اشتهر الشعر الجاهلي بالغزل، إذ لا تكاد تخلو قصيدةٌ منه، ولعلّ الغزل أكثر فنون الشِعر الجاهليّ صِدقًا، فما أزجَتْهُ إلّا عاطفةٌ جيّاشة، بعيدًا عن التصنّع والتكلّف، ليكون تجربةً وجدانيّةً مُشترَكة، لا يفصح بها الشاعر عن مكنونات قلبه وعاطفته فحسب، بل عن عاطفة الإنسان الخالدة، وكأنّه يصوّر ما في قلوب العاشقين جميعًا، وفي هذا المقال نضع بين يديكم مجموعةً ممّا جاد به شعراء العصر الجاهلي من قصائد في الغزل بنوعَيْه العُذرِيّ والحِسّيّ.
قصيدة صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو
يقول زهير بن أبي سلمى:[١]
صَحا القَلبُ عَن سَلمى وَقَد كادَ لا يَسلو وَأَقفَرَ مِن سَلمى التَعانيقُ فَالثِقلُ وَقَد كُنتُ مِن سَلمى سِنينَ ثَمانِياً عَلى صيرِ أَمرٍ ما يَمُرُّ وَما يَحلو وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ يَوماً لِحاجَةٍ مَضَت وَأَجَمَّت حاجَةُ الغَدِ ما تَخلو وَكُلُّ مُحِبٍّ أَحدَثَ النَأيُ عِندَهُ سَلُوَّ فُؤادٍ غَيرَ حُبِّكِ ما يَسلو تَأَوَّبَني ذِكرُ الأَحِبَّةِ بَعدَما هَجَعتُ وَدوني قُلَّةُ الحَزنِ فَالرَملُ فَأَقسَمتُ جَهداً بِالمَنازِلِ مِن مِنىً وَما سُحِقَت فيهِ المَقادِمُ وَالقَملُ لَأَرتَحِلَن بِالفَجرِ ثُمَّ لَأَدأَبَن إِلى اللَيلِ إِلّا أَن يُعَرِّجَني طِفلُ
قصيدة خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندَبِ
يقول زهير بن أبي سلمى:[٢]
خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندَبِ
نُقَضِّ لُباناتِ الفُؤادِ المُعَذَّبِ
فَإِنَّكُما إِن تُنظِرانِيَ ساعَةً
مِنَ الدَهرِ تَنفَعني لَدى أُمِّ جُندَبِ
أَلَم تَرَياني كُلَّما جِئتُ طارِق
وَجَدتُ بِها طيباً وَإِن لَم تُطَيَّبِ
عَقيلَةُ أَترابٍ لَها لا ذَميمَةٌ
وَلا ذاتُ خَلقٍ إِن تَأَمَّلتَ جَأنَبِ
قصيدة إنَّ الخَليطَ أَجَدَّ البَينَ فَاِنفَرَقا
يقول زهير بن أبي سلمى:[١]
قامَت تَراءى بِذي ضالٍ لِتَحزُنَني وَلا مَحالَةَ أَن يَشتاقَ مَن عَشِقا بِجيدِ مُغزِلَةٍ أَدماءَ خاذِلَةٍ مِنَ الظِباءِ تُراعي شادِناً خَرِقا كَأَنَّ ريقَتَها بَعدَ الكَرى اِغتُبِقَت مِن طَيِّبِ الراحِ لَمّا يَعدُ أَن عَتُقا شَجَّ السُقاةُ عَلى ناجودِها شَبِماً مِن ماءِ لينَةَ لا طَرقاً وَلا رَنِقا ما زِلتُ أَرمُقُهُم حَتّى إِذا هَبَطَت أَيدي الرِكابِ بِهِم مِن راكِسٍ فَلَقا دانِيَةٍ لِشَروَرى أَو قَفا أَدمٍ تَسعى الحُداةُ عَلى آثارِهِم حِزَقا كَأَنَّ عَينَيَّ في غَربَي مُقَتَّلَةٍ مِنَ النَواضِحِ تَسقي جَنَّةً سُحُقا تَمطو الرِشاءَ فَتَجري في ثِنايَتِها مِنَ المَحالَةِ ثَقباً رائِداً قَلِقا لَها مَتاعٌ وَأَعوانٌ غَدَونَ بِهِ قِتبٌ وَغَربٌ إِذا ما أُفرِغَ اِنسَحَقا وَخَلفَها سائِقٌ يَحدو إِذا خَشِيَت مِنهُ اللِحاقَ تَمُدُّ الصُلبَ وَالعُنُقا وَقابِلٌ يَتَغَنّى كُلَّما قَدَرَت عَلى العَراقي يَداهُ قائِماً دَفَقا يُحيلُ في جَدوَلٍ تَحبو ضَفادِعُهُ حَبوَ الجَواري تَرى في مائِهِ نُطُقا يَخرُجنَ مِن شَرَباتٍ ماؤُها طَحِلٌ عَلى الجُذوعِ يَخَفنَ الغَمَّ وَالغَرَقا
قصيدة يا دارُ أَينَ تَرَحَّلَ السُكّانُ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
يا دارُ أَينَ تَرَحَّلَ السُكّانُ وَغَدَت بِهِم مِن بَعدِنا الأَظعانُ بِالأَمسِ كانَ بِكِ الظِباءُ أَوانِس وَاليَومَ في عَرَصاتِكِ الغِربانُ يا دارَ عَبلَةَ أَينَ خَيَّمَ قَومُه لَمّا سَرَت بِهِمُ المَطيُّ وَبانوا ناحَت خَميلاتُ الأَراكِ وَقَد بَكى مِن وَحشَةٍ نَزَلَت عَلَيهِ البانُ يا دارُ أَرواحُ المَنازِلِ أَهلُه فَإِذا نَأَوا تَبكيهِمُ الأَبدانُ يا صاحِبي سَل رَبعَ عَبلَةَ وَاِجتَهِد إِن كانَ لِلرَبعِ المُحيلِ لِسانُ يا عَبلَ ما دامَ الوِصالُ لَيالِي حَتّى دَهانا بَعدَهُ الهِجرانُ لَيتَ المَنازِلَ أَخبَرَت مُستَخبِر أَينَ اِستَقَرَّ بِأَهلِها الأَوطانُ يا طائِراً قَد باتَ يَندُبُ إِلفَهُ وَيَنوحُ وَهوَ مُوَلَّهٌ حَيرانُ لَو كُنتَ مِثلي ما لَبِستَ مُلَوَّن حُسناً وَلا مالَت بِكَ الأَغصانُ أَينَ الخَلِيُّ القَلبِ مِمَّن قَلبُهُ مِن حَرِّ نيرانِ الجَوى مَلآنُ عِرني جَناحَكَ وَاِستَعِر دَمعي الَّذي أَفنى وَلا يَفنى لَهُ جَرَيانُ حَتّى أَطيرَ مُسائِلاً عَن عَبلَةٍ إِن كانَ يُمكِنُ مِثلِيَ الطَيَرانُ
