شاعر الرسول

حسان بن ثابت الخزرجي الأنصاري، هو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان ينشد الشعر قبل الإسلام، وبعد إسلامه لقب بذلك، كما كان شاعر الخزرج في المدينة؛ إذ كانت ميدان نزاعٍ بين الأوس والخزرج، فكان لسان قومه في تلك الحروب، ومن ذلك كان له شهرة واسعة في الجزيرة العربية، ولكن وبعدما أصبحت المدينة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم اعتنق أهل الأوس والخزرج الإسلام، ولم يعد هنالك ما يفرق بينهم، فأصبحوا أنصارًا، وبذلك لم يعد الشعراء ينظمون الشعر كما في الجاهلية، فبدأت قريش بهجاء الرسول، مما دفع حسان بن ثابت ليعود إلى عهده في الشعر دفاعًا عن الدين الجديد، ورسوله[١].


مولد شاعر الرسول

هو حسان بن ثابت المنذر بن حرام بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار، كني بأبي الوليد، وأبي عبد الرحمن، وأبي المضرب، وأبي الحسام، إما عن عائلته فقد كان والده ثابت بن المنذر بن حرام الخزرجي من سادة وأشراف قومه الخزرج، أما أمه فهي الفريعة، وهي من الخزرج أيضًا، ولد حسان بن ثابت قبيل الرسول بثمانية أعوام، فعاش ستين عام في الجاهلية، وأخرى مثلها في الإسلام، فكان مخضرمًا على ذلك، وقد قال فيه أبو عبيدة: "شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام".[٢]


علم شاعر الرسول

ترعرع حسان في وسط حربي بين قبيلته الخزرج وقبيلة أوس، وعلى أثر ذلك كان دائم التنقل والترحال، وهو ما ذكره حسان في أشعاره، فقد أدرك ملكته الشعرية المميزة، واستخدمها في توثيق هذه الحروب والتحدث عنها، من مثل يوم بغاث، يوم سحيمه، يوم الربيع، ويوم البقيع، ومن ذلك أيضًا ترحاله، ونزوله عند ملوك الفاسنة، والمناذرة، ومدحهم، فكان لسانه منطلقًا في المديح، والفخر، والاعتزاز نظرًا لكونه شاعر قبيلة، وهو ما زال عليه بعد الإسلام، ولكن للرسول صلى الله عليه وسلم، والدين الحنيف[٣].


أسلوب شاعر الرسول

أهم ما يمكن قوله في أسلوب شاعر اليمن بأنه شاعر مُصَوِر للحقائق، ومؤرخ للأحداث، وهي ما ميزته عن غيره، قبوله في شعره صادق كما هو، وكما تثور عليه نفسه ليقول[٤]، وهو ما تجلى في أسلوبه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم ينافسه في هذا الأسلوب شاعر قط، فمديحه نابع من غاية في نفسه، لا يطلب منه عطاء، ولا ثروة ولا جاه، عكس أسلوب المديح والغرض منه لدى سائر الشعراء بالعطاءات والنِعَم، فهو لا يمدح ليشرّف، أو يرفع من قيمته، وهو غني عن ذلك، بل يمدحه لصفاته وأخلاقه الرفيعة، ورسالته التي جاء بها، فكان شعر حسان بن ثابت في ذلك الأسلوب جديد الألفاظ، والتعابير، والتصوير، وبديع التراكيب، وخير مثال على ذلك قوله[٥]:


شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي يُجِلَّهُ فَذو العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ.



المنهج الشعري لشاعر الرسول

منهج حسان بن ثابت الوحيد هو ما يقيّم عليه شعره بالصدق، مطابقًا للواقع، وهو ما كان يدفعه في المقام الأول لقوله، فهو يقول في ذلك:[٢]


وَإِنَّما الشِعرُ لُبُّ المَرءِ يَعرِضُهُ عَلى المَجالِسِ إِن كَيساً وَإِن حُمُقا وَإِنَّ أَشعَرَ بَيتٍ أَنتَ قائِلُهُ بَيتٌ يُقالَ إِذا أَنشَدتَهُ صَدَقا

وبذلك، فإنه يؤكد على أنه منهجه بملكة الشعر لديه موافق لما هو الواقع، وما يثير فيه لسانه وكلماته.[٦]


مؤلفات شاعر الرسول

من آثار شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ديوان شعري يشتمل على أغراض المدح، والهجاء، والرثاء، والغزل، والفخر، علاوةً على أنه من أصحاب المذهبات، التي يقول في مطلعها[٧]:


لَعَمروُ أَبيكِ الخَيرِ يا شَعثَ ما نَبا عَلَيَّ لِساني في الحُروبِ وَلا يَدي.



