عنترة بن شداد

هو الشاعر والفارس عنترة بن شداد بن معاوية بن ذهل بن قراد بن مخزوم بن ربيعة بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس، وهو يعود لقبيلة بني عبس، ويذكر بأنه نشأ عبدًا إلى أن أخذ حريته، واعترف به والده في وقتٍ لاحقٍ من حياته، اشتهر شعره بالوقوف على الأطلال، والغزل، كما أنه صاحب معلقة شهيرة.[١]


مولد ونشأة الشاعر عنترة بن شداد

الغالب في مولد عنترة بن شداد هو أنه كان في عام 530 م، أو حولها، وذلك لكونه شهد حرب داحس والغبراء من أولها وحتى آخرها، والتي انتهت قبل دخول الإسلام، أما والدته فكانت أمة حبشية تُدعى زبيبة، وقع والده عليها فأنجبته، ومن ذلك لم يعترف به، فنشأ كالعبد، واستمر على ذلك حتى حرره والده في كبره، وقد تزوج من ابنة عمه عبلة بعدما تحرر.[٢]


ثقافة عنترة بن شداد وميزاته

ترعرع عنترة بن شداد لدى والدته الحبشية، حيث أن والده لم يعترف به، ولكنه أولاه رعاية الأغنام والإبل فعاش يرعاها، ويبيع منها ليشتري رمحًا، وسيفًا، ودرعًا، ويبدأ تعلم فنون القتال والفروسية، والانشغال بها منذ صغره، وبذلك كان فارسًا مغوارًا، وما شهد على ذلك تأريخه لمبارزاته ومعاركه، فاستخدم طلاقة لسانه وفصاحته لوصف بطولاته الحربية، فرسم قصائد كاملةً في ذلك، واشتهر بالشاعر، والمقاتل الشجاع.[٣]


كما عُرف عنترة بن شداد بأنه أحد أكبر شعراء الجاهلية، حيث تم عدّه من الطبقة الأولى، ومما أثرى ذلك كونه فارسًا مقدامًا، عمل على خدمة قبيلته، وغيرها بشجاعته الفذّة، ورغم وصفه بالحلم، إلا أنه كان شديد البطش، كما اشتهر بعفته، وكسب قوت يومه بيده، فلا يأخذ الغنائم بل يتركها لمن هم أحوج منه.[٤]


أسلوب ومنهج الشاعر عنترة بن شداد في أشعاره

لم تكن أشعار عنترة بن شداد في بدايتها ونشأتها سوى في منهجٍ وطريقٍ واحد ألا وهو وصف معاركه، وميادين القتال، فكان يتعمد تصوير شجاعته وفروسيته، والتي يؤكد من خلالها على استحقاقه حريته، وجدارته بها، لما فيه من خصال القوة والشجاعة، فيقول في ذلك: "إني امرؤ سأموت إن لم أقتل".[٥]


الأسلوب العام في أشعار عنترة هي ذاتها ما وجدت في الشعر العربي بشكلٍ عام، فوقف على الأطلال وعبّر بصدقٍ عن مشاعره، علاوةً على اشتمال أشعاره للغزل العذري، وشيء من الحكمة في وصف الحياة والموت[٦]، ولكن ما كان طاغيًا على جميع أشعاره من أسلوبٍ واضحٍ جليٍّ، وسمةً شعريةً كالبصمة هي اعتزازه بذاته، وتغنّيه بنفسه وبطولاته، علاوةً على اعتزازه بقبيلته، فتجده يداخل بين هذه السمات الأسلوبية الأساسية في جميع أغراض أشعاره.[٧]


هذا وقد اشتملت أشعاره على أسلوب استفهامٍ واضح، فعمد على تركيب جمل إنشائية طلبية اشتملت على كلماتٍ من مثل "هل، ما، كيف، وأي، وقد تكررت بشكلٍ ملحوظٍ، مثال على ذلك قوله في بيته الشعري، ومطلع معلقته الشهيرة[٨]:


هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم



مؤلفات الشاعر عنترة بن شداد

وجدت العديد من الدواوين الشعرية التي عُنيت بجمع أشعار عنترة، فكانت هنالك نسخة ديوان البطليوسي، والتي شرح فيها ديوانه، وهنالك ديوان الأشعار الستة، والذي اجتمع فيه عدة شعراءٍ مع دواوينهم، ومنهم عنترة بن شداد، كما أن كتاب منية النفس في أشعار عنترة عبس قد اهتم بجمع أشعار عنترة فقط، وشرحها، ويذكر بأنّ هذا الكتاب هو أول نسخة من ديوان عنترة بشكلٍ كاملٍ، من ثم توالت بعدها الشروحات، والنسخ من الدواوين التي اعتنت بشعر عنترة.[٩]


أشهر أشعار الشاعر عنترة بن شداد

لعنترة بن شداد معلقة هي الأشهر بين جميع أشعاره، فيقول في مطلعها:[١٠]


هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّه فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُن بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَه زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُه بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّم زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِه وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ



ومما ما ذاع صيته له قصيدته التي يقول فيها:[١١]


ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنّها لمعت كبارق ثغرك المتبسم أثني علي



وفاة الشاعر عنترة بن شداد

هنالك عدة رواياتٍ في وفاة الفارس المغوار عنترة بن شداد، فكان منها من قال: "بأنه أغار على بني نبهان من طيئ، فأطرد لهم طريدة وهو شيخ كبير، فجعل يرتجز وهو يطردها، ويقول: آثار ظلمان بقاع مجدب، قال: وكان وزير بن جابر النبهاني في فتوة فرماه وقال خذها وأنا ابن سلمى، فقطع مطاه، فتحامل بالرمية حتى أتى أهله وهو مجروح"، ومنها ما قيل بأنه "خرج فهاجت رائحة من صيف وهبت نافخة فأصابت الشيخ فوجدوه ميتًا بينهم"، ومن ذلك فإنه ليس هنالك موعد، أو تاريخ محدد لوفاته سوى الروايات المختلفة.[١٢]

المراجع

  1. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 7-14.
  2. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 7-9.
  3. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 10-8.
  4. عمر عبدالمعطي عبدالوالي السعودي، أسلوب الاستفهام في شعر عنترة بن شداد دراسة نحوية، صفحة 1343.
  5. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 10.
  6. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 11.
  7. محمد سعيد مولوي، ديوان عنترة، صفحة 104-105.
  8. عمر عبدالمعطي عبدالوالي السعودي، أسلوب الاستفهام في شعر عنترة بن شداد دراسة نحوية، صفحة 1343-1348.
  9. محمد سعيد مولوي، ديوان عنترة تحقيق ودراسة، صفحة 53-54.
  10. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 147-154.
  11. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 191.
  12. الخطيب التبريزي، شرح ديوان عنترة، صفحة 9-10.