يعدّ الحب الصادق والحقيقي من المعاني الإنسانية السامية والحالات العاطفية التي قد تطرق باب كلّ فرد منا، ففي الحب حياة للقلوب وراحة نفسية لمن يعيشه، ويكون المحبوبان سندًا لبعضهما في مختلف أمور الحياة، ويسعيان دائمًا إلى إسعاد بعضهما، لكن قد ترتبط بالحب مشاعر الحزن والألم نتيجة أسباب عديدة كفراق المحبوب أو بُعده أو تغير المشاعر تجاهه، فقيلت فيه أقوال وأشعار عديدة تستوطن النفوس، وفي هذا المقال بعض من الأشعار التي قيلت في الحب وبرزت فيها عاطفة الحزن والألم.


قصيدة إذا كان دمعي شاهدي

يقول الشاعر عنترة بن شداد:[١]


إِذا كانَ دَمعي شاهِدي كَيفَ أَجحَدُ وَنارُ اِشتِياقي في الحَشا تَتَوَقَّدُ وَهَيهاتَ يَخفى ما أُكِنُّ مِنَ الهَوى وَثَوبُ سِقامي كُلَّ يَومٍ يُجَدَّدُ أُقاتِلُ أَشواقي بِصَبري تَجَلُّداً وَقَلبِيَ في قَيدِ الغَرامِ مُقَيَّدُ إِلى اللَهِ أَشكو جَورَ قَومي وَظُلمَهُم إِذا لَم أَجِد خِلّاً عَلى البُعدِ يَعضُدُ خَليلَيَّ أَمسى حُبُّ عَبلَةَ قاتِلي وَبَأسي شَديدٌ وَالحُسامُ مُهَنَّدُ حَرامٌ عَلَيَّ النَومُ يا اِبنَةَ مالِكٍ وَمِن فَرشُهُ جَمرُ الغَضا كَيفَ يَرقُدُ سَأَندُبُ حَتّى يَعلَمَ الطَيرُ أَنَّني حَزينٌ وَيَرثي لي الحَمامُ المُغَرِّدُ وَأَلثِمُ أَرضاً أَنتِ فيها مُقيمَةٌ لَعَلَّ لَهيبي مِن ثَرى الأَرضِ يَبرُدُ رَحَلتِ وَقَلبي يا اِبنَةِ العَمِّ تائِهٌ عَلى أَثَرِ الأَظعانِ لِلرَكبِ يَنشُدُ لَئِن يَشمَتِ الأَعداءُ يا بِنتَ مالِكٍ فَإِنَّ وِدادي مِثلَما كانَ يَعهَدُ



قصيدة ألا هل لنا من بعد هذا التفرق

تقول ولّادة بنت المستكفي:[٢]


أَلا هَل لنا من بعد هذا التفرّق سبيلٌ فيشكو كلّ صبّ بما لقي وَقد كنت أوقات التزاورِ في الشتا أبيتُ على جمرٍ من الشوق محرقِ فَكيفَ وقد أمسيت في حال قطعة لَقد عجّل المقدور ما كنت أتّقي تمرُّ الليالي لا أرى البين ينقضي وَلا الصبر من رقّ التشوّق معتقي سَقى اللَه أرضاً قد غدت لك منزلاً بكلّ سكوب هاطل الوبل مغدقِ



قصيدة إليك عنّي

يقول الشاعر قيس بن الملوح:[٣]


إِلَيكَ عَنِّيَ هائِمٌ وَصِبٌ أَما تَرى الجِسمَ قَد أَودى بِهِ العَطَبُ لِلَّهِ قَلبِيَ ماذا قَد أُتيحَ لَهُ حَرُّ الصَبابَةِ وَالأَوجاعُ وَالوَصَبُ ضاقَت عَلَيَّ بِلادُ اللَهِ ما رَحُبَت يا لَلرِجالِ فَهَل في الأَرضِ مُضطَرَبُ البَينُ يُؤلِمُني وَالشَوقُ يَجرَحُني وَالدارُ نازِحَةٌ وَالشَملُ مُنشَعِبُ كَيفَ السَبيلُ إِلى لَيلى وَقَد حُجِبَت عَهدي بِها زَمَناً ما دونَها حُجُبُ



من قصيدة أضحى التنائي

يقول الشاعر ابن زيدون:[٤]


أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا أَلّا وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ صَبَّحَنا حَينٌ فَقامَ بِنا لِلحَينِ ناعينا مَن مُبلِغُ المُلبِسينا بِاِنتِزاحِهِمُ حُزناً مَعَ الدَهرِ لا يَبلى وَيُبلينا أَنَّ الزَمانَ الَّذي مازالَ يُضحِكُنا أُنساً بِقُربِهِمُ قَد عادَ يُبكينا غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقوداً بِأَنفُسِنا وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولاً بِأَيدينا وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا يا لَيتَ شِعري وَلَم نُعتِب أَعادِيَكُم هَل نالَ حَظّاً مِنَ العُتبى أَعادينا لَم نَعتَقِد بَعدَكُم إِلّا الوَفاءَ لَكُم رَأياً وَلَم نَتَقَلَّد غَيرَهُ دينا ما حَقَّنا أَن تُقِرّوا عَينَ ذي حَسَدٍ بِنا وَلا أَن تَسُرّوا كاشِحاً فينا كُنّا نَرى اليَأسَ تُسلينا عَوارِضُهُ وَقَد يَئِسنا فَما لِليَأسِ يُغرينا بِنتُم وَبِنّا فَما اِبتَلَّت جَوانِحُنا شَوقاً إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا يَقضي عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت سوداً وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا



من قصيدة علمني حبك

يقول الشاعر نزار قباني:[٥]

علمني حبك أن أحزن

وأنا محتاج منذ عصور

لامرأة تجعلني أحزن

لامرأة أبكي بين ذراعيها

مثل العصفور..

لامرأة.. تجمع أجزائي

كشظايا البللور المكسور


***

علمني حبك.. سيدتي

أسوأ عادات

علمني أفتح فنجاني

في الليلة آلاف المرات

و أجرب طب العطارين

و أطرق باب العرافات

علمني أخرج من بيتي

لأمشط أرصفة الطرقات

وأطارد وجهك

في الأمطار، وفي أضواء السيارات

وأطارد طيفك

حتى .. حتى

في أوراق الإعلانات

علمني حبك

كيف أهيم على وجهي ساعات

بحثًا عن شعر غجري

تحسده كل الغجريات

بحثا عن وجه ٍعن صوتٍ

هو كل الأوجه والأصواتْ

***

أدخلني حبكِ سيدتي

مدن الأحزانْ

وأنا من قبلكِ لم أدخلْ

مدنَ الأحزان

لم أعرف أبداً

أن الدمع هو الإنسان

أن الإنسان بلا حزنٍ

ذكرى إنسانْ


المراجع

  1. "إذا كان دمعي شاهدي"، الديوان. بتصرّف.
  2. يوسف فرحات، ديوان ابن زيدون، صفحة 206. بتصرّف.
  3. "إليك عني إني هائم وصبّ"، بوباة الشعراء. بتصرّف.
  4. يوسف فرحات، ديوان ابن زيدون، صفحة 298. بتصرّف.
  5. "قصيدة الحزن"، نزار قباني. بتصرّف.