يعدّ سوق عكاظ واحدًا من أشهر أسواق العرب التي عرفت في العصر الجاهلي، وهو سوق للتجارة والسياسة والأدب، لكن احتلّ النشاط الأدبي فيه مكانة متميزة؛ فقد كانت مختلف قبائل العرب بأدبائها وشعرائها تجتمع فيه يتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار، كما كانت تُلقى فيه الخُطَب المختلفة؛ لذا تبوأ هذا السوق منزلة كبيرة، وكان ضروريًا كضرورته للبيع والشعراء، وفي السطور التالية ذكر لبعض شعراء سوق عكاظ في الجاهلية.[١]


شعراء سوق عكاظ في الجاهلية

كان يتوافد على سوق عكاظ أيام الجاهلية العديد من الشعراء يُلقون الشعر ويتناوفرون فيما بينهم، ومن أبرز هؤلاء الشعراء من يأتي ذكرهم:


النابغة الذبياني

يعدّ النابغة الذبياني من أشهر شعراء سوق عكاظ في الجاهلية؛ إذ إنّه كان يترأس الجلسات الأدبية والمنافرات الشعرية في سوق عكاظ، فقد كانت تأتيه الشعراء تعرض عليه أشعارها ويصدر هو حكمه عليها، بالإضافة إلى قوله أبياتًا شعرية مختلفة، وقد ورد أنّه كانت تُقام للنابغة في سوق عكاظ قبة من الجلد، فتأتيه الشعراء وتلقي الشعر، وفي إحدى المرات أنشده الأعشى ثم حسان بن ثابت ثم الخنساء، فشهد للخنساء بشاعريتها الفذّة، ولولا أنّ الأعشى أنشد شعرًا لكانت هي شاعرة الجن والإنس.[٢]


عمرو بن كلثوم

يُعدّ عمرو بن كلثوم واحدًا من الشّعراء الذين كانوا يحضرون سوق عكاظ، وقد أنشد فيه ملعقته الشهيرة بأبياتها الطويلة التي تزيد على مئة بيت، وممّا قيل من هذه القصيدة ما يأتي:[٣]


أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحينا وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيها إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا تَرى اللَحِزَ الشَحيحَ إِذا أُمِرَّت عَلَيهِ لِمالِهِ فيها مُهينا صَبَنتِ الكَأسَ عَنّا أُمَّ عَمرٍو وَكانَ الكَأَسُ مَجراها اليَمينا وَما شَرُّ الثَلاثَةِ أُمَّ عَمرٍو بِصاحِبِكِ الَّذي لا تَصبَحينا وَكَأسٍ قَد شَرِبتُ بِبَعلَبَكٍّ وَأُخرى في دِمَشقَ وَقاصِرينا وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَناياَ مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعيناَ نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِرينا قِفي نَسأَلكِ هَل أَحدَثتِ صَرماً لِوَشكِ البَينِ أَم خُنتِ الأَمينا بِيَومِ كَريهَةٍ ضَرباً وَطَعناً أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ العُيونا وَإنَّ غَداً وَإِنَّ اليَومَ رَهنٌ وَبَعدَ غَدٍ بِما لا تَعلَمينا



حسان بن ثابت

يعد الشاعر حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري أحد الشعراء المخضرمين؛ أي الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، كان أيام الجاهلية على اتصال بكبار الشعراء ويُشارك في المجالس الأدبية التي كانت تُقام آنذاك في سوق عكاظ، وحتى في الإسلام كان سيد الشعراء وشاعر رسول الله، ومن الأشعار التي أنشدها حسان بن ثابت في سوق عكاظ قوله:[٤]


لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحى وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجـدَةٍ دَما وَلَدنا بَني العَنقاءِ وَابني مُحَـــرِّقٍ فَأَكرِم بِنا خالاً وَأَكرِم بِنا اِبنَما



الخنساء

توافدت الشاعرة تماضر بنت عمرو بن الشريد والتي يُطلق عليها لقب "الخنساء" إلى سوق عكاظ لتشارك الناس حزنها في فقدانها لوالدها ولأخويها صخر ومعاوية، ومن الأشعار التي ألقتها في سوق عكاظ في الرثاء قولها:[٢]


أُبَكِّ أَبي عَمراً بِعَينٍ غَزيرَةٍ قَليلٍ إِذا نامَ الخَلِيُّ هُجودُها وَصِنوَيَّ لا أَنسى مُعاوِيَةَ الَّذي لَهُ مِن سَراةِ الحَرَّتَينِ وُفودُها وَصَخراً وَمَن ذا مِثلُ صَخرٍ إِذا غَدا بِساحَتِهِ الأَبطالُ قَزمٌ يَقودُها فَذَلِكَ يا هِندُ الرَزِيَّةُ فَاِعلَمي وَنيرانُ حَربٍ حينَ شُبَّ وَقودُها



المراجع

  1. ناصر بن سعد الرشيد، سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام، صفحة 67. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ناصر بن سعد الرشيد، سوق عكاظ في الجاهلية والإسلام، صفحة 70. بتصرّف.
  3. جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، ج17، صفحة 89. بتصرّف.
  4. "مشهد من نقد الشعر القديم"، ديوان العرب. بتصرّف.