محمود سامي البارودي

محمود سامي بن حسن حسين بن عبد الله البارودي الملقب بـ "شاعر السيف والقلم" هو شاعر فذّ عُدّ من رواد الشعر العربي الحديث، إذ وُصِف بأنه رائد المدرسة الإحيائية في الشعر العربي؛[١] فكان من المجدّدين في شكل القصيدة ومضمونها، وبذل جهودًا واضحة لتخليد اسمه في الأدب العربي بثقافته واطلاعه الواسع على ما وصل إلينا من أدب الأقدمين، حتى أصبح مثلًا أعلى لمن جاء بعده.[٢][٣]


مولد محمود سامي البارودي ونشأته

وُلِد محمود سامي البارودي في السادس من تشرين الأول عام 1839م في مدينة القاهرة في مصر، وهو من أصول شركسية؛ إذ يمتد نسب والده إلى المماليك الجراكسة، وقد اشتهر بـ "البارودي" نسبة إلى بلدة إيتاي بارود التي كان أجداده ملتزمي الإقطاعية فيها وإليها يُنسَبون، ويُذكر أن البارودي نشأ في كنف أسرة ثرية ولها مكانة رفيعة آنذاك، وتوفي والده عنه وهو في السابعة من عمره، فعني به وبتعليمه بعض أهله.[٢][٤]


تعليم محمود سامي البارودي وثقافته

أكمل محمود سامي البارودي تعليمه الابتدائي في المدرسة الابتدائية التي يُطلق عليها "المبتديان"، وقد كان ملمًا بالقراءة والكتابة، ومبادئ النحو والصرف، والقليل من الفقه والتاريخ، بالإضافة إلى حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة الفنون الحربية عام 1852م، وفي هذه المرحلة بدأت بواكير اهتمامه بالشعر والشعراء بالظهور وانكب على مطالعة الأدب القديم، ومن الجدير بالذكر أنّ البارودي تخرج من مدرسة الفنون الحربية ولم يُكمل دراستها العليا.[٥]


حياة محمود سامي البارودي العملية

بعد أن أنهى محمود سامي البارودي تعليمه سافر إلى إسطنبول، وتمكّن فيها من إتقان اللغتين التركية والفارسية، كما كان قريبًا من الخديوي إسماعيل، فألحقه بحاشيته وعاد به إلى مصر، وبعد عودته تقلّد البارودي عدة مناصب وطنية وعسكرية؛ إذ عُيّن محافظًا لمحافظة الشرقية ومحافظة القاهرة، ثم عُيّن وزيرًا للأوقاف وبعدها وزيرًا للحربية، كما كان رئيسًا للحكومة لعدة أشهر.[٦][٣]


ومن الجدير بالذكر أنّ البارودي كان على دراية بالنظم العسكرية، الأمر الذي ساعده على المشاركة مع الجيش العثماني في العديد من حملاته العسكرية وحروبه، بالإضافة إلى ذلك شارك في مصر بالثورة العرابية عام 1881م، إلا أنه على إثرها تمّ نفيه إلى جزيرة "سرنديب".[٦][٣]


حياة محمود سامي البارودي في المنفى

مكث محمود سامي البارودي في منفاه مدة طويلة بلغت سبعة عشر عامًا تقريبًا وحيدًا يعاني آلام الغربة والمرض، فنظم العديد من الأشعار والقصائد التي وثّق من خلالها هذه المرحلة من حياته، وفي هذه المدة أيضًا فقد البارودي عددًا من أهله وأحبابه وأصدقائه، فرثاهم في قصائد عدة، إلا أنه لم يستسلم لحزنه وآلامه فعكف على تعلّم اللغة الإنجليزية، كما انبرى لتعليم أهالي الجزيرة اللغة العربية وبعض التعاليم الإسلامية.[٧]


مفهوم الشعر عند محمود سامي البارودي

نظم محمود سامي البارودي كغيره من الشعراء في أغراض شعرية مختلفة من مدح وفخر وحماسة وغيرها العديد، وكان رائد التجديد في الشعر العربي الحديث؛ إذ أضفى عليه لمسته الخاصة وشعوره وأحاسيسه وصبّ معانيه من تجاربه الشخصية والأحداث التي شهدها لكنه في الوقت ذاته بقي محافظًا على التقاليد الشعرية القديمة وأسلوب القدماء، كما أعلن البارودي مفهومه الجديد للشعر مؤكدًا على أنّه سليقة وفطرة وليس صنعة يمكن تعلّمها أو مهارة في توظيف علم البديع، ويكون سهل الفهم، كما حدّد له مجموعة من الأركان، وهي الخيال، والعاطفة والفكر أو الإلهام، وأشار إلى أنّ وظيفة الشعر هي اجتماعية وأخلاقية تتمثل بتهذيب النفوس وصقلها وبعث الحكمة والحقائق فيها.[٨][٩]


خصائص شعر محمود سامي البارودي

اتسم شعر محمود سامي البارودي بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي ذكره:[١٠]

  • تصوير الواقع كما هو بأسلوب بسيط وسلس وقويّ في الوقت نفسه.
  • عدم الاعتماد على المحسنات البديعية وعدم الإغراق في الخيال.
  • الاعتماد في التصوير على حاسة النظر أكثر من سواها.
  • القدرة الفنية على المزج ما بين الحداثة والقِدم في نظم الشعر.


وفاة محمود سامي البارودي

تفرّغ محمود سامي في نهاية حياته للعمل الأدبي والنقاشات الأدبية القيّمة مع عدد من الأدباء والشعراء من أمثال أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهما، حتى وافته المنية في الثاني عشر من كانون الأول عام 1904م عن عمر يُناهز 65 عامًا.[١١][١٢]


المراجع

  1. سركوت دباغ، العتاب في شعر محمود سامي البارودي، صفحة 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب آسية أغلو، الأغراض الشعرية عند محمود سامي البارودي، صفحة 2. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت نور الدين زين العابدين، الاستشراف والتغريب في شعر محمود سامي البارودي، صفحة 2-6. بتصرّف.
  4. أحمد خالد، محمود سامي البارودي دراسة تاريخية، صفحة 9. بتصرّف.
  5. أحمد خالد، محمود سامي البارودي دراسة تاريخية، صفحة 11. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد خالد، محمود سامي البارودي دراسة تاريخية، صفحة 12-16. بتصرّف.
  7. أحمد خالد، محمود سامي البارودي دراسة تاريخية، صفحة 17. بتصرّف.
  8. عباس سدخان، محمد قاسم، مفهوم الشعر عند البارودي، صفحة 3-9. بتصرّف.
  9. نور الدين زين العابدين، الاستشراف والتغريب في شعر محمود سامي البارودي، صفحة 3. بتصرّف.
  10. محمد شفيق معروف، علي الجارم، ديوان البارودي، صفحة 13. بتصرّف.
  11. نور الدين زين العابدين، الاستشراف والتغريب في شعر محمود سامي البارودي، صفحة 7. بتصرّف.
  12. أحمد خالد، محمود سامي البارودي دراسة تاريخية، صفحة 18. بتصرّف.