قصيدة انتصار تشرين

تعود القصيدة المعنونة بـ "انتصار تشرين" إلى الشاعر السوري سليمان العيسى، والذي وُلِد عام 1921م في إحدى القرى السورية قديمًا يُطلق عليها قرية "النعيرية"، وقد نشأ وترعرع فيها حتى أنهى تعليمه الأوّلي فيها، وتلقّى تعليمه الثانوي في حماة ودمشق، ثم انتقل إلى بغداد وتخرج من دار المعلمين العليا فيها، ثم عاد إلى سوريا مدينة حلب بالتحديد وعمل مدرسًا وموجهًا في وزراة التربية والتعليم، وقد نظم سليمان العيسى الكثير من الأشعار التي كانت في معظمها أشعارًا وطنية وقومية وأشعارًا موجّهة للأطفال لتوجيه بوصلتهم نحو هموم الأمة العربية.[١]


شرح قصيدة انتصار تشرين

نظم الشاعر سليمان قصيدته "انتصار تشرين" مفتخرًا بالانتصار العربي ضد القوات الإسرائيلية في شهر تشرين الأول عام 1973م، وقد تمّ تقسيم القصيدة إلى مقطعين فيما يأتي شرح لهما:


شرح المقطع الأول


أيار عرسك معقود على الجبل دم الشباب كتاب الحب والغزل خرجتُ من كفن التاريخ أغنية أولى القصائد كانت في فم الأزل تعبتُ والسيف لم يركع، ومزّقني ليلي، وأرضي صلاة السيف لم تزل قل للتراب عرفنا كيف نُترعها كأس الشهادة فاسقِ الأرض واغتسل تشرين ما زال في الميدان يا وطني بين المحيطين فاسحق غيمة الشلل



يبدأ الشاعر قصيدته بالعودة إلى مناسبة وطنية سبقت الحدث الكبير في شهر تشرين، ألا وهي عيد الشهداء الذي يُصادف السادس من أيار، فيُخاطب شهداء أيار ويقول لهم إنّ عرسهم ما زال مستمرًا في إشارة منه إلى قوافل شهداء انتصار تشرين الذين انضموا إليهم، مؤكدًا أنّ الشباب والأجيال تكتب بدمها الحب والوفاء للوطن، ثم يُشير الشاعر من خلال صورة فنية جميلة إلى أنّ انتصار تشرين أزال الآثار النفسية التي سببتها نكسة حزيران عام 1967م؛ فقد شبّه الإنسان العربي بالنشيد الحي والجميل الذي يتواصل مع أغنيات الماضي.


بعد ذلك يتحدث الشاعر عن الإصرار على المقاومة بالرغم من المعاناة، فكان الصمود والدفاع عن الأرض رمزًا للمقاومة، وقد شبه السيف بالإنسان الصامد الذي لم يركع خضوعًا وذلة بالرغم مما تعرض له من مصاعب ومتاعب، كما شبّه الليل بالشيء الحاد الذي يمزّق الجسد ويسبب الألم، لذا فإنّ الأبطال الشجعان صانوا الأرض وسقوها بدمائهم الذكية والطاهرة، وهو أبطال تشرين الذين سطروا انتصارًا سيظلّ حاضرًا لحماية الوطن وتحطيم قيود الذل والهوان، ومن المفردات والعبارات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • أيار: إشارة إلى عيد الشهداء في أيار.
  • معقود: قائم.
  • كفن التاريخ: إشارة إلى نكسة حزيران.
  • نترعها: نسقيها.
  • غيمة الشلل: كناية عن الهزائم.


شرح المقطع الثاني


وانزل هنا مرة أخرى على بردى وبالشهيد بعطر الوحدة اكتحل انزل هنا مرة أخرى أتسمعني؟ ما زال عرسك معقودًا على الجبل أطفال تشرين ما ماتوا ولا انطفؤوا ولا ارتضوا عن ظلال السيف بالبدل أطفال تشرين يا صحراء أعرفهم لا يخلط الموت بين الجدّ والهزل أطفال تشرين يا وعدًا أخبئه للمعجزات لعرس العرس للقُبَل



في هذا المقطع يُخاطب الشاعر النصر ويقول له اهبط هنا في أرض دمشق حتى تعانق نهر البردى وتتزين بدم الشهداء وتتعطر بعطرهم وهم الذين سطّروا معاني الوحدة العربية، ليعود ويخاطبه مرة أخرى طالبًا منه الإنصات إليه والاطمئنان بأنّ أعراس المقاومة والتضحية ما زالت مستمرة وقائمة.


ثم يتحدث الشاعر عن جيل المقاومة مؤكدًا أنهم صامدون على طريقهم ولا يقبلون بشيء غير التضحية في سبيل النصر، ولا يضعفون أمام المخاطر، وهم يُدركون قيمة الأرض العربية وقيمة تضحيات الأجداد، لذلك لن يتفاوضوا عليها ولن يقبلوا إلا بالنصر والتحرير، فهم أمل الأمة القادم وهم من سيحققون المعجزات ويحرّرون كل أرض محتلّة، ومن المفردات والعبارات التي تحتاج إلى توضيح ما يأتي:

  • البدل: التفاوض.
  • الهزل: المُزاح.


السمات الفنية في قصيدة انتصار تشرين

تمتاز قصيدة "انتصار تشرين" بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، يُذكر منها الآتي:

  • بروز عاطفة الفخر والاعتزاز بالقومية العربية بوضوح في القصيدة.
  • تكرار بعض العبارات والمفردات بهدف تأكيد المعنى الذي أراد الشاعر التعبير عنه وخدمته.
  • استخدام العديد من الصور الفنّية المعبّرة والتي تتلاءم مع فكرة القصيدة.
  • توظيف العديد من المحسنات البديعية في القصيدة، والتي تساهم في زيادة التأثير في المتلقي.


ولقراءة شرح المزيد من القصائد المدرسية: قصيدة تحية إلى جيشنا العربي، قصيدة نكبة الأندلس.

المراجع

  1. "سليمان العيسى"، ديوان العرب. بتصرّف.