ما هي المعلقات؟

المعلقات هي قصائد مختارة طويلة من العصر الجاهلي، تعود لأشهر شعراء ذلك العصر، وقد أعجب فيها العرب لدرجة أنهم أطلقوا عليها اسم المشهورات أيضًا، وعملوا على العناية بها، وتناقلوها بينهم، وقد اختُلِفوا على عددها؛ حيث هنالك من قال أنها سبع معلقات، وبعد ذلك استقروا على أنها عشر معلقات، سنوضحها في هذه المقالة. [١]


شعراء المعلقات



امرؤ القيس

هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث بن عمر بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن ثور بن مرتع، كنيته أبو وهب، والملك الضليل، وذو القروح، وهو من فحول الجاهلية في الشعر، جلب للشعر واستقطب ما لم يسبق إليه غيره، من مثل استيقاف صحبه، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وقرب المأخذ، علاوةً على تشبيه النساء بالظباء البيض، والخيل بالعقبان، كما أنه لم يدخل جهدًا في منازع من يدعي الشعر والشعراء، وله في ذاك المثل الكثير، من مثل نزاعه الحارث بن التوأم اليشكري، وعبيد بن الأبرص الأسدي[٢]، ومطلع معلقة أمرؤ القيس هو:[٣]



قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَل فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَل تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُل



طرفة بن العبد

عمرو بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، لقبه طرفة، يأتي بالمرتبة الثانية بعد امرؤ القيس في الشعر، وعدا عن المعلقة له العديد من الشعر الجميل، الذي لا يوجد عند غيره، رغم قتله وهو في سن صغيرة؛ إذ لم يتجاوز 26 سنةً من عمره، ولكنه كان ذو ذكاءٍ حادٍ ومتقد[٤]، ومطلع معلقته هو:[٥]



لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ



زهير بن أبي سلمى

هو زهير بن أبي سلمى بن ربيعة بن رباح من بني مزينة، لقبه الحاجز، شاعر الخير، وداعية السلام، أحاط به الشعر من كل جانب؛ فأبوه وخاله وزوج أمه شعراء، وأختيه سلمى والخنساء أيضًا، علاوةً على أبنائه بجيرٍ وكعب، [٦]، وكان للشعر في نفس زهير المكانة العظمى، حتى أنه يقضي العام وهو يعيد النظر في شعره حتى سمي بالحوليات، وهو ما لم يفعله غيره من شعراء الجاهلية، وله ديوان شعر، ومعلقة، والتي تتألف من ٦٤ بيتًا، تفيض حكمةً وعظةً وعبرةً، فهي تدور حول حرب عبس وذيبان، لهذا لقب بداعية السلام، ويمتاز شعر زهير بوضوع المعنى والبعد عن التعقيد، كما أنه دقيق الوصف، والتصوير، والتحديد[٦]، ومطلع معلقته هو:[٧]



أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ



لبيد بن أبي ربيعة

هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الصحابي رضي الله عنه[٨]، له ديون شعر يضم 61 قصيدة فيه، تشمل أكثر قصائده على الرثاء والحكمة، والفخر، أما عن معلقته؛ فهي 11 بيتًا، منها ما يقف على أطلال الديار، ووصف آثارها[٩]، ومطلع معلقته هو:[٨]



عَفَتِ الدِيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُها فَرِجامُها فَمَدافِعُ الرَيّانِ عُرِّيَ رَسمُها خَلَقاً كَما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهدِ أَنيسِها حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُها وَحَرامُها



عمرو بن كلثوم

هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن حبيب بن عمرو[١٠]، ومطلع المعلقة هو:[١٠]



أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا


عنترة بن شداد

هو عنترة بن شداد، لقبه عنترة الفلحاء؛ بسبب شقٍ في شفته، علاوةً على أنه كان أسودًا كالأحباش، ويلقب أيضًا بأبي المفلس، وأبو الفوارس، وذلك لكونه من أهم فرسان العرب المعروفين في الجاهلية، أما في أشعاره فقد كان طويل الوصف، ومتعدد الغايات لأجله، كوصفه للصحراء، والخيل، كما أنّ الفخر والهجاء نالا جانبًا من أشعاره؛ فكان همه الأهم الحرص على ذكر بطولاته وأمجاده، إلى جانب الغزل الذي كان يرافقه دائما،[١١]، ومطلع المعلقة هو:[١٠]



هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمِ فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّه فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ



الحارث بن حلزة

هو الحارث بن حلزة بن مكروه بن بعيد بن عبد الله بن مالك بن عبد سعد بن جشم بن ذيبان بن كنانة؛ شاعر جاهلي، كنيته أبو عبيدة، وأبي الظليم، وقد كبر وترعرع في عائلةٍ لها تاريخ في الشعر، أما هو فيعد من فحول الجاهلية في شعره وقصائده الطوال، خصوصًا معلقته، التي يتغنى فيها بفروسيته وشجاعته، ويظهر جليًا لدارسين شاعريته الكبيرة في أشعاره، وذلك في معلقته وفي متطوعاته المتفرقة[١٢]، ومطلع المعلقة، هو:[١٣]



آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّا ءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ



