جميل بثينة

هو جميل بن معمر بن الحارث بن ظبيان بن قيس، وهو شاعر فصيح جمع بينه وبين الرواية، سمي بجميل بثينة لما اشتهر به من حبه لبثينة، وهي ابنة عمه؛ إذ ينتميان لقبيلة عذرة، المعروفة بالحب العذري، والتي أشتهر أبناءها بأنهم إذا أحبوا ماتوا من شدة ما هم عليه من صدقٍ، وإخلاصٍ في حبهم، وعلى ذلك تقدم جميل لخطبة بثينة من والدها، ولكنه رده خائبًا، حتى لا يعير بها بأنه زوجها سترًا للعار، وبعد ذلك زفها لأول من يطلب يدها بعد جميل، فزاد ولعه بها، فجعله ذلك يقول فيها الشعر.[١][٢]


مولد جميل بثينة ونشأته

ولد وأقام جميل بن عبد الله بن معمر العذري في وادي القرى، القائم في الحجاز بالقرب من المدينة المنورة، أي أنه من أهل البادية، وهو من بني عذرة، أما عن نشأته وأخلاقه؛ فقد كان شجاعً حمي الأنف لا يقبل الضيم كسائر البدو من أهله، إذ أنهم كانوا ذو شأنٍ وعز[٣]، علاوةً على أنه كان حسن الصورة، طويل القامة، عريض المنكبين، لطيف المعشر، طاهر العشق، ومن ذلك كانت قصة حبه العذري لبثينة.[٤]


أسلوب جميل بثينة الشعري

أسلوب جميل في أشعاره يقوم على الحوار، وهنا المقصود به هو ما له علاقة بشؤون حياة الشاعر، وما يشاهده، ويستمده من خياله، وقد يكون من الموروث القديم أيضا، وبذلك اتسمت أشعاره بأسلوب الحوار المباشر، والحوار الغير مباشر، أما المباشر فهو ما يتصل بالواقع بضمير المتكلم، ليعبر عن نفس الشاعر وما حاضر وقتها، وأما الغير مباشر؛ فهو المنقول، كالقصة وما فيها من دلالات وجماليات[٥].


منهج جميل بثينة

رغم أن شعر جميل شعرًا فطريًا، بسيطًا، ويتسم بالسذاجة، وحرارة العاطفة، وصدقها، إلا أنه تأثر بشعر النسيب من عمر بن أبي ربيعة، فقد كان يسأله إنشاده بقوله: "أنشدني يا أبا الخطاب"، ومن ذلك أن أنشده قائلًا:[٦]


أَلَم تَسأَلِ الأَطلالَ وَالمُتَرَبَّعا بِبَطنِ حُلَيّاتٍ دَوارِسَ بَلقَعا


فصاح جميل عند ذلك وقال: "ألا إن النسيب أخذ من هذا"، ولم ينشده حرفًا بعد قصيدته تلك، وقد حاول بعدها أن يقلد منهجه، وقد تشابه بعض شعرهما والأفكار، ألا أن جميلًا كانت لديه عذوبة العبارة، وتوافر التنغيم، والموسيقى[٦].


أغراض الشعر عند جميل بثينة

اجتمعت موضوعات جميل في أشعاره كلها في الغزل في بثينة، مع القليل من الهجاء، والفخر، وحتى أن الهجاء منه يعود إلى الغزل؛ إذ كان بدافع بثينة، ومن ذلك أن رهطًا من أهل بثينة هجوا جميل وأخته، فاضطر إلى الرد عليهما، وقد اجتمعت الأقوال على أن جميل من مقدم شعراء الغزل، حتى أنهم قالوا بأنه أشعر أهل الجاهلية، والإسلام فيه[٧]


قصة جميل بثينة

يقول الأصبهاني في عشق جميل لبثينة: أنه أقبل يومًا بأبله إلى وادٍ بغيض واضطجع عنده، وكان أهل بثينة بذيل الوادي، فأقبلت بثينة، وجارة لها فمرتا على فصالٍ لجميل، فضربتهن بثينة؛ إذ كانت صغيرة "جويرية"، فسبها جميل، فردت عليه، فأعجبه ردها وملح إليه، فقال في ذلك:[٨]