قصيدة إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبى العَلَمَ السَعدي طَفا بَردُها حَرَّ الصَبابَةِ وَالوَجدِ وَذَكَّرَني قَوماً حَفِظتُ عُهودَهُم فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهدي وَلَولا فَتاةٌ في الخِيامِ مُقيمَةٌ لَما اِختَرتُ قُربَ الدارِ يَوماً عَلى البُعدِ مُهَفهَفَةٌ وَالسِحرُ مِن لَحَظاتِه إِذا كَلَّمَت مَيتاً يَقومُ مِنَ اللَحدِ أَشارَت إِلَيها الشَمسُ عِندَ غُروبِه تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُجى فَاِطلِعي بَعدي وَقالَ لَها البَدرُ المُنيرُ أَلا اِسفِري فَإِنَّكِ مِثلي في الكَمالِ وَفي السَعدِ فَوَلَّت حَياءً ثُمَّ أَرخَت لِثامَه وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِبَ الوَردِ وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِه كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَفِ الحَدِّ تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَدٌ وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ في الغِمدِ مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَةُ الحَش مُنَعَّمَةُ الأَطرافِ مائِسَةُ القَدِّ يَبيتُ فُتاتُ المِسكِ تَحتَ لِثامِه فَيَزدادُ مِن أَنفاسِها أَرَجُ النَدِّ وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحتَ جَبينِه فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجى شَعرِها الجَعدِ وَبَينَ ثَناياها إِذا ما تَبَسَّمَت مُديرُ مُدامٍ يَمزُجُ الراحَ بِالشَهدِ شَكا نَحرُها مِن عَقدِها مُتَظَلِّم فَواحَرَبا مِن ذَلِكَ النَحرِ وَالعِقدِ فَهَل تَسمَحُ الأَيّامُ يا اِبنَةَ مالِكٍ بِوَصلٍ يُداوي القَلبَ مِن أَلَمِ الصَدِّ سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمي وَأَجرَعُ فيكِ الصَبرَ دونَ المَلا وَحدي وَحَقِّكِ أَشجاني التَباعُدُ بَعدَكُم فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِن بَعدي حَذِرتُ مِنَ البَينِ المُفَرِّقِ بَينَن وَقَد كانَ ظَنّي لا أُفارِقُكُم جَهدي فَإِن عايَنَت عَيني المَطايا وَرَكبُه فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَةَ الخَدِّ
قصيدة إذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
إذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ وَنارُ اِشتِياقي في الحَشا تَتَوَقَّدُ وَهَيهاتَ يَخفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوى وَثَوبُ سِقامي كُلَّ يَومٍ يُجَدَّدُ أُقاتِلُ أَشواقي بِصَبري تَجَلُّد وَقَلبِيَ في قَيدِ الغَرامِ مُقَيَّدُ إِلى اللَهِ أَشكو جَورَ قَومي وَظُلمَهُم إِذا لَم أَجِد خِلّاً عَلى البُعدِ يَعضُدُ خَليلَيَّ أَمسى حُبُّ عَبلَةَ قاتِلي وَبَأسي شَديدٌ وَالحُسامُ مُهَنَّدُ حَرامٌ عَلَيَّ النَومُ يا اِبنَةَ مالِكٍ وَمِن فَرشُهُ جَمرُ الغَضا كَيفَ يَرقُدُ سَأَندُبُ حَتّى يَعلَمَ الطَيرُ أَنَّني حَزينٌ وَيَرثي لي الحَمامُ المُغَرِّدُ وَأَلثِمُ أَرضاً أَنتِ فيها مُقيمَةٌ لَعَلَّ لَهيبي مِن ثَرى الأَرضِ يَبرُدُ رَحَلتِ وَقَلبي يا اِبنَةِ العَمِّ تائِهٌ عَلى أَثَرِ الأَظعانِ لِلرَكبِ يَنشُدُ لَئِن يَشمَتِ الأَعداءُ يا بِنتَ مالِكٍ فَإِنَّ وِدادي مِثلَما كانَ يَعهَدُ
معلّقة عنترة بن شدّاد
يقول عنترة في معلّقته:[١]
ولَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُـوفِ لأَنَّهَا لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّـمِ
