العوامل المؤثرة في الشعر العربي

الشعر العربي

الشعر هو لغة العرب وفنها الأول منذ الجاهلية الأولى قبيل الإسلام والدين الحنيف، وقد تأثر هذا الشعر وتطور مع الوقت والزمن والعصور، لما آل إليه اليوم من شعر عربي حديث ومتجدد، هذا التغيير كان بتأثير عدة عوامل مهمة؛ بدأت مع ظهور الإسلام^[١]، حيث وأن الشعر فن من فنون الأدب، يجمد حين تركد الحياة، ويتطور حين تتطور، ويتجدد بما يطرأ عليها من أحداث داخلية وخارجية^[٢]، أما عن تعريف الشعر العربي نفسه؛ فهو تعبير مقصود به أي شعر كتب أو يكتب باللغة العربية بشرط أن يكون موزوناً ومقفى، وذلك للقديم والحديث منه، باستثناء قصيدة النثر منه^[٣].

العوامل المؤثرة في الشعر العربي

أصيب الشعر العربي بالجمود والتطور على مر الأزمنة والفترات الزمنية المختلفة، فكان لها التأثير الواضح والجلي عليه، ومن هذه العوامل التالي:

الجاهلية

استخدم العرب في الجاهلية اللغة العربية في أشعارهم، للتعبير عن منازعاتهم، مفاخراتهم، ومنافراتهم، أو حتى المديح منه، وحيث أنهم كانوا أهل بداوة، كانت هذه هي الأغراض التي لها الشعر قائل، وقد كانت طبقات الشعراء في الجاهلية ثلاث طبقات؛ الأولى من اتخذ من الشهر حرفة ومهنة له، وكرس حياته فيه، والطبقة الثانية من يقول الشعر لترجمة ما في نفوسهم فقط، كالسرد أو الخبر، أما الثالثة، فهم الصعاليك، وهم من عاشوا على تحدي الصعاب والغزوات ومقت الأغنياء^[٤]، ولما كان شعرهم مختصرًا من غير وزن أو نظم، بدأوا بتهذيب النثر منه، وتقسيمه إلى فقرتين متوازنتين، فإذا اكتملت سميت بالرجز، ومن ذلك تنوعت الأوزان، حتى طالت القصيدة؛ على يد مهلهل بن ربيعة التغلبي، بعد أن كانت بيتاً أو بيتين، وبذلك وجدت القصائد الجاهلية المنظومة^[٥]، التي تدرجت بالرقي الشعري واللغوي، وبذلك فإن الشعر الجاهلي؛ يمتاز بالقوة والمتانة والبلاغة اللغوية، إضافة إلى قوة السبكي والبيان والالتزام بحور الشعر من روي وقافية وما إلى ذلك^[٦]، ومن أشهر شعراء الجاهلية، أمروء القيس.^[٧]

الإسلام

كان الإسلام بمثابة الثورة على شعر وشعراء الجاهلية، فالعداوة بين الدعوة الأسلامية والشعر الجاهلي لم تكن سرًا، إذ كان شعراء الجاهلية شديدي الوطأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صحابته، وحيث أن كتاب الله البليغ شغل الناس بالدعوة إليه، فخلف هذا الأمر حنقًا لدى شعراء الجاهلية، علاوة على تحريم الهجاء والخمر، مما أضعف بنية الشعر العربي ودوافعه، فلم يعد للشعراء شيء يتغنون به، وانشغل الأخرون ممَن اختاروا الإسلام بالغزوات والفتوحات، وبذلك في مرحلة صدر الإسلام الأول، كان الشعر العربي في أضعف حالاته^[٨]، نذكر من ذلك تشبيه مشركي قريش النبي عليه الصلاة والسلام بالشاعر، فرفع القرآن نفسه عن هذا المعنى وجعل الناس تنظر إلى الشعر على أنه تقليد جاهلي لا طائل منه، فضعف وأضمحل^[٩]، ولكن المهم هو أن القرآن الكريم لم يحارب الشعر في ذاته، بل في المنهج الذي سار عليه بعض الشعراء، من الانفعال والأهواء الغير مضبوطة، والدليل على هذا، وصول أشعار حسان بن ثابت، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له" لشعرك أجمل عند قريش من سبعين رجلا مقاتلا"، إي أن النهج المتبع في الشعر هو الذي تمت محاربته وليس الشعر بحد ذاته^[١٠]، وقد بقيت القصيدة على حالها في البناء كما كانت في الجاهلية مع اختلاف الأغراض في بعضها فقط، مع مراجعته وتنقيحه.^[١١]

