عُروة بن الورد

هُو عُروة بن زيدٍ بن عبد الله بن ناشب بن عبس، كانَ يُلقَّبُ بِعروة الصَّعاليك؛ وذلِكَ لأنَّهُ كانَ يجمعُ الفُقراء، والمستضعفينَ، والصّعاليك ويقومُ بأمرهم، كَما أنّ عُروة بن الورد كانَ يُجسِّدُ في صفاتِهِ ومزاياه صِفاتَ الصّعاليكَِ في العصر الجّاهليِّ، فتحلّى بالثّورةَِ على الظُّلم والكرم، والشّجاعةَِ والإقدام، والقيادةِ، والتَّفكيرِ المنطقيِّ السَّليم، ويُعدُّ شاعِرًا تميّز بشعره الصّريح، وقوّةِ تأثيره، إضافةً إلى لهجَتِهِ الّتي تميَّزت بالشَّعبيَّة والّتي كانت تتوجَّهُ إلى الجَّماعاتِ لا إلى الأفراد، وكانت مليئةً بالحكِمِ والدُّروس، لِذا فكانَ عُروة محطَّ اهتِمام النُّقادِ والدَّارِسين.[١]


مولد عُروة بن الورد ونشأته

عُروة بن زيدٍ بن عبس، الشّاعرُ والفارِسُ الَّذي لا يُعرَفُ مكانُ مولده وتاريخه، نشأ في بِلادِ نجدٍ وأطرافِها؛ أي بالقُربِ منَ الحِجازِ، والعِراق، حيثُ تقع منازِلَ قبيلةِ عبس، عاشَ عروة مُعزَّزًا مُكرَّمًا في قبيلَتِهِ، كَما كانَ يحمِلُ نفسًا كريمةً مما جعَلتْهُ مُهذّبًا في ثورَتِه، لا يغزو لسفك الدّماءِ والنَّهب.[٢]


تعليم عُروة بن الورد

تشكّل الشعر الجاهليّ لدى عروة بن الورد، فكان وليد الحياة الصّحراويّة الجاهليّة ومرآتها، حيث لم يكن في البادية علم منظّم، ولا معارف مدوّنة، بل كانت لهم معارف عامّة، وتجارب تدلّ على ذكاءٍ فطريّ، وملاحظةٍ دقيقة، فعرف عروة وغيره من قاطني الصّحراء التجارب الطّبّيّة، وبيطرة الخيل، وبرعوا في الفراسة، وخبروا القيافة، وكانوا من أكثر الأمم عنايةً بأنسابهم، واعتزازًا بمآثرهم.[٣]


المَنهج الأسلوبيّ في شعر عُروة بن الورد

تميَّز شِعر عُروة بن الورد بأنَّهُ مجموعة من المقطوعات القصيرة، وليست مجموعة قصائد، فأطولُ مقطوعة بلغت ستةً وعشرين بيتًا، وذلكَ لأن عُروةَ بن الورد لم يلتَزِم بِهيكل القصيدةِ الجَّاهليَّة ومُقدِّماتِها التَّقليديَّة؛ فالقصائدُ الجّاهليّة الطّويلة إذا حُذِفَت مِنها مُقدِماتُها وبقيت أبياتها الّتي تتناول موضوعًا واحِدًا، لم يكُن هذا الجُزء أطول بِكثيرٍ مِن قصائدِ عُروة بن الوَرد، فقالَ الأصمعيّ: "عُروة شاعرٌ كريم وليسَ بِفحل". وتميّزت مقطوعات عُروة بالوحدة الموضوعيّة، فقد كانَ يتناولُ موضوعًا وهدفًا واحِدًا، بعيدًا عن الوقوفِ بالأطلالِ، أو الغزلِ، والمدح، كَما أنَّهُ لم يلتزم بوحدة البَيت بَل كانَ يعطي أفكاره حقّها حتى وإن امتدّت إلى أكثرِ من بيتٍ، أمّا عن مواضيع مقطوعاته فَكانت وجدانيّة.[٤]


مؤلّفات عُروة بن الورد

لِعروة بن الورد ديوانٌ يضمُّ 260 بيتًا، تمّ تجميعها مِن قِبل الدّكتور سعدي ضناوي.[٥]