قصيدة رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ وَرَنَت فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذعورَةٌ قَد راعَها وَسطَ الفَلاةِ بَلاءُ وَبَدَت فَقُلتُ البَدرُ لَيلَةَ تِمِّهِ قَد قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوزاءُ بَسَمَت فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغرِه فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ سَجَدَت تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَت لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ إِن كانَ يُسعِدُني الزَمانُ فَإِنَّني في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ
قصيدة ذَنبي لِعَبلَةَ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفِرِ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
ذَنبي لِعَبلَةَ ذَنبٌ غَيرُ مُغتَفِرِ لَمّا تَبَلَّجَ صُبحُ الشَيبِ في شَعري رَمَت عُبَيلَةُ قَلبي مِن لَواحِظِه بِكُلِّ سَهمٍ غَريقِ النَزعِ في الحَوَرِ فَاِعجَب لَهُنَّ سِهاماً غَيرَ طائِشَةٍ مِنَ الجُفونِ بِلا قَوسٍ وَلا وَتَرِ كَم قَد حَفِظتَ ذِمامَ القَومِ مِن وَلَهٍ يَعتادُني لَبَناتِ الدَلِّ وَالخَفَرِ مُهَفهَفاتٍ يَغارُ الغُصنُ حينَ يَرى قُدودَها بَينَ مَيّادٍ وَمُنهَصِرِ يا مَنزِلاً أَدمُعي تَجري عَلَيهِ إِذ ضَنَّ السَحابُ عَلى الأَطلالِ بِالمَطَرِ أَرضُ الشَرَبَّةِ كَم قَضَّيتُ مُبتَهِج فيها مَعَ الغيدِ وَالأَترابِ مِن وَطَرِ أَيّامَ غُصنُ شَبابي في نُعومَتِهِ أَلهو بِما فيهِ مِن زَهرٍ وَمِن ثَمَرِ في كُلِّ يَومٍ لَنا مِن نَشرِها سَحَر ريحٌ شَذاها كَنَشرِ الزَهرِ في السَحَرِ وَكُلُّ غُصنٍ قَويمٍ راقَ مَنظَرُهُ ما حَظُّ عاشِقَها مِنهُ سِوى النَظَرِ أَخشى عَلَيها وَلَولا ذاكَ ما وَقَفَت رَكائِبي بَينَ وِردِ العَزمِ وَالصَدَرِ كَلّا وَلا كُنتُ بَعدَ القُربِ مُقتَنِع مِنها عَلى طولِ بُعدِ الدارِ بِالخَبَرِ هُمُ الأَحِبَّةُ إِن خانوا وَإِن نَقَضو عَهدي فَما حُلتُ عَن وَجدي وَلا فِكري أَشكو مِنَ الهَجرِ في سِرٍّ وَفي عَلَنٍ شَكوى تُؤَثِّرُ في صَلدٍ مِنَ الحَجَرِ
قصيدة زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَةَ في الكَرى
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
زارَ الخيالُ خيالُ عَبلَةَ في الكَرى لمُتيِّم نشوانَ محلولِ العُرى فنهضتُ أشكُو ما لَقيتُ لبُعدها فتنفَّسَتْ مِسكاً يخالطُ عَنْبَرا فضَممتُها كيما أقبِّلَ ثغرَها والدَّمعُ منْ جَفنيَّ قدْ بَلَّ الثرى وكشفتُ بُرقُعَها فأَشرَقَ وجهُها حتى أعادَ اللَّيلَ صُبحاً مُسفِراً عربيَّةٌ يهْتزُّ لِينُ قوَامِها فيخالُه العشَّاقُ رُمحاً أسمرا محجوبةٌ بصَوارمٍ وَذَوابلٍ سمرٌ ودُونَ خبائها أسدُ الشَّرى يا عَبلَ إنَّ هَواكِ قد جازَ المَدى وأنا المُعنَّى فيكِ منْ دُون الورى يا عَبلَ حبُّكِ في عِظامي مَعَ دَمي لمَّا جرت روحي بجمسي قدْ جَرَى وَلقد عَلِقْتُ بذَيلِ مَنْ فَخُرتْ به عَبْسٌ وَسيْفُ أبيهِ أفنى حِمْيَرا يا شأْسُ جِرْني منْ غرامٍ قاتلٍ أبداً أزيدُ بهِ غراماً مُسْعرا يا شأسُ لولاَ أنّ سلْطانَ الـهوى ماضي العَزِيمةِ ما تَملّكَ عنتَرا
قصيدة لِمَن طَلَلٌ بِالرَقمَتَينِ شَجاني
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
لِمَن طَلَلٌ بِالرَقمَتَينِ شَجاني وَعاثَت بِهِ أَيدي البِلى فَحَكاني وَقَفتُ بِهِ وَالشَوقُ يَكتُبُ أَسطُر بِأَقلامِ دَمعي في رُسومِ جَناني أُسائِلُهُ عَن عَبلَةٍ فَأَجابَني غُرابٌ بِهِ ما بي مِنَ الهَيَمانِ يَنوحُ عَلى إِلفٍ لَهُ وَإِذا شَك شَكا بِنَحيبٍ لا بِنُطقِ لِسانِ وَيَندُبُ مِن فَرطِ الجَوى فَأَجَبتُهُ بِحَسرَةِ قَلبٍ دائِمِ الخَفَقانِ أَلا يا غُرابَ البَينِ لَو كُنتَ صاحِبي قَطَعنا بِلادَ اللَهِ بِالدَوَرانِ عَسى أَن نَرى مِن نَحوِ عَبلَةَ مُخبِر بِأَيَّةِ أَرضٍ أَو بِأَيِّ مَكانِ وَقَد هَتَفَت في جُنحِ لَيلٍ حَمامَةٌ مُغَرَّدِةٌ تَشكو صُروفَ زَمانِ فَقُلتُ لَها لَو كُنتِ مِثلي حَزينَةً بَكَيتِ بِدَمعٍ زائِدِ الهَمَلانِ وَما كُنتِ في دَوحٍ تَميسُ غُصونُهُ وَلا خُضِبَت رِجلاكِ أَحمَرَ قاني أَيا عَبلَ لَو أَنَّ الخَيالَ يَزورُني عَلى كُلِّ شَهرٍ مَرَّةً لَكَفاني لَئِن غِبتِ عَن عَينَيَّ يا اِبنَةَ مالِكٍ فَشَخصُكِ عِندي ظاهِرٌ لِعِياني غَداً تُصبِحُ الأَعداءُ بَينَ بُيوتِكُم تَعَضُّ مِنَ الأَحزانِ كُلَّ بَنانِ فَلا تَحسَبوا أَنَّ الجُيوشَ تَرُدُّني إِذا جُلتُ في أَكنافِكُم بِحِصاني دَعوا المَوتَ يَأتيني عَلى أَيِّ صورَةٍ أَتى لِأُريهِ مَوقِفي وَطِعاني
