حافظ إبراهيم

شاعر النيل، وشاعر القومية العربية، وشاعر الشعب، هو محمد حافظ إبراهيم المُكنى بحافظ إبراهيم، ولد على ضفاف نهر النيل، تحديدًا على سفينة ذهبيّة ترسو فوقه، ولولعه وهيامه به، لقب بشاعر النيل، وهو أيضًا ضابط لوزارة الحربيّة، عمل في دار الكتب جُلَ حياته حتى تقاعده عام 1932، اشتهر بذاكرته القوية وذكاءه الحادّ، وسنعرف عنه الكثير من خلال المقال الآتي.[١]


مولد حافظ إبراهيم ونشأته

ولد الشاعر محمد حافظ إبراهيم في يوم لا يعرفه أحد، وذلك على وجه التحديد، ولكنه وعند تعيينه في دار الكتب؛ سجل أن يوم مولده هو 4 فبراير عام 1911م، ولكن التقدير جاء ليحدد أنه عام 1872م، والله أعلم، والده هو إبراهيم أفندي فهمي، مهندس مشرف على قناطر حراقّة محمود سليمان باشا، الذي كان يعمل عنده فيها، ويسكنها مقابل توفير المياه للأراضي الواسعة، أما والدته فهي السيدة كريمة أحمد البورصة لي، ذات أصولٍ تركية، وقد ولد وترعرع حافظ بالقرب من النيل، وربما هذا هو سبب لقبه بشاعر النيل، له من الأخوة أختٌ واحدة، انتقل للعيش هو ووالدته عند خاله محمد أفندي نيازي في القاهرة وذلك بعد وفاة أبيه؛ والذي كان يعمل مهندسًا بالتنظيم، وهنالك التحق حافظ بأولى مراحله التعليمية في مدرسة خيرية.[٢]


تعليم حافظ إبراهيم وثقافته

تنقّل حافظ إبراهيم خلال مراحل دراسته لأكثر من مدرسةٍ، إذ بدأ الأمر وهو طفل بالمدرسة الخيرية، التي تعلم فيها القراءة، والكتابة، وأساسيات علم الحساب، من ثم انتقل إلى مدرسة القربية الابتدائية، التي ما لبث وأن رحل منها إلى مدرسة المبتديان، من ثم الخديوية، وذلك حتى عام 1887؛ حيث انتقل مع خاله إلى طنطا، يذكر أنه خلال سني عمره الأول؛ كان مولعًا بقراءة كتاب الوسيلة الأدبية للشيخ حسين المرصفي، الأمر الذي كان له الأثر في تشكيل حافظ الأديب، علاوةً على قراءة كتاب الأغاني للأصفهاني، والعديد من دواوين الشعراء، كما أنه درس اللغة الفرنسية، فترجم منها إلى العربية كتاب "البؤساء"، للشاعر الفرنسي "فيكتور هوجو"، ومن المطالعة والأدب؛ أصبح حافظ يحسن فن الكلام والبيان، فامتهن المحاماة والقضايا لبعض من الوقت، حتى لم يحالفه الحظ فيه، فاستدار إلى المدرسة الحربية عام 1888. [٢][٣]


أسلوب حافظ إبراهيم في شعره

لم يتسنّ لحافظ إبراهيم إكمال علمه والاستنارة به، فكانت المطالعة، ومجالس العلم والأدب هي مصدر ثقافته ومعرفته، علاوةً على حفظه المشهور عنه، فقد كان من ذوي الذاكرة اللاقطة الواعية، لذلك وجدت الدراسات في شعره، أنّ مخزونه الاصطلاحي، والصور والعبارات، أغلبها مما قرأه من الشعر القديم، إذ كان متأثرًا بشكلٍ كبيرٍ، وواضح بشعر أبي العلاء المعري، وأبو تمام، وغيرهم من الشعراء، ولكن هذا الأمر لا ينفي تفرّده في ثقافته التي صنعها لنفسه؛ سواء من دار الكتب، أو من القرآن الكريم وتأثره به، أو حتى من الفوضى الملمة بحياته مذ كان صغيرًا، والفقر الذي عاناه وخوفه الدائم منه، وهو ما جعل شعره يظهر بصورة الاستدعاء، واستخدام الصور ذاتها فيه، كما أنه اعتمد الأسلوب القصصي في شعره، كعنصرٍ للجذب. [٤]