العصر الأموي

قامت الأحزاب، وانتهت أسباب انشغال الشعراء عن شعرهم، وفتح المسلمون البلدان الغربية والثقافات المختلفة، واختلطوا بشعوبها، ولكن الشعر اعتزل كل ذلك، وعاد إلى شعر الجاهلية الأولى، فكان الأمويين والجاهليين على شبه تام أو شبه تام في أشعارهم، فلم يكن ذلك تطورًا فيه، حتى وإن وجدت الفوارق، فهي بسيطة، أما أسباب هذا الاتجاه، فتعود إلى أن الخلافة الأموية من مثل عبدالملك بن مروان، والحجاج وغيرهم، في أنهم لم يكونوا يريدون التمثل بما لدى الغرب من مثل كسرى وغيره، بل أرادوا العودة إلى ما هم في الأصل، من فرسان، ومظاهر والبداوة وما فيها من صفات بدوية، ولا بد من القول أن هذا أمر طبيعي، فقد كانوا بحاجة إلى نموذج يحتذونه في الشعر، كالفخر، الغزل، الرثاء، وحتى الهجاء وغيره من أغراض الشعر، وبذلك حافظوا على بناء القصيدة الجاهلية^[١٢]، فحسنوا أساليبها، من ذلك نجد أن معانيها رقت، وألفاظها ازدانت، تبعًا لحالة العصر الجديد وما فيه من مظاهر^[١٣]، من أمثال شعراء العصر الأموي؛ جرير بن عطية^[١٤].

العصر العباسي

في هذا العصر، انفصل الشعر عن ما كان عليه في القدم، فقيام الدولة العباسية على أسنة الرماح، من ثم انتصارها على الفرس، بنى القصيدة العربية، بما ارتفع من أصوات مفاخرة بالعرب، علاوة على اتصال العرب بالدول الغربية من مثل الدولة الفارسية التي أعطت وأخذت الكثير من النواحي الدينية والأدبية، وتأثير الروم على العرب بالفلسفة والمنطق وغيره من العلوم، وبهذا؛ كان التأثير جميعه جليًا على بناء القصيدة^[١٥]، وطلب لون للشعر يخالف ما كان عليه، هذا الشعر الحديث كان شعرًا شعبيًا، يعالج العواطف العالقة والمتصلة بالنفوس^[١٦]، كما كان ذو أسلوب سهل مفهوم ينسجم مع واقع الحياة، وذلك بالابتعاد عن الألفاظ الغريبة أو البدوية التي قل استعمالها وهجرت، لإيجاد ألفاظ أعجمية جديدة ومحسنات بديعية متطورة، كما استعملوا المحصنات الكلامية، والطباق والجناس، وتفنن الشعراء في إمكاناتهم اللغوية والشعرية، وأوجدوا بحورًا وأوزانًا جديدة، وطوروا علم العروض، من أمثال شعراء العصر العباسي؛ البحتري. ^[١٧]

الأندلس

انتشرت اللغة العربية في الأندلس مع الفتوحات الإسلامية، فبدأ شعراء الأندلس في تقليد الشعراء العرب المتفاخرين بنسبهم وأصلهم، فتطور وارتقى عما كان فيه لما هو أفضل، فظهرت معان وأساليب جديدة وظهر الموشح الأندلسي في الشعر، الذي هو علامة فارقة ومفخرة من مفاخر الشعر الأندلسي،^[١٨]ومن أهم شعراء الأندلس؛ أحمد بن زيدون.^[١٩]

أغراض الشعر العربي

وجد الشعر العربي مع أغراض يمثلها ويتغنى بها، وهي كالتالي^[٢٠]:

• المديح؛ حيث شاع على طول الشعر العربي حتى أنه اتخذه بعض الشعراء مهنة من مثل الأعشى.
• الفخر؛ وهو كالديرون ولكن ما يذكره الشاعر من خصال وصفات به هو، لا أحد غيره، أو قومه، كالتالي في كلمهم ورفعة حسبهم.
• الحماسة، من سرعة الإنسان وبديهته في أرض المعركة، وقوته.
• الرثاء، وهو ذكر محاسن الميت، وإظهار التفجع على موته.
• الهجاء؛ من ذكر وتعديد سيئات للمرء ونفي المكارم عنه.
• الاعتذار، ليدرأ الشاعر عنه التهم والترفق به.
• الوصف، بذكر الصفات الحسية وشرح حال الشيء وهيئته.
• الغزل، بالتكلم عن المحبوب والشوق إليه والعشق.