انبرى الشاعر المخضرم حسان بن ثابت بعد إسلامه في الدفاع عن الإسلام ونبيّه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حتى لُقّب بـ "شاعر الرسول"؛ إذ بدا في شعره متأثرًا بالمعاني الإسلامية ومُظهرًا صدق إيمانه وتاركًا أثره الإيجابي في المسلمين، فكان جهاده في سبيل الله بلسانه، وفي هذا المقال عدد من أشعار حسان بن ثابت التي دافع فيها عن الرسول مادحًا إياه بأبهى الصفات وأجمل الكلمات وهاجيًا الخصوم والمنافقين والمشركين.[١]


قصيدة والله ربي لا نفارق ماجدًا

يقول حسان بن ثابت في هذه القصيدة:[٢]


وَاللَهِ رَبّي لا نُفارِقُ ماجِداً عَفَّ الخَليقَةِ ماجِدَ الأَجدادِ مُتَكَرِّماً يَدعو إِلى رَبِّ العُلا بَذلَ النَصيحَةِ رافِعَ الأَعمادِ مِثلَ الهِلالِ مُبارَكاً ذا رَحمَةٍ سَمحَ الخَليقَةِ طَيِّبَ الأَعوادِ إِن تَترُكوهُ فَإِنَّ رَبّي قادِرٌ أَمسى يَعودُ بِفَضلِهِ العَوّادِ وَاللَهِ رَبّي لا نُفارِقُ أَمرَهُ ما كانَ عَيشٌ يُرتَجى لِمَعادِ لا نَبتَغي رَبّاً سِواهُ ناصِراً حَتّى تُوافِيَ ضَحوَةُ الميعادِ



قصيدة هل المجد إلا السؤدد

يقول حسان بن ثابت:[٣]


هَلِ المَجدُ إِلّا السُؤدَدُ العَودُ وَالنَدى وَجاهُ المُلوكِ وَاِحتِمالُ العَظائِمِ نَصَرنا وَآوَينا النَبِيَّ مُحَمَّداً عَلى أَنفِ راضٍ مِن مَعَدٍّ وَراغِمِ بِحَيٍّ حَريدٍ أَصلُهُ وَذِمارُهُ بِجابِيَةِ الجَولانِ وَسطَ الأَعاجِمِ نَصَرناهُ لَمّا حَلَّ وَسطَ رِحالِنا بِأَسيافِنا مِن كُلِّ باغٍ وَظالِمِ جَعَلنا بَنينا دونَهُ وَبَناتِنا وَطِبنا لَهُ نَفساً بِفَيءِ المَغانِمِ وَنَحنُ ضَرَبنا الناسَ حَتّى تَتابَعوا عَلى دينِهِ بِالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ وَنَحنُ وَلَدنا مِن قُرَيشٍ عَظيمَها وَلَدنا نَبِيَّ الخَيرِ مِن آلِ هاشِمِ لَنا المُلكُ في الإِشراكِ وَالسَبقُ في الهُدى وَنَصرُ النَبِيِّ وَاِبتِناءُ المَكارِمِ بَني دارِمٍ لا تَفخَروا إِنَّ فَخرَكُم يَعودُ وَبالاً عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ هَبِلتُم عَلَينا تَفخَرونَ وَأَنتُمُ لَنا خَوَلٌ ما بَينَ ظِئرِ وَخادِمِ فَإِن كُنتُمُ جِئتُم لَحِقنَ دِمائِكُم وَأَموالِكُم أَن تُقسَموا في المَقاسِمِ فَلا تَجعَلوا لِلَّهِ نِدّاً وَأَسلِموا وَلا تَلبَسوا زَيّاً كَزَيِّ الأَعاجِمِ وَإِلّا أَبَحناكُم وَسُقنا نِساءَكُم بِصُمِّ القَنا وَالمُقرَباتِ الصَلادِمِ وَأَفضَلُ ما نِلتُم مِنَ المَجدِ وَالعُلى رِدافَتُنا عِندَ اِحتِضارِ المَواسِمِ



قصيدة مستشعر حلق الماذي

في هذه القصيدة يقول حسان رضي الله عنه:[٤]


