ما المقصود بالشعر الحر
يقصد بالشعر الحر؛ هو الشعر الذي يتحرر فيه الشاعر من الوزن أي البحور الشعرية، مع تقيده بالقافية في كل مجموعة يحددها من الأبيات، ومن الأمثلة الموضحة لمعنى الشعر الحر، ما قاله الشاعر بديع حقي[١]:
أي نسمه
حلوة الحقق عليله
تمسح الأوراق في ليل ورحمه
وأنا في الغاب أبكي
أملا ضاع وحلما ومواعيد ضليله
فامحي النور وهام الظل يحكي.
عوامل ظهور الشعر الحر
الشعر الحر ورواده من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، وجدوا ظهور الشعر الحر لعدة عوامل ساعدت في ذلك، وترى نازل الملائكة؛ أن العوامل الموجبة لنشأة هذا النوع من الشعر هي[٢]:
- نزوع الشعوب العربية إلى الواقع المعاصر.
- حنينه إلى الاستقلال.
- النفور من النموذج في الشعر القديم واستبداله بالفكر المعاصر.
- إيثار المضمون بالتخلص من القشور الخارجية والاهتمام بالصورة والمعنى الكامن للشعر نفسه.
نشأة الشعر الحر
التراث الشعري القديم، يتمثل بالقصيدة العمودية، وكيانها الذي لا يتجزأ ضمن بخر شعري واحد، وقافية واحدة، ولكن هذا التراث، بدء يهجر؛ إلى نوع شعري آخر، وذلك لمواكبة التطور الحضاري، وما تأثر به العرب حينها، من التيارات الغربية، والقومية، والمحلية، وبذلك بدأت عمليات الهدم وإعادة البنات في القصيدة العربية، التي كان روادها الشاعرة نازك الملائكة، بدر شاكر السياب، بلند الحيدري، أدونيس "علي أحمد سعيد"، يوسف الخال، محمود درويش، سميح القاسم، صلاح عبد الصبور، وأحمد عبد المعطي حجازي وغيرهم الكثير[٣].
هذا التجديد والبناء شمل الشكل والمحتوى، لينتج الشعر الحر المتطور في نظام القصيدة وبناء موسيقاها[٣]، وقد جاء في صدد ذلك عدة تسميات لهذا النوع الجديد، من مثل الشعر الحديث، الشعر المنثور، الشعر المشعور، وشعر التفعيلة؛ وهو الأكثر قربًا ومنطقية من ماهية الشعر الحر، إذ إن التفعيلة على أساس البيت الواحد، لا على أساس القصيدة الكاملة، هو المعنى الأصح للشعر الحر، وهو ما لا يوجد في الشعر العمودي.[٤]
وأيضا الشعر الحر هو ما يطلق على النمط الشعري الذي يقوم على أساس الجملة، من مجموعة أسطر شعرية تتكرر فيها تفعيلة معينة لعدد من المرات، يحدده الشاعر، ويحدد متى ينهيه.[٥]
أما عن نظامه العروضي، فهو يعتمد في ذلك على الآتي[٦]:
- إعادة توزيع موسيقى البحور الكلاسيكية فيه.
- اعتماد نظام التفعيلة، ضمن مجموعة أسكر بعد الاستغناء عن نظام البيت المتألف من شطرين.
- الاستغناء عن الوزن.
ومن عوامل ظهور الشعر الحر العامة:
الفكر
يتمثل ذلك بما شهدته الدول العربية من تيارات غربية وحركات ثقافية، كانت بمثابة عالم جديد للشاب العربي آنذاك، من مثل الفكر الماركسي الذي وجد طريقه للعراق، راسمًا في خيال الشباب والمثقفين صورة للحرية، الثورة، الظلم وللتحدي، وبذلك كان الطموح والرغبة لهذا التحرر كفيلًا بخلق طريقة جديدة للكتابة الأدبية بشكل عام، يقول رشيد ياسين: "لقد كان للفكر الماركسي شعبية لدى المثقفين"[٧]
كما أن انفتاح العرب بشكل عام إلى الثقافات الغربية والأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية ساهم في تأثر الشعراء بنتائج الشعر الأوروبي[٨].
