إيليا أبو ماضي
هو إيليا ضاهر أبو ماضي، وهو شاعر المهجر الصحفي والمحرر، والكاتب والناقد، وإيليا هو شاعر مهجري لبناني، عاش حياته من أولها في بلده المحيدثة في لبنان، ثم ارتحل إلى الإسكندرية في مصر، ليستقر بعدها في بلاد المهجر وفي أمريكا تحديدًا، وينشر فيها مجلته "السمير" عام 1929، والتي كانت مجلة أدبية على نفقته الخاصة، وقد تحوّلت فيما بعد إلى جريدة سياسية يومية عام 1936. [١]
مولد إيليا أبي ماضي
ولد الشاعر إيليا أبو ماضي في بلدة المحيدثة في لبنان عام 1890، وفيها درس المرحلة الابتدائية، ثم هاجر منها إلى مصر مع عمه وهو ابن أحد عشر ربيعًا طلبًا للتجارة، وقد كان يطالع الكتب وينظم الشعر عند انتهاء عمله، كما كان يدرس قواعد النحو والصرف من ما يجده من الكتاتيب في الإسكندرية، وقد جمع ما كتبه في تلك الفترة في ديوان اسمه "تذكار الماضي"، ولم يلبث إيليا اليافع أن حمل أسفاره وهاجر إلى أمريكا عام 1911، خصوصًا بعد النقد اللاذع واللغوي الذي تلقاه في مصر من الأدباء، وقيل إنه قد خرج من مصر بعد أن خشي عليه أبوه من تدخله في السياسة. [٢][٣]
مسيرة إيليا أبي ماضي
انتقل إيليا أبو ماضي إلى مدينة نيويورك بعدما كان في مدينة سنسناتي، وهناك تعرف على جبران خليل جبران، ليقيما الرابطة القلمية فيها، ويعمل محررًا في جريدة مرآة الغرب، وفي الوقت نفسه ناسب إيليا نجيب دياب صاحب جريدة مرآة الغرب حين تزوج ابنته، وأصبح رئيسًا للتحرير فيها، وبعدها أنشأ مجلته الخاصة وهي مجلة السمير التي ذكرنا أعلاه أنها تحولت إلى جريدة سياسية، وهو ما أبقى إيليا أبا ماضي في المهجر إلى جانب أسباب تهجيره الأولى من الفقر والعوز، ويقول إيليا أبو ماضي واصفًا شعوره بالاغتراب: "لست أشكو إن شكا غيري النوى، غربة الأجسام ليس باغتراب"، ومن الجدير بالذكر أن انشغال إيليا أبو ماضي في التحرير والرابطة، لم يمنعاه من الكتابة وإصدار كتاب الجداول، وذلك عام 1927، وهو ما ظهرت وتجلت فيه عبقرية أبو ماضي الشعرية. [٢][٤]
أسلوب إيليا أبي ماضي
بدأ أبو ماضي رحلته الشعرية بديوانه تذكار الماضي في مصر، والذي لاقى نقدًا واسعًا، وقد تسبب ذلك بإزعاجه وإجباره على الهجرة، لذلك اتسم أسلوبه في بادئ الأمر بشيء من الاضطراب والتعقيد، لكنه ومع العمل في المجال الصحفي والتحرير نضجت أفكاره واتخذت منحًى آخر في تشكيلها وصياغتها، وهو ما ظهر في ديوانه الجداول، فقد استغنى عن الإطالة لأوضاع المعنى، وبدل ذلك بما هو قليل بلا تكلف.[٢]
منهج إيليا أبي ماضي
نهج إيليا أبو ماضي في بداية حياته الشعرية سهولة النظم، فكان التقليد والسير على خطا حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، والبارودي والأخطل الصغير جلي وواضح التأثير على كتابات أبي ماضي؛ إذ إن اختياره للمعاني والمفردات كان أسهل ما يكون، مما يجعل القارئ يفهمها دون جهد، ولكنها انطوت على إحساس كاتبها بالضعف والانفعال، وضعف التمرس الواضح، والذي كان النماء والتفوق هو طريقها المحتوم، ففي ديوانه التالي في مهجره الجديد أمريكا؛ يظهر ويتجلى منهجه في النزعة إلى الفلسفة، وتحريك الفكر إلى ماهية الحياة ومقصد الإنسان منها، وهو في الأساس ما وُجِدَ فيه من الفطرة والتكوين؛ إذ إنه غير منقطع التأمل والتفكير فيما حوله من أسباب للوجود والطبيعة، هذا ومن المهم ذكر تأثره بعد الهجرة برفيقيه جبران ونعيمة، إضافة إلى مكان نشأته في سفوح جبل صنّين بلبنان، الذي زرع فيه التفكير المستمر بالوجود ومعناه وغايته، فكان هذا هو مذهبه ومنهجه الأول. [٣]
