يعرف الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري بأنه واحد من أبرز الشعراء العرب، استطاع بأسلوبه الخاص والمميز أن يرتقي على سلّم الشعر العربي، وقد نظم الجواهري الشعر في الحبّ كما في الأغراض الأخرى، وفيما يأتي بعض النماذج الشعريّة له في هذا الغرض.


قصيدة حبيبتي

هذه قصيدة غزلية للجواهري طويلة؛ إذ تقع في نحو (89) بيتًا، فيما يأتي بعض أبياتها:[١]


حَبيبَتي منذُ كان الحبُّ في سَحَرٍ حُلوَ النسائمِ حتى عَقَّهُ الشَّفقُ ومذ تلاقى جَناحانا على فَنَنٍ منه إلى العالَم المسحورِ ننطلقُ نَصونُ عهدَ ضميرَيْنا وبينهما نجوى بها همساتُ الروح تُستَرَق يا حلوةَ المُجْتَلَى والنفسُ غائمةٌ والأمرُ متخلِطٌ، والجوُّ مختنق ويا ضحوكةَ ثغرٍ والدُّنَى عَبَسٌ ويا صفيّة طبعٍ والمُنى رَنَق ويا صبوراً على البلوى تلطِّفُها حتى تعودَ كبنتِ الْحانِ تُصْطَفَق مني إليك سلامٌ لا يقومُ له سِنُّ اليراعِ، ولا يَقوى به الورق كأن نفسيَ إذ تغشَيْنَ وَحْدَتها إنسانُ عينٍ بمرأى أختِها غَرِق حبيبتي لم تخالِفْ بيننا غِيَرٌ إلا وعُدْنا لماضينا فنتَّفقُ ولا اشتكى جانبٌ فَرْطَ الجفافِ بهِ إلا ارتمى جانبٌ مخضوضرٌ أنِق نَهَشُّ لُطْفاً بلُقياهُمْ كما انتفضتْ غُنُّ الرياض سَقاها الرائحُ الغَدِق حبيبتي والهوى، كالناسِ، خِلْقتُهُ تُمَلُّ ما لم تغايَرْ عنده الخِلَق ما لذة الوصل لم يلوِ الصُّدودُ بهِ والحبِّ لم يختلِسْ من أمنه الفَرَق بئستْ رتابةُ لحنٍ عودُه وتَرٌ وبئسَ طعمُ حياة لونُها نَسَقُ



قصيدة سلمى أيضًا أو وردة بين أشواك

يقول الجواهري في بعض أبيات هذه القصيدة:[٢]


أسلَمي لي سَلمى وحسبي بقاكِ إنَّ فيه بقاءَ من يَهواكِ يستجدُّ الحياةَ للمرء مرآك ويُحي ذكرى الشباب غِناك جذبتني عيناكِ حتى إذا ما الهبَتْني تحرَّكَت شفتاك ولقد هانت الصبابةُ لو أنّى أتتْني تَعِلةً من لُماك وأرتْني يداكِ يبتدران الرَّقصَ أضعافَ ما أرتْ قدَماك تلتوي هذه كما التَبسَ الخَيْطُ وتلتَفُّ تلكَ كالشُبّاك تعتريني خواطرٌ فيكِ أحياناً فأرتدُّ باديَ الارتباك تتحّرى كفّاي تقليدَ كفيَّكِ وتحكي خُطايَ وقعَ خُطاك فأنا في انقِباضةٍ وانبساطٍ تارةً وانفراجةٍ واصطكِاك وانتقاضٍ طَوراً كما انتقض الطائرُ من وَقفةٍ على الأسلاك ويراني من ليس يدري كأني بِيَ مسٌ وقد أكونُ كذاك أنا أهواكِ لا أريدُ جزاءً غيرَ علمٍ بأنني أهواك اطلُبيني بين الجموعِ على حينِ احتشادٍ ما بينهم واشتباك تعرفيني من دونهم بسِماتي والتفاني وحيرتي وانهماكي



قصيدة غزل في الجو

يقول فيها الجواهري:[٣]


وقالت: اِنظِمِ الشعر فقلت: وها أنا الشعرُ خذيني بين كفيك فداك " العجز " والصدر وصوغيني كما تَهْوين سطراً حذوهُ سطر وشطرين سويين وايّ شئته شطر ألا يا حلوةَ العينين يا من حلوُها مرّ ويا مشبوبة الخدين عندي منهما جمر عبدتُ الحبّ .. والشعرَ وكلّ منهما .. كفر



قصيدة عاطفات الحب

وأبيات هذه القصيدة هي:[٤]


