عُرِف عن الإمام الشافعي -رحمه الله- عن تضمينه الحكمة في الكثير من القصائد والأبيات الشّعرية، وتنوّعت حكمه ما بين حكم عن الدنيا وعن الناس وحكم عن الأخلاق والفضائل، وفي هذا المقال قدمنا لكم مجموعة مختارة من أشعار الإمام الشافعي عن الدنيا.


قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء

تعدّ من أشهر قصائد الشافعي، وفيها يقول:[١]


دَعِ الأَيّامَ تَفعَلُ ما تَشاءُ وَطِب نَفساً إِذا حَكَمَ القَضاءُ وَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي فَما لِحَوادِثِ الدُنيا بَقاءُ وَكُن رَجُلاً عَلى الأَهوالِ جَلداً وَشيمَتُكَ السَماحَةُ وَالوَفاءُ وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ وَلا تُرِ لِلأَعادي قَطُّ ذُلّاً فَإِنَّ شَماتَةَ الأَعدا بَلاءُ وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما في النارِ لِلظَمآنِ ماءُ وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ دَعِ الأَيّامَ تَغدِرُ كُلَّ حِينٍ فَما يُغني عَنِ المَوتِ الدَواءُ



قصيدة بلوت بني الدنيا

وفيها يقول الشافعي:[٢]


بَلَوتُ بَني الدُنيا فَلَم أَرى فيهُمُ سِوى مَن غَدا وَالبُخلُ مِلءَ إِهابِهِ فَجَرَّدتُ مِن غَمدِ القَناعَةِ صارِماً قَطَعتُ رَجائي مِنهُمُ بِذُبابِهِ فَلا ذا يَراني واقِفاً في طَريقِهِ وَلا ذا يَراني قاعِداً عِندَ بابِهِ غَنيٌّ بِلا مالٍ عَنِ الناسِ كُلِّهِم وَلَيسَ الغِنى إِلّا عَنِ الشَيءِ لا بِهِ إِذا ما ظالِمُ استَحسَنَ الظُلمَ مَذهَباً وَلَجَّ عُتُوّاً في قَبيحِ اِكتِسابِهِ فَكِلهُ إِلى صَرفِ اللَيالي فَإِنَّها سَتُبدي لَهُ ما لَم يَكُن في حِسابِهِ فَكَم قَد رَأَينا ظالِماً مُتَمَرِّداً يَرى النَجمَ تيهاً تَحتَ ظِلِّ رِكابِهِ فَعَمَّا قَليلٍ وَهُوَ في غَفَلاتِهِ أَناخَت صُروفُ الحادِثاتِ بِبابِهِ فَأَصبَحَ لا مالٌ لَهُ وَلا جاهٌ يُرتَجى وَلا حَسَناتٌ تَلتَقي في كِتابِهِ وَجوزِيَ بِالأَمرِ الَّذي كانَ فاعِلاً وَصَبَّ عَلَيهِ اللَهُ سَوطَ عَذابِهِ



قصيدة ما في المقام لذي عقل وذي أدب

يقول الإمام الشافعي في هذه القصيدة:[٣]


ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ ما اِفتَرَسَت وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَبِ



القطعة الشعرية إذا رمت أن تحيا سليمًا

وفيها يقول الإمام الشافعي:[٤]


إِذا رُمتَ أَن تَحيا سَليماً مِنَ الرَدى وَدينُكَ مَوفورٌ وَعِرضُكَ صَيِّنُ فَلا يَنطِقَن مِنكَ اللِسانُ بِسَوأَةٍ فَكُلُّكَ سَوءاتٌ وَلِلناسِ أَلسُنُ وَعَيناكَ إِن أَبدَت إِلَيكَ مَعائِباً فَدَعها وَقُل يا عَينُ لِلناسِ أَعيُنُ وَعاشِر بِمَعروفٍ وَسامِح مَنِ اِعتَدى وَدافِع وَلَكِن بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ



القطعة الشعرية كن ساكنًا

يقول فيها الشافعي:[٥]


كُن ساكِناً في ذا الزَمانِ بِسَيرِهِ وَعَنِ الوَرى كُن راهِباً في دَيرِهِ وَاِغسِل يَدَيكَ مِنَ الزَمانِ وَأَهلِهِ وَاِحذَر مَوَدَّتَهُم تَنَل مِن خَيرِهِ إِنّي اِطَّلَعتُ فَلَم أَجِد لي صاحِباً أَصحَبُهُ في الدَهرِ وَلا في غَيرِهِ فَتَرَكتُ أَسفَلَهُم لَكَثرَةِ شَرِّهِ وَتَرَكتُ أَعلاهُم لِقِلَّةِ خَي



القطعة الشعرية الدهر يومان

يقول الشافعي فيها:[٦]


الدَهرُ يَومانِ ذا أَمنٌ وَذا خَطَرُ وَالعَيشُ عَيشانِ ذا صَفوٌ وذا كَدَرُ أَما تَرى البَحرَ تَعلو فَوقَهُ جِيَفٌ وَتَستَقِرُّ بِأَقصى قاعِهِ الدُرَرُ وَفي السَماءِ نُجومٌ لا عِدادَ لَها وَلَيسَ يُكسَفُ إِلّا الشَمسُ وَالقَمَرُ



القطعة الشعرية نعيب زماننا

يقول الشافعي فيها:[٧]


نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا وَنَهجو ذا الزَمانِ بِغَيرِ ذَنبٍ وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا وَلَيسَ الذِئبُ يَأكُلُ لَحمَ ذِئبٍ وَيَأكُلُ بَعضُنا بَعضاً عَيانا



ولقراءة المزيد من الأشعار المميزة لشعراء آخرين: أشعار الشابي عن الحرية، شعر الأمل لنزار قباني.

المراجع

  1. "قصيدة دع الأيام تفعل ما تشاء"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  2. "قصيدة بلوت بني الدنيا"، الديوان. بتصرّف.
  3. محمد إبراهيم سليم، ديوان الإمام الشافعي، صفحة 25. بتصرّف.
  4. "قصيدة إذا رمت أن تحيا سليمًا"، الديوان. بتصرّف.
  5. محمد إبراهيم سليم، ديوان الإمام الشافعي، صفحة 77. بتصرّف.
  6. "قصيدة الدهر يومان"، هنداوي. بتصرّف.
  7. محمد إبراهيم سليم، ديوان الإمام الشافعي، صفحة 141. بتصرّف.