مُحمَّد مَهديّ الجواهريّ

هُو مهدي بن عبد الحسينِ بن عبد علي بن محمد حسن، المولودُ في العِراق، قد عاش في بيتٍ دينيٍّ عربيٍّ متوسّط وعريق، وهو واحِدٌ من عظماء الشُّعراء، الَّذينَ استطاعوا ببراعتهم، وعبقريّتهم أن يتربّعوا على عرشِ الشِّعرِ، فنظم الشِّعرَ بأسلوبه الخاص والمميز، وكانَ قادِرًا على خلقِ الإبداعِ والتّعامل مع أنظمةِ اللغةِ، فخلَقَ نصوصًا ترتَفِعُ إلى درجاتٍ عاليةٍ في سلّم الشعريّة، فكانَ مُحمّد الجّواهريّ قد استخدم عِدّة تقنيَّاتٍ، وأدواتٍ مُتنوّعة ومختلِفة، وذلك لإنتاجِ دلالاتٍ إيحائيَّةٍ، لتبثَّ حياةً في النَّص المَكتوب، وتهِبُ لهُ الخلود.[١][٢]


مولد الجواهريّ ونشأته

وُلِدَ مُحمّد مَهدي الجّواهِريّ عام 1899 للميلاد، في مدينة النّجف الواقِعة جنوب العِراق، كانَ شاهِدًا على قِيام الحركةِ القوميّة العربيّة، الّتي ظهرت بعدَ الحربِ العالميّةَِ الأولى، كَما أنَّهُ عاصَر الدّولة العثمانيَّةِ في أواخرِ أيّامَِها.[٣]

ينتمي الجواهريّ إلى أسرة متديّنة، وهو الأشرف من سلالة أسرة متقدّمة عمقًا بالغًا في التّاريخ الدّينيّ، والسّياسيّ، والاجتماعيّ للنّجف، وخاض غمار أحداث قرن صعب، ومعقّد، وحافل بالأحداث، وبدأ بالقريض مبكّرًا، واشتهر بعدّة ألقابٍ، منها: نابغة الشّعر العربيّ، وشاعر العرب الأكبر، ومتنبّي العصر، وغيرها.[٤]


تَعليمُ الجواهِريّ وأساتذته

تعلّم مُحمّد مهدي الجّواهريّ مبادئ الكِتابةِ والقِراءة على يدِ عددٍ من المُعلِّمينَ، كَما أنَّهُ التحق بالكُتّابَِ في السّادسة من عُمره في مدينة النَّجف، وبعدَها درس بالمدرسة الابتدائيّة حتى السّنة الخامِسة، كَما أنَّهُ تعلَّمَ النَّحو والصّرف، والبلاغةِ، والشِّعرِ والنَّثر على يدِ أخيهِ عبد العزيز، وابنُ عمَّتِه الشّاعِر الشرقيّ، والسيّد أبو القاسم، والشّيخ محمد الظَّالِميّ، والشّيخُ ثامر، والشيخ موسى الحصانيّ في الفقه، وكانَ يُريدُ والِدُ مُحمّد الجّواهَريّ أن يدرُسَ الفقه، لكنَ نفسَهُ لم تكُن تميل إلّا للشِّعر، فكانَ يختلِسُ قراءة الشِّعر، وبدأ بنظمه وهو في الرّاَبِعة عشر مِن عُمره، ودَفعَت بهِ هذه البِداية إلى المُطالعة خصوصًا في ميدانِ الشِّعر والشُّعراء.[٥]


المنهج الأسلوبيّ للجواهِريّ

يُعدُّ مُحمَّد مهدي الجّواهريّ شاعِرًا جمع بينَ الحكمةِ والشِّعر في المذهب الّذي يقول بأنَّ الشِّعر تمثال الشُّعور، ومرآةُ النَّفسِ، ويُعدُّ أيضًا مِن شعراء الحداثةِ حسب زمنه، وإلى مفهوم القُدامى مُتمثِّلًا في الشّعر"عمود الشعر"، فكانَ الجّواهريّ لهُ اتّجاهين: أوّلهما بالقِياس إلى الشِّعر التقليديّ في زمِنه، حيثُ أنّ قصائده كَما وُصِفَت بأنَّها تهزُّ الأرواح، وتُثيرُ النُّفوسِ، أمّا عن ثانيهما فبالقياسِ إلى شعرِ الحداثة الّذي أحدثه السيّابُ، والبيّاتيُّ في بنية القصيدة العربيّة، وشكلها البصريّ، أما الائتلاف في شعرِ الجّواهريّ فقد سارَ على نهج أبي تمام، والمتنبي، فواكب شعره العصر في موضوعاته وتعابيره.[٦]