السياسة
شغلت الأحداث السياسة حيزًا كبيرًا في بال الشعوب العربية كافة، ما جعل الشعراء يوجهون للتصدي لهذه القضايا بأشعارهم، من مثل الشاعر الجواهري وغيره، وقد تأثرت مجمل البلدان الغربية بهذا العامل، ففي لبنان وسوريا، حصل الشعب فيها آنذاك على الاستقلال، أما في مصر فكانت هنالك العديد من النضالات الوطنية، وفي العراق كان لا يزال النفوذ البريطاني مسيطرًا[٩].
الخصائص الاجتماعية
يتمثل هذا العامل بما ظهر في المجتمعات العربية إبان الحروب المختلفة من طبقات اجتماعية، وتناقشنا واضحة وجلية في الحياة الاقتصادية بشكل عام، مما أشعر الشعراء بالحدود المتفاوتة ما بين الريف والمدينة، الغني والفقير وغيره، وهذا ما تجلى في المجتمع العراقي خلال الخمسينات[١٠]، والتي هي منشأ ومستقر رواد الشعر الحديث الأوائل من مثل الملائكة والسياب.
الخصائص النفسية
أي نفسية الشعراء ذاتهم، بما يشمل فئاتهم العمرية وعوائلهم ومنشأهم، فتجد الغالب كان من الشباب الذين ترعرعوا لدى عوائل فقيرة، فكانوا الأشد تأثرًا بشتى الظروف المعاصرة لهم، فعكسوا ذلك على أشعارهم.[١١]
أنواع الإيقاع في الشعر الحر
الشعراء الذين انتهجوا وساروا على التشكيل الجديد في الشعر، ظهرت لديهم عدة إيقاعات شعرية في شعرهم الحر الحديث، وهي كالآتي:
- إيقاع السرد والحوار: وهو ما يشابه تقنية القصيدة في كذلك، أي الاستغراق في تصوير الجزئيات، والوصف بأشكاله المختلفة، من مثل قصيدة عروس القرية لبدر شاكر السياب، التي هي عبارة عن قصة لفتاة في قرية، أخذوا حبيبها منها وزوجها لعجوز ثري[١٢].
- إيقاع الأفكار: وقد جاء هذا الإيقاع من حقيقة أن موسيقى القصيدة تعتمد على نمط الأصوات فيها، وكذلك على نمط المعاني، فهي وحدة واحدة لا تتجزأ، ولا يمكن وصد إيقاعها على الصوت فحسب، وإنما أيضًا على الأفكار والمعاني التي فيها، ومن هنا يأتي اللفظ الموحي؛ أي الذي يوحي للقارئ بمعناه ودلالته فور قراءته كالليل، السحاب وغيره[١٣].
- إيقاع الصورة الشعرية: وهي التي تأتي مع كل ما ذكر من إيقاعات سابقة، وتتشكل لتعطي تأليفاً عجيباً بين هذه التراكيب والأفكار والمشاعر وحتى الألفاظ[١٤].
المراجع
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 31-32. بتصرّف.
- ↑ غير معروف، الشعر الحر، صفحة 32-33. بتصرّف.
- ^ أ ب د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 28-29. بتصرّف.
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 30-29. بتصرّف.
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 30. بتصرّف.
- ↑ أ حسينة لعوج، مفهوما الشعر والشعر الحر نزار قباني أنموذجا، صفحة 184. بتصرّف.
- ↑ يوسف الصائغ، الشعر الحر في العراق، صفحة 83-82. بتصرّف.
- ↑ غير معروف، الشعر الحر، صفحة 33-34.
- ↑ يوسف الصائغ، الشعر الحر في العراق، صفحة 12 106 . بتصرّف.
- ↑ يوسف الصائغ، الشعر الحر في العراق، صفحة 134. بتصرّف.
- ↑ يوسف الصائغ، الشعر الحر في العراق، صفحة 150. بتصرّف.
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 40. بتصرّف.
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 44-45. بتصرّف.
- ↑ د عبدالسلام الصحراوي، الشعر الحر وبناء القصيدة عند نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، صفحة 46. بتصرّف.