عاطفات الحبِّ ما أبْدَعَها هذّبتْ طبعي وصفَّتْ خُلُقي حُرَقٌ تملاء روحي رقةٍ أنا لا أُنكِرُ فضلِ الحُرَق أنا باهَيْتُ في الهوى لا بشوقي أين من لم يَشْتَق ثق بأن القلبَ لا تشغَلُهُ ذكرياتٌ غيرُ ذكراك ثق لستَ تدري بالذي قاسيتُهُ كيف تدري طعمَ ما لم تَذُق لم تدعْ مِنّيَ إلا رَمَقاً وفداءٌ لك حتى رمقي مُصبحي في الحزن لا أكرهُهُ إنما أطيبُ منه مَغْبَقي إن هذا الشعر يشجي نقلُهُ كيف لو تسمعُه من منطقي ربّ بيتٍ كسرت نبرته زفرات أخذت في مخنقي أنا ما عشت على دين الهوى فهواكم بَيْعةٌ في عنقي



قصيدة الأحاديث شجون

يقول الجواهري في بعض أبياتها:[٥]


جَدِّدي ريحَ الصبَا عهد الصِبا وأعيدي فالأحاديثُ شُجونُ إن أباحتْ لكِ أربابُ الهَوى سِرَّه فالحكمُ عندي أن يصونوا جدِّدي عهدَ أمانيه التي قُرِنَ العيشُ بِها نِعمَ القرين يومَ كنّا والهوى غضٌّ وما فُتِحَتْ إلاّ على الطُهْر العُيون ما عَلِمنا كيفَ كُنّا، وكذا دينُ أهلِ الحبِّ والحبُّ جُنون أشرقَ البدرُ على هذي الرُبى أفلا يُخسِفُه منكُمْ جَبين جَلَّ هذا الجِرمْ قدراً فلقد كادَ يهتزُّ له الصخرُ الرزين كل أوقاتيَ رهنٌ عندَه الدجُى . الفجرُ. الصبحُ المبين سَألونا كيف كنتم؟ إن مَنْ دأبُه ذكرُكمُ كيفِ يكون! هوَّن الحبَّ على أهل الهَوى أن تَركَ الحبِّ خطبٌ لا يهون ما لهُمْ فيه مُعينونَ وما لذَّةُ الحب إذا كان مُعين ميَّزَت ما بين أرباب الهوى ودَعاويهم: وجوٌ وجُفون وهواكُمْ لا نَقَضْنا عهَدكُمْ وَضمينٌ لكُمُ هذا اليمين



قصيدة سأقول فيك

يقول فيها الجواهري:[٦]


سأقول فيكِ ولا أخافْ قولاً يُهابُ .. ولا يُعافْ سأقول فيكِ من الضمير من الصميم .. من الشَّغافْ سأقولُ فيكِ بدون تعميةٍ، ولا حَذْفِ المضاف سأجاذبنَّ لك النجومَ لينسجمنَ مع القوافْ سأُنَزِّلَنَّ .. لِيخَدُمّن سريركِ .. السُّوَرَ اللِطاف سأوُججُ النيرانَ من نهديك في الشَّبم النطاف سأقولُ فيكِ .. ولا أخافْ أوَ ثَمَّ غيرُكِ من يُخاف؟ سأقول فيك ولا أخاف فليس يملِكُني أحدْ لا، ليس في عنقي مَسَدْ لا، لستُ موعوداً بغد يا من أقمتِ على الأسَد من سِحْر عينيكِ الرَّصَد لم ترفعي عنكِ المِشَدّ حتى تَبَلَّد ذو اللِّبد لم تدر قبلكِ أيّةُ لبوةٍ .. هذا الجسد سأجرر الدنيا إليكِ ليستشفوا ما لديكِ سأقول: مُدّي نحوهم عَشْرَ الأنامل من يَدَيك ودعي شذا "العُضّاب" يذكي جمرهم من خنصريك سأريهم غرف الجنان ولا أُزحزح ما عليكِ سأقول: هم أدنى .. وأضعف أن يَرَوْك بصَفحتيك ألْوي بوجهكِ عنهُمُ لا يقربوا من وجنتيك سأقول: حسبُهُمُ من الأفضال رعشة مقلتيك



المراجع

  1. "قصيدة حبيبتي"، الديوان. بتصرّف.
  2. عصام عبد الفتاح، الأعمال الشعرية الكاملة محمد مهدي الجواهري، صفحة 250. بتصرّف.
  3. "قصيدة غزل في الجو"، ديوان الأدب. بتصرّف.
  4. "قصيدة عاطفات الحب"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  5. "قصيدة الأحاديث شجون"، بوابة الشعراء. بتصرّف.
  6. عصام عبد الفتاح، الأعمال الشعرية الكاملة محمد مهدي الجواهري، ج2، صفحة 517. بتصرّف.