تعريف بالشاعر ابن الفارض

هو عمر بن علي بن المرشد بن علي، ولد في القاهرة بمصر سنة 576 للهجرة/ 1181 للميلاد، من أسرة حموية سورية الأصل، يكنّى بأبي الحفص وأبي عاصم، وينعب بشرف الدين، وكان يُعرف بابن الفارض لأن أباه كان يعمل فارضاً أي يكتب الفروض للنساء على الرجال.[١]


عُرف ابن الفارض بأنه شاعر متصوّف من العصر العباسي، كانت أغلب أشعاره تتحدث عن الحب الإلهي، لذلك لُقّب بـِ "سلطان العاشقين"، وقد اشتغل بكتابة الشعر مدة أربعين عاماً.[١]


حياة ابن الفارض

نشأ ابن الفارض تحت كنف أبيه العابد الزاهد الورع، فلمّا شبّ ظهر ميله إلى التديّن والخلوة للعبادة والتأمل، والتجرّد الروحي على الطريقة الصوفية، فكان كثيراً ما يتردد على وادي المستضعفين بالمقطم، وبعد وفاة والده أشار عليه أحد الأتقياء بأن يقصد مكة فأقام فيها خمسة عشر عاماً، سائحاً بين الأودية، وطوّافاً حول الكعبة، متعبداً في البقاع المقدسة، وكان صواماً للنهار متهجداً في الليل، متجرّداً من المادة راغباً بالظفر بمحبوبه الأسمى.[١]


منزلة ابن الفارض الأدبية والروحية

اشتهر ابن الفارض بمكانته الأدبية والفنية وذاع صيته على ألسنة الناس، فقد تميّز شعره بالمعاني العميقة والقيّمة، وتصوير الروح، وتوزعت عواطفه بين عالمي المادة والروح، كما تحدّثت أكثر أشعاره عن الحجاز والحنين إليها، وتجدر الإشارة إلى أنّ الناس كانوا يجتمعون في بيت في مصر لحضور مجالس الذكر وهم يتغنون بأشعار ابن الفارض. [٢]


من أشعار ابن الفارض


قصيدة "أخفي الهوى ومدامعي تبديه":[٣]



أُخفِي الهَوَى وَمَدَامِعِي تُبْدِيهِ، وَأُمِيتُهُ وَصَبَابَتِي تُحْيِيهِ. وَمُعَذِّبِي حُلْوُ الشَّمَائِلِ أَهْيَفٌ، قَدْ جمعتْ كلُّ المَحَاسِنِ فِيهِ. فكأنهُ فِي الحُسْنِ صُورَةُ يوسفٍ، وكأنني فِي الحُزنِ مِثْلُ أبيهِ. يا حارقا بالنار وجه محبه مهلا فإنّ مدامعي تطفيهِ. أحرق بها جسدي و كل جوارحي واحرص على قلبي فإنك فيهِ. إن أنكر العشاق فيك صبابتي فأنا الهوى و ابن الهوى و أبيهِ.



قصيدة "إن كان منزلتي في الحب عندكم":[٤]



إنْ كان مَنزِلَتي في الحبّ عندكُمُ ما قد رأيتُ فقد ضيّعْتُ أيّامي أُمْنِيّة ظفِرَتْ روحي بها زَمَناً واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحلام وإن يكُنْ فرطُ وجدي في مَحَبّتِكُمُ إثْماً فقد كَثُرَتْ في الحبّ آثامي ولو علِمْتُ بأَنّ الحُبّ آخِرُهُ هذا الحِمَامُ لَمَا خالَفتُ لُوّامي أَودَعْتُ قلبي إلى مَن ليس يحفظُه أبصرْتُ خلفي وما طالعتُ قدَّامي لقد رَمَاني بسهمِ من لواحِظِهِ أصْمى فؤادي فوا شوقي إلى الرامي



من "قصيدة قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي":[٥]



قلبي يُحَدّثني بأَنّكَ مُتْلِفِي روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ لم أَقْضِ حَقّ هَواكَ إن كُنتُ الذي لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ في حُبّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي ثوبَ السّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي والصّبْرُ فانٍ واللّقاء مُسَوّفي لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِفِ واسأَلْ نجومَ اللّيلِ هل زارَ الكَرَى جَفني وكيف يزورُ مَن لم يَعْرِفِ لا غَرْوَ إن شَحّتْ بغُمْضِ جُفُونها عيني وسَحّتْ بالدّموعِ الذّرّفِ وبما جرَى في موقفِ التوديعِ مِنْ ألمِ النّوَى شاهدتُ هَولَ الموقفِ


المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن الفارض، ديوان ابن الفارض، صفحة 2. بتصرّف.
  2. "ابن الفارض"، الديوان، 16/11/2023، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2023. بتصرّف.
  3. "أخفي الهوى ومدامعي تبديه"، الديوان، 16/11/2023، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2023.
  4. "إن كان منزلتي في الحب عندكم"، الديوان، 16/11/2023، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2023.
  5. "قلبي يحدثني بأنك متلفي"، الديوان، 16/11/2023، اطّلع عليه بتاريخ 16/11/2023.