أبو العلاء المعري
أبو العلاء المعري واسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الملقّب بـ "رهين المحبسين"، يعدّ من الشخصيات الأدبية البارزة في العصر العباسي، وقد اشتهر في شعره بنزعته الفلسفية الخاصة به، فكان الأقرب إلى تصوير النفس الإنسانية بما يعتريها من مشاعر وأحاسيس وفق رؤيته وما كان يعيشه.[١]
مولد أبي العلاء المعري ونشأته
وُلِد أبو العلاء المعري في الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول عام (363) هـ الموافق السادس عشر من كانون الأول عام (973)م، وقد كان مولده في بلدة يُطلق عليها "معرّة النعمان" في سوريا، لذا يُذكر بالمعري نسبة إليها، ويُذكَر أنّ أبا العلاء أُصيب بالعمى في سنّ صغيرة، وقد كان راضيًا بحالته تلك ولم يكن ساخطًا.[٢][٣]
تجدر الإشارة إلى أنّ أبا العلاء المعري ينتمي إلى أسرة عريقة عرفت العلم والأدب؛ فجدّه كان قاضيًا وأديبًا وشاعرًا، وكذلك والده وعمه وشقيقيه جميعهم كانوا شعراء، وكان لذلك أثر كبير في تنشئة أبي العلاء تنشئة أدبية جعلت منه فيما بعد شاعرًا فذًا وعلمًا من أعلام عصره.[٤]
ثقافة أبي العلاء المعري وتعليمه
كان أبو العلاء المعري نتاج تربية والده من مختلف النواحي، وعلى يديه تلقى العلوم الأساسية ففتح أمامه آفاقًا كثيرة، كما تعهّد أن يجعل منه شخصية مثقفة فذّة، فأرسله إلى مختلف المدن لينهل من علوم أخرى، كحلب والشام وغيرهما، فأظهر تفوقه واجتهاده لما كان يتمتع به من سعة حفظ وذكاء، ويُذكر أيضًا أنّ المعري ارتحل إلى بغداد للاستزادة من العلوم كونها تضم دور العلم ومذاهبه المختلفة والمجالس الأدبية.[٥][٦]
نظرة أبي العلاء المعري لنفسه
تذكر العديد من المصادر والدراسات أنّ أبا العلاء المعري لم يكن راضيًا باسمه "أحمد" ولا بكنيته "أبي العلاء" لما فيهما من مدح وتعظيم وهو لا يحب أن يكون كذلك، وكثيرًا ما كان في شعره يسخر من نفسه من تلك الألقاب، كما كان يرى أنّ نفسه طاهرة لكنها في جسد خبيث، لذا عدّ نفسه رهين محابس ثلاثة؛ فقدانه البصر، ولزوم البيت، وارتباط النفس بجسم خبيث، فقال في بيتين من الشعر:[٧][٨]
شعر أبي العلاء المعري
اتخذ أبو العلاء المعري من الشعر سبيلًا للتعبير عن التجارب الإنسانية وجوهر الإنسان والحقائق الكونية، وذلك بأسلوب وطريقة خاصة به ميّزته عن غيره من شعراء عصره وحتى من شعراء عصور أخرى، وتجدر الإشارة إلى أنّ الشعر عند أبي العلاء انقسم إلى مرحلتين؛ شعر ما قبل العزلة، وهو موثق في ديوان يُطلق عليه "سقط الزند"، فيه قائد نظمها المعري في أغراض شعرية مختلفة كالمدح والغزل والرثاء وغيرها، والتي لاقت الاستحسان والقبول، أما المرحلة الثانية فهي شعر ما بعد العزلة، والمتمثلة بما يُعرف بـ "اللزوميات" وأطلق عليه أبو العلاء "لزوم ما لا يلزم"؛ فقد التزم فيه بثلاثة أمور، وهي:[٩]
- بناء القصائد على جميع حروف المعجم.
- إيراد الروي في كل الحروف بالحركات الثلاث والسكون.
- لزوم بعض الحركات والحروف مع الروي مما لا توجبه أحكام العروض.
خصائص شعر أبي العلاء المعري
امتاز أبو العلاء المعري في شعره عن غيره من الشعراء بمجموعة من الخصائص والميزات، يُذكر منها ما يأتي:[١٠][١١]
- يتميز شعر أبي العلاء المعري بأسلوب وتركيب لغوي خاص به، إذ إنه يوظف مفردات اللغة بطريقة فنية إبداعية، ويستخدم في كثير من الأحيان غريب الألفاظ، مما يُنبئ عن مقدرة لغوية كبيرة وثقافة واسعة.
- المزج بين الأسلوب السهل الواضح والأسلوب المعقّد الذي يحتاج إلى إعمال العقل لفهمه في الكثير من القصائد.
- تضمين أبي العلاء المعري الحكمة والموعظة في شعره، والتي تعبر عن رؤيته ونظرته في الحياة.
- الاهتمام الواضح بموسيقى الشعر وإيقاعه، مما يؤثر في النفوس بصورة أكبر.
- بروز الرؤية المأساوية بصورة واضحة في شعر أبي العلاء المعري نتيجة عدة عوامل وأسباب تتعلّق به وبمحيطه.
وفاة أبي العلاء المعري
عاش أبو العلاء المعري زهاء 86 عامًا، إذ يُذكر أنه توفي بتاريخ الثالث عشر من ربيع الأول عام (449) هـ، وقد بكاه العديد من الشعراء والأدباء، إذ ترك خلفه مخزونًا شعريًا ما زال يُذكر ويُتدارس إلى يومنا هذا.[١٢]
وللتعرف إلى المزيد من المعلومات حول شاعرين آخرين من شعراء العصر العباسي: أبو العتاهية، أبو تمام.
المراجع
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 6-12. بتصرّف.
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 13. بتصرّف.
- ↑ خلف عقل، تلقي شعر أبي العلاء المعري في النقد العربي الحديث، صفحة 35. بتصرّف.
- ↑ عوض الله الزين، الله الزين سعيد الزين.pdf?sequence=1&isAllowed=y أبو العلاء المعري ومذهبه في الشعر والحياة، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ عوض الله الزين، الله الزين سعيد الزين.pdf?sequence=1&isAllowed=y أبو العلاء المعري ومذهبه في الشعر والحياة، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 14. بتصرّف.
- ↑ خلف عقل، تلقي شعر أبي العلاء المعري في النقد الحديث، صفحة 36. بتصرّف.
- ↑ محمد القضاة، نايف العجمي، الرؤية المأساوية في شعر المعري، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 19. بتصرّف.
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 153-182. بتصرّف.
- ↑ محمد القضاة، نايف العجمي، الرؤية المأساوية في شعر المعري، صفحة 4. بتصرّف.
- ↑ نعيمة سعيد، التجربة الشعرية عند أبي العلاء المعري، صفحة 16. بتصرّف.