ونقاءٍ في ظل الوطن الرّحب، بخلاف حياة الفلسطينين المغتربين عنه، وهنا نلحظ جمال الصّورة الفنية بأنْ جعل الزهراتِ تَعُبُّ الماءَ كما الإنسان العطش، وبأنْ جعلَ للهدوء عبيرًا ورائحةً زكيةً، وكذلك بأن جعل العندليب يخبره بنبأ العودة، وفي ذلك تشخيص وأنسنة لطائر العندليب وكأنه صديق يحاكي الشّاعر، وقد التقى به على منعطف الحياة، ويخبره ويؤكد له بأنه سيعود إلى وطنه قريبًا، ويخبره العندليب بأن طيور البلابل لا تزال تعيش أملًا تنتظر عودة أهل فلسطين إلى ديارهم، كما أنّ هذه البلابلَ تنشد أعذب الأشعار، وتترنّم بألحان العودة وأغانيها، وما تزال التّلال والرّوابي والهضاب تشتاقُ مغمورةً بالحنين لعودة المُهجرين إلى وطنهم فلسطين، وكلّ هذا يدلُّ على أصالةٍ، وتجذّرٍ، وتعلّق أصحاب الأرض بأرضهم وتلالهم، والتّمسك بالأرض وحقّ العودة. حيث يقول الشّاعر:[١]


تعبُّ الزّهَيرات في ظلّه عبير الهدوء وصفو الهنا سنرجع خبّرني العندليب غداة التقينا على منحنى بأنّ البلابل لمّا تزل هناك تعيش بأشعارنا ومازال بين تلال الحنين وناس الحنين مكان لنا

  • يختتم الشّاعر قصيدته، ويخبرنا بأنّ الغياب عن الوطن لا يمحو الوطن عن الذاكرة والقلب، حيث يعود الشّاعر لينادي قلبه الحزين، وقد شرّدتهما ريّاح العدوّ بعدًا عن الوطن، ويدعوه بأنْ لا يحزنَ فالعودة إلى فلسطين قريبة مهما عصفت الرّياح، وهنا يقصد مهما عصفت رياح الاحتلال الغاشم سيعود الشعب الفلسطيني من الشّتات إلى وطنهم فلسطين، وهنا يشبه الشّاعر الرّياح بالعدوّ الغاصب الذي يشرّد المواطنين، ويشتتهم من ديارهم قسرًا وغصبًا، حيث يقول الشاعر هارون هاشم رشيد:[١]


فيا قلب كم شرّدتنا الرياح تعال سنرجع هيّا بنا



العاطفة في القصيدة

العاطفة ذاتية وطنية، تحمل مشاعر شوق، وحنين لعودة الشّاعر إلى وطنه فلسطين، كما تُعبّر عن داخل الشّاعر وأشجانه وحنينه، ومشاعر حب للوطن، وإعجاب بطبيعته السّاحرة بما فيه من أشجارٍ، وأزهارٍ، وأطيارٍ، وتلالٍ.


وللاطلاع على تحضير المزيد من القصائد: قصيدة في الليل، قصيدة صن النفس.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ أحمد الخطيب وعاطف أبو حمادة وأشرف أبو صالح و حسان نزال وصالح معالي ونائل طحيمر، اللغة العربية الجزء الثاني، رام الله فلسطين:مركز المناهج دولة فلسطين، صفحة 26. بتصرّف.