ويبدو من أشعار حافظ إبراهيم أنه انتهج في معظمها نهج الشكوى؛ فكان ظاهرًا انفعاله ضد الأمور بكافة أشكالها، وقلقه الدائم النابع من اضطرابه الذي ترعرع عليه وفيه، لذلك القلق النفسي، وقلة الصبر كانا ظاهرين في أشعاره، ورغم تأثره بنهج من سبقوه من الشعراء القدامى، كما أنه تأثر بشيخه محمد عبده؛ فأخذ يدافع عن الشعب، ليصور آلام وطنه ومعاناة الناس، إلا أن هذا كله يدور في إطار الشكوى نفسه، ويمكن الجزم أنه النهج الذي اختاره ليكوّن طريقه وأسلوبه، ويكون بذلك شاعر الشكوى بدون منازع في عصره.[٥]


مؤلفات حافظ إبراهيم

رصيد حافظ إبراهيم زاخر بالأعمال الأدبية المتنوعة، من القصائد، إلى المقال، والترجمة، وغيره، أما عن أعماله الكاملة فهي:[٦]

  • الديوان الشعري.
  • ترجمة كتاب البؤساء.
  • ترجمة كتاب الموجز في علم الاقتصاد لأستاذ الاقتصاد الفرنسي بول لروا بوليو، بالتعاون مع الشاعر خليل مطران، بخمسة أجزاءٍ.
  • ترجمة كتاب في التربية والأخلاق.
  • كتاب ليالي سطيح، الذي صدر عام 1906.


كتاب ليالي سطيح

أشهر ما صدر لشاعر النيل كتاب ليالي سطيح؛ الذي كتبه بين العامين 1907 و 1908، اشتمل الكتاب على تجارب حافظ الشخصية في شتى المواضيع السياسية، والاجتماعية، والأدبية، كما كان واضحًا فيه نقده لشعر أمير الشعراء أحمد شوقي؛ محاولًا في ذلك الموضوعية، ولكنه اجتهد في ذكره العيوب، أما عن الأسلوب المتبع في كتابته لليالي سطيح؛ فهو الأسلوب الحواري.[٧][٨]


أشهر أقوال حافظ إبراهيم

ربما من أشهر أبيات الشعر التي لا بد من ذكرها، هي ما جاء في قصيدته التي قالها لمدرسة البنات في بور سعيد عام 1910، وذلك بحفلٍ أقيم لإعانتها:[٩]


الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ



وفاة حافظ إبراهيم

توفي شاعر النيل حافظ إبراهيم عام 1932م، في اليوم الحادي والعشرون من شهر يوليو، يذكر بأنه تزوج لأربعة شهورٍ فقط في عام 1906م، ولم يعاود ذلك قط، وليس له أبناء. [١]

المراجع

  1. ^ أ ب دكتور السعيد محمود عبدالله، حافظ ابراهيم دراسة تحليلية لسيرته وشعره، صفحة 8 6 3 22 9. بتصرّف.
  2. ^ أ ب الدكتور عبدالحميد سند الجندي، حافظ ابراهيم شاعر النيل، صفحة 15-17-20. بتصرّف.
  3. دكتور يوسف نوفل، شاعر الشعب وشاعر النيل، صفحة 36. بتصرّف.
  4. دكتور السعيد محمود عبدالله، حافظ ابراهيم دراسة تحليلية لسيرته وشعره، صفحة 148-160. بتصرّف.
  5. علي بيراني شال وعلي حسين غلامي، الشكوى من الشقاء والفقر والظلم والدهر في شعر خافظ تبراهيم، صفحة 32 48 49. بتصرّف.
  6. رويبي ذهبية، التوجهات الإصلاحية في شعر حافظ إبراهيم، صفحة 30-35. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن صدقي، ليالي سطيح لـ حافظ إبراهيم مع دراسة تاريخية تحليلية للعصر والكاتب والكتاب، صفحة 134. بتصرّف.
  8. دكتور السعيد محمود عبدالله، حافظ ابراهيم دراسة تحليلية لسيرته وشعره، صفحة 36 37.
  9. شاعر النيل محمد حافظ إبراهيم، محمد حافظ إبراهيم المؤلفات الكاملة، صفحة 149 148. بتصرّف.