مؤلف كتاب فحولة الشعراء
يعود كتاب فحولة الشعراء للشاعر الأصمعي، وهو العالم، الناقد اللغوي، والراوية، عبد الله بن قريب بن عبد الملك بن أصمع، ذو المكانة التاريخية الكبيرة في علوم اللغة والأدب[١]، إذ يعد العمود الثالث في اللغة من بعد أبي عبيدة، وأبي زيد الأنصاري، وذلك في القرن الثاني الهجري، وحتى نهاية العقد الأول من القرن الثالث للهجرة، للأصمعي كتاب فحولة الشعراء الذي ضم أشهر شعراء الجاهلية والإسلام، كما له العديد من المصنفات التي اعتمد عليها أصحاب المعاجم من مثل معجم البارع الذي اعتمد على كتاب الخيل للأصمعي، وكتاب الإبل أيضًا، وغيره.[٢]
مولد الأصمعي ونشأته
ولد الأصمعي في البصرة عام 1863م[١]، يكنى أبي سعيد، وقد نُسِب إلى جده أصمع، فلقب بالأصمعي، وذلك يعني صغير الأذن والأنثى منه صمعاء، ويقال عن الرجل أصمع؛ أي ذكيًّا حديد الفؤاد، أما الأصمعان فالرأي الحازم، وقد نشأ الأصمعي في بيت متواضع، وتعلم القراءة والكتابة في الكتاتيب، إلى أن اشتهر في حي بني أصمع في البصرة، إذ كانت أمه تستمع إليه لتمتحن ذكاءه، أما والده فقد أخذ عنه حبه للرواية والقصة، وهو من قدمه لأبي عمرو بن العلاء.[٣][٤]
تعليم الأصمعي
كانت البصرة في عهد الأصمعي مجمعًا للعلماء، والشعراء، والأدباء، فنشأ بينهم، وأخذ القراءات، واللغة، والأدب عن أبي عمرو بن العلاء، وهو أحد القرّاء السبعة، علاوةً على الخليل بن أحمد الفراهيدي، والإمام جعفر الصادق، وحماد عجرد، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وخلف الأحمر، وسفيان بن عينية، فراقه الإعراب من ما سمع، فاهتم به، وحفظ ما سمعه عنه من أهل البادية، فروى عنهم الشعر، هذا إلى جانب مطالعته الكتب الكثيرة، فاشتهر الأصمعي بروايته الشعر، وبراعته في النقد، والتفسير، والحديث، والنحو، كما يذكر بأنه كان صاحب ذاكرة قوية، فاشتهر بحفظه، وذكاءه، وقوة حجته[١]، وقد قال فيه سفيان الثوري بأنه أحفظ الناس، ولكن الأصمعي علل شهرته بقوله: "وصلت بالعلم وكسبت بالملح"[٥].
تلاميذ الأصمعي
للأصمعي تلاميذ معروفون ومشهورون من مثل: أبو حاتم السجستاني، وأبو عبيد القاسم بن سلام، المازني، عبد الرحمن بن عبد الله، وهو ابن أخ الأصمعي، أبو الفضل العباسي الرياشي، مالك بن أنس، محمد بن إسحاق بن جعفر، وغيرهم الكثير ممن تتلمذوا على يده، وكانوا فيما بعد من المحدثين، والقرّاء، وما إلى ذلك[٦].
كتاب فحولة الشعراء للأصمعي
فحولة الشعراء، هم من غلبوا بالهجاء من هاجاهم، وكل من عارض شاعرًا فغلب عليه، وذلك ما جاء في تعريف فحولة الشعراء في معجم اللسان، ولكن الأصمعي يطبق صفة الفحل على من كان عنده جودة السبك من الشعراء، وبراعة المعنى، ووفرة في الشعر أيضًا، وقد ذكر في كتابه مجموعة من الشعراء الجاهليين والإسلاميين، ولدى سؤال أبو حاتم أستاذه، وهو تلميذ الأصمعي عن معنى الفحل، قال: "من كان له مزية على غيره، كمزية الفحل على الحقاق"، ومن الشعراء الذي تحدث عنهم الأصمعي في كتابه[١]:
امرؤ القيس، الأخطل، جرير، حسان بن ثابت، حاتم الطائي، الخنساء، عمر بن أبي ربيعة، لبيد بن ربيعة، النابغة الذيباني، ومعاوية بن أبي سفيان، وكعب بن زهير، والفرزدق، والمهلهل، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وغيرهم الكثير[٧].