قصيدة أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ فَقَبَّلَني ثَلاثاً في اللَثامِ وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيب أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوم وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبي بِغَيرِ الصَبرِ يا بِنتَ الكِرامِ إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالي بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي أَروحُ مِنَ الصَباحِ إِلى مَغيبٍ وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي وَأَجعَلُها مِنَ الدُنيا اِهتِمامي وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبيه وَقَد مَلَكَ الهَوى مِنّي زِمامي رَضيتُ بِحُبِّها طَوعاً وَكَره فَهَل أَحظى بِها قَبلَ الحِمامِ وَإِن عابَت سَوادي فَهوَ فَخري لِأَنّي فارِسٌ مِن نَسلِ حامِ وَلي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَواسي وَذِكري مِثلُ عَرفِ المِسكِ نامي وَمِن عَجَبي أَصيدُ الأُسدَ قَهر وَأَفتَرِسُ الضَواري كَالهَوامِ وَتَقنُصُني ظِبا السَعدِي وَتَسطو عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ لَعَمرُ أَبيكَ لا أَسلو هَواه وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ سَلامٌ في سَلامٍ في سَلامِ
قصيدة عَذابُكَ يا اِبنَةَ الساداتِ سَهلُ
يقول عنترة بن شدّاد:[١]
عَذابُكَ يا اِبنَةَ الساداتِ سَهلُ وَجورُ أَبيكِ إِنصافٌ وَعَدلُ فَجوروا وَاِطلُبوا قَتلي وَظُلمي وَتَعذيبي فَإِنّي لا أَمَلُّ وَلا أَسلو وَلا أَشفي الأَعادي فَساداتي لَهُم فَخرٌ وَفَضلُ أُناسٌ أَنزَلونا في مَكانٍ مِنَ العَلياءِ فَوقَ النَجمِ يَعلو إِذا جاروا عَدَلنا في هَواهُم وَإِن عَزّوا لِعِزِّتِهِم نَذِلُّ وَكَيفَ يَكونُ لي عَزمٌ وَجِسمي تَراهُ قَد بَقي مِنهُ الأَقَلُّ فَيا طَيرَ الأَراكِ بِحَقِّ رَبٍّ بَراكَ عَساكَ تَعلَمُ أَينَ حَلّوا وَتُطلِقُ عاشِقاً مِن أَسرِ قَومٍ لَهُ في حُبِّهِم أُسُرٌ وَغُلُّ يُنادوني وَخَيلُ المَوتِ تَجري مَحَلُّكَ لا يُعادِلُهُ مَحَلُّ وَقَد أَمسَوا يَعيبوني بِأُمّي وَلَوني كُلَّما عَقَدوا وَحَلّوا لَقَد هانَت صُروفُ الدَهرِ عِندي وَهانَت أَهلُهُ عِندي وَقَلّوا وَلي في كُلِّ مَعرَكَةٍ حَديثٌ إِذا سَمِعَت بِهِ الأَبطالُ ذَلّوا قَطَعتُ رِقابَهُم وَأَسَرتُ مِنهُم وَهُم في عُظمِ جَمعِهِمِ اِستَقَلّوا وَأَحصَنتُ النِساءَ بِحَدِّ سَيفي وَأَعدائي لِعُظمِ الخَوفِ فَلّوا أُثيرُ عَجاجَها وَالخَيلُ تَجري ثِقالاً بِالفَوارِسِ لا تَمَلُّ وَأَرجِعُ وَهيَ قَد وَلَّت خِفاف مُحَيَّرَةً مِنَ الشَكوى تَكِلُّ وَأَرضى بِالإِهانَةِ مَع أُناسٍ أُراعيهِم وَلَو قَتلي أَحَلّوا وَأَصبُرُ لِلحَبيبِ وَإِن جَفاني وَلَم أَترُك هَواهُ وَلَستُ أَسلو عَسى الأَيّامُ تُنعِمُ لي بِقُربٍ وَبَعدَ الهَجرِ مُرُّ العَيشِ يَحلو
معلّقة امرئ القيس
يقول امرؤ القيس في معلّقته:[٢][١]
قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ تَرى بَعَرَ الآرامِ في عَرَصاتِه وَقيعانِها كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطِيِّهُم يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَمَّلِ وَإِنَّ شِفائي عَبرَةٌ مَهَراقَةٌ فَهَل عِندَ رَسمٍ دارِسٍ مِن مُعَوَّلِ كَدَأبِكَ مِن أُمِّ الحُوَيرِثِ قَبلَه وَجارَتِها أُمِّ الرَبابِ بِمَأسَلِ فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي أَلا رُبَّ يَومٍ لَكَ مِنهُنَّ صالِحٌ وَلا سِيَّما يَومٍ بِدارَةِ جُلجُلِ وَيَومَ عَقَرتُ لِلعَذارى مَطِيَّتي فَيا عَجَباً مِن كورِها المُتَحَمَّلِ فَظَلَّ العَذارى يَرتَمينَ بِلَحمِه وَشَحمٍ كَهُدّابِ الدِمَقسِ المُفَتَّلِ وَيَومَ دَخَلتُ الخِدرَ خِدرَ عُنَيزَةٍ فَقالَت لَكَ الوَيلاتُ إِنَّكَ مُرجِلي تَقولُ وَقَد مالَ الغَبيطُ بِنا مَع عَقَرتَ بَعيري يا اِمرَأَ القَيسِ فَاِنزُلِ فَقُلتُ لَها سيري وَأَرخي زِمامَهُ وَلا تُبعِديني مِن جَناكِ المُعَلَّلِ فَمِثلُكِ حُبلى قَد طَرَقتُ وَمُرضِعٍ فَأَلهَيتُها عَن ذي تَمائِمَ مُحوِلِ إِذا ما بَكى مِن خَلفِها اِنصَرَفَت لَهُ بِشِقٍّ وَتَحتي شِقُّها لَم يُحَوَّلِ وَيَوماً عَلى ظَهرِ الكَثيبِ تَعَذَّرَت عَلَيَّ وَآلَت حَلفَةً لَم تُخَلَّلِ أَفاطِمَ مَهلاً بَعضَ هَذا التَدَلُّلِ وَإِن كُنتِ قَد أَزمَعتِ صَرمي فَأَجمِلي وَإِن تَكُ قَد ساءَتكِ مِنّي خِلقَةٌ فَسُلّي ثِيابي مِن ثِيابِكِ تَنسُلِ أَغَرَّكِ مِنّي أَنَّ حُبَّكِ قاتِلي وَأَنَّكِ مَهما تَأمُري القَلبَ يَفعَلِ وَما ذَرَفَت عَيناكِ إِلّا لِتَضرِبي بِسَهمَيكِ في أَعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ وَبَيضَةِ خِدرٍ لا يُرامُ خِباؤُه تَمَتَّعتُ مِن لَهوٍ بِها غَيرَ مُعجَلِ تَجاوَزتُ أَحراساً إِلَيها وَمَعشَر عَلَيَّ حِراساً لَو يُسِرّونَ مَقتَلي إِذا ما الثُرَيّا في السَماءِ تَعَرَّضَت تَعَرُّضَ أَثناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ فَجِئتُ وَقَد نَضَّت لِنَومٍ ثِيابَه لَدى السِترِ إِلّا لِبسَةَ المُتَفَضِّلِ فَقالَت يَمينَ اللَهِ ما لَكَ حيلَةٌ وَما إِن أَرى عَنكَ الغِوايَةَ تَنجَلي خَرَجتُ بِها أَمشي تَجُرُّ وَراءَن عَلى أَثَرَينا ذَيلَ مِرطٍ مُرَحَّلِ فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ وَاِنتَحى بِنا بَطنُ خَبثٍ ذي حِقافٍ عَقَنقَلِ هَصَرتُ بِفَودي رَأسِها فَتَمايَلَت عَلَيَّ هَضيمَ الكَشحِ رَيّا المُخَلخَلِ إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُه نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَةٍ تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ كَبِكرِ المُقاناةِ البَياضِ بِصُفرَةٍ غَذاها نَميرُ الماءِ غَيرُ المُحَلَّلِ تَصُدُّ وَتُبدي عَن أَسيلٍ وَتَتَّقي بِناظِرَةٍ مِن وَحشِ وَجرَةَ مُطفِلِ وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِفاحِشٍ إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُل تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ وَكَشحٍ لَطيفٍ كَالجَديلِ مُخَصَّرٍ وَساقٍ كَأُنبوبِ السَقِيِّ المُذَلَّلِ وَتَعطو بِرَخصٍ غَيرِ شَثنٍ كَأَنَّهُ أَساريعُ ظَبيٍ أَو مَساويكُ إِسحِلِ تُضيءُ الظَلامَ بِالعِشاءِ كَأَنَّه مَنارَةُ مَمسى راهِبٍ مُتَبَتِّلِ وَتُضحي فَتيتُ المِسكِ فَوقَ فِراشِه نَؤومُ الضُحى لَم تَنتَطِق عَن تَفَضُّلِ إِلى مِثلِها يَرنو الحَليمُ صَبابَةً إِذا ما اِسبَكَرَّت بَينَ دِرعٍ وَمِجوَلِ تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِب وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ
قصيدة أصبحتُ معشوقًا
يقول امرؤ القيس:[٣]
سَمَوتُ إِلَيها بَعدَ ما نامَ أَهلُه سُموَّ حَبابِ الماءِ حالاً عَلى حالِ فَقالَت سَباكَ اللَهُ إِنَّكَ فاضِحي أَلَستَ تَرى السُمّارَ وَالناسَ أَحوالي فَقُلتُ يَمينَ اللَهِ أَبرَحُ قاعِد وَلَو قَطَعوا رَأسي لَدَيكِ وَأَوصالي حَلَفتُ لَها بِاللَهِ حِلفَةَ فاجِرٍ لَناموا فَما إِن مِن حَديثٍ وَلا صالِ فَلَمّا تَنازَعنا الحَديثَ وَأَسمَحَت هَصَرتُ بِغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيّالِ وَصِرنا إِلى الحُسنى وَرَقَّ كَلامُن وَرُضتُ فَذَلَّت صَعبَةٌ أَيَّ إِذلالِ فَأَصبَحتُ مَعشوقاً وَأَصبَحَ بَعلُه عَلَيهِ القَتامُ سَيِّئَ الظَنِّ وَالبالِ