وَأَوَّلُ ما قادَ المَوَدَّةَ بَينَنا بِوادي بَغيضٍ يا بُثَينَ سِبابُ وَقُلنا لَها قَولاً فَجاءَت بِمِثلِهِ لِكُلِّ كَلامٍ يا بُثَينَ جَوابُ


وبعد ذلك لم يرها إلا أن أصبحت شابة، فأحبها حبًا جما، وخطبها، إلا أن العرب ذلك الوقت تستهجن من أن تزوج من جرى بينهما عشق وهوى، فردوه عن خطبتها، وزوجوها لأول من جاء بعده، كما أرادوا أهلها قتله فتوارى عنهم[٨]، إلا أن قومه أعز وأغنى من قوم بثينة، فقد كان والده صاحب مالٍ، وفضلٍ، وقدرٍ في أهله وقومه، وقد كان من قبيلة قضاعة من بني عذرة، ولذلك وعند إراقة دمه، لم يجترئوا على قتله، رغم عثورهم عليه عديد المرات[٩].


ديوان شعر جميل بثينة

لجميل بثينة ديوان مجموع كما قال ابن خلكان، أو مجموعة خطية له في مكتبة برلين كما أشار بذلك جرجي زيدان في كتابه تاريخ آداب اللغة العربية، ولكن بشير بموت عمد إلى جمع أشعاره في ديوان له، بتوجيه من صاحب المكتبة الأهلية؛ السيد محمد جمال، وبذلك فإنه يوجد ديوان تحت اسم ديوان جميل بثينة يضم أثر جميل الشعري، مع شرح وتفصيل ممَن قام بجمعه[١٠].


أشهر أشعار جميل بثينة

من أشهر قصائد جميل بثينة، ما قاله في قصيدته التي تسمى رهين الذئب، وهو[١١]:


شَهِدتُ بِأَنّي لَم تَغَيَّر مَوَدَّتي وَإِنّي بِكُم حَتّى المَماتِ ضَنينُ وَأَنَّ فُؤادي لا يَلينُ إِلى هَوى سِواكِ وَإِن قالوا بَلى سَيَلينُ فَقَد لانَ أَيّامَ الصِبا ثُمَّ لَم يَكَد مِنَ الدَهرِ شَيءٌ بَعدَهُنَّ يَلينُ وَلَمّا عَلَونَ اللابَتَينِ تَشَوَّفَت قُلوبٌ إِلى وادي القُرى وَعُيونُ كَأَنَّ دُموعَ العَينِ يَومَ تَحَمَّلَت بُثَينَةُ يَسقيها الرِشاشَ مَعينُ



وفاة جميل بثينة

توفي جميل العذري عام 83 هجري، وذلك في مصر، بعدما هاجر إليها وافدًا عبد العزيز بن مروان، والي مصر آنذاك[١٢].


ولقراءة معلومات عن غيره من الشعراء: مجنون ليلى، العباس بن الأحنف.

المراجع

  1. أوراس فاضل عباس وخديجة محمد جاسم، الحوار في شعر جميل بثينة، صفحة 7-8. بتصرّف.
  2. جميل بثينة، ديوان جميل بثينة، صفحة 5. بتصرّف.
  3. جميل بثينة، ديوان جميل بثينة، صفحة 8-5. بتصرّف.
  4. جمعه وصنعه بشير بموت، ديوان جميل بثينة، صفحة 5. بتصرّف.
  5. أوراس فاضل عباس وخديجة محمد جاسم، الحوار في شعر جميل بثينة، صفحة 12. بتصرّف.
  6. ^ أ ب الدكتور حسين نصار، ديوان جميل شعر الحب العذري، صفحة 17-16-15. بتصرّف.
  7. الدكتور حسين نصار، ديوان جميل شعر الحب العذري، صفحة 14 12. بتصرّف.
  8. ^ أ ب جمعه وصنعه بشير بموت، ديوان جميل بثينة، صفحة 6. بتصرّف.
  9. الدكتور حسين نصار، ديوان جميل شعر الحب العذري، صفحة 6. بتصرّف.
  10. جمعه وصنعه بشير بموت، ديوان جميل بثينة، صفحة 3-4. بتصرّف.
  11. جميل بثينة، ديوان جميل بثينة، صفحة 45. بتصرّف.
  12. جمعه وصنعه بشير بموت، ديوان جميل بثينة، صفحة 5. بتصرّف.