ما هو الشعر النبطي؟

هو الشعر البدوي، والشعر العامي، والشعر الشعبي، وهو لون من الشعر العربي غير المحكوم بقواعد إعراب اللغة العربية الفصحى، ونحوها، وصرفها، وهو لا يقتصر على بحورها المتعارف عليها، بل يستعملها ويضيف إليها بحورًا أخرى، وقد تمسك هذا اللون من الشعر بالقافية، ليس فقط في آخر البيت، بل في آخر الشطر أيضًا، كما في شعر الشريف بركات بن مبارك في قصيدته التي يقول فيها:[١] يا مرقب بالصبح ظليت باديك.. ما واحد قبلي خبرته تعلاك.


نشأة الشعر النبطي وسبب تسميته

الشعر النبطي يعود في نشأته إلى أنباط البتراء الذي تحدثوا العربية العامية، وتوارثوها إلى يومنا هذا، دون تعديل أو تطوير عليه أو على مفرداته، فبقي عامياً، وقد تحدث المؤرخ ابن خلدون عن هذا الشعر البدوي، وأورد منه عدة نصوص شعرية، ويقال في نشأة هذا الشعر بأنه دخيل على البادية التي ارتضخت للعامية من اللغة، وأصبحت هي السائدة فيها، ولكنه أصله هو العربي الأصيل، فمحالٌ أنه وُجَدَ من غيرها، أما عن أول ظهور لهذا الشعر، فيذكر ابن خلدون بأنه ظهر في قبيلة بني هلال[٢].

أما عن سبب تسميته؛ فيعزوها البعض إلى قدومه إلى وسط الجزيرة العربية من سواد العراق، أو مشارف الشام، وذلك لأن الأنباط أطلقوا اسم على فلاحي تلك الجهات الذين حرّفوا اللغة العربية، وذلك بسبب أنهم لم يجيدوها، وبالتحديد كانوا فلاحي بني هلال، ولكن وعلى رغم عدم التزام هذا النوع من الشعر بالقواعد العربية، إلا أنه أقرب الأشعار إلى القوافي، والبحور والالتزام بها.[٣]


الشعر النبطي والشعر الجاهلي

الصحراء العربية الواسعة، وأهل البادية، هما من أفرزا الشعر الجاهلي، وهما أيضًا من اعتمدا الشعر النبطي، فكانت الظروف الاجتماعية، والمناخية، والثقافية كلها نفسها مجتمعةً في كلا الشعرين، ومع التغيير اللغوي الطبيعي الحاصل، وأمية أهل البادية وشعوب الصحراء؛ وذلك باعتمادهم على الرواية، والمشافهة في الحفظ وتداول المعارف؛ كان النبطي هو السليل المباشر للجاهلي، هذا مع أهمية ذكر أثر الفتوحات الإسلامية، والاحتكاك بثقافات الشعوب المختلفة، وبذلك بدأ الشعر العربي الفصيح يبتعد، ليستظل تحت مظلة الأدب بشكله العام، من ثم تبدأ الفروع بالاختصاص تحته، ويمكن القول إن الشعر العربي ومنذ بداية العصر العباسي بدأ يبتعد عما كان في أسلافه، سواء كان في المضمون والرؤية، أو في التغييرات اللغوية، رغم احتفاظه آنذاك باللغة الفصيحة، وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر حصل في المدن والعواصم، ولكن أهل البادية، كان لديهم سبب آخر أيضًا وهو العقيدة والدين، وحيث أنهم مسلمون، إلا أن الإسلام مسهم مسًا خفيفًا، ومع ابتعادهم عن المدن، عادوا إلى جاهليتهم وقوانينهم، وعلى هذا كان الشعر بين القبائل البدوية؛ شعرًا شفهيًا له مكانة سياسية واجتماعية مهمة لديها، فبدأ بالظهور، والتحلل عن الفصاحة رويدًا رويدا، أما عما يميز هذا الشعر عن الجاهلي؛ فهو الإعراب، ونظم الكلام، وتقطيع اللفظ، فكانت البحور والأوزان الشعرية مختلفة.[٤]


بحور الشعر النبطي

بحور الشعر النبطي هي ستة بحور[٥]:

  • الهلالي
  • مثال عليه:
    
    أبا زيد ما ينفعك يوم تقيمه لا صارت الفرقا عليك لزوم
    
  • الصخري
  • مثال عليه:
    