قصيدة سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى
يقول المرقش الأكبر: [١]
سَرى لَيْلاً خَيالٌ مِنْ سُلَيْمى فأَرَّقَني وأصْحابي هُجُودُ فَبِتُّ أُدِيرُ أَمْرِي كلَّ حالٍ وأَرْقُبُ أَهْلَها وهُمُ بعيدُ عَلى أَنْ قَدْ سَما طَرْفِي لِنارٍ يُشَبُّ لها بذِي الأَرْطى وَقُودُ حَوالَيْها مَهاً جُمُّ التَّراقي وأَرْآمٌ وغِزْلانٌ رُقُودُ نَواعِمُ لا تُعالِجُ بُؤْسَ عَيْشٍ أَوانِسُ لا تُراحُ وَلا تَرُودُ يَزُحْنَ مَعاً بِطاءَ المَشْيِ بُدّاً عليهنَّ المَجاسِدُ والبُرُودُ سَكَنَّ ببلْدَةٍ وسَكَنْتُ أُخرى وقُطِّعَتِ المواثِقُ والعُهُودُ فَما بالي أَفِي ويُخانُ عَهْدِي وما بالي أُصادُ وَلا أَصِيدُ ورُبَّ أَسِيلةِ الخَدَّيْنَ بِكْرٍ مُنَعَّمَةٍ لها فَرْعٌ وجِيدُ وذُو أُشْرٍ شَتِيتُ النَّبْتِ عَذْبٌ نَقِيُّ اللَّوْنِ بَرَّاقٌ بَرُودُ لَهوْتُ بها زَماناً مِن شَبابي وزارَتْها النَّجائِبُ والقَصِيدُ أُناسٌ كلَّما أَخْلَقْتُ وَصْلاً عَنانِي منهُمُ وَصْلٌ جَدِيدُ
قصيدة عَوجوا فَحَيّوا لِنُعمٍ دُمنَةَ الدارِ
يقول النابغة الذُبياني:[١]
عَوجوا فَحَيّوا لِنُعمٍ دُمنَةَ الدارِ ماذا تُحَيّونَ مِن نُؤيٍ وَأَحجارِ أَقوى وَأَقفَرَ مِن نُعمٍ وَغَيَّرَهُ هوجُ الرِياحِ بِهابي التُربِ مَوّارِ وَقَفتُ فيها سَراةَ اليَومِ أَسأَلُها عَن آلِ نُعمٍ أَموناً عَبرَ أَسفارِ فَاِستَعجَمَت دارُ نُعمٍ ما تُكَلِّمُنا وَالدارُ لَو كَلَّمَتنا ذاتُ أَخبارِ فَما وَجَدتُ بِها شَيئاً أَلوذُ بِهِ إِلّا الثُمامَ وَإِلّا مَوقِدَ النارِ وَقَد أَراني وَنُعماً لاهِيَينِ بِها وَالدَهرُ وَالعَيشُ لَم يَهمُم بِإِمرارِ أَيامَ تُخبِرُني نُعمٌ وَأُخبِرُها ما أَكتُمُ الناسَ مِن حاجي وَأَسراري لَولا حَبائِلُ مِن نُعمٍ عَلِقتُ بِها لَأَقصَرَ القَلبُ عَنها أَيَّ إِقصارِ فَإِن أَفاقَ لَقَد طالَت عَمايَتُهُ وَالمَرءُ يُخلِقُ طَوراً بَعدَ أَطوارِ نُبِّئتُ نُعماً عَلى الهِجرانِ عاتِبَةً سَقياً وَرَعياً لِذاكَ العاتِبِ الزاري رَأَيتُ نُعماً وَأَصحابي عَلى عَجَلٍ وَالعيسُ لِلبَينِ قَد شُدَّت بِأَكوارِ فَريعَ قَلبي وَكانَت نَظرَةٌ عَرَضَت حَيناً وَتَوفيقَ أَقدارٍ لِأَقدارِ بَيضاءُ كَالشَمسِ وافَت يَومَ أَسعَدِها لَم تُؤذِ أَهلاً وَلَم تُفحِش عَلى جارِ تَلوثُ بَعدَ اِفتِضالِ البُردِ مِئزَرَها لَوثاً عَلى مِثلِ دِعصِ الرَملَةِ الهاري وَالطيبُ يَزدادُ طيباً أَن يَكونَ بِها في جيدِ واضِحَةِ الخَدَّينِ مِعطارِ تَسقي الضَجيعَ إِذا اِستَسقى بِذي أَشَرٍ عَذبِ المَذاقَةِ بَعدَ النَومِ مِخمارِ كَأَنَّ مَشمولَةً صِرفاً بِريقَتِها مِن بَعدِ رَقدَتِها أَو شَهدَ مُشتارِ أَقولُ وَالنَجمُ قَد مالَت أَواخِرُهُ إِلى المَغيبِ تَثَبَّت نَظرَةً حارِ أَلَمحَةٌ مِن سَنا بَرقٍ رَأى بَصَري أَم وَجهُ نُعمٍ بَدا لي أَم سَنا نارِ بَل وَجهُ نُعمٍ بَدا وَاللَيلُ مُعتَكِرٌ فَلاحَ مِن بَينِ أَثوابٍ وَأَستارِ إِنَّ الحُمولَ الَّتي راحَت مُهَجِّرَةً يَتبَعنَ كُلَّ سَفيهِ الرَأيِ مِغيارِ نَواعِمٌ مِثلُ بَيضاتٍ بِمَحنِيَةٍ يَحفِزنَ مِنهُ ظَليماً في نَقاً هارِ إِذا تَغَنّى الحَمامُ الوُرقُ هَيَّجَني وَإِن تَغَرَّبتُ عَنها أُمِّ عَمّارِ وَمَهمَهٍ نازِحٍ تَعوي الذِئابُ بِهِ نائي المِياهِ عَنِ الوُرّادِ مِقفارِ
قصيدة أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ
يقول النابغة الذُبياني:[١]
