الفرزدق
هو من شعراء المثلث الأموي وما عرف بالنقائض، شاعر تميمي، شاعر عربي أصيل، وهو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال، لقبه الفرزدق لقصره وغلظه؛ إذ يروى بأنه أصابه الجدري وهو صغير، وترك أثره على وجهه، فبقي جهمًا وضخمًا، أما في شهرته من شعره، فقد كان مقدم على الشعراء الإسلاميين، فيقول هو عن نفسه: "كنت أهاجي شعراء قومي وأنا غلام في خلافة عثمان بن عفان، فكان قومي يخشون معرة لساني منذ يومئذ، ووفد بي أبي إلى علي بن أبي طالب عام الجمل فقال له: إن ابني هذا يقول الشعر، فقال: علمه القرآن فهو خير له".[١][٢]
مولده
ولد الفرزدق في البصرة عام 641 م، وهو يعود إلى قبيلة دارم، التي تعود إلى بني تميم، لوالده غالب؛ سيد بادية بني تميم، ووالدته ليلى بنت حابس، وهي أخت الصحابي الأقرع بن حابس، أما جده لوالده فهو صعصعة؛ عظيم القدر لإحياءه الوئيدة، والذي كان يقال عنه بأنه اشترى 360 بنت لحمايتها من ذلك، فيقول الفرزدق عن جده:[٣][٢]
أما عن نشأة الفرزدق قد نشأ وترعرع في البصرة، وتزوج فيها من النوار، وهي ابنة عمه، وقد ذكر بأنه كان يشتهر بالنساء، ومن ذلك فقد تعددت زوجاته مع النوار، إلى أنه طلقها وندم على ذلك، أما عن حياته فقد أمضاها في التنقل بين الأمراء، والخلفاء، يمدحهم، أو يهجوهم.[٣][٢]
علمه وثقافته
حياة الفرزدق الأولى ونشأته بين مآلف الأشراف، ومنتداهم، جعلته ينهل من الفصاحة ومحددات الذكاء، فكان يسمع عن حياة العرب وأيامهم، وقصص السلف، وفرسانهم وملوكهم، وهذا ما عُرف عن قبيلته بني تميم، فيقول فيها ابن سلّام الجمحي في طبقاته: "أن شعر الجاهلية كان في ربيعة، ثم تحول في قيس، ثم آل إلى تميم، فلم يزل فيهم"، ومن ذلك بدأ الفرزدق بصقل قدرته على تشقيق الكلام، ونظم الشعر، ويقول الفرزدق في شعره: "إنما أتاني الشعر من قبل خالي"؛ إذ كان خاله العلاء بن قرظة الضبي؛ وهو شاعر ذو شأنٍ، إضافةً إلى أخو الفرزدق الأخطل، وهو شاعر معروف أيضًا، ومن ذلك فقد نشأ في بيئة شعرٍ وفصاحة.[٤]
أسلوبه
يمتاز الفرزدق في شعره بفخامة العبارة بمخالفة القياس، وجزالة اللفظ، وكثرة الغريب من الصيغ والتراكيب، فهو قد اعتمد في شعره فنونًا شتى، وأغراضًا، ومواضيعَ، ومعاني كثيرة [٥]، وذلك حتى قيل عنه: "لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث اللغة"، وذلك كله بأسلوب الإيجاز؛ أي أن المجاز هو ما غلب عليه، والذي ينبع من معرفته العالية في أسرار اللغة العربية، ومعانيها، وقدرة التصرف في شؤونها.[٦]
منهجه
تأثر الفرزدق في منهجه الشعري بشعراء الجاهلية، وشعرهم، فيلاحظ القارئ في أشعاره وقصائده الإيجاز والاقتصاد في الألفاظ [٧]، كما تأثر كسائر غيره من العرب في أيامه؛ بالحركة الدينية التي سيطرت على البصرة آنذاك، وما انتشر من ثقافات أخرى من مثل: اليونانية، والفارسية، والهندية، وعلى ذلك فقد لازم الفرزدق الحسن البصري، ليحضر معه حلقات العلماء، ويستفيد من مجريات الأحداث، ومن هنا بدأ منهجه في اشتقاق الكلام، والصيغ الجديدة، والغريبة بالظهور، فجمع بين الشعر الجاهلي، وغرابة المصطلحات، ليكون سباقًا في منهجه الذي سار عليه، فيقول هو في أشعاره وقدرته فيها[٨]:
مؤلفاته وأشهر أشعاره
للفرزدق ديوان شعري يضم العديد من القصائد المرتبة على حسب أبجدية القوافي، ومن أشهر قصائد الفرزدق، قصيدته التي قالها في مدح زين العابدين علي بن الحسين، واسمها الميمية، وفيها تظهر عاطفة الفرزدق وتتجلى في حبه لآل البيت[٩]، يقول في مطلعها[١٠]:
وفاته
توفي الفرزدق عام 733م، أثر مرض يسمى الدبيلة، متجاوزًا المئة عامٍ من عمره، وقد قال ساعة موته[١١]:
وبذلك فقد ترك خلفه شعرًا قال عنه أبو عمرو بن العلاء بأنه يشبه من شعراء الجاهلية بزهير، أما ابن هبيرة فقال عنه: "ما رأيت أشرف من الفرزدق هجاني أميرًا، ومدحني وزيرًا".[١٢]
المراجع
- ↑ الفرزدق، ديوان الفرزدق، صفحة 7. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ايليا الحاوي، شرح ديوان الفرزدق، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب شرح الاستاذ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 6-5. بتصرّف.
- ↑ د حلمي محمد عبد الهادي، اللغة في شعر الفرزدق، صفحة 7-9. بتصرّف.
- ↑ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 8 10. بتصرّف.
- ↑ د حلمي محمد عبد الهادي، اللغة في شعر الفرزدق، صفحة 7 11. بتصرّف.
- ↑ د حلمي محمد عبد الهادي، اللغة في شعر الفرزدق، صفحة 10. بتصرّف.
- ↑ دحلمي محمد عبد الهادي، اللغة في شعر الفرزدق، صفحة 21-23. بتصرّف.
- ↑ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 511-512. بتصرّف.
- ↑ سو ماردي بن أسمان، المجاز في شعر الفرزدق، صفحة 18. بتصرّف.
- ↑ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 8. بتصرّف.