مُستَشعِري حِلَقَ الماذِيِّ يَقدُمُهُم جَلدُ النَحيزَةِ ماضٍ غَيرُ رِعديدِ أَعني الرَسولَ فَإِنَّ اللَهَ فَضَّلَهُ عَلى البَرِيَّةِ بِالتَقوى وَبِالجودِ وَقَد زَعَمتُم بِأَن تَحموا ذِمارَكُمُ وَماءُ بَدرٍ زَعَمتُم غَيرُ مَورودِ ثُمَّ وَرَدنا وَلَم نُهدَد لِقَولِكُمُ حَتّى شَرِبنا رِواءً غَيرَ تَصريدِ فينا الرَسولُ وَفينا الحَقُّ نَتبَعُهُ حَتّى المَماتِ وَنَصرٌ غَيرُ مَحدودِ ماضٍ عَلى الهَولِ رِكّابٌ لِما قَطَعوا إِذا الكُماةُ تَحامَوا في الصَناديدِ وافٍ وَماضٍ شِهابٌ يُستَضاءُ بِهِ بَدرٌ أَنارَ عَلى كُلِّ الأَماجيدِ مُبارَكٌ كَضِياءِ البَدرِ صورَتُهُ ما قالَ كانَ قَضاءً غَيرُ مَردودِ مُستَعصِمينَ بِحَبلٍ غَيرِ مُنجَذِمٍ مُستَحكِمٍ مِن حِبالِ اللَهِ مَمدودِ فينا الرسول وفينا الحق نتبعه حتى الممات ونصر غير محدود



قصيدة عفت ذات الأصابع

يقول حسان في قصيدة عفت ذات الأصابع:[٥]


عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ دِيارٌ مِن بَني الحَسحاسِ قَفرٌ تُعَفّيها الرَوامِسُ وَالسَماءُ وَكانَت لا يَزالُ بِها أَنيسٌ خِلالَ مُروجَها نَعَمٌ وَشاءُ فَدَع هَذا وَلَكِن مَن لَطيفٍ يُؤَرِّقُني إِذا ذَهَبَ العِشاءُ لِشَعثاءَ الَّتي قَد تَيَّمَتهُ فَلَيسَ لِقَلبِهِ مِنها شِفاءُ كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ عَلى أَنيابِها أَو طَعمُ غَصٍّ مِنَ التُفّاحِ هَصَّرَهُ اِجتِناءُ إِذا ما الأَشرِباتُ ذُكِرنَ يَوماً فَهُنَّ لِطَيِّبِ الراحِ الفِداءُ نُوَلّيها المَلامَةَ إِن أَلَمنا إِذا ما كانَ مَغثٌ أَو لِحاءُ وَنَشرَبُها فَتَترُكُنا مُلوكاً وَأُسداً ما يُنَهنِهُنا اللِقاءُ عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ يُبارينَ الأَسِنَّةِ مُصغِياتٍ عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا اِعتَمَرنا وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن يَشاءُ وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُنداً هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِقاءُ لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن مَعَدٍّ قِتالٌ أَو سِبابٌ أَو هِجاءُ فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن هَجانا وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ الدِماءُ وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ عَبداً يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ شَهِدتُ بِهِ وَقَومي صَدَّقوهُ فَقُلتُم ما نُجيبُ وَما نَشاءُ وَجِبريلٌ أَمينُ اللَهِ فينا وَروحُ القُدسِ لَيسَ لَهُ كِفاءُ أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ هَجَوتَ مُحَمَّداً فَأَجَبتُ عَنهُ وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ هَجَوتَ مُبارَكاً بَرّاً حَنيفاً أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ الوَفاءُ فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُم وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ


المراجع

  1. محمد أمين الحق، جهود حسان بن ثابت في الدفاع عن الإسلام، صفحة 5. بتصرّف.
  2. "والله ربي لا نفارق ماجدًا"، الديوان. بتصرّف.
  3. "هل المجد إلا السؤدد"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  4. عبد مهنا، ديوان حسان بن ثابت، صفحة 55. بتصرّف.
  5. عبد مهنا، ديوان حسان بن ثابت، صفحة 17. بتصرّف.