عمر أبو ريشة

عُمر بن شافع بن مصطفى أبو ريشة، نشأ في بيتٍ فيهِ نزعة صوفيّة، وهُو شاعِرٌ تثقّف بثقافةِ الغرب، إضافةً لتمكّنه من الثّقافة العربيّة والإسلاميّة، فاتّجه بوجدانه لحال الأمة العربيّة، وما آل إليه مصيرها، فصوّر ذلك بوجدانياتٍ عذبة، مُتأثِرًا فيها بالمذاهب الغربيّة، وعلى وجه الخصوص، تأثّر بتيّار الرومانسيّة، وبفورة الشّباب وثورته، شغل عدة مناصب دبلوماسيّة، كمنصب الوزير، والسّفير، كَما أنّهُ حصل على العديدِ من الأوسِمةِ، والجوائز من مُختلف البلدانِ، إضافةً إلى أنَّهُ قد تمّ تكريمه عدّة مراتٍ في عددٍ من الدّول العربيّةِ، والأجنبيّة.[١][٢]


مولد عُمر أبو ريشة ونشأته

وُلِد عُمر أبو ريشة في مدينةِ عكا الواقعة في فِلَسطين عام 1908، وعاشَ في فِلسطين، ومِن ثمَّ انتقل إلى حلب مع والده وتلقّى فيها تعليمه، أما عن رحلته الأدبيّة فبدأت بالظّهور وهو في الجّامعة، وكانَ للأحداث السياسيّة المُتلاحقة أثرٌ كبيرٌ في تفتُّح الوعي القوميِّ فثار مع الثائرين، وتحمّس مع المُتحمّسين، ووقف خطيبًا تارةً، وشاعرًا تارةً أخرى، وأما عن مناصبه فكانَ قد تولّى عدة منّاصب، فأولاهما كانت مُديرًا لدار الكُتب الوطنيّة في حَلب، ثُمّ انتُخِبَ عضوًا مراسِلًا في المجمع العلميّ العربيّ السّوريّ بِدمشق، وبَعدَها كانَ قَد عُيِّنَ ملحقًا ثقافيًّا لِسوريا في الأمانة العامة لجامعة الدّول العربيّة في القاهرة، وحصل على عدة مناصبٍ أخرى كوزير لسوريا في الأرجنتين والبرازيل، وسفيرًا لسوريا في الهند والنّمسا.[٣]


تعليم عُمر أبو ريشة

تربّى الشّاعر عُمر أبو ريشة في بيتِ علمٍ ودينٍ وتصوّف، فكانَ أبوه "شافع" يشغل عديدًا من المناصب المرموقة كما أنَّهُ كانَ شاعِرًا كبيرًا، وكانَت أمُّه مكتبةً ثمينةً كما وصفها، حافِظةً للأشعار، وصاحبة علمٍ وورعٍ. حصّل عُمر أبو ريشة تعليمه الابتدائيّ والإعداديّ في حَلب، والثّانويّ في بيروت، وقرر والده آنذاك أن يُبعده عن الأدب، فأُرسِل عُمر أبو ريشة إلى إنجلترا لِدراسة الكيمياء، إلّا أنّ ذلك لَم يُبعده عن الشِّعرِ والأدب، إضافةً إلى أنَّ شُغله الشّاغل كانَ السعي وراء الثّقافةِ والمعرفة، فتنوّعت ثقافته بين الثّقافة العربيّة والثّقافة العالميّة، فكانت لكلّ مرحلةٍ من مراحِل حياتِه تأثيرًا على ثقافته، فحفظ القُرآن، ومُعلّقات الشّعر الجّاهليّ، وأدعيّة التّصرف منذ كانَ طِفلًا، كَما أنَّهُ قرأ الأدب العالميّ بِلا ترجمة، وجعله ذلك شغوفًا بالأدب العالميّ، فقرأ لشكسبير، شيلي، كيتس، بودلير، موريس، هودو ملتن، تنسون، وغيرهم.[٤]


المَنهج الأسلوبيّ لِعمر أبو ريشة

اتّسمت أعمال الشّاعر عُمر أبو ريشة بِملامح شعريّة جديدة ميّزت شعره وقصائده، وظهرت هذه السّمات في كلّ أعماله الإبداعيّة، حيثُ أدخل أبو ريشة نظام المقاطع، والتّنويع في الأوزان والقوافي؛ أي عمِل على تحديث الشّكل الكلاسيكيّ للقصيدة المُعاصرة، فأتاح هذا التّنويع للشّاعر المزيد من الحُريّة في خلق الصّور، وتوليد المعاني، وكانَ أبو ريشة شديد الولع بعمليّة التّصوير الشعريّ، فازدحمت أعماله الشعريّة بالصّور الّتي بناها بالعديد من الأدواتِ والوسائل الفنيّة. كَما أنّ الشّاعر أبو ريشة حرص على المزج بين الأصالة والمعاصرة، بطريقةٍ فنيّةٍ لتحقيق مضامين شعريّة معاصرة، وسعيًا لتحقيق أهداف إنسانيّة عامّة تتمحور حول قضايا الأمة العربيّة، والإسلاميّة.[٥]