وَلَقَد أَصابَت قَلبَهُ مِن حُبِّها عَن ظَهرِ مِرنانٍ بِسَهمٍ مُصرَدِ نَظَرَت بِمُقلَةِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍا أَحوى أَحَمِّ المُقلَتَينِ مُقَلَّدِ وَالنَظمُ في سِلكٍ يُزَيَّنُ نَحرَهاا ذَهَبٌ تَوَقَّدُ كَالشِهابِ الموقَدِ صَفراءُ كَالسِيَراءِ أُكمِلَ خَلقُهاا كَالغُصنِ في غُلَوائِهِ المُتَأَوِّدِ وَالبَطنُ ذو عُكَنٍ لَطيفٌ طَيُّهُا وَالإِتبُ تَنفُجُهُ بِثَديٍ مُقعَدِ مَحطوطَةُ المَتنَينِ غَيرُ مُفاضَةٍا رَيّا الرَوادِفِ بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ قامَت تَراءى بَينَ سَجفَي كِلَّةٍا كَالشَمسِ يَومَ طُلوعِها بِالأَسعُدِ أَو دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوّاصُهاا بَهِجٌ مَتى يَرَها يُهِلَّ وَيَسجُدِ أَو دُميَةٍ مِن مَرمَرٍ مَرفوعَةٍا بُنِيَت بِآجُرٍّ تُشادُ وَقَرمَدِ سَقَطَ النَصيفُ وَلَم تُرِد إِسقاطَهُا فَتَناوَلَتهُ وَاِتَّقَتنا بِاليَدِ بِمُخَضَّبٍ رَخصٍ كَأَنَّ بَنانَهُا عَنَمٌ يَكادُ مِنَ اللَطافَةِ يُعقَدِ نَظَرَت إِلَيكَ بِحاجَةٍ لَم تَقضِهاا نَظَرَ السَقيمِ إِلى وُجوهِ العُوَّدِ تَجلو بِقادِمَتَي حَمامَةِ أَيكَةٍا بَرَداً أُسِفَّ لِثاتُهُ بِالإِثمِدِ كَالأُقحُوانِ غَداةَ غِبَّ سَمائِهِا جَفَّت أَعاليهِ وَأَسفَلُهُ نَدي زَعَمَ الهُمامُ بِأَنَّ فاها بارِدٌا عَذبٌ مُقَبَّلُهُ شَهِيُّ المَورِدِ زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُا عَذبٌ إِذا ما ذُقتَهُ قُلتَ اِزدُدِ زَعَمَ الهُمامُ وَلَم أَذُقهُ أَنَّهُا يُشفى بِرَيّا ريقِها العَطِشُ الصَدي أَخَذَ العَذارى عِقدَها فَنَظَمنَهُا مِن لُؤلُؤٍ مُتَتابِعٍ مُتَسَرِّدِ لَو أَنَّها عَرَضَت لِأَشمَطَ راهِبٍا عَبَدَ الإِلَهِ صَرورَةٍ مُتَعَبِّدِ لَرَنا لِبَهجَتِها وَحُسنِ حَديثِهاا وَلَخالَهُ رُشداً وَإِن لَم يَرشُدِ بِتَكَلُّمٍ لَو تَستَطيعُ سَماعَهُا لَدَنَت لَهُ أَروى الهِضابِ الصُخَّدِ وَبِفاحِمٍ رَجلٍ أَثيثٍ نَبتُهُا كَالكَرمِ مالَ عَلى الدِعامِ المُسنَدِ فَإِذا لَمَستَ لَمَستَ أَجثَمَ جاثِماًا مُتَحَيِّزاً بِمَكانِهِ مِلءَ اليَدِ وَإِذا طَعَنتَ طَعَنتَ في مُشَهدِفٍا رابي المَجَسَّةِ بِالعَبيرِ مُقَرمَدِ وَإِذا نَزَعتَ نَزَعتَ عَن مُستَحصِفٍا نَزعَ الحَزَوَّرِ بِالرَشاءِ المُحصَدِ وَإِذا يَعَضُّ تَشُدُّهُ أَعضائُهُا عَضَّ الكَبيرِ مِنَ الرِجالِ الأَدرَدِ وَيَكادُ يَنزِعُ جِلدَ مَن يُصلى بِهِا بِلَوافِحٍ مِثلِ السَعيرِ الموقَدِ لا وارِدٌ مِنها يَحورُ لِمَصدَرٍا عَنها وَلا صَدِرٌ يَحورُ لِمَورِدِ
معلّقة طرفة بن العبد
يقول طرفة بن العبد في معلّقته:[١]
وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ
أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفراً مَنازِلُه
يقول طرفة بن العبد:[١]
فَوَجدي بِسَلمى مِثلُ وَجدِ مُرَقِّشٍ**بِأَسماءَ إِذ لا تَستَفيقُ عَواذِلُه
قَضى نَحبَهُ وَجداً عَلَيها مُرَقِّشٌ**وَعُلَّقتُ مِن سَلمى خَبالاً أُماطِلُه
قصيدة لِمَن جِمالٌ قُبَيلَ الصُبحِ مَزمومَه
يقول عبيد بن الأبرص:[٢]
لمَن جِمالٌ قُبَيلَ الصُبحِ مَزمومَه مُيَمِّماتٌ بِلاداً غَيرَ مَعلومَه عالَينَ رَقماً وَأَنماطاً مُظاهَرَةً وَكِلَّةً بِعَتيقِ العَقلِ مَقرومَه لِلعَبقَرِيِّ عَلَيها إِذ غَدَوا صَبَحٌ كَأَنَّها مِن نَجيعِ الجَوفِ مَدمومَه كَأَنَّ أَظعانَهُم نَخلٌ مُوَسَّقَةٌ سودٌ ذَوائِبُها بِالحَملِ مَكمومَه فيهِنَّ هِندُ الَّتي هامَ الفُؤادُ بِها بَيضاءُ آنِسَةٌ بِالحُسنِ مَوسومَه وَإِنَّها كَمَهاةِ الجَوِّ ناعِمَةٌ تُدني النَصيفَ بِكَفٍّ غَيرِ مَوشومَه كَأَنَّ ريقَتَها بَعدَ الكَرى اِغتَبَقَت صَهباءَ صافِيَةً بِالمِسكِ مَختومَه مِمّا يُغالي بِها البَيّاعُ عَتَّقَها ذو شارِبٍ أَصهَبٌ يُغلى بِها السيمَه يا مَن لِبَرقٍ أَبيتُ اللَيلَ أَرقُبُهُ في مُكفَهِرٍّ وَفي سَوداءَ مَركومَه فَبَرقُها حَرِقٌ وَماؤُها دَفِقٌ وَتَحتَها رَيِّقٌ وَفَوقَها ديمَه فَذَلِكَ الماءُ لَو أَنّي شَرِبتُ بِهِ إِذاً شَفى كَبِداً شَكّاءَ مَكلومَه هَذا وَداوِيَّةٍ يَعمى الهُداةُ بِها ناءٍ مَسافَتُها كَالبُردِ دَيمومَه جاوَزتُها بِعَلَنداةٍ مُذَكَّرَةٍ عَيرانَةٍ كَعَلاةِ القَينِ مَلمومَه أَرمي بِها عُرُضَ الدَوِّيُّ ضامِزَةً في ساعَةٍ تَبعَثُ الحِرباءَ مَسمومَه
قصيدة نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيلَ مُرتَفِقا