نَموذج مِن شعر عُروة بن الورد

قالَ عُروة في قصيدته "ما الدّهر؟": [٦]


جَزى اللَهُ خَيراً كُلَّما ذُكِرَ اِسمُهُ أَبا مالِكٍ إِن ذالِكَ الحَيُّ أَصعَدوا وَزَوَّدَ خَيراً مالِكاً إِنَّ مالِكاً لَهُ رِدَّةٌ فينا إِذا القَومُ زُهَّدُ فَهُم يَطرَبَن في إِثرِكُم مَن تَرَكتُمُ إِذا قامَ يَعلوهُ حِلالٌ فَيَقعُدُ تَوَلّى بَنو زِبّانَ عَنّا بِفَضلِهِم وَوَدَّ شَريكٌ لَو نَسيرُ فَنَبعُدُ لِيَهنَء شَريكاً وَطبُهُ وَلِقاحُهُ وَذو العُسِّ بَعدَ النَومَةِ المُتَبَرِّدُ وَما كانَ مِنّا مَسكَناً قَد عَلِمتُمُ مُدافِعُ ذي رَضوى فَعَظمٌ فَصَندَدُ وَلَكِنَّها وَالدَهرُ يَومٌ وَلَيلَةٌ بِلادٌ بِها الأَجناءُ وَالمُتَصَيَّدُ وَقُلتُ لِأَصحابِ الكَنيفِ تَرَحَّلوا فَلَيسَ لَكُم في ساحَةِ الدارِ مَقعَدُ



وقالَ في قصيدة "دعيتني للغنى": [٧]


دَعيني لِلغِنى أَسعى فَإِنّي رَأَيتُ الناسَ شَرُّهُمُ الفَقيرُ وَأَبعَدُهُم وَأَهوَنُهُم عَلَيهِم وَإِن أَمسى لَهُ حَسَبٌ وَخيرُ وَيُقصيهِ النَديُّ وَتَزدَريهِ حَليلَتُهُ وَيَنهَرُهُ الصَغيرُ وَيُلفى ذو الغِنى وَلَهُ جَلالٌ يَكادُ فُؤادُ صاحِبُهُ يَطيرُ قَليلٌ ذَنبُهُ وَالذَنبُ جَمٌّ وَلَكِن لِلغِنى رَبٌّ غَفورُ



وفاة عُروة بن الورد

قُتِل عروة بن الورد على يدِ رجلٍ من بني طهية، أمّا عن تاريخِ وفاته فيقولُ الثّعالبيّ أنّهُ ماتَ قبل الإسلامِ بستّ وعشرين سنةً، ودائِرةُ المعارِفِ الإسلاميّة جَعلت وفاته قبل الإسلامِ بقليل، أما عن "لويس شيخو" فقالَ أنَّهُ ماتَ بعدَ ظُهورِ الإسلامِ، وقُبيل الهجرةِ، وحددها عامَ 616 للميلاد.[٨]

المراجع

  1. حسيبة برجة، de Copie de mémoirحسيبة جديد برجة1.pdf السّرد في شعريّة عروة بن الورد العبسي، صفحة 8-10. بتصرّف.
  2. نوال بوحوش، فريال خالد، تجليّات مكارم الأخلاق في شعر عروة بن الورد، صفحة 8-9. بتصرّف.
  3. أسماء محمد، ديوان عروة بن الورد أمير الصعاليك، صفحة 30. بتصرّف.
  4. رشيد بن قسمية، شعر عروة بن الورد دراسة أسلوبية، صفحة 10-11. بتصرّف.
  5. رشيد بن قسمية، شعر عروة بن الورد دراسة أسلوبية، صفحة 13. بتصرّف.
  6. أسماء محمد، ديوان عروة بن الورد أمير الصعاليك، صفحة 60. بتصرّف.
  7. أسماء محمد، ديوان عروة بن الورد أمير الصعاليك، صفحة 79. بتصرّف.
  8. لبنى زردي، الغربة في شعر عروة بن الورد مقاربة جمالية، صفحة 23. بتصرّف.