قصيدة "لصّ في منزل شاعر"
تعود قصيدة "لصّ في منزل شاعر" إلى الشّاعراليمنيّ عبدالله البردونيّ، الّذي عاش حياة فكرٍ وأدب، وأضاء بأدبه ظلمات الحياة السّوداويّة في اليمن، فكان رمزًا للأديب المكافح، والشّاعر المناضل، الّذي خدم وطنه، وقدّم نفسه فداءً له. خاض الشّاعر عبدالله البردونيّ غمار التّجربتين النّثريّة والشّعريّة، حيث صدر له اثنا عشر ديوانًا شعريًّا، وقد جمعت هذه الدّواوين في كتابٍ واحد، بعنوان "ديوان عبدالله البردونيّ الأعمال الشّعريّة"، كما تميّز بتنوّع نتاجه النّثريّ، الّذي شمل دراسات شعريّة، وسياسيّة، ودراسات متنوّعة في علومٍ متفرّقة.[١]
مناسبة القصيدة
نظم الشّاعر عبدالله البردونيّ قصيدته "لصّ في منزل شاعر" ليجسّد روح المعاناة، الّتي يعيشها هو وأهل اليمن، من حاجةٍ وفقرٍ شديدٍ وسوداويّة، مستخدمًا أسلوبًا ساخرًا، يصوّر فيه الحال المحزن الّذي يعيشه أهل اليمن، ولكن بأسلوبٍ مضحكٍ وساخرٍ، ملتزمًا بمنهج أهل وطنه، الّذين عرفوا بأنّهم أهل نكتة حاضرة في تعاملهم مع الأحداث، حيث صوّر في هذه القصيدة مشهد اللّصّ الّذي يدخل داره بهدوءٍ ليسرق، فيعود خائبًا لعدم إيجاده أيّ شيءٍ يُسرق، فيعتذر منه الشّاعر.[٢]
عنوان القصيدة "لصّ في منزل شاعر"
يمثّل عنوان القصيدة مدخلًا استكشافيًّا، نتوصّل به إلى غرض الشّاعر من التّهكّم والسّخرية، على ما آلت إليه الأحوال، بسبب الفقر، وقلّة الحيلة، حيث دخل اللّص بيته ليسرق مالًا، بينما لا يوجد الشّاعر غير دمه الّذي يكتب به شعره المرير.[٢]
تحليل وشرح أبيات القصيدة
يقول الشاعر:[٢]
ثم يقول:[٤]
أثار دخول اللّصّ بهدوءٍ إعجاب البردونيّ، ولكن سرعان ما تحوّل موقف الشّاعر إلى الشّعور بالتّحسّر على خيبة اللّصّ الّذي رجع صفر اليدين، دون أن يغنم شيئًا.
وهنا نوّع الشّاعر بين الجمل الخبريّة والإنشائيّة، ووظّف أسلوب الاستفهام، وذلك في قوله: "أرأيت هذا البيت قزمًا؟"، وقوله: "ماذا وجدت سوى الفراغ"، وقوله: "ماذا؟ أتلقى عند صعلوك البيوت غنى الإمارة؟".
ثم يقول:[٤]
راح الشّاعر في هذه الأبيات يشمت باللّص، ويتندّر به، ويعتذر له لخيبة أمله، وعودته صفر اليدين، دون أن يجد ما يسرقه.[٢]
وهنا أيضًا قد أكثر الشّاعر من توظيف الأساليب الإنشائيّة، كالاستفهام: "أتنوي أن تشرّفنا؟"، والشّرط "إن رجعت"، والنّداء "يا لصّ"، واستخدم أسلوب الحصر للتّأكيد على خيبة هذا اللّصّ المسكين، بقوله: "لم تلقَ إلا خيبة"، وقد اعتمد في أسلوبه بشكلٍ كبير على السّخرية والتّهكّم، مثل قوله: "ونسيت صندوق السّجارة"، حيث لم يجد اللّصّ في المنزل شيئًا يستحقّ السّرقة.
بالنهاية فإنّ تصاعد الوصف في القصيدة كان يوحي بما هو أكثر من الشفقة على اللّصّ، فاللّصّ الّذي دخل منزل الشّاعر ليسرقه، لم يجد عنده ما يُسرق، وهذا قد يستوجب شعور اللّصّ بالشّفقة على حال هذا الشّاعر الفقير الأعمى، والأحوج إلى المساعدة.
الصّور الفنّيّة في القصيدة
من الصور الفنية التي تزخر بها القصيدة ما يأتي:
- "لمّا أغرت خنقت في رجليك ضوضاء الإغارة": صوّر الشّاعر الضّوضاء كفتاةٍ تُخنق على يد اللّصّ.
- "ولم ترع نوم الحجارة": صوّر الشّاعر الحجارة كأناسٍ نائمين لم يقلقهم اللّص ويقضّ مضجعهم.
- "كالطّيف جئت بلا خطى وبلا صدى وبلا إشارة": صوّر الشّاعر اللّص وقد دخل بهدوءٍ كالطّيف الّذي يحلّ بلا خطى، ولا صدى، ولا إشارة.
- أرأيت هذا البيت قزما، لا يكلفك المهارة؟: صوّر الشّاعر البيت كقزمٍ.
- ولهاث صعلوك الحروف يصوغ، من دمه العبارة: صوّر الشّاعر دمه كالحبر الّذي يكتب فيه شعره الّذي يصوّر الواقع الحزين.
- لم يبق في كوب الأسى شيئًا حساه إلى القرارة: صوّر الشّاعر الأسى، والحزن بالكوب الّذي لم يبقَ فيه شيء.
التّحليل البلاغيّ للقصيدة
وردت في القصيدة أساليب بلاغية، والهدف منها ما يأتي:
- الغرض البلاغيّ من أسلوب النّداء "يا لصّ": الإشفاق.
- الغرض البلاغيّ من قوله "عفوًا": السّخرية.
ولقراءة تحليل المزيد من القصائد: قصيدة لا شيء يعجبني، قصيدة الشهيد.
المراجع
- ↑ السخرية في شعر عبدالله البردّوني، السخرية في شعر عبدالله البردّوني، صفحة 27-29. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث
- ↑
- ^ أ ب عبدالله البردونيّ، مختارات شعريّة، صفحة 16.