امرؤ القيس

الملك الضليل، ذو القروح، أمير الشعراء العرب وشيخهم، حامل لواء الشعراء، هو شاعر من العصر الجاهلي، الملقب بكندة، جندج، عدي، ومليكة، وهو من أهم شعراء العرب، وأكثرهم شعرًا، فكان ذلك سببًا في تميزه وتفرده فيهم، ما دفع النقاد للعناية به وبشعره، وقد قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "أمرؤ القيس أول الشعراء، وذو الرمة آخرهم"، أما عن الفرزدق فلدى سؤاله عن أشعر الناس، أجاب بأنه ذو القروح أي امرؤ القيس، وهذا ما أجاب به ابن سلام الجمحي، فقال عن أشعر الناس أنه الملك الضليل.[١]


مولد امرئ القيس ونشأته

هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمرو بن حجر بن معاوية بن ثور، ولد عام 497م، ويقال 500 أو 520م، يكنى بأبي وهب، وأبي زيد، وأبي الحارث، علاوةً على الملك الضليل وذي للقروح، أما عن معنى أمرئ القيس؛ فتعني رجل الشدة، والقيس تعني صنم من أصنام الجاهلية، وقد جاء بمثل اسمه ستة عشر شاعر من العرب فقط، والده حجر المقصور، ومقصور بأنه أقتصر على مُلك أبيه بغير رغبة منه، فجد أمرؤ القيس لوالده من ملوك قبائل نجد، ولما حصل من تفاسد في قبائل نزار فرّق أولاده في قبائل فكان حجر والده لامرئ القيس ملكًا على أسد وغطفان، ومن بعد وفاته من بعد تمليك أبناءه الفروع من القبائل تداعوا فيما بينهم، فوقعت الحرب بينهم، ويذكر ذلك امرؤ القيس في شعره فيقول[٢]:


كَما لاقى أَبي حُجرٌ وَجَدّي وَلا أَنسى قَتيلاً بِالكِلابِ.


أما والدته فهي فاطمة بنت ربيعة بن الحارث، ويقال أن اسمها تملك، وهي من بني تغلب، أخواها كليب البطل المشهور، والمهلهل الشاعر المعروف، وبذلك والده من أشراف كندة من اليمن، وأمه من أشراف تغلب.[٣]


ثقافة امرئ القيس

نشأ أمرؤ القيس لوالده ذو الملك، فتعلم الفروسية، ووسائل النجدة والشجاعة، وقد كان أخواله من بني أغلب، فتردد عليهم، وتعلم الشعر من خاله امرئ القيس ابن ربيعة المعروف بالمهلهل، ومما دعم ذلك ذكاءه، وقوة فهمه، وفطنته، وتوقد ذهنه، فأجاد قول الشعر، وانطلق لسانه فيه، وقد كان يعترض الفتيات، ويتغزل بهنّ من بني أسد، فنهاه والده الملك عن ذلك فلم ينتهي، فأمر مولى له بذبحه، فجاء له بعينه فندم والده على ذلك، ليخبره المولى بأنه لم يذبحه، وأن العين عين جؤذر، ورغم ذلك فقد كان امرؤ القيس مولعَا بمغازلة النساء، وهو ما جعل ملكة الشعر تنطلق لديه[٤].


أسلوب امرئ القيس الشعري

امرؤ القيس يمني الأصل ولكنه نزاري النشأة، أي أنه نشأ في نجدٍ، وأخذ لغتها ولحنها، وذلك لما ترعرع فيه في ديار بني أسد، فكان شعره يجمع ما سمعه منهم، وما أراد به مساجلتهم، فوجد سبيله في الشعر، فكان له أسلوبه في اختراع الألفاظ والتراكيب، فيقال بأنه أول من وقف على الأطلال، وبكى، واستبكى، وكان أول من جوّد التقسيم أيضًا، علاوةً على الترديد الذي عرف شعره به، فيقول الكلمة بأكثر من معنى، كما جمع شعره الجناس، والطباق، والمبالغة، والتصدير، بالإضافة إلى الاستعارة، والتمثيل، وغيره من الأساليب، وقد اخترع في الشعر، وابتكر المعاني، فلم يكن هناك من ينازعه في ذلك، وبذلك يمكن القول بأن أسلوبه كان جزل الألفاظ، ومتين التأليف، جيد السبك.[٥]


منهج امرئ القيس الشعري

قامت قصائد امرئ القيس بصورةٍ حصرية على عفويته بلا تكلفٍ أو تهذيب، فهو يلقيها بلا عملٍ، أو كد قريحةٍ، فلم ينتهج سننًا مطردًا بها، بل كان مضطربًا في أشعاره بحسب ما تكون حاله به[٦].


مؤلفات امرئ القيس

لامرئ القيس ديوان شعري، جمعت فيه سائر أشعاره، والذي نشر بأكثر من شرحٍ، إضافةً إلى كونه من أصحاب المعلقات العشر في معلقته قفا نبك، والتي اهتم بها الأقدمون والدارسون والمحدثون من العرب، والمستشرقين، الذي عمدوا إلى ترجمتها أيضًا، وقد ألقى أمرؤ القيس معلقته يوم دارة جلجل، وهو اسم غدير، فكانت معلقته في الغزل، والأطلاء، والبكاء عليها.[٧]


أشهر أقوال امرئ القيس

من أشهر ما ذاع صيته للشاعر امرؤ القيس هو معلقته الشعيرة قفا نبك، والتي يقول في مطلعها[٨]:


قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ


وفاة امرئ القيس

يرجح بأن امرؤ القيس توفي في أنقرة، ودفن في سفح جبل فيها اسمه عسيب، وذلك عام 538م، ويقال إنه مات سنة 565م، أما شوقي ضيف الله فيرجح وفاته بين عامي 530-540م، ويقول البحتري في ذلك[٩]:


وَأَزَرتَ الخُيولَ قَبرَ امرِئِ القَيـ ـسِ سِراعاً فَعُدنَ مِنهُ بِطاءَ


المراجع

  1. أبي سعيد السكري، ديوان أنرئ القيس وملحقاته، صفحة 13-10. بتصرّف.
  2. أبي سعيد السكري، ديوان أمرئ القيس وملحقاته، صفحة 6-4. بتصرّف.
  3. محمد سليم الجندي، امرؤ القيس، صفحة 10-11. بتصرّف.
  4. مصطفى عبد الشافي، ديوان امرئ القيس، صفحة 4-5. بتصرّف.
  5. محمد سليم الجندي، امرؤ القيس، صفحة 47-53 64. بتصرّف.
  6. محمد سليم الجندي، امرؤ القيس، صفحة 73 65. بتصرّف.
  7. ربعي مونية، الخطاب الوصفي في شعر إمرئ القيس.pdf&ved=2ahUKEwjZhpjy4uPxAhXa8OAKHUa-Af8QFnoECAMQAQ&usg=AOvVaw3QA7VUe2i54HQsGLKhruLh تشكيل الوصف في شعر امرئ القيس المعلقة أنموذجا، صفحة 23-20. بتصرّف.
  8. مصطفى عبد الشافي، ديوان امرئ القيس، صفحة 110-111. بتصرّف.
  9. أبي سعيد السكري، ديوان أمرئ القيس وملحقاته، صفحة 9-10. بتصرّف.