تعريف عام بالبحتري

هو الوليد بن عبيد أبو عبادة بن يحيى الطائي نسبة إلى قبيلة طيّ، لقبه البحتري، ولد عام 204 هـ في منبج شمال شرقي سوريا من حلب، اتصل بالعديد من الخلفاء العباسيين، مثل: الواثق، والمتوكل، والمعتز، وعاش ثمانين عاماً، وبالحديث عن شعره فقال بالرثاء والفخر والغزل والمدح، إلا أنه اشتهر بالوصف، فكان شاعر الخيال والصفاء، وتمكن من أدوات التصوير والوصف واستعان بالألفاظ المعبرة والمصورة لكل ما يراه ويشعر به.[١]


ما هي مناسبة قصيدة وصف الربيع؟

يريد الشاعر مدح أحد القادة العباسيين، فابتدأ قصيدته بوصف الربيع والحديث عن جمالياته غاية منه في إشراك الربيع بالمدح والثناء.


شرح النص

لم ينقل البحتري في قصيدته أوصافاً ظاهرية جامدة لوصف الربيع وجمال الطبيعة، وإنما ذهب إلى عالمه الذاتي؛ عالم الوجدان والرغائب الإنسانية، واستمد من هناك طلاقة الربيع وبهجته، فكان الربيع عند البحتري يجسد الحياة المتجددة في الطبيعة، كما تعكس هذه الأبيات ما يتمتع به البحتري من إبداع في القول، حيث صور الربيع صورة مجسدة فاتنة متحركة، فحول هذا الجماد الذي لا ينطق ولا يسمع إلى متحرك، واختار أن يجسده بفتى في ريعان الشباب تملؤه الحركة وترتسم على وجهه الابتسامة، وفي الآتي تفصيل أكثر للأبيات الشعرية:[٢]


البيت الأول:


أَتاكَ الرَبيعُ الطَلقُ يَختالُ ضاحِكاً مِنَ الحُسنِ حَتّى كادَ أَن يَتَكَلَّما


  • معاني المفردات: الطلق: البشوش، يختال: يمشي بتكبر.
  • يقول الشاعر جاء الربيع في غاية الجمال والروعة، يسير في زينته ويتبختر متكبراً حتى تظن أن الربيع ومناظره تكاد أن تتكلم.
  • يحتوي هذا البيت على صورة تشبيهة جمالية، فشبه الربيع بإنسان بشوش الوجه، ويمشي بتبختر ضاحكاً.


البيت الثاني:


وَقَد نَبَّهَ النَوروزُ في غَلَسِ الدُجى أَوائِلَ وَردٍ كُنَّ بِالأَمسِ نُوَّما


  • معاني المفردات: النيروز: عيد الربيع عند الفرس، غسق: ظلمة، الدجى: الليل.
  • أيقظ الربيع الورد الذي كان نائماً بالأمس القريب، يقصد الذي كان نائماً في فصل الخريف والشتاء.
  • في البيت استعارة مكنية حيث شبه الربيع بإنسان يوقظ الورد النائم، وشبه الورد بفتيات نائمات.


البيت الثالث:


يُفَتِّقُها بَردُ النَدى فَكَأَنَّهُ يَبُثُّ حَديثاً كانَ أَمسِ مُكَتَّما


  • معاني المفردات: يفتقها: يفتحها، برد الندى: حبيبات الماء، مكتما: مستتراً ومخفياً.
  • الندى الرطب ينزل على الورود فتتفح وينتشر عطرها بعد أن كان مخفياً.
  • شبه الربيع بإنسان يبث الحديث على سبيل الاستعارة المكنية.


البيت الرابع:


فمِن شَجَرٍ رَدَّ الرَبيعُ لِباسُهُ عَلَيهِ كَما نَشَّرتَ وَشياً مُنَمنَما


  • معاني المفردات: نشّرت: وزعت، الواشي المنمنم: الملابس المزركشة بالنقش.
  • ارتدى الربيع ملابس خضراء ويرجع ذلك إلى الشجر والأزهار الملونة المختلفة، وهذه الأشجار كأنما نشرت على الأرض ملابس خضراء مزركشة وجميلة.


البيت الخامس:


أَحَلَّ فَأَبدى لِلعُيونِ بَشاشَةً وَكانَ قَذىً لِلعَينِ إِذ كانَ مُحرَما


  • معاني المفردات: أحلّ: خرج من إحرامه فجاز له ما كان ممنوعاً، أبدى: أظهر، البشاشة: الفرح والتهلل، قذى: أذى العين.
  • شبه الشاعر الربيع بالإنسان الخارج من إحرامه، فينظر الناظر إليه بفرح وبهجة، على عكس ما كان عليه بالإحرام (قبل مجيء الربيع)، حيث كان للناظر قذى في عينه.


البيت السادس:


وَرَقَّ نَسيمُ الريحِ حَتّى حَسِبتَهُ يَجيءُ بِأَنفاسِ الأَحِبَّةِ نُعَّما


  • معاني المفردات: رقّ: لطف.
  • هنا يتحدث الشاعر عن جمال الرياح وهدوئها في فصل الربيع، حيث ظن الشاعر بسبب لطفها بأنها ستأتي بالأحبة المنعمين في عيشهم.


الخصائص العامة لقصيدة أتاك الربيع

  • امتلأ النص بالصور الجمالية، على نحو: الاستعارة الإنسانية للربيع، واستعارة الإنسان النائم للورود.
  • وجود المحسنات البديعية، مثل الطباق في (نبه - نوما)، و(بث - متكتما).
  • اللغة الشاعرية الرقيقة، نحو: (كاد أن يتكلما - نبه النيروز - كن بالأمس نوّما)، مثل هذه التراكيب تكمن فيها علاقات جديدة مشبعة بالظلال النفسية.
  • التناغم واللغة الموسيقية للنص سواء من الخارج (الألفاظ والتراكيب) أو الداخل (المعاني والدلالات).

المراجع

  1. "الشاعر الکبیر «أبي عبادة البحتري»"، ديوان العرب. بتصرّف.
  2. بريك خيرة، تاصورة الفنية في شعر البحتري، صفحة 108. بتصرّف.