النابغة الذبياني

هو زياد بن معاوية، ولقبه النابغة؛ لجودة شعره، ومكانته العالية فيه، ويكنى بأبي أمامة، وأبي ثمامة، وأبي عقرب، وذلك على أسماء بناته، ويعد من أعرق شعراء الجاهلية، وأكثرهم ترفًا ورفاهيةً، وأشعاره تعتمد على تجربته الشخصية؛ أي ما هو مادي ومحسوس، علاوةً على حسن الرواية فيه والوصف، حيث يقول أبو عبد الله بن سلام الجمحي، صاحب طبقات الشعر عن النابغة الذبياني وأشعاره: "أنه أحسن الشعراء ديباج شعر، وأكثرهم رونق كلام، وأن لهم بيتًا، كأن شعره كلام ليس فيه تكلف"[١٤]، ومطلع معلقته هو:[١٥]



يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ



الأعشى الأكبر

هو الأعشى أبي بصير ميمون بن قيس بن جندل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، الملقب بصناجة العرب، لقوة شعره، وجودته، وكأنه عزف على جرس الصنج، كما اقترن ذكره بالخمر، لكثرة شعره فيها[١٦]، مطلع معلقته هو: [١٧]



وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ



عبيد بن الأبرص

هو عبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي، من شعراء الجاهلية، لم يكن له في الشعر من غير حادث أصابه أطلق لسانه فيه، ومن يومها وهو مستمر في شعره[١٨]، ومطلع معلقته هو:[١٨]



أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ



نشأة المعلقات

ربما تعد المعلقات هي الأكثر شهرةً فيما يخص الشعر الجاهلي والعصر الجاهلي ككل وآثاره، ولكن من ما يخطر على الأذهان من أسئلة؛ سؤال عن ماهية تسمية المعلقات، والمعنى الكامن وراءها، وهو ما أثار جدل العلماء من قبل حول حقيقة هذا الاسم وأصله، تقول الرواية أن أول شعر من المعلقات نشر كان لامرئ القيس، إذ تم تعليقه على ركن من أركان الكعبة المشرفة آنذاك تكريمًا للشاعر، وتفاخرًا به، فأصبح هذا الأمر كالنمط، يذهب لمن يستحقه من الشعراء في ذلك الوقت، ومن ما سميت به المعلقات أيضًا؛ المشهورات، المذهبات، والطوال لطولها، ومن المهم الإشارة إلى أنه، ورغم كثرة القصص أو اختلافها حول التسمية؛ فإن ذلك يدل بلا شك على أهميتها لدى العرب، وإعجابهم الشديد بالشعر، أما عن أصحاب المعلقات، فعددهم عشرة.[١٩]

المراجع

  1. الدكتور محمد صبري الأستر، العصر الجاهلي الأدب والنصوص المعلقات، صفحة 3 6 14. بتصرّف.
  2. احمد بن الأمين الشنقيطي، المعلقات العشر وأخبار شعرائها، صفحة 7-8 17-18 . بتصرّف.
  3. محمد محمود ابن التلاميد التركيزي، المعلقات السبع مع ذكر رواياتها وأنساب قائليها، صفحة 3. بتصرّف.
  4. احمد بن الأمين الشنقيطي، المعلقات العشر وأخبار شعرائها، صفحة 21 22. بتصرّف.
  5. محمد محمود ابن التلاميد التركيزي، المعلقات السبع مع ذكر رواياتها وأنساب قائليها، صفحة 9. بتصرّف.
  6. ^ أ ب الزوزني، المعلقات العشر بشروح وتعليقات مختارة، صفحة 127-129 131. بتصرّف.
  7. محمد محمود ابن التلاميد التركيزي، المعلقات السبع مع ذكر رواياتها وأنساب قائليها، صفحة 16. بتصرّف.
  8. ^ أ ب محمد محمود ابن التلاميد التركيزي، المعلقات السبع مع ذكر رواياتها وأنساب قائليها، صفحة 20. بتصرّف.
  9. شعاع، منى، تيسير، هدى، المعلقات العشر‬ .pdf?sequence=2&isAllowed=y&ved=2ahUKEwj8hsX7wojxAhUStRoKHfQkDhkQFjACegQIEhAC&usg=AOvVaw3nCCz0PGmv3lenCFjvWjlW شعراء المعلقات العشر، صفحة 38. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت محمد محمود ابن التلاميد التركيزي، المعلقات السبع مع ذكر رواياتها وأنساب قائليها، صفحة 27-34. بتصرّف.
  11. شعاع، منى، تيسير، هدى، المعلقات العشر‬ .pdf?sequence=2&isAllowed=y&ved=2ahUKEwj8hsX7wojxAhUStRoKHfQkDhkQFjACegQIEhAC&usg=AOvVaw3nCCz0PGmv3lenCFjvWjlW شعراء المعلقات العشر، صفحة 53-55-50. بتصرّف.
  12. مروان العطية، ديوان الحارث بن حلزة اليشكري، صفحة 61 49 40 41. بتصرّف.
  13. مروان العطية، ديوان الحارث بن حلزة اليشكري، صفحة 66. بتصرّف.
  14. جميل سلطان، النابغة الذيباني، صفحة 52 49 9-12. بتصرّف.
  15. جميل سلطان، النابغة الذيباني، صفحة 190 191. بتصرّف.
  16. محمد حسين، ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس، صفحة 2- 3. بتصرّف.
  17. احمد حسن محمد القاضي، المعلقات وشعراء الصعاليك، صفحة 45. بتصرّف.
  18. ^ أ ب احمد حسن محمد القاضي، المعلقات وشعراء الصعاليك، صفحة 49 48.
  19. خليدة سرارية، khalida.pdf&ved=2ahUKEwjsm_WfhInxAhURBhAIHVSRATQQFjADegQIBBAC&usg=AOvVaw3Ohg8srQDd3w3eAylMsnnm اللون وأبعاده في المعلقات، صفحة 5-8. بتصرّف.