مؤلّفات الجواهريّ

في عامِ 1949 و1950م، كانَ قد أصدر محمّد مهدي الجّواهِريّ الجّواهريّ الجزء الأول والثّاني من ديوانه، وقد ضمّ هذا الديوان قصائده الَّتي نظمها في الأربيعينيّات، والّتي كانَ قد برَزَ فيها شاعِرًا كبيرًا، ومِن بينِها: قصيدة "ستالينغراد"، و"المقصورة"، و"المَعرِّيّ"، و"أبو التِّمن"، و"الوتريّ"، و"سواستبول"، و"أجب أيُّها القلب"، و"أخي جعفر "، و "يوم شهيد".[٧]


نموذج مِن شِعر الجواهِريّ

قالَ مُحمّد مهدي الجّواهِريّ في قصيدته "الأنانيّة":[٨]


أرى الدهر مغلوباً وغالبا فلا تَعتِبَنْ لا يسمعُ الدهرُ عاتبا ولا تكذبنْ، ما في البرية راحمٌ ولا أنت فاترُكْ رحمةً عنك جانبا تمكّنَ ذو طَوْلٍ فأصبح حاكماً وجنّب مدحوراٌ فأصبح راهبا وفاتت أناساً قدرةٌ فتمسكوا ولم يُخْلقوا أُسداً فعاشوا ثعالبا إلى روح "مكيافيل" نفحُ تحية وصوبُ غمامٍ يترك القبرَ عاشبا أبان لنا وجهَ الحقيقةِ بعد ما أقام الورى ستراً وحاجبا ولو رُمتُ للعَوْرات كشفاً أريتُكُمْ من الناس حتى الأنبياءِ عجائبا أريتكُمُ أنَّ المنافعَ صُوِّرتْ محامدَ والحرمانَ منها معايبا أريتكُمُ أنَّ ابنَ آدمَ ثعلبٌ يماشيك منهوباً ويغزوك ناهبا لحفظ "الأنانياتِ" سُنَّتْ مناهجٌ على الخلق صَبَّتْ محنةً ومصائبا يجرُّ سياسيُّ عليها خصومَه ويدرك دينيُّ بهنّ المطالبا فان تراني مستصرخاً من مُلِمَّة على الناس إذ لم أخدعِ الناسَ صاخبا فليس لأني ذو شعور وإنّما أردتُ على الأيام عوناً وصاحبا هي النفس نفسي يسقط الكلُّ عندها إذا سَلِمتْ فليذهبِ الكونَُ عاطبا بلى ربما أهوى سواها لأنه يَجُرُّ إليها شهوةً ومآربا ولو مُكِّنََتْ نفسي لأرسلتَ عاصفاً على الناس يَذروهم وفجَّرتُ حاصبا فلو كنت دينيّا تخذت محمداً وعيسى وموسى حجة وركائبا تناهبتُ أموالَ اليتامى أجوزُها وأجمعُها باسم الديانة غاصبا ومهدتُ لي عيشاً أنيقاً بظلها ومتعتُ نفسي منه ثم الأقاربا ولو كنتُ من أهل السياسة لم أَدَعْ سناماً لمن أرتابُ فيهم وغاربا



تخذت الورى بالظن أحصى خطاهم ورحت لدقات القلوب محاسبا



وفاةُ الجواهِريّ

توفّي الجواهريّ عام 1997 في دمشق، الّتي أقام فيها إقامة دائمة، بعد أن كان مقيمًا في منفاه، في براغ الواقِعة في جُمهوريّة التشيك.[٩]


ولقراءة معلومات عن غيره من الشعراء: ابن زريق البغدادي، أبو القاسم الشابي.


المراجع

  1. سليمان جبران، مجمع الأضداد دراسة في سيرة الجواهريّ وشعره، صفحة 21. بتصرّف.
  2. مليكة خذيري، مليكة خذيري.pdf التّوليد الدّلالي في ديوان الشّاعر محمد مهدي الجّواهريّ، صفحة 15. بتصرّف.
  3. مليكة خذيري، مليكة خذيري.pdf التّوليد الدّلالي في ديوان الشّاعر محمد مهدي الجّواهريّ، صفحة 15. بتصرّف.
  4. صيتة علي عواد الحربي، الحنين للوطن في شعر الجواهري، صفحة 10. بتصرّف.
  5. مليكة خذيري، مليكة خذيري.pdf التّوليد الدّلالي في ديوان الشّاعر محمد مهدي الجّواهريّ، صفحة 19-20. بتصرّف.
  6. صيتة الحربي، الحنين للوطن في شعر الجواهري: دراسة فنيّة، صفحة 23-24. بتصرّف.
  7. صيتة الحربي، الحنين للوطن في شعر الجواهري: دراسة فنية، صفحة 18. بتصرّف.
  8. محمد الجّواهريّ، ديوان الجواهريّ، صفحة 8-9. بتصرّف.
  9. سليمان السناني، أنماط البطولة في شعر الجواهري دراسة موضوعاتية، صفحة 179. بتصرّف.