اشتهر الشاعر العباسي إسماعيل بن القاسم بن سويد بلَقَب "أبو العتاهية" لقولهم إنّه شخص كان يميل إلى التعتّه في سلوكه؛ أي الاضطراب في العقل والجنون، أما في الشعر فيُذكر أنه زاوله منذ صغره وكان يُكلّم الناس به في مختلف حالاته حتى غدا واحدًا من أبرز الشعراء في العصر العباسي، وقد نظم العديد من القصائد في عدّة أغراض شعرية، بالرغم من أنه اشتهر بالزهد أكثر، وفي هذا المقال مجموعة من الأبيات الشعرية التي قالها أبو العتاهية.


أبيات من قصيدة متى تتوب

يقول الشاعر أبو العتاهية الأبيات الآتية:[١]


أَلا لِلَّهِ أَنتَ مَتى تَتوبُ وَقَد صَبَغَت ذَوائِبَكَ الخُطوبُ كَأَنَّكَ لَستَ تَعلَمُ أَيُّ حَثٍّ يَحُثُّ بِكَ الشُروقُ وَلا الغُروبُ أَلَستَ تَراكَ كُلَّ صَباحِ يَومٍ تُقابِلُ وَجهَ نائِبَةٌ تَنوبُ لَعَمرُكَ ما تَهُبُّ الريحُ إِلّا نَعاكَ مُصَرِّحاً ذاكَ الهُبوبُ ألا لِلَّهِ أَنتَ فَتىً وَكَهلاً تَلوحُ عَلى مَفارِقِهِ الذُنوبُ هُوَ المَوتُ الَّذي لا بُدَّ مِنهُ فَلا تَلعَب بِكَ الأَمَلُ الكَذوبُ وَكَيفَ تُريدُ أَن تُدعى حَكيماً وَأَنتَ لِكُلِّ ما تَهوى رَكوبُ وَتُصبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لِبَطنٍ وَتَذكُر ما اِجتَرَمتَ فَلا تَذوبُ أَتَطلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ عُيوبُ رَأَيتُ الناسَ صالِحُهُم قَليلٌ وَهُم وَاللَهُ مَحمودٌ ضُروبُ



أبيات من قصيدة لا تعشق الدنيا

يقول أبو العتاهية في هذه القصيدة:[٢]


لَعَمرُكَ ما الدُنيا بِدارِ بَقاءِ كَفاكَ بِدارِ المَوتِ دارَ فَناءِ فَلا تَعشَقِ الدُنيا أُخَيَّ فَإِنَّما تَرى عاشِقَ الدُنيا بِجُهدِ بَلاءِ حَلاوَتُها مَمزوجَةٌ بِمَرارَةٍ وَراحَتُها مَمزوجَةٌ بِعَناءِ فَلا تَمشِ يَوماً في ثِيابِ مَخيلَةٍ فَإِنَّكَ مِن طينٍ خُلِقتَ وَماءِ لَقَلَّ امرُؤٌ تَلقاهُ لِلَّهِ شاكِراً وَقَلَّ امرُؤٌ يَرضى لَهُ بِقَضاءِ وَلِلَّهِ نَعماءٌ عَلَينا عَظيمَةٌ وَلِلَّهِ إِحسانٌ وَفَضلُ عَطاءِ وَما الدَهرُ يَوماً واحِداً في اختِلافِهِ وَما كُلُّ أَيّامِ الفَتى بِسَواءِ وَما هُوَ إِلّا يَومُ بُؤسٍ وَشِدَّةٍ وَيَومُ سُرورٍ مَرَّةً وَرَخاءِ وَما كُلُّ ما لَم أَرجُ أُحرَمُ نَفعَهُ وَما كُلُّ ما أَرجوهُ أَهلَ رَجاءِ أَيا عَجَباً لِلدَهرِ لا بَل لِرَيبِهِ تَخَرَّمَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ إِخاءِ وَمَزَّقَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ جَماعَةٍ وَكَدَّرَ رَيبُ الدَهرِ كُلَّ صَفاءِ إِذا ما خَليلٌ حَلَّ في بَرزَخِ البِلى فَحَسبي بِهِ نَأياً وَبُعدَ لِقاءِ أَزورُ قُبورَ المُترَفينَ فَلا أَرى بَهاءً وَكانوا قَبلُ أَهلَ بَهاءِ وَكُلٌّ رَماهُ واصِلٌ بِصَريمَةٍ وَكُلٌّ رَماهُ مُلطِفٌ بِجَفاءِ طَلَبتُ فَما أَلفَيتُ لِلمَوتِ حيلَةً وَيَعيا بِداءِ المَوتِ كُلُّ دَواءِ وَنَفسُ الفَتى مَسرورَةٌ بِنَمائِهَ وَلِلنَقصِ تُنمي كُلُّ ذاتِ نَماءِ



