الشعر السعودي

يمكن القول إنّ الشعر في المملكة العربية السعودية لم يحظَ بالكثير من الدراسة والاهتمام على شاكلة الشِّعر القديم أو شِعر الأقطار الأخرى في العصر الحديث، وقد يعود ذلك إلى عدة أسباب وعوامل، غير أنّ ذلك لا ينفي عنه القوة والجزالة والاتسام ببعض الخصائص والسمات التي ميزته، وأنّه كان سجلًا لطبيعة الحياة السعودية ومجريات العصر فيها، ومن الجدير بالذكر أنّ الشعر السعودي اتسم بالانفصال عن الشعر القديم والاتصال بروح العصر، وقِصر القصيدة نسبيًا، إلى جانب تطور الأغراض الشعرية، وغيرها العديد من السمات، وقد مثّل ذلك مجموعة من الشعراء البارزين، في السطور التالية من هذا المقال ذكر لمجموعة منهم، ونماذج مما ورد من شعرهم.[١]


أشهر الشعراء السعوديين

نبغ من المملكة العربية السعودية عدد من الشعراء البارزين، من ضمنهم من يأتي ذكرهم:


محمد حسن عواد

يعرف محمد حسن عواد من مواليد عام 1902م بأنه من أهم دعاة التجديد في الفكر والأدب السعودي، وقد ترك أثرًا واضحًا في الأجيال من بعده، كما كان هو معجبًا ومتأثرًا بالعديد من الأدباء الذين سبقوه، من أمثال ميخائيل نعيمة والعقّاد، لكن تميّز محمد حسن عواد في الأفكار التي نادى بها ودعا إليها، والانفتاح والأسلوب الذي طرحها فيه، وقد عبّر عن بعض هذه الآراء في شعره، وفي ما يأتي نموذج مما قاله محمد حسن عواد:[٢][٣]


عشق الخلد طامحًا نزاعا فامتطى فنّه إليه طماعا شاعر فنّه يحلق بالفكر إلى عالم أشدّ ارتفاعا وله الفن قائما في أصول قد تبثّ الهدى وترمي الشعاعا


غازي القصيبي

يعدّ الدكتور غازي القصيبي الذي وُلد في محافظة الإحساء عام 1940م واحدًا من الشخصيات البارزة بصفة عامة في المملكة العربية السعودية؛ فبالإضافة إلى نظمه للشعر وإنتاجه الأدبي شغل غازي القصيبي في المملكة مناصب رفيعة عدة، فكان وزيرًا للصحة، وسفيرًا للسعودية في البحرين، وغيرها العديد من المناصب والأدوار المهمة، ويُذكر أنه بدأ نظم الشعر في سنّ مبكرة، وتفرّد بأسلوب خاص به، وسطّر فيه أبعادًا عدّة ما بين فكرية ووجدانية وجماعية وفقًا لمراحل حياته، ومن الأبيات الشعرية الجميلة التي نظمها غازي القصيبي قوله:[٤]


خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟ أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟ أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ سوى ثُمالةِ أيامٍ.. وتذكارِ بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا قلبي العناءَ!... ولكن تلك أقداري أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري



حمزة شحاته

يمكن أن يوصف الشاعر حمزة شحاته بأنه واحد من الشعراء السعوديين الذين أعلوا مكانة الشعر السعودي في الأدب العربي، وذلك من نواحي متعددة، تتمثل باللغة والأسلوب أو الصياغة، وبالرؤية والتجربة الشعرية أيضًا، إذ اتسم شعره بصورة عامة بالتشاؤم والشكوى، بالإضافة إلى الانطواء على النفس، والنظرة العبثية تجاه الحياة، وبناء على ذلك يتضح أنه كانت له في الشعر فلسفته الخاصة، ومن الأمثلة على شعر حمزة شحاته قوله:[٥]


