المديح لغةً من الفعل مدحَ، وهو حسن الثناء الذي يميل له ويحبه كل إنسان، والمديح من أكثر الفنون الأدبية شيوعًا؛ حيث مال إلى النظم فيها وكتابتها الكثير من الشعراء، سواء أكان هذا المديح لإفرادٍ أم جماعات، ومعظم المعاني التي تحملها قصائد شعر المديح هي معانٍ مستمدة من البيئة العربية الصحراوية التي تحوي معاني القيم الإنسانية، وتحث على التمسك بها، والمعتمدة على الفروسية؛ فكان الشعراء يمدحون الشجاعة، والعزة، والجود، وأصالة النسب، وإكرام الضيف، وإكرام الجار أيضًا والاهتمام به، والفتك بالأعداء.[١]


قصيدة وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ

يقول أحمد شوقي مدحًا بمولد النبي محمد عليه الصلاة والسلام:[٢]


وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَـهَـلَّـلَـ ت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت وَحدَها ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في مَرضاتِهِ *وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ بُكاءُ وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ كَأَنَّما جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ لَم يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ عَداءُ وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها وَلَـوَ اَنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ الشاءُ وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ الآباءُ وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ وَالخُلَطاءُ وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو أَعطَيتَهُ فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ الـنَـكباءُ وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ رَجاءُ



من قصيدة كَفى بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا

يقول المتنبي في مدح كافور الإخشيدي:[٣]


