الشعر العربي الحديث
حداثة الشعر العربي، وتطوره عما كان عليه أسلافه في القدم، جعلت من تعريفه صيغةً أخرى تختلف عن القول ببساطة "أن الشعر هو الكلام الموزون المقفى"؛ ولا حتى أنه "الإلمام من كل شيء بطرف"، بل أصبح الشعر العربي الحديث بحرًا من الثقافات، والفلسفات، والمذاهب، وبهذا فإن الحديث عن فن من فنونه لا بد أن يبدأ من الجذور، ليصل حتى الثمار الناضجة منه، ومن هنا يأتي تعريف الشعر وفنونه بأنه: "كل ما يثير الانفعالات العاطفية والإحساسات الجمالية"، أما عن فنونه فهي تتلخص بالشعر الملحمي، التمثيلي، والغنائي، والتي جاءت بعدة أشكالٍ، وخصائص تميّزه. [١]
فنون الشعر الحديث وخصائصه
يقول بعض العلماء أنّ للشعر أربعة أركانٍ، وهي: المدح، الهجاء، النسيب، والرثاء، وقالوا أيضًا أن له أربع قواعد: الرغبة، الرهبة، الطرب، والغضب، ومنها يتفرع ويكون ما يكون من فنون الشعر العربي القديم؛ فمع الرغبة يكون المدح والشكر، ومع الطرب يكون الشوق، ورقة النسيب، وهكذا[٢]، ولكن الشعر العربي الحديث لا يزال تحت الاكتشاف منذ انطلاقته الأولى إلى اليوم؛ ذلك لأن له العديد من السمات المتصلة في بعضها بالأسلوب، والبعض الآخر بالموضوع، فتراه زاخرًا بالعناصر والعوامل، والسمات، وغنيًا بالمواد، وبذلك فإن له أشكال وفنون، وله من الخصائص ما احتدّ وظهر، وكان علامة فارقة فيه منذ البدء[٣]، وفنونه، وأشكاله هي:
- الشعر المحافظ: وهو ما لاحظ فيه الشاعر على بنية الكلمة، وسلامتها اللغوية، كما حافظ على عمود الشعر من حيث بناء القصيدة ككلٍ، وذلك تيمنًا بالشعر العربي القديم، والسير على نهجه.[٤]
- الشعر الحر: وهو ما يتجلى في شعر العقاد، فقد تحلل فيه الشاعر من الوزن والقافية، ولكنه كتب شعره على شطرين كما هو الحال، ولكل بيت في القصيدة بحر خاص به، من مثال ذلك أيضًا بدر شاكر السياب وقصيدته "هل كان حيًا"، وهذا الفن من الشعر الحر هو ما أوجد قصيدة النثر بعد ذلك، والتي لا تحتوي فيها على أية قيودٍ، من مثل الشاعر أدونيس الذي كان رائد هذا النمط والفن من الشعر، والشعر النثري هو موهبة خاصة ومحدودة تعود إلى فنون الشعر التي انزوى فيها بعض الشعراء عن غيرهم، بحيث تكون له كالتجربة الفكرية والشعورية، والتي يصوغها بأسلوبٍ فني متعدد الأشكال والألوان، كالخطابة، أو الكتابة، ليوضح فكرته ويلتزم بذات الوقت بالأسلوب الفني البليغ واللغة الفصيحة. [٥][٦]، قصيدة النثر اشتملت على العديد من الأفكار، فلم يكن شعرائها فقط قد تحرروا من الأوزان، والقوافي، والعمود الشعري؛ بل أفكارهم كذلك تضخمت وخرجت عن المألوف فيها كالإلحاد، أو الدعاء للخير أو للشر، وغيره من بُعدٍ في الخيال، وبذلك يكون الحكم في هذا النوع على المضمون أولاً، من مثال ذلك أنشودة المطر لبدر شاكر السياب. [٧]
- الشعر القصصي: هو الحدث المسرود، كالرواية، يحمل في جعبته حكاية وقصة قصيرة جاءت على شكلٍ شعري مشوّق، وقد قسم هذا النوع من الشعر إلى القصة الملحمية، القصة المطوّلة، والقصة القصيرة، من الأمثلة على ذلك "الصادح والباغم" لابن الهبارية في القرن الخامس الهجري.[٨]، أما الشعر الملحمي بذاته فهو الشعر الطويل، والذي يكاد يصل إلى 1000 بيت في القصيدة الواحدة، وهو كالقصة الملحمية التي تدور حول البطل، والحوادث التي عايشها من مثل "كليلة ودمنة" لأبان اللاحقي، ويمكن أن يأتي الشعر الملحمي على هيئة قصةٍ شعرية قصيرة، مثل "العمرية" لحافظ إبراهيم. [٩]
خصائص الشعر الحديث
يتميز الشعر الحديث بالعديد من الخصائص الآتية:
- تبلوّر شخصية الشاعر، وظهورها، وتجلّيها في الشعر العربي الحديث فما عاد الهجاء، والحداء، والإطراء شاغله، بل أصبح فكره وإحساسه هو القائم في شعره، وبذلك قامت الثورات، وحرمات البومية والحرية على إثر إعلاء قيمة الفرد وكرامته في الشعر المعبر عنه وعن حاله، مثال ديوان العقاد عام 1916.[٣]
- وحدة الموضوع؛ إذ إنه وفي الشعر الحديث لا تقوم الأشعار على الأبيات وموضوعاتها، بل على وحدة القصيدة الواحدة وموضعها، فوجد ديوان كامل بموضوع واحد فقط مثل ديوان "من وحي امرأة" لعبد الرحمن صدقي. [١٠]
- التحرر من القوافي؛ وهو يعود لربما إلى ملل الشاعر في انتقاء الكلمات والحروف لتوحيد قوافي أشعاره وقصائده، فتحرر منها وخلق الشعر النثري، وهو ما سعى إليه البارودي في قصيدته التي نظمها من تسعة عشر بيتًا على وزن بحر جديد، وهو مجزوء المتدارك.[١١]
- الخيال الفائق والوثبات الواسعة فيه، من مثل قصيدة (مملكة السماء) للشاعرة صفية زكي أبو شادي، وهي على شكل شعرٍ منثور. [١٢]
- شيوع السخرية؛ وهي ما يعبر فيه الشاعر عن قلقه وخوفه من أمرٍ ما يساوره، فيعبر عنه بالسخرية، من مثل قصيدة (التمثال) لشاعر المهجر إيليا أبو ماضي. [١٣]
المراجع
- ↑ محمد مندور، فن الشعر، صفحة 9-10. بتصرّف.
- ↑ ابن رشيق القيرواني، العمدة في محاسن الشعر وآدابه، صفحة 68. بتصرّف.
- ^ أ ب دكتورة نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، صفحة 14-15. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 116. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 117. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 118- 120. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 122. بتصرّف.
- ↑ أ د مسعد بن عيد العطوي، الأدب العربي الحديث، صفحة 122-123. بتصرّف.
- ↑ دكتورة نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، صفحة 33. بتصرّف.
- ↑ دكتورة نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، صفحة 34-35. بتصرّف.
- ↑ دكتورة نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، صفحة 39. بتصرّف.
- ↑ دكتورة نعمات أحمد فؤاد، خصائص الشعر الحديث، صفحة 51. بتصرّف.