الشاعر بشار بن برد

هو أبو معاذ بشار بن برد بن يرجوخ الملقّب بـ "المُرعّث"، وهو واحد من الشعراء المشهورين المخضرمين؛ إذ إنه أدرك العصر الأموي والعصر العباسي، لكن ذاع صيته واشتهر أكثر في العصر العباسي، حتى أصبح واحدًا من كبار الشعراء فيه، وقد نظم بشار بن برد في مختلف الأغراض الشعرية، وتم تصنيفه في أول مرتبة المحدثين من الشعراء المُجيدين.[١][٢]


مولد بشار بن برد ونشأته

وُلد بشار بن برد في مدينة البصرة عام 96 هـ في مدينة البصرة، ونشأ وترعرع فيها، وكان من رواد حلقات العلم التي كانت تُقام في المساجد، فنهل منها من مختلف العلوم، كما التقى بالأعراب في بوادي البصرة لتعلّم اللغة من منبعها الأصلي، فبدأ بقول الشعر منذ سنّ صغيرة؛ أي قبل أن يُتم العاشرة من عمره. وقد تنقّل بشار بين عدد من المدن؛ فقد ذُكر أنه سكن في حران مدة، كما انتقل إلى بغداد وبقي فيها مدة، ثم عاد إلى البصرة، ومن الجدير بالذكر أنّ بشار بن برد وُلد أعمى، لكن ذلك لم يؤثر في جودة شعره وجماله، وبثّ الحركة والصورة فيه، لذا فإنّ القارئ لشعره لا يشعر بأنّ كاتبه شخص أعمى.[٣][٢]


شاعرية بشار بن برد ومكانته

كما ذُكر سابقًا فإنّ بشار بن برد عُدّ من أبرز الشعراء المحدثين، فكان مفضلًا عند النقاد القدامى على الكثير من شعراء عصره، معترفين بشاعريته وقريحته؛ إذ إنه لم يكن متكلفًا لا في ألفاظه ولا في معانيه، وكان إذا قال بشار شعرًا في مدح أو هجاء ترك أثرًا في النفوس، وصار يتردد على الألسنة بين العامة والخاصة، وفي مختلف المجالس والطرقات، وبذلك حظي بشار بن برد بمكانة رفيعة، وأقرّ الكثير من النقاد والدارسين بشاعريته الفذة.[٤]


خصائص شعر بشار بن برد

امتاز شعر بشار بن برد بمجموعة من الخصائص والسمات التي ميزته في عصره، ومنها ما يأتي ذكره:[٥]

  • خلّو شعره من التعقيد والتكلّف، فكان بشار شاعرًا مطبوعًا يقول الشعر ارتجالًا ويُجيد فيه.
  • قوّة الأسلوب والبراعة في الصياغة وجودة بناء القصيدة.
  • جزالة الألفاظ المستخدمة وفصاحتها وبُعدها عن الخطأ وتجنّب غريب الألفاظ، وبساطتها ووضوحها في الوقت ذاته، فقد كان بشار شاعرًا لعامة الناس.
  • التوسّط بين القديم والحديث من الشعر.
  • دقة الوصف والتصوير؛ إذ إنّ حرمانه من نعمة البصر لم يمنعه من الإجادة في هذا الجانب.
  • بثّ روح العاطفة القوية والإحساس المُرهف في شعر بشار بن برد.
  • ظهرت في شعر بشار النظرة العميقة والعقلية الجادة.
  • تنوّع الأغراض والموضوعات الشعرية التي تناولها بشار، فامتاز شعره بكثرته وجودته.
  • التأثر بمجريات العصر والتطور الحضاري.


نموذج من شعر بشار بن برد

من النماذج الشعرية للشاعر بشار بن برد في الغزل القصيدة الآتية:[٦]


وَذاتُ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها باتَت تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سَكرانا إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا يا حَبَّذا جَبلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا قالَت فَهَلّا فَدَتكَ النَفسُ أَحسَنَ مِن هَذا لِمَن كانَ صَبَّ القَلبِ حَيرانا يا قَومُ أُذني لِبعَضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا فَقُلتُ أَحسَنتِ أَنتِ الشَمسُ طالِعَةٌ أَضرَمتِ في القَلبِ وَالأَحشاءِ نيرانا فَأَسمِعينِيَ صَوتاً مُطرِباً هَزَجاً يَزيدُ صَبّاً مُحِبّاً فيكِ أَشجانا يا لَيتَني كُنتُ تُفّاحاً مُفَلَّجَةً أَو كُنتُ مِن قُضَبِ الرَيحانِ رَيحانا حَتّى إِذا وَجَدَت ريحي فَأَعجَبَها وَنَحنُ في خَلوَةٍ مُثِّلتُ إِنسانا فَحَرَّكَت عودَها ثُمَّ اِنثَنَت طَرَباً تَشدو بِهِ ثُمَّ لا تُخفيهِ كِتمانا أَصبحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ لأَكثَرِ الخَلقِ لي في الحُبِّ عِصيانا فَقُلتُ أَطرَبتِنا يا زَينَ مِجلِسِنا فَهاتِ إِنَّكِ بِالإِحسانِ أَولانا لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ يَقتُلُني أَعدَدتُ لي قَبلَ أَن أَلقاكِ أَكفانا فَغَنَّتِ الشَربَ صَوتاً مُؤنِقاً رَمَلاً يُذكي السُرورَ وَيُبكي العَينَ أَلوانا لا يَقتُلُ اللَهُ مَن دامَت مَوَدَّتُهُ وَاللَهُ يَقتُلُ أَهلَ الغَدرِ أَحيانا لا تَعذِلوني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِها نَشوانُ هَل يَعذِلُ الصاحونَ نَشوانا لَم أَدرِ ما وَصفُها يَقظانَ قَد عَلِمَت وَقَد لَهَوتُ بِها في النَومِ أَحيانا باتَتَ تُناوِلُني فاهاً فَأَلثُمُهُ جِنِّيَّةٌ زُوِّجَت في النَومِ إِنسانا



وفاة بشار بن برد

تذكر أغلب المصادر أنّ بشار بن برد توفي سنة 168 هـ في مدينة بغداد، وقيل في سبب وفاته إنه مات مقتولًا من ضربه لاتهامه بالزندقة.[٣]


ولقراءة معلومات عن غيره من شعراء العصر العباسي: عباس بن الأحنف، أبو تمام.

المراجع

  1. محمد الطاهر بن عاشور، ديوان بشار بن برد، ج1، صفحة 10-17. بتصرّف.
  2. ^ أ ب بخيت سلامة، أثر الثقافات الأجنبية في الشعر العباسي، صفحة 5. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد الطاهر بن عاشور، ديوان بشار بن برد، ج1، صفحة 18. بتصرّف.
  4. بختة عزوزي، شعرية الألوان عند بشار بن برد، صفحة 3. بتصرّف.
  5. بخيت سلامة، أثر الثقافات الأجنبية في الشعر العباسي، صفحة 10-12. بتصرّف.
  6. "وذات دل كأن البدر صورتها"، الديوان. بتصرّف.