أُغالِبُ فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ وَأَعجَبُ مِن ذا الهَجرِ وَالوَصلُ أَعجَبُ أَما تَغلَطُ الأَيّامُ فيَّ بِأَن أَرى بَغيضاً تُنائي أَو حَبيباً تُقَرِّبُ وَلِلَّهِ سَيري ما أَقَلَّ تَإِيَّةً عَشِيَّةَ شَرقِيَّ الحَدالَي وَغُرَّبُ عَشِيَّةَ أَحفى الناسِ بي مَن جَفَوتُهُ وَأَهدى الطَريقَينِ الَّتي أَتَجَنَّبُ وَكَم لِظَلامِ اللَيلِ عِندَكَ مِن يَدٍ تُخَبِّرُ أَنَّ المانَوِيَّةَ تَكذِبُ وَقاكَ رَدى الأَعداءِ تَسري إِلَيهِمُ وَزارَكَ فيهِ ذو الدَلالِ المُحَجَّبُ وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ أُراقِبُ فيهِ الشَمسَ أَيّانَ تَغرُبُ وَعَيني إِلى أُذنَي أَغَرَّ كَأَنَّهُ مِنَ اللَيلِ باقٍ بَينَ عَينَيهِ كَوكَبُ لَهُ فَضلَةٌ عَن جِسمِهِ في إِهابِهِ تَجيءُ عَلى صَدرٍ رَحيبٍ وَتَذهَبُ شَقَقتُ بِهِ الظَلماءَ أُدني عِنانَهُ فَيَطغى وَأُرخيهِ مِراراً فَيَلعَبُ وَأَصرَعُ أَيَّ الوَحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ وَأَنزِلُ عَنهُ مِثلَهُ حينَ أَركَبُ وَما الخَيلُ إِلّا كَالصَديقِ قَليلَةٌ وَإِن كَثُرَت في عَينِ مَن لا يُجَرِّبُ إِذا لَم تُشاهِد غَيرَ حُسنِ شِياتِها وَأَعضائِها فَالحُسنُ عَنكَ مُغَيَّبُ لَحا اللَهُ ذي الدُنيا مُناخاً لِراكِبٍ فَكُلُّ بَعيدِ الهَمِّ فيها مُعَذَّبُ أَلا لَيتَ شِعري هَل أَقولُ قَصيدَةً فَلا أَشتَكي فيها وَلا أَتَعَتَّبُ وَبي ما يَذودُ الشِعرَ عَنّي أَقُلُّهُ وَلَكِنَّ قَلبي يا اِبنَةَ القَومِ قُلَّبُ وَأَخلاقُ كافورٍ إِذا شِئتُ مَدحَهُ وَإِن لَم أَشَء تُملي عَلَيَّ وَأَكتُبُ إِذا تَرَكَ الإِنسانُ أَهلاً وَرائَهُ وَيَمَّمَ كافوراً فَما يَتَغَرَّبُ فَتىً يَملَأُ الأَفعالَ رَأياً وَحِكمَةً وَنادِرَةً أَحيانَ يَرضى وَيَغضَبُ إِذا ضَرَبَت في الحَربِ بِالسَيفِ كَفُّهُ تَبَيَّنتَ أَنَّ السَيفَ بِالكَفِّ يَضرِبُ تَزيدُ عَطاياهُ عَلى اللَبثِ كَثرَةً وَتَلبَثُ أَمواهُ السَحابِ فَتَنضَبُ أَبا المِسكِ هَل في الكَأسِ فَضلٌ أَنالُهُ فَإِنّي أُغَنّي مُنذُ حينٍ وَتَشرَبُ وَهَبتَ عَلى مِقدارِ كَفّى زَمانِنا وَنَفسي عَلى مِقدارِ كَفَّيكَ تَطلُبُ إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ يُضاحِكُ في ذا العيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ حِذائي وَأَبكي مَن أُحِبُّ وَأَندُبُ أَحِنُّ إِلى أَهلي وَأَهوى لِقاءَهُم وَأَينَ مِنَ المُشتاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ فَإِن لَم يَكُن إِلّا أَبو المِسكِ أَو هُمُ فَإِنَّكَ أَحلى في فُؤادي وَأَعذَبُ وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ يُريدُ بِكَ الحُسّادُ ما اللَهُ دافِعٌ وَسُمرُ العَوالي وَالحَديدُ المُذَرَّبُ وَدونَ الَّذي يَبغونَ ما لَو تَخَلَّصوا إِلى المَوتِ مِنهُ عِشتَ وَالطِفلُ أَشيَبُ إِذا طَلَبوا جَدواكَ أَعطوا وَحُكِّموا وَإِن طَلَبوا الفَضلَ الَّذي فيكَ خُيِّبوا وَلَو جازَ أَن يَحوُوا عُلاكَ وَهَبتَها وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لَيسَ يوهَبُ وَأَظلَمُ أَهلِ الظُلمِ مَن باتَ حاسِداً لِمَن باتَ في نَعمائِهِ يَتَقَلَّبُ وَأَنتَ الَّذي رَبَّيتَ ذا المُلكِ مُرضِعاً وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أَبُ



من قصيدة هِيَ النَفسُ ما حَمَّلتَها تَتَحَمَّلُ

يقول علي بن الجهم في مدح المتوكل:[٤]


عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ سَلِمنَ وَأَسلَمنَ القُلوبَ كَأَنَّما تُشَكُّ بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ السُمرِ وَقُلنَ لَنا نَحنُ الأَهِلَّةُ إِنَّما تُضيءُ لِمَن يَسري بِلَيلٍ وَلا تَقري فَلا بَذلَ إِلّا ما تَزَوَّدَ ناظِرٌ وَلا وَصلَ إِلّا بِالخَيالِ الَّذي يَسري أحينَ أزحنَ القَلبَ عَن مُستَقَرِّهِ وَأَلهَبنَ ما بَينَ الجَوانِحِ وَالصَدرِ صددنَ صدودَ الشاربِ الخمر عندما روى نفسَهُ عن شربها خيفةَ السكرِ ألا قَبلَ أَن يَبدو المَشيبُ بَدَأنَني بِيَأسٍ مُبينٍ أَو جَنَحنَ إِلى الغَدرِ فَإِن حُلنَ أَو أَنكَرنَ عَهداً عَهِدنَهُ فَغَيرُ بَديعٍ لِلغَواني وَلا نُكرِ وَلكِنَّهُ أَودى الشَبابُ وَإِنَّما تُصادُ المَها بَينَ الشَبيبَةِ وَالوَفرِ كَفى بِالهَوى شُغلاً وَبِالشَيبِ زاجِراً لَوَ اَنَّ الهَوى مِمّا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ أَما وَمَشيبٍ راعَهُنَّ لَرُبَّما غَمَزنَ بَناناً بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرِ وَبِتنا عَلى رَغمِ الوُشاةِ كَأَنَّنا خَليطانِ مِن ماءِ الغَمامَةِ وَالخَمرِ خَليلَيَّ ما أَحلى الهَوى وَأَمَرَّهُ وَأَعلَمَني بِالحُلوِ مِنهُ وَبِالمُرِّ بِما بَينَنا مِن حُرمَةٍ هَل رَأَيتُما أَرَقَّ مِنَ الشَكوى وَأَقسى مِنَ الهَجرِ وَأَفضَحَ مِن عَينِ المُحِبِّ لِسِرِّهِ وَلا سِيَّما إِن أَطلَقَت عَبرَةً تَجري



