أُطلق لقب "الأخطل الصغير" على الشاعر اللبناني بشارة الخوري، وذلك بسبب تأثره الكبير والواضح واقتدائه بالشاعر الأموي الأخطل الكبير، وقد عرف بشارة الخوري بحبّه للأدب والشعر منذ نعومة أظفاره، فنظم العديد من القصائد في أغراض شعرية متعددة، والتي تُطرب الآذان وتترك أثرها في المتلقي، لذا قدّمنا في هذا المقال مجموعة من القصائد الجميلة للشاعر بشارة الخوري الأخطل الصغير.


قصيدة يا عاقد الحاجبين

يقول فيها الشاعر:[١]


يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين ماذا يريبك مني وما هممت بشين أصُفرةٌ في جبيني أم رعشة في اليدين تَمر قفز غزالٍ بين الرصيف وبيني وما نصبت شباكي ولا أذنت لعيني تبدو كأن لا تراني وملء عينك عيني ومثل فعلك فعلي ويلي من الأحمقين مولاي لم تبق مني حياً سوى رمقين صبرت حتى براني وجدي وقرب حيني ستحرم الشعر مني وليس هذا بهين أخاف تدعو القوافي عليك في المشرقين



قصيدة هند وأمها

يقول فيها الأخطل الصغير:[٢]


أتَتْ هِنْدُ تَشْكو إلى أُمِّهَا فسُبْحَانَ مَنْ جَمَع النّيِّرَيْنْ فقالتْ لها إنَّ هذا الضُّحى أتاني وقَبَّلَنِي قُبْلَتَينْ وَفَرَّ فلما رَآني الدُّجَى حَبانِيَ مِنْ شَعْرِهِ خُصْلَتَينْ وما خَافَ يا أَمِّ بَلْ ضَمَّني وألقَى على مَبْسِمِي نَجْمَتَيْنْ وَذَوََّبَ مِنْ لونْهِ سائلاً وكَحَّلَنِي مِنْهُ في المُقْلَتَينْ وجِئْتُ إلى الرَّوضِ عِنْدَ الصباحِ لأحْجُبَ نفسيَ عنْ كُلِّ عينْ فناداني الرَّوضُ يا روضتي وَهَمَّ لِيَفْعَلَ كالأوّلَينْ فَخَبَّأتُ وجهي ولكنَّهُ إلى الصَّدْرِ يا أمِّ مَدّ اليدينْ ويا دهشتي حينَ فَتَّحتُ عيني وشاهدتُ فِي الصَّدْرُ رُمَّانَتَينْ وما زالَ بي الغُصْنُ حتى انحَنَى على قَدَمِي سَاجِداً سَجْدَتَينْ وكانَ على رأسِهِ وَرْدَتانِ فَقَدَّمَ لي تَيْنِكَ الوَرْدَتينْ وخِفْتُ مِنْ الغُصْنِ إذْ تَمتَمَتْ بِأُذْنِيِ أورَاقُهُ كِلْمَتَينْ فرُحْتُ إلى البَحْرِ للإِبْتِرَادِ فَحَمَّلَنِي وَيْحَهُ مَوْجَتَينْ فَمَا سِرْتُ إلاَّ وَقَدْ ثَارَتَا بِرِدْ فَيَّ كالبَحْرِ رَجْرَاجَتَينْ هو البَحْرِ يا أمِّ كَمْ مِنْ فَتًى غَريقٍ وكَمْ مِنْ فَتًى بينَ بينْ فَها أنا أشكو إليكِ الجميعَ فبِاللهِ يا أمِّ ماذا تَرَيْنْ فقالتْ وقدْ ضَحِكَتْ أمُّها وَمَاسَتْ مِنَ العُجْبِ في بُرْدَتَيْنْ عَرَفْتُهُمُ واحِداً وَاحداً وذُقْتُ الذي ذُقْتِهِ مَرَّتَينْ



قصيدة المتنبي والشهباء

يقول الشاعر في هذه القصيدة:[٣]


