يعرّف المدح بأنه الثناء على الشخص بما فيه من صفات حسنة، والمدح عكس الهجاء أي الذّمّ، وإنّ المدح يمتد ليشمل الصفات المعنوية مثل الكرم والمروءة، إلى جانب الصفات المادية إذا اقترنت بالمعنوية مثل طول القامة وجمال المظهر، وللحديث أكثر عن المدح سنتطرق في هذا المقال إلى ذكر أبرز المعلومات المتعلقة بالمدح في الشعر الجاهلي.[١][٢]


المدح في الشعر الجاهلي

يعد المدح أحد أشهر أغراض الشعر في العصر الجاهلي، فقد أكثر شعراء العصر الجاهلي من الكتابة فيه لتخليد مآثر الأفراد والجماعات وصفاتهم، أما المعاني التي تناولها المدح في الشعر الجاهلي فقد كانت متأثرة ببيئة العرب الصحراوية وما تحتاجه من صفات الفروسية والكرم والشجاعة، ومن الجدير بالذكر هنا أن المدح جاء للحديث عن القيم الإنسانية السامية والنبيلة، وهذا ما يعطي هذا النمط من الشعر طابعًا تربويًّا وأخلاقيًّا، وإن المدح في الشعر ما هو إلا تعبير عن الإعجاب بصفة شخص أو قبيلة ما، وقد كان المدح في الشعر الجاهلي تحديدًا يعنى بتخليد مآثر القبائل والجماعات أكثر من الأفراد، كما كان يتسم بالصدق والعفوية؛ إذ إنه لم يكن تكسبيًّا كما في مدح الأمراء والخلفاء، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن قصيدة المدح الجاهلية لم تقتصر على المدح فقط؛ إذ إن الشاعر غالبًا ما يفتتحها بالوقوف على الأطلال وتذكر ديار المحبوبة، ثم يعرض ما يريده من المدح، وقد يتبعه بالفخر والوصف وغيرها من الأغراض الشعرية التي تناسب سياق القصيدة. [٢]


أشهر ما قيل في المدح في الشعر الجاهلي

كان الشعر في العصر الجاهلي يوازي الإعلام في أهميته في عصرنا هذا، لذلك كانت القبائل تفتخر بوجود شاعر فيها؛ فقد كان يذود عنها بالشعر الذي يخلّد فضائلها ويفصح عن شمائلها ويرفع من شأنها بين القبائل، وسنعرض فيما يأتي أبرز النماذج عن تلك القصائد: [٣]

بَلِ اِذكُرَن خَيرَ قَيسٍ كُلِّها حَسَباً وَخَيرَها نائِلاً وَخَيرَها خُلُقا

القائِدَ الخَيلَ مَنكوباً دَوابِرُها قَد أُحكِمَت حَكَماتِ القِدِّ وَالأَبَقا

غَزَت سِماناً فَآبَت ضُمَّراً خُدُجاً مِن بَعدِ ما جَنَبوها بُدَّناً عُقُقا

حَتّى يَأُوبَ بِها عوجاً مُعَطَّلَةً تَشكو الدَوابِرَ وَالأَنساءَ وَالصُفُقا

يَطلُبُ شَأوَ اِمرِأَينِ قَدَّما حَسَناً نالا المُلوكَ وَبَذّا هَذِهِ السُوَقا.


  • قال طرفة بن العبد في مدح قتادة بن سلمة الحنفي:

أَبلِغ قَتادَةَ غَيرَ سائِلِهِ مِنهُ الثَوابَ وَعاجِلَ الشَكمِ

أَنّي حَمِدتُكَ لِلعَشيرَةِ إِذ جاءَت إِلَيكَ مُرِقَّةَ العَظمِ

أَلقَوا إِلَيكَ بِكُلِّ أَرمَلَةٍ شَعثاءَ تَحمِلُ مَنقَعَ البُرمِ

فَفَتَحتَ بابَكَ لِلمَكارِمِ حي نَ تَواصَتِ الأَبوابُ بِالأَزمِ

وَأَهَنتَ إِذ قَدِموا التَلادَ لَهُم وَكَذاكَ يَفعَلُ مُبتَني النِعمِ.


  • كما قال طرفة بن العبد في مدح سعد بن تميم:

رَأَيتُ سُعوداً مِن شُعوبٍ كَثيرَةٍ فَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سَعدِ بنِ مالِكِ

أَبَرَّ وَأَوفى ذِمَّةً يَعقِدونَها وَخَيراً إِذا ساوى الذُرى بِالحَوارِكِ

وَأَنمى إِلى مَجدٍ تَليدٍ وَسورَةٍ تَكونُ تُراثاً عِندَ حَيٍّ لِهالِكِ

أَبي أَنزَلَ الجَبّارَ عامِلُ رُمحِهِ عَنِ السَرجِ حَتّى خَرَّ بَينَ السَنابِكِ

وَسَيفي حُسامٌ أَختَلي بِذُبابِهِ قَوانِسَ بيضِ الدارِ عينَ الدَوارِكِ.


  • قال الأعشى مادحًا قيس بن معد يكرب:

فَهَذا الثَناءُ وَإِنّي اِمرُؤٌ إِلَيكَ بِعَمدٍ قَطَعتُ القَرَن

وَكُنتُ اِمرَأً زَمَناً بِالعِراقِ عَفيفَ المُناخِ طَويلَ التَغَنّ

وَحَولِيَ بَكرٌ وَأَشياعُها وَلَستُ خَلاةَ لِمَن أَوعَدَن

وَنُبِّئتُ قَيساً وَلَم أَبلُهُ كَما زَعَموا خَيرَ أَهلِ اليَمَن

رَفيعَ الوِسادِ طَويلَ النَجا دِ ضَخمَ الدَسيعَةِ رَحبَ العَطَن.


  • قال عنترة بن شداد في مدح الملك زهير العبسي:

وَاِتِّكالي عَلى الَّذي كُلَّما أَب صَرَ ذُلّي يَزيدُ في تَعظيمي

وَمُعيني عَلى النَوائِبِ لَيثٌ هُوَ ذُخري وَفارِجٌ لِهُمومي

مَلِكٌ تَسجُدُ المُلوكُ لِذِكرا هُ وَتومي إِلَيهِ بِالتَفخيمِ

وَإِذا سارَ سابَقَتهُ المَنايا نَحوَ أَعداهُ قَبلَ يَومِ القُدومِ.

المراجع

  1. العرب "لسان العرب/ مدح"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 23/5/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سراج الدين محمد، المديح في الشعر العربي، صفحة 6. بتصرّف.
  3. سراج الدين محمد، المديح في الشعر العربي، صفحة 7. بتصرّف.