يقول الأعشى:[٢]
نامَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَيلَ مُرتَفِقا أَرعى النُجومَ عَميداً مُثبَتاً أَرِقا أَسهو لِهَمّي وَدائي فَهيَ تُسهِرُني بانَت بِقَلبي وَأَمسى عِندَها غَلِقا يا لَيتَها وَجَدَت بي ما وَجَدتُ بِها وَكانَ حُبٌّ وَوَجدٌ دامَ فَاِتَّفَقا لا شَيءَ يَنفَعُني مِن دونِ رُؤيَتَها هَل يَشتَفي وامِقٌ ما لَم يُصِب رَهَقا صادَت فُؤادي بِعَينَي مُغزِلٍ خَذَلَت تَرعى أَغَنَّ غَضيضاً طَرفُهُ خَرِقا وَبارِدٍ رَتِلٍ عَذبٍ مَذاقَتُهُ كَأَنَّما عُلَّ بِالكافورِ وَاِغتَبَقا وَجيدِ أَدماءَ لَم تُذعَر فَرائِصُها تَرعى الأَراكَ تَعاطى المَردَ وَالوَرَقا وَكَفلٍ كَالنَقا مالَت جَوانِبُهُ لَيسَت مِنَ الزُلِّ أَوراكاً وَما اِنتَطَقا كَأَنَّها دُرَّةٌ زَهراءُ أَخرَجَها غَوّاصُ دارينَ يَخشى دونَها الغَرَقا قَد رامَها حِجَجاً مُذ طَرَّ شارِبُهُ حَتّى تَسَعسَعَ يَرجوها وَقَد خَفَقا لا النَفسُ توئسُهُ مِنها فَيَترُكُها وَقَد رَأى الرَغبَ رَأيَ العَينِ فَاِحتَرَقا وَمارِدٌ مِن غُواةِ الجِنِّ يَحرُسُها ذو نيقَةٍ مُستَعِدٌّ دونَها تَرَقا لَيسَت لَهُ غَفلَةٌ عَنها يُطيفُ بِها يَخشى عَلَيها سَرى السارينَ وَالسَرَقا حِرصاً عَلَيها لَوَ اِنَّ النَفسَ طاوَعَها مِنهُ الضَميرُ لَيالي اليَمِّ أَو غَرِقا في حَومِ لُجَّةِ آذِيٍّ لَهُ حَدَبٌ مَن رامَها فارَقَتهُ النَفسُ فَاِعتُلِقا مَن نالَها نالَ خُلداً لا اِنقِطاعَ لَهُ وَما تَمَنّى فَأَضحى ناعِماً أَنِقا تِلكَ الَّتي كَلَّفَتكَ النَفسُ تَأمُلُها وَما تَعَلَّقتَ إِلّا الحَينَ وَالحَرَقا
قصيدة ودّع هريرةَ
يقول الأعشى:[١]
وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ لَيسَت كَمَن يَكرَهُ الجيرانُ طَلعَتَها وَلا تَراها لِسِرِّ الجارِ تَختَتِلُ يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها إِذا تَقومُ إِلى جاراتِها الكَسَلُ إِذا تُعالِجُ قِرناً ساعَةً فَتَرَت وَاِهتَزَّ مِنها ذَنوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ مِلءُ الوِشاحِ وَصِفرُ الدَرعِ بَهكَنَةٌ إِذا تَأَتّى يَكادُ الخَصرُ يَنخَزِلُ صَدَّت هُرَيرَةُ عَنّا ما تُكَلِّمُنا جَهلاً بِأُمِّ خُلَيدٍ حَبلَ مَن تَصِلُ أَأَن رَأَت رَجُلاً أَعشى أَضَرَّ بِهِ رَيبُ المَنونِ وَدَهرٌ مُفنِدٌ خَبِلُ نِعمَ الضَجيعُ غَداةَ الدَجنِ يَصرَعَها لِلَّذَةِ المَرءِ لا جافٍ وَلا تَفِلُ هِركَولَةٌ فُنُقٌ دُرمٌ مَرافِقُها كَأَنَّ أَخمَصَها بِالشَوكِ مُنتَعِلُ إِذا تَقومُ يَضوعُ المِسكُ أَصوِرَةً وَالزَنبَقُ الوَردُ مِن أَردانِها شَمِلُ ما رَوضَةٌ مِن رِياضِ الحَزنِ مُعشَبَةٌ خَضراءُ جادَ عَلَيها مُسبِلٌ هَطِلُ يُضاحِكُ الشَمسَ مِنها كَوكَبٌ شَرِقٌ مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَبتِ مُكتَهِلُ يَوماً بِأَطيَبَ مِنها نَشرَ رائِحَةٍ وَلا بِأَحسَنَ مِنها إِذ دَنا الأُصُلُ عُلَّقتُها عَرَضاً وَعُلَّقَت رَجُلاً غَيري وَعُلَّقَ أُخرى غَيرَها الرَجُلُ وَعَلَّقَتهُ فَتاةٌ ما يُحاوِلُها مِن أَهلِها مَيِّتٌ يَهذي بِها وَهِلُ وَعُلِّقَتني أُخَيرى ما تُلائِمُني فَاِجتَمَعَ الحُبَّ حُبّاً كُلُّهُ تَبِلُ فَكُلُّنا مُغرَمٌ يَهذي بِصاحِبِهِ ناءٍ وَدانٍ وَمَحبولٌ وَمُحتَبِلُ قالَت هُرَيرَةُ لَمّا جِئتُ زائِرَها وَيلي عَلَيكَ وَوَيلي مِنكَ يا رَجُلُ يا مَن يَرى عارِضاً قَد بِتُّ أَرقُبُهُ كَأَنَّما البَرقُ في حافاتِهِ الشُعَلُ لَهُ رِدافٌ وَجَوزٌ مُفأَمٌ عَمِلٌ مُنَطَّقٌ بِسِجالِ الماءِ مُتَّصِلُ لَم يُلهِني اللَهوُ عَنهُ حينَ أَرقُبُهُ وَلا اللَذاذَةُ مِن كَأسٍ وَلا الكَسَلُ
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ظ ع غ ف ق سراج الدين محمد، الغزل في الشعر العربي، صفحة 18.
- ^ أ ب ت ث أحمد محمد الحوفي، الغزل في العصر الجاهلي، صفحة 43.
- ↑ علي هاشم، تسعون قصيدة غزل، صفحة 49.