أشهر أشعار شاعر الرسول

من قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه المشهورة في المديح والفخر وذلك في الجاهلية، ما قاله[٨]:


فَالمَرجِ مَرجِ الصُفَّرَينِ فَجاسِمٍ فَدِيارِ تبني دُرَّساً لَم تُحلَلِ دَمِنٌ تَعاقَبَها الرِياحُ دَوارِسٌ وَالمُدجِناتُ مِنَ السِماكِ الأَعزَلِ فَالعَينُ عانِيَةٌ تَفيضُ دُموعُها لِمَنازِلٍ دَرَسَت كَأَن لَم تُؤهَلِ لِلَّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمتُهُم يَوماً بِجِلَّقَ في الزَمانِ الأَوَّلِ.



وله أبيات شعر قالها في وصف جمال الخلق والخُلق لدى رسول الله، وذلك لدى مبايعته في يثرب؛ أي للمدينة المنورة، فيقول[٩]:


وَأَحسَنُ مِنكَ لَم تَرَ قَطُّ عَيني وَأَجمَلُ مِنكَ لَم تَلِدِ النِساءُ خُلِقتَ مُبَرَّءً مِن كُلِّ عَيبٍ كَأَنَّكَ قَد خُلِقتَ كَما تَشاءُ



وقوله أيضًا[١٠]:


أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّة ِ خَاتَمٌ مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ



وفاة شاعر الرسول

توفي الشاعر حسان بن ثابت عام 50 هجري، وذلك في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهناك من قال بأنه توفي عام 54 هجري، وقد اجتمع المؤرخون على أنه عاش 120 عامًا، نصفها في الجاهلية، ونصفها في الإسلام، وهو متزوج في الإسلام من سيرين، وله منها ابن اسمه عبد الرحمن، كما أنه كانت له زوجة في الجاهلية من الأوس اسمها عمرة بنت الصامت بن خالد، وأخرى اسمها شعثاء، والتي قيل أنها حبيبته التي كان يتغزل فيها، وله منها ابنة.[١١][١٢]

المراجع

  1. "الإيمان بالله وصفاته في شعر حسان بن ثابت"، مجلة القسم العربي، 2015، العدد 22، صفحة 115-116. بتصرّف.
  2. ^ أ ب غير معروف، حسان بن ثابت، صفحة 1-2. بتصرّف.
  3. محمود عبدالله محمد عطا الله، معالم شاعرية حسان بين الجاهلية والإسلام، صفحة 264. بتصرّف.
  4. عبدالله أنيس الطباع، شاعر للنبي حسان بن ثابت الأنصاري، صفحة 13. بتصرّف.
  5. عبدالله أنيس الطباع، شاعر للنبي حسان بن ثابت الأنصاري، صفحة 32-33. بتصرّف.
  6. غير معروف، حسان بن ثابت، صفحة 1-2. بتصرّف.
  7. عبدالله أنيس الطباع، شاعر للنبي حسان بن ثابت الأنصاري، صفحة 12-13. بتصرّف.
  8. محمود عبدالله محمد عطا، معالم شاعرية حسان بين الجاهلية والإسلام، صفحة 287-288. بتصرّف.
  9. عبدالله أنيس الطباع، شاعر للنبي حسان بن ثابت الأنصاري، صفحة 27-26. بتصرّف.
  10. عبدالله أنيس الطباع، شاعر للنبي حسان بن ثابت الأنصاري، صفحة 29. بتصرّف.
  11. حسان بن ثابت، ديوان حسان بن ثابت، صفحة 8-10. بتصرّف.
  12. خاتمة حسن حمود (1/4/2018)، "القيم الإسلامية التربوية في ديوان حسان بن ثابت"، المجلة العربية للعلوم الاربوية والنفسية، العدد 3، صفحة 290. بتصرّف.