الشّعر تعبير عن مكنون النّفوس، يعكس رقة الشّعور ورهافة الإحساس، وهو فنٌ أدبيّ فيّاض، وعالم من العواطف والأخيلة والأفكار ثري غيّاض. ولموسيقى الشّعر أساليب متعددة، متنوعة، أبرزها الوزن والقافية، ولعّل هذا ما جعل لعروض الشّعر الخليلي موقع الصدارة، وأكسب موضوع البحور الشعريّة أهميّته الخاصّة، وبلغ عدد البحور الخليليّة ستة عشر بحرًا، وجعل لكلِّ بحرٍ من هذه البحور تفعيلات، وهذه البحور هي: بحر الطويل، وبحر المتقارب، وبحر الرّمل، وبحر المديد، وبحر الخفيف، وبحر البسيط، وبحر الرّجز، وبحر السّريع، والمنسرح، والمجتث، والوافر، والكامل، والهزج، والمضارع، والمقتضب، والمتدارك.[١]
تعريف الشّعر النّبطي
هو نوعٌ من الفنون الأدبيّة الشّائعة بين أبناء البادية العربيّة، وهو نوع من الشّعر يخاطب به الشّاعر عامّة الناس؛ ذلك لأنّه يستخدم اللغة العاميّة بدلًا من اللّغة العربية الفصيحة، والقصيدة النّبطيّة قصيدةٌ تقليديّة لها خصائص وشكل القصيدة العربيّة القديمة من حيث الوزن الواحد، والقافية الواحدة، والبيت المكوّن من شطرين، ومن حيثُ تقسيمها أيضًّا إلى بداية تمهيدية، وموضوع رئيسي، وخاتمة تقليدية، ويرى النّقاد أن هذا الشعر هو شعر البادية العربية الّذي لم يدوّن، ويكتب كما ينطق، ولا يخضع إلى قواعد اللغة، وهو شائع في أرض شبه الجزيرة العربية وبواديها الّتي تتحدّث بهذه اللهجات، ويعتبر الشعر النّبطي تطورًا للشعر العربي فقد تبيّن أنّ الشعر النبطي يستخدم قواعد وأصول الشّعر العربي الفصيح، ومن صفات الشعر النبطي أنّه عبارة عن شعر عربي ذي لحن مليء بالأصوات، والمفردات العاميّة الاستخدام، ويعد من أشهر أنواع الشعر غير الفصيح عند العرب، ويسمى بأسماءٍ منها: الشّعر الشعبي، والملحون، والحميني، والبدوي، والعامي.[٢]
ويعتبر الشّعر النبطي شعرًا شعبيًّا عاميًا، فهو شعر بدوي عربيّ الأصول والأبنية والتّقاليد، ويقالُ باللّهجة العامّيّة البدويّة، كما أنه منظوم ومرتجل، ووليد للحظةٍ، ومن مميزاته كذلك العفويّة والمباشرة وعدم الاختيار، لذلك نجده بسيط الأسلوب لغويًا وفنيًا، ولغة الشّعر النبطي هي اللّهجة البدويّة عامّة، والنّجدية خاصّة، هذه اللّهجة الّتي لم تبتعد عن أصلها الفصيح بمقدار ابتعاد اللهجات الحضريّة الأخرى.[٣]
ما هي بحور الشّعر النّبطي
يُعرف الشّعر النّبطيّ ببحوره الّتي نظم بها شعراء النبط أشعارهم عليها، فقد تعارف الشّعراء على النّظمِ عليها، وأصبح عرفًا متّبعا تتوارثه الأجيال دون أنْ تُكتب هذه البحور نظرًا لبساطتها العفويّة الّتي عُرف بها الشّعر النبطي، وتنقسم إلى قسمين:[٤]
أولًا: بحور أصليّة، وهي تنقسم لستة أقسامٍ، وهي:[٤]
الهلالي
وهو أقدم البحور، وأول ما نظم عليه الشعر النّبطي. ومنه قول القائل:[٤]
الصّخري
ولادته مع الهلالي تقريبًا، وتفعيلاته هي: (مفاعلتن مفاعلتن فعولن).[٤]
ومنه قول القائل: [٦]
وقول آخر:[٧]
الحداء
من حداء البدوي للإبل، وهو بحر يناسب الشّعر البدوي بخاصّة الحماس.[٤]
ومنه قول القائل:
المروبع
وهو بحر جديد كان للشّاعر الكبير محسن الهزاني دور كبير في ظهوره، ويتألف البيت من أربع شطرات ثلاث منها على قافية، والرابعة منها قافية مشتركة حتى بقيّة القصيدة وله أوزان مختلفة.[٤] ومثاله قول القائل:[٦][٦]
القلطة
