قصيدة ابتسم

تعدّ قصيدة ابتسم إحدى القصائد التي نظمها الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي، الذي وُلد ونشأ في إحدى القرى اللبنانية، وعندما اشتدّ عوده هاجر إلى الإسكندرية في مصر كونها كانت مركز نشاط اجتماعي، وهناك بدأ يُشارك في بعض الصحف والمجلات المصرية، فبدأت تتكون شخصيته الأدبية والشعرية، وبعد ذلك هاجر إيليا أبو ماضي إلى أمريكا وعمل محررًا، ويُذكر أنه كان أحد أعضاء الرابطة القلمية التي أُسّست في نيويورك.[١]


مناسبة قصيدة ابتسم

يدعو الشاعر إيليا أبو ماضي من خلال قصيدته "ابتسم" إلى التفاؤل وطرد الحزن والتشاؤم، محاولًا بعث الأمل في نفس الإنسان وتحفيزه لاستغلال الحياة وجمالها، مستمدًا في ذلك مادّته من الطبيعة.[٢]


تحليل قصيدة ابتسم

طرح الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته هذه فلسفته ونظرته التفاؤلية من خلال الاعتماد على أسلوب الحوار، وفيما يأتي تحليل وشرح لها:[٢]


شرح المقطع الأول

افتتح الشاعر قصيدته بحوار بين شخصين؛ الأول ينظر للحياة بنظرة قاسية سلبية، والثاني يحاول أن يغيّر هذه النظرة ويحولها إلى أمل ورغبة في الحياة بالرغم مما فيها من ظروف، وقد استعان الشاعر على ذلك بالصور الفنية، إذ صور السماء بشخص كئيب يشعر بالحزن وعابس الوجه، إذ يحاول الشخص المتشائم أن يُفرّغ ما في نفسه مع الشاعر ويستدعي أسباب تشاؤمه وحزنه وكآبته، التي تتمثل بانقضاء مرحلة الصبا، وفراق الحبيبة، والتجارة التي تحتمل الخسارة، فيُجيبه الشاعر دائمًا إجابة تفاؤلية؛ فمرحلة الصبا لا تعود والحزن عليها لن يُفيد شيئًا، والحزن الدائم على الشيء سيؤلم في الحياة كلّها، والحزن على التجارة والخوف من خسارتها سيجعله كأنه آثم ومجرم، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣][٢]


قالَ السَماءُ كَئيبَةٌ وَتَجَهَّما قُلتُ اِبتَسِم يَكفي التَجَهّمُ في السَما قالَ الصِبا وَلّى فَقُلتُ لَهُ اِبتَسِم لَن يُرجِعَ الأَسَفُ الصِبا المُتَصَرِّما قالَ الَّتي كانَت سَمائِيَ في الهَوى صارَت لِنَفسِيَ في الغَرامِ جَهَنَّما خانَت عُهودي بَعدَما مَلَّكتُها قَلبي فَكَيفَ أُطيقُ أَن أَتَبَسَّما قُلتُ اِبتَسِم وَاِطرَب فَلَو قارَنتَها قَضَّيتَ عُمرَكَ كُلَّهُ مُتَأَلِّما قالَ التِجارَةُ في صِراعٍ هائِلٍ مِثلُ المُسافِرِ كادَ يَقتُلَهُ الظَما أَو غادَةٍ مَسلولَةٍ مُحتاجَةٍ لِدَمٍ وَتَنفُثُ كُلَما لَهَثَت دَما قُلتُ اِبتَسِم ما أَنتَ جالِبَ دائِها وَشِفائِها فَإِذا اِبتَسَمتَ فَرُبَّما



أَيَكونُ غَيرُكَ مُجرِماً وَتَبيتُ في وَجَلٍ كَأَنَّكَ أَنتَ صِرتَ المُجرِما



شرح المقطع الثاني

يُخبر الشخص المتشائم الشاعر أنّه حزين ومهموم لأن الأعداء والأشرار يُحيطون به من كلّ مكان؛ فيُجيبه الشاعر أنّ عليه الابتسام والشعور بالسعادة لأنه لم يكن منهم ولم يكن مثلهم، بعد ذلك يستدعي المتشائم سببًا آخر من أسباب حزنه، وهو أنّه في أوقات المناسبات والأفراح يريد أن يكون جوادًا وكريمًا مع أهله وأصدقائه لكنّ الأوضاع الاقتصادية تمنعه، فيُجيبه الشاعر أنه بدلًا من البكاء والحزن على ذلك فليرجو أن تتغير أحواله إلى الأفضل، ويكفيه نعمة وجود الأحبة من حوله، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣][٢]