أساتذة إيليا أبي ماضي
تأثر أبو ماضي بنظرة وفلسفة أبيقور للحياة، فيجده القارئ ما بين التفاؤل والتشاؤم، وما بين الإيمان والإلحاد، وقد وُصف بأنه أبيقوري في فلسفته وفي نظرته إلى الحياة، وذلك يعني بأنه ليس متفائلًا ولا متشائم، إذ إنه مرح؛ فهو لا ينكر الشرور ولكنه يعلم أن لا مفر منها، وبذلك انتهج الفرار من الألم في السعي نحو تحصيل اللذة، فيقول في ذلك: "وإذا ما أظل رأسك هم، قصر البحث فيه كي لا يطولا". [٢]
وممن كان لهم أثر في أبي ماضي أيضًا، الشاعر الفارسي عمر الخيام، فقد بدت آثار رباعياته على أبي ماضي في قصيدته تعالي، والتي يقول فيها "يريد الحب أن نضحك فلنضحك مع الفجر، وأن نركض فلتركض مع الجدول والنهر، وأن نهتف فلنهتف مع البلبل والقمري، فمن يعلم بعد اليوم ما يحدث أو يجري". [٢]
أشهر مؤلفات إيليا أبي ماضي
صدرت للشاعر إيليا أبي ماضي عدة دواوين شعرية ذاع صيتها، ومن أهمها: [٥]
- الجداول (1927): صدر الجداول في نيويورك، وهو ما أجمع النقاد على أنه يضم أفضل شعر لأبي ماضي، وقد كتب مقدمته ميخائيل نعيمة، وأثنى على عبقرية أبي ماضي في محتواه من تغيير ظاهر في الشكل والمضمون والتكوين، مما يدل على موهبته الفذة.
- الخمائل (1930): وهو ما سمي الشعر فيه بشعر التناقضات، لما فيه من وصف للجسد والروح، والثورة والسلام، وغيره العديد من ملامح النضج التي عرفت سبيلها إلى كتابات أبي ماضي، ليلمع نجمه فيها، ويحقق شهرة واسعة.
أقوال مأثورة لإيليا أبي ماضي
يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدة كن بلسمًا: "أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا، لولا الشعور الناس كانوا كالدمى". [٦]
وفاة إيليا أبي ماضي
توفي الشاعر إيليا أبو ماضي في 13 نوفمبر من عام 1957، وذلك إثر سكتة قلبية مفاجئة، ليورّث الأدب من بعده أعظم الأعمال الشعرية والأدبية، ويترك خلفه زوجته السيدة دورا، وابنيه ريتشارد وبوب. [١]
المراجع
- ^ أ ب الدكتور عفيف نايف حاطوم، يوميات ايليا ابو ماضي، صفحة 7 8. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج نجدت فتحي صفوة، ايليا ابو ماضي والحركة الأدبية في المهجر، صفحة 72-82. بتصرّف.
- ^ أ ب د عبدالكريم الأشتر، ايليا ابو ماضي حياته وشعره الأعمال الشعرية الكاملة، صفحة 11 37 35 27. بتصرّف.
- ↑ معزيز مختارية، النزعة التأملية في الشعرالعربي الحديث، صفحة 42- 55. بتصرّف.
- ↑ زوبة ليزة وقموم ليندة، القصيدة في ديوان إيليا أبوماضي.pdf&ved=2ahUKEwjS-uOr3-7wAhW88rsIHdwmC0I4ChAWMAF6BAgGEAI&usg=AOvVaw01aEkds2FBgMS8Xg51jXXA شعرية القصيدة في ديوان ايليا ابو ماضي، صفحة 9.
- ↑ ايليا ابو ماضي، ديوان ايليا ابو ماضي الجزء الثاني، صفحة 658.