مؤلّفات عُمر أبو ريشة

خلّف الشّاعر عُمر أبو ريشة إنتاجًا أدبيًّا يتكوَّنُ من الشِّعر الغنائيِّ، والمسرحيّات الشعريّة، أمّا عن إنتاجه الشعريّ فصدَر لهُ عِدة مؤلفاتٍ منها:[٦]

  • دِيوانه الأول الّذي يقعُ تحتَ عنوان "شعر".
  • ديوانه الثّاني الواقع تحت اسم "من عمر أبو ريشة، شعر".
  • ديوانه الثّالث تحت اسم "مختارات".
  • مجموعة شعريّة بعنوان "غنيتُ في مأتمي".
  • ديوان عُمر أبو ريشة "المجلد الأول".
  • مجموعة شعريّة بعنوان "أمرك يا رب".
  • مجموعة شعريّة بعنوان "من وحي المرأة".
  • دِيوان باللغة الإنجليزيّة بعنوان "التطواف".

أما عن إنتاجِه المسرحيّ فهو:

  • مسرحيّة ذي قار.
  • مسرحيّاته الّتي لم تُنشر كامِلة وهي: محكمة الشّعراء، سمير أميس، تاج محل.


نَموذج مِن شعره

قالَ في قصيدته "في خندق":[٧]


أخي لا تقذف النار نريد إصابة المرمى فما نتبين الأشياء في هذا الدجى الأعمى تريث إنهم آتون لن يتجنبوا الدربا على مرمى خطى منا نصب حقودنا صبا أتنظر؟ إنهم يسرون في بطء وفي حذر ِ كأن قلوبهم قرأت لهم ما خط في القدر ِ دنو منا دنو منا تبصّـر إنهم كثــُـرُ دنو حرك زناد المو ت يا للأرض تستعرُ ويا لجهنم تعوي وتف غر باللظى فاها وتطبق جفنها الدامي على أشلاء قتلاها سكون قاتل انظر حيالك إنهم رمم هنا أيد مقطعة هنا رأس هنا قدم أخي ما بي؟ أرى قدميّ تصطكان من ألم ِ أظن شظية طافت بصدري وانطفت بدمي أخي خدرت يدي، خارت قوايَ، تنهـّد الجرحُ فقم أنت ودعني يا أخي هيهات لن أصحو وداعا وطني الغالي وداعا متع الدنيا وداعا يا أخي إني انتهى أجلي وداعا يا...


وفاة عُمر أبو ريشة

تُوفي الشّاعر عُمر أبو ريشة في السّعوديّة عام 1990 إثر جلطة دماغيّة جعلتهُ مُلازمًا للفراش مُدّة سبعة أشهر، ونُقِل جُثمانه إلى حلب حسب وصيّته،

فدُفِن فيها.[٨][٩]


ولقراءة معلومات عن غيره من الشعراء: أبو القاسم الشابي، إيليا أبو ماضي.

المراجع

  1. عصام الدين نور ، الصورة الفنيّة في شعر عمر أبي ريشة، صفحة 22-24. بتصرّف.
  2. مصطفى مواس ، بلاغةُ الإطناب في ديوان عمر أبو ريشة التكرار والاعتراض بأسلوب النّداء نموذجين، صفحة 219-220. بتصرّف.
  3. تيسير النسور، رجب الصوالحة، الغزل في شعر عمر ابو ريشة، صفحة 1579-1583. بتصرّف.
  4. سلام التركماني، شعر عمر أبو ريشة بين مصادر الثقافة العربيّة ملامح الحضارة العالمية، صفحة 14-16. بتصرّف.
  5. أنور فشوان، الصورة الفنيّة في شعر عمر أبو ريشة: دراسة تحليلية نقدية، صفحة 835-838. بتصرّف.
  6. محمد الحيصة، البناء الفني في شعر عمر أبو ريشة، صفحة 17-18. بتصرّف.
  7. عمر أبو ريشة، ديوان عمر أبو ريشة، صفحة 85-88. بتصرّف.
  8. سلام التركماني، شعر عمر أبو ريشة بين مصادر الثقافة العربية وملامح الحضارة العالمية، صفحة 17. بتصرّف.
  9. محمد الحيصة، البناء الفني في شعر عمر أبو ريشة، صفحة 18. بتصرّف.