أبيات من قصيدة أجمع المال لغيري

يقول أبو العتاهية في هذه القصيدة:[٣]


ما رَأَيتُ العَيشَ يَصفو لِأَحَد دونَ كَدٍّ وَعَناءٍ وَنَكَد كُن لِما قَدَّمتَهُ مُغتَنِماً لاتُؤَخِّر عَمَلَ اليَومِ لِغَد إِنَّ لِلمَوتِ لَسَهماً قاتِلاً لَيسَ يَفدي أَحَداً مِنهُ أَحَد قَد أَرى أَن لَستُ في الدُنيا وَلَو بَقِيَت لَي دائِماً طولَ الأَبَد إِنَّني مِنها غَداً مُرتَحِلٌ أَو أَراني راحِلاً مِن بَعدِ غَد أَجمَعُ المالَ لِغَيري دائِباً وَأُقاسي العَيشَ مِنهُ في كَبَد لِمَنِ المالُ الَّذي أَجمَعُهُ أَلِنَفسي أَم لِأَهلي وَالوَلَد ما يُبالي وَلَدي بَعدي إِذا غَيَّبوا والِدَهُم تَحتَ اللِبَد وَأَصابوا ما لَهُ مِن بَعدِهِ أَلِغَيٍّ قَد مَضى أَم لِرَشَد إِنَّما دُنياكَ يَومٌ واحِدٌ فَإِذا يَومُكَ وَلّى لَم يَعُد



أبيات من قصيدة وداع ودموع

يقول أبو العتاهية الأبيات الآتية:[٤]


عليكُمْ سلاَمُ اللهِ إنِّي مُوَّدعُ وعيْنَايَ منْ مضِّ التَّفَرُّقِ تَدْمَعُ فإنْ نحنُ عِشْنَا يجمَعُ اللهُ بيننَا وَإنْ نحنُ مُتْنَا، فالِقيامَة ُ تَجمَعُ ألمْ تَرَ رَيْبَ الدّهْرِ في كلّ ساعة لَهُ عارضُ فيهِ المنيَّة ُ تَلْمَعُ أيَا بَانِيَ الدُّنْيَا لِغيْرِكَ تََبْتَنِي ويَا جامِعَ الدُّنيَا لِغَيْرِكَ تَجْمَعُ أَرَى المرْءَ وثَّاباً عَلَى كُلِّ فُرْصَة وللمَرْءِ يَوْماً لاَ مَحَالَة مَصْرَعُ تَبَارَكَ مَنْ لاَ يمْلِكُ المُلكَ غَيْرُهُ مَتَى تَنْقَضِي حَاجَاتُ مَنْ لَيسَ يَشْبَعُ



أبيات من قصيدة ما أفضل الصبر والقناعة

يقول أبو العتاهية في قصيدته هذه:[٥]