أسلوب الأصمعي في كتاب فحولة الشعراء
اختيار القصائد، وتصنيف شعرائها كان بحسب الغرض الشعري، ولكن الأصمعي نفسه عمل على شرح ما تحتاج الألفاظ من شرح، فيشرحها شرحًا وافيًا، مع ذكر وجوه استخدام اللفظ، وسنده في اللغة، ويستعين بشواهد من الشعر عند الحاجة لذلك[٨]، وذلك لما لديه من حصيلة لغوية تؤهله ليكون ناقدًا لغويًا بارعًا.[٩]
منهج الأصمعي في كتاب فحولة الشعراء
انتهج الأصمعي في انتقائه لشعراء، وتصنيف فحولتهم أغراض شعرهم وتفوقهم فيها؛ أي أنه جعل الفحولة مرتبطة بقوة شاعرية الشاعر؛ وذلك لأنّ الفحل عنده يعني الشاعر الناضج المكتمل، وبذلك فإن ذلك يرتبط بأغراضه الشعرية أيضًا، فيقول في ذلك: "طريق الشعر هو طريق شعر الفحول مثل: امرئ القيس، وزهير والنابغة، من صفات الديار، والرحل، والهجاء، والمديح، والتشبيب بالنساء، وصفة الخمر، والخيل، والحروب، والافتخار، فإذا أدخلته في باب الخير لان"، وبذلك فإنّ اختياره، وتصنيفه قائم على الغرض الشعري.[١٠]
مؤلفات الأصمعي
للأصمعي كتب كثيرة من تأليفه، نذكر منها[١١]:
- خلق الإنسان
- الفرق.
- الأصمعيات.
- النخل والكرم.
- النبات والشجر.
- فحولة الشعراء.
- الوحوش وصفاتها.
- الاشتقاق.
- الأجناس.
- الميسر والقداح.. مصادر.
- النخلة.
- النسب.
- الأصوات.
- المذكر والمؤنث.
- الأراجيز.
- خلق الفرس.
- اللغات.
- الأضداد.
- الألفاظ.
- فعل وأفعل.
- مياه العرب.
- الأثواب.
- المقصود والممدود.
- الهمز.
- الأنواء.
- الدارات.
- ما تكلم به العرب فكثر في أفواه الناس.
أشهر مؤلّف للأصمعي
- من أشهر مؤلفات الأصمعي؛ الأصمعيات، وهي قصائد مختارة لهارون الرشيد من الأصمعي، يضم فيها قصائد مرتبة حسب القوافي، والألف باء، لشعراء جاهليين، وإسلاميين، ومخضرمين، ومجهولين أيضًا، وقد بلغت هذه القصائد والمقطوعات 92 نصًا شعريًا.[١٢]
- كتاب فحولة الشعراء، رواه أبو حاتم السجستاني، وترجمه إلى الإنجليزية المستشرق تشارلس توري.[١٣]
أشهر أقوال وأشعار الأصمعي
اشتهر الأصمعي بقصيدته التي قالها في حضرة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، بعدما سمع بأنه ضّيََق على الشعراء بحفظ كل قصيدة يقولونها أمامه، فأعد له الأصمعي قصيدة أسماها "صوت صفير البلبل"، ويقول في مطلعها[١٤]:
وفاة الأصمعي
بحسب رواية أبو العيناء فإن الأصمعي توفي في البصرة عام 213 هجري، ولكن الرواية الأدق هي رواية عبد الرحمن بن عبد الله، ابن أخ الأصمعي؛ إذ يقول بأن الأصمعي توفي عام 216 هجري، وقد عمر نيفًا وتسعين عامًا، وله عقب كما قال المؤرخون في كتاب المعارف لابن قتيبة.[١٥][١٦]
المراجع
- ^ أ ب ت ث عبد الملك بن قريب الأصمعي، فحولة الشعراء، صفحة 5-6. بتصرّف.
- ↑ مصطفى فؤاد حسن أبو عواد، الأصمعي والمعجمية العربية لسان العرب أنموذجًل، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ مصطفى فؤاد حسن أبو عواد، الأصمعي والمعجمية العربية لسان العرب أنموذجًل، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 14.
- ↑ مصطفى فؤاد حسن أبو عواد، الأصمعي والمعجمية العربية لسان العرب أنموذجًل، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ مصطفى فؤاد حسن أبو عواد، الأصمعي والمعجمية العربية لسان العرب أنموذجًا، صفحة 8-9. بتصرّف.
- ↑ عبد الملك بن قريب الأصمعي، فحولة الشعراء، صفحة 21-23. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 88. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 369. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 263. بتصرّف.
- ↑ عبد الملك بن قريب الأصمعي، فحولة الشعراء، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 101 105. بتصرّف.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 259. بتصرّف.
- ↑ عظمى فريح، دراسة بنيوية عن شعر صوت صفير البلبل للأصمعي، صفحة 26-27. بتصرّف.
- ↑ مصطفى فؤاد حسن أبو عواد، الأصمعي والمعجمية العربية لسان العرب أنموذجًا، صفحة 15.
- ↑ ناصر توفيق الجباعي، الأصمعي ناقد الشعر، صفحة 15. بتصرّف.