قصيدة غضب الحبيب

تعود قصيدة "غضب الحبيب" إلى الشاعر العباس بن الأحنف، واحد من شعراء العصر العباسي، واسمه العباس بن الأحنف بن السود بن طلحة، ويُذكر أنه نشأ في بغداد عاصمة الدولة العباسية والتي شهدت التطور الحضاري بمختلف أشكاله الذي تركه أثره في الكثير من الشعراء، إلا أنّ العباس بن الأحنف لم يتأثر بذلك، فلم يكن يتكسّب من شعره، واتجه به إلى العفة والالتزام، خاصة في الغزل، وهو أكثر الأغراض التي نظم فيها.[١]


شرح قصيدة غضب الحبيب

يعبّر الشاعر العباس بن الأحنف في هذه القصيدة عن سوء تفاهم وانقطاع للعلاقة بينه وبين محبوبته، فأفصح عما ثار في نفسه من حزن وألم واصفًا حاله الذي أضحى عليه، وطالبًا أن تعود العلاقة بينهما كما كانت، وقد تم تقسيم القصيدة إلى عدة مقاطع فيما يأتي شرح موجز لاثنين منها:[٢]


شرح المقطع الأول


غَضِبَ الحَبيبُ فَهاجَ لي اِستِعبارُ وَاللَهُ لي مِمّا أُحاذِرُ جارُ كُنّا نُغايِظُ بِالوِصالِ مَعاشِراً لَهُمُ الغَداةَ بِصَرمِنا اِستِبشارُ إِذ لا أَرى شِكلاً يَكونُ كَشِكلِنا حُسناً ويَجمَعُنا هُناكَ جِوارُ وَكَأَنَّنا لَم نَجتَمِع في مَجلِسٍ فيهِ الغِناءُ وَنَرجِسٌ وَبَهارُ مَا كانَ أَشأَمَ مَجلِساً كُنّا بِهِ تِلكَ العَشِيَّةَ وَالعِدا حُضّارُ



استهل الشاعر قصيدته بالتعبير عن شعور بالحزن بسبب غضب محبوبته وابتعادها عنه، مستذكرًا أيام الوصال والوداد بينهما والسهرات الجميلة بكل ما فيها، وكيف أنّ الناس كانوا يغتاظون من شدة المحبة بينهما ويتمنّون أن تُقطع علاقتهما، لكن الآن بعد القطيعة كأنّ شيئًا من ذلك لم يكن، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • استعبار: حزن.
  • معاشر: جماعات.
  • بهار: كلّ شيء حَسَن.
  • صرمنا: انقطاعنا عن بعضنا.
  • أشأم: صفة مشبهة تدل على الثبوت، ومعناها النحس والشر (من الشؤم).
  • حضّار: حاضرين.


شرح المقطع الثاني


مَدَنِيَّةٌ أَمسى العِراقُ مَحَلَّها وَلَها بِزَوراءِ المَدينَةِ دارُ أَدنى قَرابَتِنا إِليها أَنَّنا شَخصانِ يَجمَعُنا إِلَيهِ نِزارُ يا أَيُّها الرَجُلُ المُعَذِّبُ قَلبَهُ أَقصِر فَإِنَّ شِفاءَكَ الإِقصارُ نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ عَينِكَ فَاِستَعِر عَيناً لِغَيرِكَ دَمعُها مِدرارُ مَن ذا يُعيرُكَ عَينَهُ تَبكي بِها أَرَأَيتَ عَيناً لِلبُكاءِ تُعارُ



يتحدث الشاعر عن مكان إقامة محبوبته وأنها مدنيّة وليست من البدو وقد بات لقاؤه بها نادرًا، فأصبح بعد ذلك حزينًا ومعذّب القلب، ويُخبره أحدهم أنّ الشفاء مما هو فيه يكون بالابتعاد عن طريق الحب، وقد أصبح من شدّة حزنه وبكائه ينزف الدموع كالدم حتى انتهت من عينيه، فيطلب منه أن يستعير عينًا أخرى دمعها لا يتوقف، لكن ذلك الشيء غير ممكن ولا سبيل لتحقيقه، لذا فسيبقى على حالته تلك، ومن المفردات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • نزار: القليل النادر.
  • أقصر: ابتعد، والإقصار الابتعاد.
  • مدرار: كثير.


السمات الفنية في قصيدة غضب الحبيب

تتسم قصيدة غضب الحبيب بعدد من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي:

  • سيطرة عاطفة الحزن والعتاب على أبيات القصيدة.
  • توظيف العديد من المحسنات البديعية بطريقة تلائم غرض القصيدة.
  • المزج بين صور المحبوبين في الماضي وفي الحاضر بطريقة فنية إبداعية.
  • تضمين القصيدة العديد من الصور الفنية والتشبيهات التي تتوافق مع عاطفة القصيدة وغرضها الرئيس.
  • استخدام لغة عذبة رقيقة تؤثر في القارئ.



ولقراءة شرح المزيد من القصائد: قصيدة ودّع هريرة، قصيدة عبرات شاعر.

المراجع

  1. محمد عمر أبو ضيف، عاطفة العباس بن الأحنف وأثرها في صور شعره الغزلي، صفحة 6-10. بتصرّف.
  2. عاتكة الخزرجي، ديوان العباس بن الأحنف، صفحة 134. بتصرّف.