نفيت عنك العلا والظرف والأدبا وإن خلقت لها إن لم تزر حلبا خذ الطريق الذي يرضى الفؤاد به ولا تخف فقديما ماتت الرقبا واسكب على راحتيها روح عاشقها ومص من شفتيها الشعر والعنبا أفدى الشفاه التى شاع الرحيق بها وهم بالكأس ساقيها وما سكبا كأنها نجمة طال السفار بها عطشى رأت وهى تمشى منهلا عذبا توسدت شقتيه بعدما نهلت وفارقت صاحبيها الليل والتعبا ما للشفاه الكسالى لا تزودنا فقد حملنا على أفواهنا القربا بمهجتي شفة منهن باخلة جاران تحسبنا إن تلقنا غربا أهم بالنظرة العجلى وأمسكها إذا قرأت على ألحاظها الغضبا أنا الذى اتهمت عيناه قلبهما فرحت أخلق من نفسى لى الريبا أأمنع الشفة الدنيا ولو طمحت نفسي إلى شفة الفردوس ما انحجبا ويمطر الضيم في أرضي وأشربه وكنت لا أرتضي أن أشرب السحبا ذر الليالي تمعن في غوايتها فقد حشدت لها الأخلاق والعربا شهباء لو كانت الأحلام كأس طلا في راحة الفجر كنت الزهر والحببا أو كان لليل أن يختار حليته وقد طلعت عليه لا زدرى الشهبا لو ألف المجد سفرا عن مفاخره لراح يكتب في عنوانه حلبا لو أنصف العرب الأحرار نهضتهم لشيدوا لك في ساحاتها النصبا لكن خلقت لأمر ليس يدركه من يعشق الذل أو من يعبد الرتبا تعرى البطولة إلا من عقيدتها والجبن أكثر ما تلقاه منتقبا ملاعب الصيد من حمدان ما نسلوا إلا الأهلة والأشبال والقضبا الخالعين على الأوطان بهجتها الرافعين على أرماحها القصبا حسامهم ما نبا في وجه من ضربوا ومهرهم ما كبا في إثر من هربا ما جرد الدهر سيفا مثل سيفهم يجري به الدم أو يجري به الذهبا رب القوافي على الإطلاق شاعرهم الخلد والمجد في آفاقه اصطحبا سيفان في قبضة الشهباء لا ثلما قد شرفا العرب بل قد شرفا الأدبا عرس من الجن في الصحراء قد نصبوا له السرادق تحت الليل والقببا كأنه تدمر الزهراء مارجة بمثل لسن الأفاعي تقذف اللهبا أو هضبة من خرافات مرقعة بأعين من لظى أو من رؤوس ظبى تخاصر الجن فيها بعدما سكروا وبعدما احتدمت أوتارهم صخبا فأفزع الرمل ما زفوا وما عزفوا فطار يستنجد القيعان والكثيا تكشف الصبح عن طفل وماردة له على صدرها زأر إذا غضبا كأنه الزئبق الرجراج فى يدها أو خفقة البرق إما اهتز واضطربا نادى أبوه عظيم الجن عترته فأقبلوا ينظرون البدعة العجبا ماذا نسميه قال البعض صاعقة فقال كلا فقالوا عاصفا فأبى فقام كالطود منهم مارد لسن وقال لم تنصفوه اسمًا ولا لقبا سنبعث الفتنة الكبرى على يده فنشغل الناس والأقلام والكتبا



قصيدة خدعته ابتسامة

يقول فيها الشاعر:[٤]


أيها الغائب الذي في فؤادي حاضرٌ كيف حال قلبك بعدي ليس في القلب غير شخصك شخص أتُراني أنا بقلبك وحدي ليت عينْيك تنظراني وكفّي فوق قلبي ومدمعي فوق خدّي هائمًا في الظلام يلذع حرُّ ال وجدِ قلبي ويلذع البرد جلدي شبحٌ طائفٌ كستْه يدُ الَّليْ ل بِبُرْدٍ كوجههِ مُسوَدِّ يتمشى بين القصور وفيها راقدٌ كلُّ عاشقيْنِ بِمهدِ فعلى زند ذاك ألطفُ عنْقٍ وعلى عُنْقِ تلك ألطفُ زَنْدِ خشِيا أن يُذيعَ سرَّهما البدْ رُ فمذ لاح ما رأى غيْرَ قدِّ بيد أني لو شئتُ ما اعترفَ الَّليْ ل بسهدي ولا اعترفتُ بِوجدي ولما استلّني الشقاءُ حُسامًا في نهاري وصيّر الليلَ غِمْدي ولما حَيّر الكواكبَ مني زفراتٌ كشُهْبِها ذات وقْدِ همستْ نجمةٌ بأُذْنِ أخيها همْسَ ثغرِ النّدى بِمَسْمعِ ورْدِ ما ترى يا أُخيَّ شخصًا على الغَبْ راءِ يمشي لكنْ على غير قصْدِ مثل قابيل بعد قتل أخيه يقطعُ الأرض بين رهْوٍ ووخْدِ خافق القلب كالأثين على النطْ ع يرى الموتَ لامعًا في الفِرنْدِ لهْفَ قلبي فقلبهُ مثْلُ قلبي يتلظّى وسهدهُ مثْلُ سُهدي أيُّ شيءٍ في الناس هذا أَفيهِ لك قبْلاً أُخيَّ سابق عهْدِ حفظ الله قلب أختي من الحب بِ فهذا في الحب أصغرُ عبْدِ خدعتْهُ ابتسامةٌ من حبيبٍ ظنَّ أنْ بَعْدَها سحابةُ وعْدِ فإذا الابتسام وهو انقباضٌ وإذا الحبُّ غيرُ صاحبِ عهْدِ فانبرى في الدجى ليدفن فيه بعد دفْن الهوى بقيةَ وُدِّ عشْتَ يا نجمُ فالهوى شرُّ مَلكٍ جائرٍ في أحكامهِ مُستبدِّ بيدي قد نزعْتُ ثوبَ غرامي وبها قد نسْجتُ حُلّة زهدي



قصيدة نحن الشباب

يقول الأخطل الصغير في قصيدة نحن الشباب:


نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد شعارنا على الزمن عاش الوطن عاش الوطن بعنا له يوم المِحَن أرواحنا بلا ثمن يا وطني عداكَ ذم مثلك من يرعى الذمم علمتنا كيف الشَّمم وكيف نقهر الألم


نحن الشباب


السفح والجداول والحقل والسنابل وما بنى الأوائل نحن له معاقل الدين في قلوبنا والنور في عيوننا والحق في يميننا والغار في جبيننا


نحن الشباب


لنا العراق والشآم ومصر والبيت الحرام نمشي على الموت الزؤام إلى الأمام إلى الأمام نبني ولا نتّكل نفنى ولا ننخذل لنا يد والعمل لنا غد والأملُ


نحن الشباب

المراجع

  1. "يا عاقد الحاجبين"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  2. سهام أبو جودة، الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الأخطل الصغير، صفحة 134. بتصرّف.
  3. سهام أبو جودة، الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الأخطل الصغير، صفحة 366. بتصرّف.
  4. "خدعته ابتسامة"، بوابة الشعراء. بتصرّف.