قصيدة هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ

يقول الفرزدق في مدح علي بن الحسين بن علي زين العابدين:[٥]


هَذا الَّذي تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ هَذا اِبنُ فاطِمَةٍ إِن كُنتَ جاهِلَهُ بِجَدِّهِ أَنبِياءُ اللَهِ قَد خُتِموا وَلَيسَ قَولُكَ مَن هَذا بِضائِرِهِ العُربُ تَعرِفُ مَن أَنكَرتَ وَالعَجَمُ كِلتا يَدَيهِ غِياثٌ عَمَّ نَفعُهُما يُستَوكَفانِ وَلا يَعروهُما عَدَمُ سَهلُ الخَليقَةِ لا تُخشى بَوادِرُهُ يَزينُهُ اِثنانِ حُسنُ الخَلقِ وَالشِيَمُ حَمّالُ أَثقالِ أَقوامٍ إِذا اِفتُدِحوا حُلوُ الشَمائِلِ تَحلو عِندَهُ نَعَمُ ما قالَ لا قَطُّ إِلّا في تَشَهُّدِهِ لَولا التَشَهُّدُ كانَت لاءَهُ نَعَمُ عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإِحسانِ فَاِنقَشَعَت عَنها الغَياهِبُ وَالإِملاقُ وَالعَدَمُ إِذا رَأَتهُ قُرَيشٌ قالَ قائِلُها إِلى مَكارِمِ هَذا يَنتَهي الكَرَمُ يُغضي حَياءً وَيُغضى مِن مَهابَتِهِ فَما يُكَلَّمُ إِلّا حينَ يَبتَسِمُ بِكَفِّهِ خَيزُرانٌ ريحُهُ عَبِقٌ مِن كَفِّ أَروَعَ في عِرنينِهِ شَمَمُ يَكادُ يُمسِكُهُ عِرفانُ راحَتِهِ رُكنُ الحَطيمِ إِذا ما جاءَ يَستَلِمُ اللَهُ شَرَّفَهُ قِدماً وَعَظَّمَهُ جَرى بِذاكَ لَهُ في لَوحِهِ القَلَمُ



من قصيدة على قدرأهل العزم

يقول الشاعر المتنبي في مدح سيف الدولة على إثر خروج سيف الدولة بجيشه الكبير إلى منطقة الحدث التي كانت قد وقعت في أيدي الرومان:[٣]


عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ


المراجع

  1. سراج الدين محمد، المديح في الشعر العربي، صفحة 8. بتصرّف.
  2. أحمد شوقي، الشوقيات، صفحة 43-50. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الرحمن البرقوقي، شرح ديوان المتنبي، صفحة 1230. بتصرّف.
  4. الشاعر علي بن الجهم، ديوان علي بن الجهم، صفحة 220. بتصرّف.
  5. الأستاذ علي فاعور، ديوان الفرزدق، صفحة 511-513. بتصرّف.