وفيه يكون النّظم الارتجالي بحيث يقوم الشاعر بارتجال الشعر ارتجالًا دون تحضيرٍ سابق، وهو المصطلح الرائج للمحاورة في نجد وشمال وشرق الجزيرة العربيّة.[٤]
ومثاله قول القائل:[٦]
الرّجد
وهو بحر نظم عليه أهل شمال جزيرة العرب أشعارهم. ونأخذ مثالًا عليه قول القائل:[٤]
ثانيًا: بحور مشتقة وهي تنقسم إلى قسمين اثنين:[٤]
المسحوب
مشتقٌ من البحر الهلالي وأقصر منه بحرفٍ واحد، وتفعيلاته هي: (مستفعلن مستفعلن فاعلاتن)، ومثاله قول القائل:[٤]
ومنه أيضًا قول القائل:[٧]
الهجيني
وهو من أشهر البحور استخدامًا بعد البحر المسحوب، ولد واشتق من بحر الحداء، حيث أخذ طابع الغناء للإبل، والهيجنة على ظهورها، ومنه اشتق الاسم الهجن. وبقية تسمية الحداء تختص في أهازيج الفرسان وهم راكبين على ظهور خيولهم وللحماسة. ويلتقي هذا البحر مع البحر المتدارك.[٧][٧]
وتفعيلاته هي: (فاعلاتن فعولن فاعلاتن فعولن)، ومثاله قول القائل:[٨]
ثالثًا: بحور مبتكرة
السامري
بحر ولد وابتكر من الهيجني حينما أرادوا أغانٍ يسمرون بها، ويغنّونها وهم جلوس في مجالسهم يسمرون ويتسامرون؛ فلحّنوا لذلك الهجينيات ألحانًا خفيفة تصلح لوضع الجلوس، فكان بحر السّامري على هذا النمط حتّى ظهر له قصائده الخاصّة ودخلت إيقاعات قرع الطبول فيه، ومنه غناء النّساء فيما بينهم وهم جالسات يسمرن، حيث لا يصلح لحنٌ حماسي هنا. ومثال عليه قول الشاعر:[٩][٩]
الفنون
هو بحر مبتكرٌ ومبتدع أسسه الشّاعر النّبطي الشّهير ابن لعبون، وجعله لونًا يتميّز به عن غيره من البحور النّبطيّة، وقد اشتقه من البحر السّامري حيث يُؤدّى بنفس الطريقة.[٤]
العرضة
وهو نوع مبتكر من بحر الحداء، ومشتق من هذا البحر، وتغنّى فيها القصائد الحماسيّة انتصارًا بالحرب والمعارك، وابتهاجًا بالنّصر.[٩][٤]
ومثال على هذا البح:[٩]
الجناس
يعد بأنّه الابن الشّرعي للبحر المروبع، الّذي ابتدعه وابتكره أيضًا الشّاعر النّبطي الكبير وشاعر البادية (محسن الهزاني).[٤]
الزّهيريّ
مبتكرُ من الألفاظ النّبطيّة، فبعد أنْ ظهر شَعَرَ شعراء النّبط بأنّهم بحاجة إلى استعراض قوتهم بشكل أوسع فنظموه وأدخلوا عليه الألفاظ النّبطيّة.[٤]
ومثالنا على هذا البحر قول القائل:[٩]
لأني غريب أو رابي بينكم راحلي
المراجع
- ↑ غازي يموت (1992)، بحور الشعر العربي عروض الخليل (الطبعة 2)، صفحة 7-16-21-22.
- ↑ مخلد زيود وطارق حداد، "جمالية الصورة السينمائية في الشعر النبطي"، المجلة الأردنية للفنون، العدد 2، المجلد 13، صفحة 189-191. بتصرّف.
- ↑ مخلد الزيود وطارق حداد (2020)، "جمالية الصورة السينمائية في الشعر النبطي"، المجلة الأردنية للفنون، العدد 2، المجلد 13، صفحة 191.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص حمزة الجبالي، موسوعة الشعر النبطي الخليجي، صفحة 5-6.
- ↑ عبد الله الضويحي (1996)، الابداع الفني في الشعر النبطي القديم (الطبعة 1)، صفحة 30.
- ^ أ ب ت ث ج عبد الله الضويحي (1996)، الابداع الفني في الشعر النبطي القديم (الطبعة 1)، صفحة 30.
- ^ أ ب ت ث ناصر السلمان (2005)، "بعض أوزان الشعر النبطي"، الجزيرة أول صحيفة سعودية تصدر على شبكة الانترنت، العدد 11995، صفحة 1.
- ↑ عبد الله الضويحي، الابداع الفني في اتلشعر النبطي، صفحة 31.
- ^ أ ب ت ث ج عبد الله الضويحي، الابداع الفني في الشعر النبطي، صفحة 31.