النُّهى بين شاطئيك غريقُ والهوى فيك حالمٌ ما يفيق ورؤى الحبِّ في رحابك شتَّى يستفز الأسير منها الطليقُ ومغانيك في النفوس الصديا ت إلى ريِّها المنيع رحيقُ إيه يا فتنة الحياة لصبِّ عهده في هواك عهد وثيق سحرته مشابه منك للخلد ومعنى من حسنه مسروق كم يكر الزمان متئد الخط وغصن الصبا عليك وريق ويذوب الجمال في لهب الحب إذا اعتيد وهو فيك غريقُ تتصبيني به في دجا الليل وقد هفهف النسيم الرقيقُ مقبلاً كالمحب يدفعه الشوق فيثنيه عن مناه خفوق حملته الأمواج أغنية الشط فأفضى بها الأداء الرشيقُ



علي الدميني

وُلد الشاعر علي الدميني عام 1948م، وهو شاعر سعودي وصحفيّ وأديب وناشط سياسي أيضًا، له العديد من النشاطات الثقافية والأدبية، ومن الجدير بالذكر أنّ علي الدميني يعدّ من الشعراء السعوديين الذين مثلوا مرحلة مهمة من مراحل تطور الشعر السعودي، وهي التحول في شكل القصيدة وفي الرؤية أيضًا، فانتقل من القصيدة التقليدية إلى شعر التفعيلة، وقد جسّد من خلال الشعر الذات الشاعرة لديه، ومن الأمثلة على شعره قصيدته المعنونة بـ "الخبت" والتي يقول في بعض أبياتها:[٦][٧]

أنشدت للرعيان ثوب قصيدةٍ في البرّ

عاقرني الفؤاد على النوى

وتباعدت نوق المدينةِ عن شياهيْ

آخيت تشرابي الأمور بنخلة

وغرست في الصحراء زهو مناخي

"لا تقرب الأشجار" ألقاها الكثيب عليّ

أرّقني صباحي

لكن قلبي يجمع الأغصان، يشرب طعمها

ويؤلف الأوراق في تنّور راحي

"لا تقرب الأشجار" غافلني الفؤاد فمسّها، وهبطت

من عالي شيوخ قبيلتي أرعى جراحي


حسن بن عبد الله القرشي

يعدّ حسن بن عبد الله القرشي من أبرز الشعراء السعوديين، وهو من مواليد مكة المكرمة، شغل في المملكة العربية السعودية مناصب عدة، وكان سفيرًا لها في دولة السودان، وهو إلى جانب عمله الدولي كان شاعرًا متمكنًا وأصدر العديد من الدواوين الشعرية التي عبّر في قصائدها عن موضوعات مختلفة، واتسمت بخصائص فنية عديدة، ومن الأمثلة على شعر حسن بن عبد الله القرشي قوله:[٨]


أمل لاح بشيرًا مستهاما يملأ الدنيا ضياء وابتسامًا زخرت ملء ضفافيه الرؤى ساحرات، حاليات، تتهامى وتجلى -خالدًا- في موكب أفعم الروح نعيًا وغرامًا زاهرًا يهدي البشاشات ندى ويُجلّيها حياة لن تُضاما فدعوا الأطماع تذوي خسرًا ما جنت إلا شقاء وخصاما ليس من يكسب حمدًا ورضا مثل من يكسب حقدًا واتهامًا



المراجع

  1. أشجان محمد هندي، الشعر السعودي بين التأصيل والمعاصرة، صفحة 1. بتصرّف.
  2. بدرية المالكي، السعودي المذكرة الأخيرة.pdf أدب سعودي، صفحة 2. بتصرّف.
  3. دلال الشريف، مظاهر التجديد في شعر العواد، صفحة 176. بتصرّف.
  4. بدرية المالكي، السعودي المذكرة الأخيرة.pdf أدب سعودي، صفحة 10. بتصرّف.
  5. بدرية المالكي، السعودي المذكرة الأخيرة.pdf أدب سعودي، صفحة 2. بتصرّف.
  6. عبد الله آل حمادي، الوطن عند شعراء التجديد في المملكة العربية السعودية، صفحة 18. بتصرّف.
  7. "قصيدة الخبت"، ديوان. بتصرّف.
  8. مجموعة من المؤلفين، الأدب العربي وتاريخه في العصر الحديث، صفحة 28. بتصرّف.