    ألا يا بارق يوضي جناحه شمال وأبعد الخلان عني
    
  • الحداء
  • مثال عليه:
    
    يا بو هلا ليتك تشوف حطوني العسكر نظام
    
  • المروبع
  • مثال عليه:
    
    علام الدهر ما يسمع بلاما على ماذا يفرقنا علاما
    
  • القلطة
  • مثال عليه:
    
    يا سلامي عليكم عدنو يقود ردة من ضميري زان ترتيبها
    
  • الرجد
  • مثال عليه:
    
    مانع خيال في الدكة وظفر في راس المقصورة
    


وتجدر الإشارة إلى أنه توجد بحور مشتقة إضافية:[٦]

  • البحر المسحوب: وهو مشتق من الهلالي، مثاله: يا صاحبي ما نيب راعي مهاداة**أما ارضني وإلا إجفني واستخيري
  • البحر الهجيني: مشتق من الحداء، مثاله: أما أنت هيجن إلى هيجنت**وإلا أنت عن فاطري حول


بحور الشعر النبطي المبتكرة

وهي ثلاثة بحور كالآتي:[٧]

  • العرضة: مبتكر من الحداء
  • مثاله:
    
    داري اللي سعدها تو ماجاها طير حوران شاقتني مضاربيه
    
  • السامري: مبتكر من الهجيني
  • مثاله:
    
    يا حول أنا من جروح القلب والحب يا حول عزاه عيني من الفرقا وأنا أقول وش صار
    
  • الزهيري: مبتكر من الألفاظ النبطي.
  • مثاله:
    
    زاد العنا بالضمير أو ما شفت راح لي والهم باحشاي إنسان الذي راح لي
    


تشابه بحور الشعر النبطي مع بحور الشعر العربي

هنالك تشابه ما بين بحور الشعرين في تسعة بحور من الفصيح من أصل الستة عشر بحرًا التي وضعها وحددها الفراهيدي، وهي كالآتي [٨]:

  • البحر المتقارب.
  • البحر المتدارك.
  • البحر الطويل.
  • البحر المديد.
  • البحر البسيط.
  • البحر الهزج.
  • البحر الرمل.
  • البحر الرجز.
  • البحر المجتث.


مثال على القصيدة النبطية

جاء في ديوان العقيلي لمبارك بن حمد العقيلي في النصح والإرشاد:[٩]


يا خوي إن الصبر من خير لسباب راعي الصبر يا منوة القلب مهيوب أخف الضرر لا تشتكي كل ما ناب للناس ما في الناس من يقضي النوب أبد البشاشة وأخذ لعداك لحراب وأصبر على البلوى كما صبر أيوب



ويقول في المدح [٩]:


من اللي بفضله روضة الفضل أينعت والورق غنى بعالي ركومها إذا كان جمعة جامع الفضل عضدك وحشر فلا الدهيا يهمك دهومها


المراجع

  1. ا د عبدالله الصالح العثيمين، الشعر النبطي مصدرا لتاريخ نجد في القرنين، صفحة 146-148. بتصرّف.
  2. عبدالله بن عبدالعزيز بن ضويحي الضويحي، الإبداع الفني في الشعر النبطي القديم، صفحة 13-14. بتصرّف.
  3. عبدالله بن عبدالعزيز بن ضويحي الضويحي، الشعر النبطي مصدرا لتاريخ نجد في القرنين، صفحة 151 148. بتصرّف.
  4. سعد العبدالله الصويان، كتاب الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص، صفحة 97-93. بتصرّف.
  5. عبدالله بن عبدالعزيز بن ضويحي الضويحي، الإبداع الفني في الشعر النبطي القديم، صفحة 30. بتصرّف.
  6. عبدالله بن عبدالعزيز بن ضويحي الضويحي، الإبداع الفني في الشعر النبطي القديم، صفحة 30-31. بتصرّف.
  7. عبدالله بن عبدالعزيز بن ضويحي الضويحي، الإبداع الفني في الشعر النبطي القديم، صفحة 31. بتصرّف.
  8. سعد العبدالله الصويان، كتاب الشعر النبطي ذائقة الشعب وسلطة النص، صفحة 175-176. بتصرّف.
  9. ^ أ ب بارك بن حمد العقيلي، ديوان العقيلي، صفحة 66. بتصرّف.