مناسبة قصيدة الأذن تعشق قبل العين أحيانًا
يُقال في نَظْم بشار بن برد القصيدة التي ورد في أحد أبياتها "والعين تعشق قبل الأذن أحيانًا" إنّه كان مجتمعًا في مجلس لهو حضرته بعض النساء، وفيه الجواري الحسناوات، فقامت جارية تُغني قصيدة في هذا المجلس؛ فأُعجب بها بشار إعجابًا شديدًا، ونظم هذه القصيدة متغزلًا بتلك الجارية وضمّنها أبياتًا من الأبيات التي غنّتها وأنشدتها، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه القصيدة معنونة في الأساس بـ "وذات دلّ كأنّ البدر صورتها".[١]
نص قصيدة الأذن تعشق قبل العين أحيانًا
نظم الشاعر بشار بن برد هذه القصيدة في تسعة عشر بيتًا، وهو يقول فيها:[٢]
وَذاتُ دَلٍّ كَأَنَّ البَدرَ صورَتُها باتَت تُغَنّي عَميدَ القَلبِ سَكرانا إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيينَ قَتلانا فَقُلتُ أَحسَنتِ يا سُؤلي وَيا أَمَلي فَأَسمِعيني جَزاكِ اللَهُ إِحسانا يا حَبَّذا جَبلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا قالَت فَهَلّا فَدَتكَ النَفسُ أَحسَنَ مِن هَذا لِمَن كانَ صَبَّ القَلبِ حَيرانا يا قَومُ أُذني لِبعَضِ الحَيِّ عاشِقَةٌ وَالأُذنُ تَعشَقُ قَبلَ العَينِ أَحيانا فَقُلتُ أَحسَنتِ أَنتِ الشَمسُ طالِعَةٌ أَضرَمتِ في القَلبِ وَالأَحشاءِ نيرانا فَأَسمِعينِيَ صَوتاً مُطرِباً هَزَجاً يَزيدُ صَبّاً مُحِبّاً فيكِ أَشجانا يا لَيتَني كُنتُ تُفّاحاً مُفَلَّجَةً أَو كُنتُ مِن قُضَبِ الرَيحانِ رَيحانا حَتّى إِذا وَجَدَت ريحي فَأَعجَبَها وَنَحنُ في خَلوَةٍ مُثِّلتُ إِنسانا فَحَرَّكَت عودَها ثُمَّ اِنثَنَت طَرَباً تَشدو بِهِ ثُمَّ لا تُخفيهِ كِتمانا أَصبحتُ أَطوَعَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ لأَكثَرِ الخَلقِ لي في الحُبِّ عِصيانا فَقُلتُ أَطرَبتِنا يا زَينَ مِجلِسِنا فَهاتِ إِنَّكِ بِالإِحسانِ أَولانا لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ يَقتُلُني أَعدَدتُ لي قَبلَ أَن أَلقاكِ أَكفانا فَغَنَّتِ الشَربَ صَوتاً مُؤنِقاً رَمَلاً يُذكي السُرورَ وَيُبكي العَينَ أَلوانا لا يَقتُلُ اللَهُ مَن دامَت مَوَدَّتُهُ وَاللَهُ يَقتُلُ أَهلَ الغَدرِ أَحيانا لا تَعذِلوني فَإِنّي مِن تَذَكُّرِها نَشوانُ هَل يَعذِلُ الصاحونَ نَشوانا لَم أَدرِ ما وَصفُها يَقظانَ قَد عَلِمَت وَقَد لَهَوتُ بِها في النَومِ أَحيانا باتَتَ تُناوِلُني فاهاً فَأَلثُمُهُ جِنِّيَّةٌ زُوِّجَت في النَومِ إِنسانا
مؤلف قصيدة الأذن تعشق قبل العين أحيانًا
ورد أنّ هذه القصيدة لبشار بن برد، واسمه بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي، وهو شاعر مشهور مخضرم؛ إذ عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية، لكن ذاع صيته واشتهر في العصر العباسي، وهو يعود في أصوله إلى الفُرس، ومن الجدير بالذكر أنّ بشار بن برد تأثّر في شعره بمظاهر الحضارة التي شهدها عصره، ونظم في العديد من الأغراض الشعرية، وقد كان مُبدعًا فيها بالرغم من أنّه كان أعمى، جامعًا بين الرقة والجزالة، وبين القديم والحديث، فلاقت قصائده استحسان العلماء والنقّاد في عصره وفيما بعده.[٣]
ولقراءة المزيد من القصائد الجميلة المتنوعة: قصيدة سفر، قصيدة بطاقة شخصية.
المراجع
- ↑ بشار بن برد، ديوان بشار بن برد، صفحة 194. بتصرّف.
- ↑ "وذات دل كأن البدر صورتها"، الديوان. بتصرّف.
- ↑ عبير دفع الله، الدلالات اللغوية في شعر الغزل عند بشار بن برد، صفحة 31-40. بتصرّف.