قالَ العِدى حَولي عَلَت صَيحاتُهُم أَأُسَرُّ وَالأَعداءُ حَولِيَ الحِمى قُلتُ اِبتَسِم لَم يَطلُبوكَ بِذَمِّهِم لَو لَم تَكُن مِنهُم أَجَلَّ وَأَعظَما قالَ المَواسِمُ قَد بَدَت أَعلامُها وَتَعَرَّضَت لي في المَلابِسِ وَالدُمى وَعَلَيَّ لِلأَحبابِ فَرضٌ لازِمٌ لَكِنَّ كَفّي لَيسَ تَملُكُ دِرهَما قُلتُ اِبتَسِم يَكفيكَ أَنَّكَ لَم تَزَل حَيّاً وَلَستَ مِنَ الأَحِبَّةِ مُعدَما



شرح المقطع الثالث

يُشير المتشائم إلى أنّ حزنه يكون في وقت الليل، وقد شبّه الليل بإنسان يُجرّعه المرّ والعلقم كما يُجرعه الماء، فيُخبره الشاعر أنّ الحزن لن يُفيده شيئًا وأنّ شعوره بالسعادة لا خسارة فيه، فليبتسم وليعش بأمل وتفاؤل، فالسعادة كالعدوى يمكنها أن تنتقل من شخص إلى آخر وتنتشر بين الناس، ويؤكد في النهاية على أنّ الإنسان ليس في الدنيا سوى عابر سبيل، ومهما عاش فسيأتي اليوم الذي يرحل فيه، فليعش ما كُتِب له بسعادة وتفاؤل وأمل، ومن أبيات القصيدة التي تمثل ذلك ما يأتي:[٣][٢]


قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَماً قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّماً طَرَحَ الكَآبَةَ جانِباً وَتَرَنَّما أَتُراكَ تَغنَمُ بِالتَبَرُّمِ دِرهَماً أَم أَنتَ تَخسَرُ بِالبَشاشَةِ مَغنَما يا صاحِ لا خَطَرٌ عَلى شَفَتَيكَ أَن تَتَلَثَّما وَالوَجهِ أَن يَتَحَطَّما فَاِضحَك فَإِنَّ الشُهبَ تَضحَكُ وَالدُجى مُتَلاطِمٌ وَلِذا نُحِبُّ الأَنجُما قالَ البَشاشَةُ لَيسَ تُسعِدُ كائِناً يَأتي إِلى الدُنيا وَيَذهَبُ مُرغَما قُلتُ اِبتَسِم ما دامَ بَينَكَ وَالرَدى شِبرٌ فَإِنَّكَ بَعدُ لَن تَتَبَسَّما



السمات الفنية في قصيدة ابتسم

تتسم قصيدة ابتسم لإيليا أبو ماضي بمجموعة من الخصائص والسمات الفنية، منها ما يأتي:[٢]

  • توظيف الحوار في القصيدة.
  • كثرة الصور الفنية والتشبيهات.
  • الوحدة الموضوعية والترابط بين أجزاء القصيدة.
  • تكرار بعض الألفاظ لتأكيد الفكرة التي أراد الكاتب طرحها في القصيدة.


ولقراءة تحليل المزيد من قصائد إيليا أبو ماضي: تحليل قصيدة المساء، تحليل قصيدة كن بلسمًا.

المراجع

  1. سعاد بن جراد، نادية بوعكة، مظاهر التجديد عند أدباء المهجر، صفحة 49. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح سعاد بن جراد، نادية بوعكة، مظاهر التجديد عند أدباء المهجر، صفحة 52-56. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت ميرا محيي الدين، التصورات التفاؤلية في الأدب المهجري العربي، صفحة 8. بتصرّف.