حَتّى مَتى يَستَفِزُّني الطَمَعُ أَلَيسَ لي بِالكَفافِ مُتَّسَعُ ما أَفضَلَ الصَبرَ وَالقَناعَةَ لِل ناسِ جَميعاً لَو أَنَّهُم قَنِعوا وَأَخدَعَ اللَيلَ وَالنَهارَ لِأَق وامٍ أَراهُم في الغَيِّ قَد رَتَعوا أَمّا المَنايا فَغَيرُ غافِلَةٍ لِكُلِّ حَيٍّ مِن كَأسِها جُرَعُ أَيُّ لَبيبٍ تَصفو الحَياةُ لَهُ وَالمَوتُ وِردٌ لَهُ وَمُنتَجَعُ الخَلقُ يَمضي يَأُمُّ بَعضُهُمُ بَعضاً فَهُم تابِعٌ وَمُتَّبَعُ يا نَفسُ ما لي أَراكِ آمِنَةً حَيثُ تَكونُ الرَوعاتُ وَالفَزَعُ ما عُدَّ لِلناسِ في تَصَرُّفِ حا لاتِهِم مِن حَوادِثٍ تَقَعُ لَقَد حَلَبتُ الزَمانَ أَشطُرَهُ فَكانَ فيهِنَّ الصابُ وَالسَلَعُ ما لي بِما قَد أَتى بِهِ فَرَحٌ وَلا عَلى ما وَلّى بِهِ جَزَعُ لِلَّهِ دَرُّ الدُنيا لَقَد لَعِبَت قَبلي بِقَومٍ فَما تُرى صَنَعوا بادوا وَوَفَّتهُمُ الأَهِلَّةُ ما كانَ لَهُم وَالأَيّامُ وَالجُمَعُ أَثرَوا فَلَم يُدخِلوا قُبورَهُمُ شَيئاً مِنَ الثَروَةِ الَّتي جَمَعوا وَكانَ ما قَدَّموا لِأَنفُسِهِم أَعظَمَ نَفعاً مِنَ الَّذي وَدَعوا غَداً يُنادى مَن في القُبورِ إِلى هَولِ حِسابٍ عَلَيهِ يُجتَمَعُ غَداً تُوَفّى النُفوسُ ما كَسَبَت وَيَحصُدُ الزارِعونَ ما زَرَعوا



أبيات من قصيدة خداع الأماني

في قصيدة خداع الأماني يقول الشاعر أبو العتاهية:[٦]


الدَهرُ ذو دُوَلٍ وَالمَوتُ ذو عِلَلٍ وَالمَرءُ ذو أَمَلٍ وَالناسُ أَشباهُ وَلَم تَزَل عِبَرٌ فيهِنَّ مُعتَبَرٌ يَجري بِها قَدَرٌ وَاللَهُ أَجراهُ يَبكي وَيَضحَكُ ذو نَفسٍ مُصَرَّفَةٍ وَاللَهُ أَضحَكَهُ وَاللَهُ أَبكاهُ وَالمُبتَلى فَهُوَ المَهجورُ جانِبُهُ وَالناسُ حَيثُ يَكونُ المالُ وَالجاهُ وَالخَلقُ مِن خَلقِ رَبّي قَد يُدَبِّرُهُ كُلٌّ فَمُستَعبَدٌ وَاللَهُ مَولاهُ طوبى لِعَبدٍ لِمَولاهُ إِنابَتُهُ قَد فازَ عَبدٌ مُنيبُ القَلبِ أَوّاهُ يا بائِعَ الدينِ بِالدُنيا وَباطِلِها تَرضى بِدينِكَ شَيئاً لَيسَ يَسواهُ حَتّى مَتى أَنتَ في لَهوٍ وَفي لَعِبٍ وَالمَوتُ نَحوَكَ يَهوي فاغِراً فاهُ ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ رُبَّ اِمرِئٍ حَتفُهُ فيما تَمَنّاهُ


المراجع

  1. أبو العتاهية، ديوان أبي العتاهية، صفحة 35. بتصرّف.
  2. "بعمرك ما الدنيا بدار بقاء"، هنداوي. بتصرّف.
  3. "ما رأيت العيش يصفو لأحد"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  4. أبو العتاهية، ديوان أبي العتاهية، صفحة 247. بتصرّف.
  5. "حتى متى يستفزني الطمع"، الديوان. بتصرّف.
  6. أبو العتاهية، ديوان أبي العتاهية، صفحة 470. بتصرّف.